~~~~~~~~~~~~~~~~~~
قبل دخول المدرس يحتاج أبناؤنا لبعض المعاني المهمة التي تعينهم على التعامل الصحيح مع الواقع الذي حولهم في واقعهم الضيق تمهيدا لحسن تعاملهم مع الواقع الفسيح
وبالتالي فهذه فرصة بترسيخ بعض المبادئ التي يعتمدون عليها في حيانهم كلها في المستقبل
من هذه المعاني مثلا:
ـ لاننظر الى ما في أيدي الناس "
هذا مبدأ أساسي ومهم جدا يجعل الابن قادرا على تفهم تصرفات والده وأسباب منعه وامساكه عنه في بعض طلباته وتمنع قيام الحرب كل مرة يطلب فيهاالابن طلبا فلايجيبه الأب لأي سبب
ان الله تعالى الذي عنده خزائن السموات والأرض قال لنبيه صلى الله علية وسلم (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ) وفي هذه الآية معان كثيرة تفيدنا نحن الآباء في تربية أبنائنا منها:
ـ أن المؤمن لاينظر الى ما في أيدي الناس فالله تعالى هو الذي قسم الأرزاق وله حكمته في عطائه ومنعه
ـ أن المال وكل أعراض الدنيا مثل الزهرة لاتدوم فدوام الحال من المحال
ـ أن المال وغيره امتحان فالغنى امتحان والفقر ايضا امتحان والناجح هو الذي يتصرف في حاله بما أمره الله وأحب منه في هذا الحال
ـ ورزق ربك الذي قسمه لك الخاص بك هو خير لك فمك انسان قسم الله له رزقه الخاص به هو حسب ما يعلمه الله من أقداره التي قدرها له فعليه ن يرضى بهذا الرزق وأن لاينظر الى ما في يد أحد ولو بدلنا رزق انسان وظروفه برزق غيره بظروفه فلن يستريح كل منهما وسيطلب الرجوه الى ماكان عليه
وعلينا نحن الآباء أن نستعين على التربية على هذه المعانى بتربية الإيمان بالله ويعيننا على التربية الايمانية تعظيم الصلاة فقد قال الله تعالى لنبيه بعد هذه الآية (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ۖ لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكَ ۗ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ ) طه
هذا المعنى السابق سيفتح الباب أمام سؤال مهم ربما يسأله الأبن وبالتالي تكون هذه فرصة لترسيخ الاجابة عليه لأنها مهمة للغاية في التربية الايمانية
هذا السوال اذا لم نفرضه نحن ولم يسأله الابن فستواجهنا مشكلة في المستقبل عند أي مشكلة يمر بها الابن
وهذا السؤال هو :لماذا جعل الله الناس منهم فقراء وأغنياء؟
فيجب على كل أب الاستعداد للاجابة على هذا السؤال والقدرة على اقناع الابن بها ببساطة ومن الاجابات المفيدة التي تبني في قلب الابن ايمانه بالله وفي عقله معلومات حقيقية يستطيع بها معرفة الحياة على أساس متين من القرآن والسنة
1ـ لماذا خلق الله الحياة؟
الاجابة في قول الله تعالى
(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا )ۚ
فالحياة اختبار
والله تعالى يختبر بالخير كما يخبر بالشر(
(وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)
وقد امتحن الله الناس بعضهم ببعض فقال تعالى(وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ) وقال (وَكَذَٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍۢ لِّيَقُولُوٓاْ أَهَٰٓؤُلَآءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنۢ بَيْنِنَآ ۗ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِٱلشَّٰكِرِينَ) امتحن الرجال بالنساء هل يؤدون حق الله فيهم ام لا وهل يلتزمون بما أمر الله بخصوصهم أم لا
وامتحن النساء بالرجال والفقراء بالأغنياء والأغنياء بالفقراء والحكام بالمحكومين والمحكومين بالحكام هل يتعامل كل فريق مع الآخر بما أمر الله أم بهواه فكذلك امتحن الفقير بالغني سيصبر في معاملته أم يحسده ويحقد عليه وامتحن الغني بالفقير هل سيصبر ويتصدق عليه ويحترمه ام لاوهكذا إذن الفقير والغني كلاهما في امتحان والناجح ليس كل الأغنياء ولا كل الفقراء وانما من استطاع ان يتغلب على فتنة حاله ويستجيب لأوامر الله فيها فان لله عبودية في الفقر وهي الصبر وعبودية في الغنى هي الشكر فمن قام بحق الله فهو الناجح
2ـ الحكمة من خلق الناس فقيرا وغنيا كما قال الله تعالى في سورة الزخرف (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ )
فبين الحكمة من ذلك ليتخذ بعضهم بعضا سخريا أي جعل الله رزق بعضهم في العمل لدى بعض فتسير الحياة ولولا احتياج الناس لبعض لفسدت الحياة
3ـ لنتصور أن البشر جميعا خلقوا أغنياء فكيف سيكون الحال على وجه الأرض؟
4ـ كل انسان ويصلح له حال فبعض الناس يصلحه الفقر وبعضهم يصلحه الغنى قال ابن تيمية في (مجموع الفتاوى): قد يكون الفقر لبعض الناس أنفع من الغنى، والغنى أنفع لآخرين، كما تكون الصحة لبضهم أنفع)
قال تعالى (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27) الشورى)
ومع ذلك فقد علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن نستعيذ بالله من الفقر كل يوم مرتين في اذكار الصباح والمساء فقد كان صلى الله عليه وسلم، يقول في دعائه: «اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، وعذاب القبر".
5ـ بعد أن نرسي هذه المعاني الاساسية العظيمة نبني عليها أن كل أسرة لها دخلها الخاص بها ولها امكانياتها وقدراتها ولها كذلك مصارف لدخلها خاصة بها تختلف عن غيرها ونفصل في هذا الموضوع ثم نتفق أن تصرفاتنا المالية يجب أن تكون حسب قدرتنا ودخلنا وليس حسب اسرة أخرى فلا نتطلع لما في يد احد ولا نقارن بيننا وبين احد
كما أن كل انسان له ما يفضله وما يتناسب معه فالبعض يفضل الملابس على حساب احتياجات أخرى أو يفضل المأكولات على حساب غيرها من الاحتياجات فنحن لانقلد أحدا واما نتصرف حسب مبادئنا وقيمنا وما يتناسب معنا
هذه المعاني لن تترسخ بكلمة واحدة أو درس وانما يحتاج الى وسائل كثيرة للتربية وترطيز من الآباء لكنه عندما يترسخ سيحل اشكالات كثيرة
ومن المعاني المهمة معنى أن قيمة الانسان ليست في المتغيرات في حياته وانما فيما يثبت معه وما يستقر ويستمر وهو ما يملكه من عقيدة وقيم وأخلاق وقدرات ومواهب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 70 مشاهدة

ساحة النقاش

على الدينارى

denary
موقع خاص بالدعوة الى الله على منهج أهل السنة والجماعة يشمل الدعوة والرسائل الإيمانية والأسرة المسلمة وحياة القلوب »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

287,061