بقلم: د حامد عمار 655
عدت إلي أرض الوطن منذ أسبوعين والعود أحمد دائما إلا في هذه المرة, حيث واجهتني جماعات المعتمرين العائدين ينتشرون في أرض المطار في صورة من الفوضي غير معقولة,
في هذا المطار الجديد الكبير, ومنذ ان وصلت الي داري لأتابع ماجري في مصر المحروسة خلال غيبتي حتي واجهت الطامة الكبري والداهية الدهياء في أحوال الوطن.
وملخصها هذا التشرذم والتفكك والتصارع بين المواطنين, ولقد هالني ان أدرك أن في مصر كما قرأت نحو 24 حزبا الي جانب العشرات من ائتلافات الشباب. وأتساءل في اي وطن من أوطان هذا العالم بلغ به التفسخ هذا الحد, في كل قضية من قضايا بناء المجتمع الديمقراطي. وامتدت الفوضي والحرائق وقفلت الطرقات وتعددت انواع الاقتتال والمعارك بالأسلحة البيضاء وغير البيضاء في مختلف المحافظات حتي بين النوبيين في محافظة أسوان الوادعة.
وبلغ الأمر في قيمنا ان ننسي قوله تعالي (فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) ومن مقولة الشاعر (محا الموت أسباب العداوة بيننا).
وتساءلت كيف ظهرت هذه الأحزاب الدينية مع أن الدستور المعدل والمعمول به يقف ضد تكوين اي احزاب دينية. وما هذه المعارك بين البلطجية ورجال الامن, وتلك التجمعات وتقاتلها امام المحاكم وفي ساحات الملاعب وخارجها والي غير ذلك من المآسي والاضطرابات التي تتنامي مع الايام في مسيرة هذا المجتمع الذي لم يعد يجتمع علي امر من امور الحاضر او المستقبل.
كم أود ان يتفرغ باحث لحصر تلك الاختراقات والهزات والاضطرابات في جسم الكيان الوطني المصري; لندرك المخاطر الجسيمة التي تحول دون تحقيق اهداف ثورة الخامس والعشرين والي بناء مجتمع الديمقراطية والحرية والعدالة.
وهنا اود ان اتوجه الي كارثة الاضراب لدي المعلمين او اساتذة الجامعات باختصار. وحتي لايساء فهم موقفي أؤكد انني من انصار المعلم وحصوله علي حقوقه المادية والمعنوية في مقابل وفائه بواجباته وفاء غير منقوص.
وحالة الإضراب تعني حرمان 18 مليونا من أبنائنا من حقهم في التعليم, ونحو 2 مليون من شبابنا في الجامعات. ولاينبغي لأي مشكلة مهما كانت ان تحرمهم من هذا الحق الإنساني والوطني الذي لايقبل المفاوضة او التناززل عنه.
أضف الي هذا ان مدة اي اضراب في نظام تعليمنا سوف تقتطع من مدة الدراسة في تعليمنا التي لاتزيد علي (169) يوم عمل, في حين انها تصل الي (280) يوما في اليابان والي مايقرب من هذا الرقم في كثير من الدول الناهضة في جنوب وشرقي آسيا وأمريكا اللاتينية, وتصل الي (240) في أمريكا ومعظم الدول المتقدمة. ومع الاضراب يعلم الله ماذا تكون مدته اذا استمر. ومن المعروف قيمة المدة الطويلة وآثارها الايجابية في نوعية التعليم وكفاءته.
وقد يؤدي تقصير السنة الدراسية الي التزاحم علي الدروس الخصوصية الداء العضال في تعليمنا, والذي بلغت تكاليفه في الاعوام الماضية (18) مليار جنيه تتحملها الاسرة وهو مبلغ يصل الي نحو نصف الميزانية السنوية للتعليم قبل الجامعي, وينسحب هذا ايضا علي التعليم العالي.
وقد امتد خيالي وتقديري الي زيادة رواتب المعلمين الي ثلاثة امثالها, شريطة ان يتم التعاقد علي التوقف نهائيا عن ممارسة الدروس الخصوصية وتجريمها قانونيا.
ـ لذا أوصي باستمرار الدراسة دون اضرابات ومواصلة المطالبة بتحسين الأوضاع, لكل فئات المعلمين. وان تستمر المطالبة بالتفاوض مع مجلس الوزراء ومع وزير المالية ومع وزير التربية والتعليم, وليس بالمطالبة بإقالة هذا او ذاك, فالقضية ليست من قبيل ماجري التعبير عنه في مجال ضعف فريقنا القومي في كرة القدم (شالو الدو وحطوا شاهين, قالوا برضه مش نافعين) فالمسألة في يد الدولة كدولة وإمكاناتها ووعيها بدور المعلم في التعليم, وفي اعداد القوي العاملة.
سلمت يامصر وسلم حق أطفالنا وشبابنا بحقهم المقدس في تعليم جيد للجميع.
المزيد من مقالات د حامد عمار<!-- AddThis Button BEGIN <a class="addthis_button" href="http://www.addthis.com/bookmark.php?v=250&pub=xa-4af2888604cdb915"> <img src="images/sharethis999.gif" width="125" height="16" alt="Bookmark and Share" style="border: 0" /></a> <script type="text/javascript" src="http://s7.addthis.com/js/250/addthis_widget.js#pub=xa-4af2888604cdb915"></script> AddThis Button END -->
ساحة النقاش