حتي التعليم لم ينج من الفساد بقلم: دكتور/ محمد سكران "الأستاذ بجامعة الفيوم" |
بداية وكما تكشف الأحداث نشير إلي أن الفساد لم يقف عند حد النهب والسلب وتكوين المليارات وانما امتد الي كل الهيئات والمؤسسات وفي كل الميادين والمجالات وعلي كل المستويات وفي القلب منها التعليم الذي لم يقف الفساد فيه عند الحدود المادية وانما امتد لكل منظوماته وآلياته ومراحله التعليمية ومن قبل ومن بعد أهدافه وغاياته بفعل عشرات الظروف والعوامل والتي تناولتها عشرات مؤتمرات البحوث والدراسات. التحليلات والمقالات. وكلها تكشف عن ان تعليمنا المصري يعاني كوارث أدت الي تعطيله وتدميره وفقدانه القدرة علي القيام بدوره في تحقيق التنمية ونهضة المجتمع وتقدمه وتأتي السياسة في القلب من هذه الظروف والعوامل حيث عاني منها التعليم عبر تاريخه الطويل إلا ان ما حدث له في العقود الأخيرة يفوق في خطورته وفساده كل ما عاني منه طوال تاريخه وبالدرجة التي أصبح الحديث عنها مملا من كثرة ترداده وتكراره وفقط وعلي سبيل التذكير نشير إلي بعض منها سواء في التعليم ما قبل الجامعي أم في التعليم الجامعي فبالنسبة للتعليم ما قبل الجامعي فيكفي أن نشير الي: 1- ما حدث في أواخر ثمانينيات القرن الماضي من بتر سنة من جسم التعليم الابتدائي تحت مبررات اقتصادية خادعة مما أوجد بعد ذلك ما عرف وقتها بالدفعة المزدوجة في الثانوية العامة وما حدث بعد إعادتها في أوائل العقد الأول من القرن الحالي الي ما سمي بسنة الفراغ والتي مازلنا نعاني من آثارها حتي الآن. 2- ما حدث ويحدث من تخبط واضح في مسألة الثانوية العامة والتي تعرضت وتتعرض للعديد من التغيرات والتعديلات والتي لا تستهدف سوي الحد من الالتحاق بالجامعات الحكومية وفتح الباب للالتحاق بالجامعات الخاصة. 3- انتشار المدارس والجامعات الخاصة والتعليم الأجنبي المدمر لكل قيم وأخلاقيات الشخصية المصرية والهوية القومية وتكريس الطبقية بين كل أنواع التعليم بمختلف أشكاله وصوره. 4- ازدواجية التعليم وانتشار المدارس الدينية المكرسة لثقافة اللامواطنة. 5- ما حدث من انتشار الدروس الخصوصية والتي جعلت من التعليم تجارة رابحة لذوي النفوس الضعيفة. 6- ما يعانيه المعلم المصري من عشرات المشكلات المهنية والاقتصادية والتعليمية إلي جانب ما يتعرض له من مهانة من قبل المسئولين وأولياء الأمور. 7- وجود مناهج دراسية تكرس ثقافة اللامواطنة وتغتال حقوق الانسان الي جانب قيامها علي الحفظ والاستظهار والذي يكرسه تلك الامتحانات الفاشلة والتسارع للحصول علي الدرجة بصرف النظر عن أهيمتها في قياس القدرات الحقيقية للطلاب وما يحدث من القيام بعمليات زيادة المقررات الدراسية أو تخفيضها دون دراسات علمية وراء القيام بهذه العمليات. عشرات الكوارث التعليمية التي يعاني منها التعليم ما قبل الجامعي بفعل الفساد السياسي وتدني عمليات التمويل والانفاق علي هذا النوع من التعليم. أما بالنسبة للتعليم الجامعي فمن كوارثه وعن بدعه وحدث ولا حرج ولم لا؟ وولاة أمور تعليمنا العالي قد تفننوا في تخريبه وتدميره وأصبحت جامعاتنا فاقدة الهوية مكرسة للطبقية وقد تكفي الإشارة الي ما حدث ويحدث في التعليم الجامعي من: 1- اشتراط وجود استاذ الجامعة في الكلية التي يعمل بها مدة أربعة أيام "بواقع 8 ساعات يوميا" مقابل زيادة مرتبه مما يشكل إهانة للاستاذ الجامعي والحكم علي أدائه بمجرد تواجده في مكان عمله لا بأدائه العلمي وبحوثه ودراساته. 2- بدعة إلغاء الأقدمية في تشكيل اللجان العلمية المنوط بها عمليات الترقية لدرجتي استاذ مساعد واستاذ بالجامعات المصرية بل وتشكيل هذه اللجان حسب الأهواء والمصالح. 3- التباين الصارخ بين مرتبات الأساتذة حيث هناك من يحصل علي مرتب يصل الي 250 ألف جنيه شهريا في حين لا يحصل غالبية الأساتذة علي أكثر من 3 آلاف. 4- بدعة إنشاء ما يطلق عليه الجامعة الأهلية وهي ليست أكثر من جامعة خاصة تستهدف الربح وحسنا ما تم اتخاذه تجاه هذه الجامعات بعد قيام ثورة 25 يناير من تصحيح لهذا الوضع الشاذ والذي يفتح الباب للفساد. 5- الغاء نظام الانتساب بمصاريفه المحدودة والذي يستهدف اعطاء الفرصة للعاملين في الدولة لاستكمال تعليمهم العالي مع فتح باب التعليم المفتوح بمصاريفه الباهظة والذي فتح الباب علي مصراعيه للمكافآت والمكاسب من قبل القائمين علي أمر هذا النوع من التعليم. 6- محاولات إلغاء كليات التربية وقصر العمل بها علي اعداد خريجي الكليات العملية والنظرية تحت ما يعرف بالنظام التتابعي في هذه الكليات. 7- استحداث مشروع تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس والذي تكلف ملايين الدولارات التي تم انفاقها كمكافآت للمحظوظين والمرضي عنهم من أساتذة وعمداء الكليات. 8- استحداث بدعة "البرامج المتميزة" داخل الجامعات الحكومية والتي يلتحق بها القادرون ماليا والتي تتميز ببرامجها ومكان الدراسة بها والأساتذة الذين يقومون بالتدريس فيها وضمان الحصول علي وظيفة بعد ذلك في حين يلتحق غير القادرين ماليا بالبرامج العادية التي تفتقد كل مقومات البرامج المتميزة مما يؤدي الي التمايز الطبقي وفقدان روح الزمالة وعدم المساواة داخل الكلية الواحدة بل داخل القسم الواحد. 9- حرمان المتفوقين من خريجي الجامعات من التعيين كمعيدين في كلياتهم مما فتح الباب للوساطات والمحسوبيات للتعيين من خارج هذه الكليات. 10- التدخل في تعيين القيادات الجامعية وأساتذة الجامعات عن طريق الوساطة والمسحوبية لا عن طريق الكفاءات والقدرة العلمية. 11- حرمان الطلاب من الاشتغال بالعمل السياسي وتزوير انتخابات الاتحادات الطلابية. عشرات الكوارث التي عاني ويعاني منها تعليمنا المصري الجامعي وما قبل الجامعي بفعل الفساد السياسي الذي عانيناه طويلا خاصة في العقود الأخيرة. فهل من مخلص للتعليم المصري لما يعانيه من هذه الكوارث وغيرها. هذا ما نأمله في ظل التغيرات والتطورات التي تشهدها البلاد بفضل ثورة الخامس والعشرين من يناير. |
نشرت فى 19 مارس 2011
بواسطة azazystudy
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,795,233
ساحة النقاش