سوق العقارات المصرية بين التفاؤل والريبة، وانتعاش محفوف بالحذر
بدأ مناخ الإستثمار العقاري في مصر ينتعش قليلاً بعد حالةٍ من السّبات سبقت ثورة يناير، ليلقي بظلاله على توقعات جديدة بما سيؤوّل إليه أحد أكبر قطاعات الإستثمار في مصر ، وأكثرها جاذبيّة للمستثمرين العرب والأجانب في بلد يزيد تعداد سكانه عن خمسة وثمانين مليون على مساحة لا تصل إلى عشرة بالمائة من أرضها.
عوامل متباينة تساهم في رسم خريطة الإستثمار العقاري الفترة القادمة ما بين تشريعات جديدة تخلق شفافية أكبر بين المستثمرين والحكومة من جهة وتضع حدّاً لأجور العاملين في الدولة لرفع مستواهم المعيشي من جهة.
إنّ تأثير الثورة على السّوق العقاري لا يقارَن بالمخاوف التي أصابته في عام 2008 نتيجة الأزمة المالية العالمية، حيث لم تنخفض الأسعار على مستوى القطاعَين العام والخاص. وأكد التقرير أنّ هناك إقبال جيّد على طلب العقارات أكثر من قبل الثورة.
ترقب حذر
حالة من الترقب الحذر تسود أوساط المستثمرين في مصر انتظار لاستقرار تشريعي وآخر أمني وقضائي
فبعض الخبراء على قناعة بأنّ المستثمرين بعضهم يخطو للأمام والبعض الآخر يرجع خطوة للخلف، بعد كشف الحساب الذي بدأته الحكومة المصرية المؤقتة بعد الثورة من تصحيح لأوضاع تجاوزت القانون لصالح دولة رجال الأعمال السّابقة ، فمثلاً سحبت الحكومة المصرية معظم أراضي الوليد ابن طلال في توشكي بجنوب مصر ووضعت في سجونها العديد من رجال الأعمال وحظرت سفر البعض منهم وكلّها عوامل تساعد على زيادة مخاطر رأس المال كما أنّ معظم ضحايا الحكومة المؤقتة من المستثمرين في القطاع العقاري.
التمويل
أحمد حسانيين مدير قسم الأبحاث بمؤسّسة كابيتال لينك جروب المصريّة ( Capital Link Globe) يشير إلى أنّ سوق العقارات المصري شهد تباطؤاً بعد الثورة نظراً لعدم وضوح الرؤية السياسيّة والتشريعيّة كقوانين تخصيص الأراضي وأيضاً قضايا الفساد والتي يرتبط نسبة كبيرة منها بتخصيص الأراضي. ولكن على مستوى السّوق العقاري غير الرسمي فقد شهد نشاطاً كبيراً بعد الثورة حيث استغلّ عدد من الأفراد الظروف وقاموا بالبناء ممّا رفع من أسعار الحديد والإسمنت. كما يتوقّع أن يشهد السوق العقاري على المدى المتوسط والطويل طفرة كبيرة مع استقرار الوضع السياسي.
ووفقاً لدراسة للمجلس التصديري لصناعة الإستثمار العقاري بمصر أكّدت أنّ مصر تحتاج سنوياً إلى ما لا يقلّ عن سبعمائة وستين ألف وحدة سكنية, بينما يصل حجم الإنتاج السكني إلى مائتي ألف وحدة ممّا يعني وجود عجز بنحو خمسمائة وخمسون ألف وحدة سكنيّة بخلاف متطلّبات المولات التجارية والأماكن السياحيّة والصناعيّة .
و يرى حسانيين أنّ التمويل العقاري في مصر يُعدّ منخفضاً جداً حيث أنّه لم يتعدّ خمس مليار جنيه (837 مليون دولار ) في الخمس سنوات السابقة على الرّغم من أنّ السوق العقاري حجمه ما بين ثلاثين و خمسة وثلاثين مليار جنيه (5.866 مليار دولار) سنوي.
البورصة
تصدّر قطاع العقارات لكافة نشاطات القطاعات مستحوذًا على نسبة وصلت إلى 19.27% . فشركة عامر جروب الاستثمارية (Amer Group ) تصدّرت قائمة الشركات الأكثر نشاطأ، ويمثل الإستثمار العقاري والسّياحي فيها نصيب الأسد من إيراداتها حيث وصل إلى 82% العام الماضي بإجمالي 1.27 مليار جنيه مصري ( 212 مليون دولار أمريكي) وهو انتعاش ملحوظ لأسهم الإستثمار العقاري بسوق المالي المصري . وتصدّرت شركات الإنشاءات العقارية قائمة التداول مثل أوراسكوم للإنشاءات ( Orascom Construction Industries) ومصر الجديدة للإسكان(Heliopolis Housing ) والجيزة للمقاولات ( Giza General Contracting & Real Estate Investment).
خطط حكومية
هناك فزّاعة تستخدمها الشركات العقارية الكبرى - والتي تواجه دعاوى قضائية خاصّة- وهي أنّ السّوق العقاري يواجه شبح الركود بسبب هذه القضايا التي تؤثر على جذب الاستثمارات للقطاع وتهدد بإفلاس شركات الإستثمار العقاري ، وفقاً لما يؤكده علي البلهاسي الباحث الإقتصادي بجامعة عين شمس. مشيراً إلى أنّ تلك المخاوف مبالَغ فيها، فثمة تقارير لمؤسّسات متخصّصة تؤكد أنّ السوق العقاري في مصر يشهد تحسناً ملحوظاً بعد الثورة فمثلاً تقرير لكولدويل بانكر (Coldwell Banker) يؤكد أنّ السّوق العقاري بدأت تتعافى بنسبة أربعين في المائة، وهي نسبة جيدة ، ومن المنتظر أن ترتفع الأسعار خلال الأشهر الأربعة المقبلة.
وتوقع أن يشهد السوق العقاري وفرة في الوحدات السكنية المطروحة مع تزايد حركة البناء بعد زوال المعوقات البيروقراطية وإعفاء أصحاب العقارات من المبالغ الماليّة التي كانت تقدم في السابق ، هذا بالإضافة لمشروعات الحكومة التي تستهدف إنشاء مليون وحدة سكنية تبدأ العام المقبل، وخطط تطوير العشوائيات، ومشروع ممر التنمية ، إضافة للأراضي الجديدة التي ستطرحها الحكومة بعد استردادها ممّن استولوا عليها سابقاً.
تسويات
إيمان منصور مدير إدارة بشركة إيدار للتسويق العقاريEdar ترى أنّ انتعاش سوق العقارات المصري مرهون بالتسويات الحكومية مع الشركات الكبرى وملكيتها لمساحات من الأراضي محل الخلاف ، مؤكدة أن سوق الإيجارات في مصر لم يتأثر بالظروف السياسيّة بل بدا انتعاشاً ملحوظاً بعد الثورة.
ساحة النقاش