الممنوع من الصرف
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لقد قرأت هذا البحث للدكتور " مسعد محمد زياد " جزاه الله عنا كل خير و أردت أن أضعه في المنتدى لتعم الفائدة .. نبدأ على بركة الله
ينقسم الاسم المعرب إلى قسمين :
1- متمكن أمكن إذا كان مصروفا ، بحيث يدخله التنوين ، ويجر بالكسرة
2- متمكن غير أمكن وهو غير المنصرف .
تعريف الممنوع من الصرف :
هو الاسم المعرب الذي لا يدخله تنوين التمكين ، ويجر بالفتحة نيابة عن الكسرة ، إلا إذا عرّف بـ " أل " ، أو الإضافة ، فإنه يجر بالكسرة .
أنواعه :
ينقسم الممنوع من الصرف إلى نوعين :
1 ـ الممنوع من الصرف لعلتين اسما كان أو صفة .
2 ـ الممنوع من الصرف لعلة واحدة سدت مسد العلتين .
أولا ـ الأسماء الممنوعة من الصرف لعلتين :
هو كل اسم علم معرب اجتمع فيه مع علة العلمية علة أخرى مساندة فامتنع بسببها من الصرف . ويشمل الأنواع الآتية .
1 ـ كل اسم على وزن الفعل المستقبل ، أو الماضي ، أو الأمر ، بشرط خلوه من الضمير ، وألا يكون الوزن مشتركا بين الأسماء ، والأفعال ، وألا يكون الاسم منقوص الآخر .
مثال ما كان على وزن الفعل مستوفيا الشروط السابقة : يزيد ، أحمد ، أسعد ، تغلب ، يعرب ،
يشكر ، يسلم ، ينبع ، شمر ، تعزَّ .
في الرفع : جاء يزيدُ . برفع يزيد بدون تنوين .
ومنه قوله تعالى : { ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد }1 .
والنصب : رأيت يزيدَ . بنصب يزيد بدون تنوين .
والجر : سلمت على أسعدَ . بجر أسعد بالفتحة نيابة عن الكسرة .
فإذا احتوى الاسم الشبيه بالفعل على الضمير خرج عن بابه ، وصار حكاية .
نحو : يشكر المجتهدين . فيشكر فعل مضارع لاحتوائه على الضمير المستتر فيه ، وليس اسما ممنوعا من الصرف . ومثال اشتراك الوزن بين الاسمية والفعلية على
السواء قولهم : رجب ، وجعفر . فهذان الاسمان ونظائرهما لا يمنعان من الصرف .
نقول : جاء رجبٌ ، ورأيت رجباً ، ومررت برجبٍ .
فينون في جميع إعراباته ، ويجر بالكسرة . ورجب اسم لعلم ، وشهر من شهور السنة الهجرية . وأما الاسم المنقوص الآخر فنحو : يغز ، ويدع . إذا سمي بأحدهما رجل .
وهذان الاسمان ونظائرهما لا يمنعان من الصرف ، لأن أصلهما : يغزو ، ويدعو ، فعند التسمية بهما جعلت الضمة قبل الواو كسرة ، فتقلب الواو ياء لأنه ليس في الأسماء المعربة اسم آخره واو قبلها ضمة ، فصار : يغزي ، ويدعي ، ثم تحذف الياء في حالة الرفع والجر ، ويعوض عنها بتنوين العوض .
نحو : جاء يغزٍ . يغزٍ : فاعل مرفوع بالضمة على الياء المحذوفة .
وذهبت إلى يغزٍ . يغز : اسم مجرور بالكسرة على الياء المحذوفة .
ورأيت يغزيَ . يغزيَ : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة . ممنوع من الصرف .
2 ـ العلم المؤنث المختوم بتاء التأنيث سواء أكان التأنيث حقيقيا ، أم لفظيا ، والعلم المؤنث المزيد على ثلاثة أحرف ، ولا علامة فيه للتأنيث ( المؤنث المعنوي ) .
مثال المؤنث الحقيقي المختوم بالتاء : فاطمة ، عائشة ، مكة .
نقول : سافرت فاطمةُ إلى مكةَ . وكافأت المديرة عائشةَ .
ومنه قوله تعالى : { إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين }1 .
ومثال العلم المؤنث تأنيثا معنويا : مريم ، وزينب ، وسعاد .
نحو : وصلت مريمُ ، ورأت سعادَ ، وسلمت على زينبَ .
ومنه قوله تعالى : { وجعلنا ابن مريم وأمه آية }
فإذا كان العلم المؤنث المجرد من تاء التأنيث ثلاثيا اتبعنا في صرفه ، أو عدمه الأحوال التالية :
أ ـ إذا كان العلم المؤنث الثلاثي عربي الأصل ، ساكن الوسط ، نحو :
هند ، دعد . فالأحسن فيه عدم منعه من الصرف . ويجوز منعه .
نقول : هذه هندٌ ، وإن هندًا مؤدبة ، وأشفقت على هندٍ .
62 ـ ومنه قوله تعالى : ( ومساكن طيبة في جنان عدن }
وقوله تعالى : { وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم }
ب ـ فإذا كان العلم المؤنث الثلاثي عربيا متحرك الوسط . نحو :
أمل ، وقمر ، ومضر . وجب منعه من الصرف .
نقول : جاءت أملُ . ورأيت أملَ ، وسلمت على أملَ . بدون تنوين ، وجر بالفتحة .
ج ـ وإذا كان العلم المؤنث الثلاثي أعجميا . نحو :
بلخ " اسم مدينة"وجب منعه من الصرف .
نقول : بلخُ مدينة جميلة ، وشاهدت بلخَ ، وسافرت إلى بلخَ . بدون تنوين ، وجر بالفتحة .
ومما جاء ممنوعا حينا ، ومصروفا حينا آخر كلمة " مصر "
وهي ثلاثية ساكنة الوسط، أعجمية مؤنثة ، يجوز تذكيرها .
مثال جواز منعها من الصرف قوله تعالى : { وقال الذي اشتراه من مصر }
وقوله تعالى : { أليس لي ملك مصر }
ومثال صرفها قوله تعالى : { اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم }
ومثال العلم المختوم بتاء التأنيث اللفظي : طلحة ، وعبيدة ، ومعاوية .
نقول : تفوق طلحةُ في دراسته ، وكافأ المدير طلحةَ ، وأثنى المعلمون على طلحةَ .
بدون تنوين ، وجر بالفتحة .
3 ـ العلم الأعجمي :
يشترط في منعه من الصرف أن يكون علما في اللغة التي نقل منها إلى اللغة العربية ، أو لم يكن علما في اللغة التي نقل منها ثم صار علما في اللغة العربية . كما يشترط فيه أن يكون مزيدا على ثلاثة أحرف ، فإن كان ثلاثيا صرف في حالة ، ومنع في أخرى . مثال الأعجمي المزيد : آدم ، وإبراهيم ، وإسماعيل ، وبشار ،ويوسف ، ويعقوب ، وإسحاق ، وجورج ، نقول : كان آدمُ أول الخلق أجمعين .
إن إبراهيمَ خليل الله ، وسلمت على بشارَ .
بدون تنوين ، وجر بالفتحة .
ومنه قوله تعالى : { لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين }
وقوله تعالى : { نتلوا عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق }
وقوله تعالى : { وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب }
أما إذا كان العلم الأعجمي ثلاثيا فله حالتان :
1 ـ إن كان متحرك الوسط ، وجب منعه من الصرف .
نحو : حلب ، وقطر . تقول : حلبُ مدينة جميلة ، وإن قطرَ دولة خليجية ، وسافرت إلى حلبَ .
بدون تنوين ، وجر بالفتحة .
2 ـ وإن كان ساكن الوسط وجب صرفه . نحو :
هود ، ولوط ، ونوح ، وخان . نقول : كان لوطُ نبيا ، وأرسل الله هودَ إلى قوم عاد ، واستجاب الله إلى نوحَ .
4 ـ العلم المختوم بألف ونون زائدتين ، وكانت حروفه الأصلية ثلاثة ، أو أكثر .
مثل : سليمان ، وسلطان ، وحمدان ، ولقمان ، ورمضان ، وسرحان .
نقول : كان عثمانُ ثالث الخلفاء الراشدين . وإن سليمان طالب مجتهد . ومررت بسلطان .
ومنه قوله تعالى : { ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره }
وقوله تعالى : { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن }
وقوله تعالى : { وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه }
وقوله تعالى : { إذ قالت امرأة عمران }
فإن شككت في زيادة النون ، أو عدم زيادتها ، كأن تكون أصلية ، لم يمنع الاسم من الصرف . نحو : حسان ، وعثمان ، وسلطان .
فإذا اعتبرنا الأصل : الحسن ، وعثمن ، وسلطن ، كانت النون أصلية فلا تمنع من الصرف .
نقول : هذا حسانٌ ، واستقبلت عثمانًا بالبشر ، وسلمت على سلطانٍ .
ومنه قوله تعالى : { ليس لك عليهم سلطانٌ }
وقوله تعالى : { ما لم ينزل به سلطانا }
وقوله تعالى : { ما أنزل الله بها من سلطانٍ }
وقوله تعالى : { لا تنفذوا إلا بسلطانٍ }
بالتنوين ، والجر بالكسرة . والواضح من كلمة " سلطان " في الآيات السابقة ، وغيرها مما ورد فيها ذكر هذه الكلمة أنها ليس علما ، وإنما هي بمعنى المُلك ، أو القوة ،
والله أعلم ، وقد وردت في القاموس علما ، فقد ذكر صاحب القاموس أن من فقهاء القدس :
سلطانُ بنُ إبراهيم .وإن كانت النون فيها زائدة وجب منعها من الصرف .
نقول : كان حسانُ شاعر الرسول ، وإن عثمانَ خليفة ورع . والتقيت بسلطانَ .
بدون تنوين ، وجر بالفتحة .
كذلك إذا كانت حروف الاسم المختوم بالألف والنون الزائدتين أقل من ثلاثة أحرف وجب صرفه . نحو : سنان ، وعنان ، ولسان ، وضمان ، وجمان .
لأن الألف والنون في هذه الحالة تكون أصلية غير زائدة .
نقول : سافر سنانٌ ن واستقبلت سنانًا ، وسلمت على سنانٍ .
5 ــ العلم المعدول عن فاعل إلى " فُعَل " ، بضم الفاء ، وفتح العين .
نحو : عمر ، وزفر ، وزحل ، وقثم ، وقزح ، وهبل .
فهي أسماء معدولة عن أسماء الفاعلين : عامر ، وزافر ، وزاحل ، وقاثم ، وقازح ، وهابل . نقول : تم فتح الشام في خلافة عمر بن الخطاب .
ووصل رجال الفضاء إلى زحل .
ومنه قول الشاعر :
أشبهت من عمر الفاروق سيرته قاد البرية وأتمت به الأمم
ومنه بعض ألفاظ التوكيد المعدولة ، والعدل يعني تحويل الاسم من وزن إلى آخر ، وفي موضوعنا يعني تحويل اسم الفاعل إلى وزن " فُعَل " .
نحو : كُتَع ، وجمع . المعدولتان عن : جمعاء وكتعاء .
فإذا سمي بهما منعا من الصرف .
6 ـ العلم المركب تركيبا مزجيا ، غير مختوم ب "ويه" .
ومعنى التركيب المزجي أن تتصل كلمتان بعضهما ببعض ، وتمزجا حتى تصيرا كالكلمة الواحدة .
مثل : حضرموت ، وبعلبك ، وبورسودان ، وبورتوفيق ، ومعديكرب ، ونيويورك .
نقول : حضرموتُ محافظة يمنية . وزرت بعلبكَّ ، وسافرت إلى بورسودانَ .
أما إذا كان العلم المركب تركيبا مزجيا مختوما " بويه " ، مثل : سيبويه ، وخمارويه .
بني على الكسر . نقول : سيبويهِ نحوي مشهور ، وصافحت خمارويهِ ، والتقيت بنفطويهِ .
فهو في جميع إعراباته الثلاثة مبني على الكسر ، ومقدر فيه علامات الإعراب الثلاثة رفعا ، ونصبا ، وجرا .
ثانيا ـ الصفات الممنوعة من الصرف لعلتين :
1 ـ كل صفة على وزن " أفعل " بشرط ألا تلحقها تاء التأنيث ، ولا يكون الوصف فيها عارضا . ومثال ما اجتمع فيه الشرطان السابقان قولنا :
أحمر ، وأصفر ، وأبيض ، وأسود ، وأخضر ، وأفضل ، وأعرج ، وأعور ، وأكتع ، وأحسن ، وأفضل ، وأجمل ، وأقبح . نحو : هذا وردٌ أبيضُ ، وأهداني صديقي وردا أبيضَ ، ومحمد ليس بأفضلَ من أخيه .
ومنه قوله تعالى : { وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها }
أما ما كان صفة على وزن أفعل ، ولحقته تاء التأنيث فلا يمنع من الصرف .
نحو : أرمل ، ومؤنثه أرملة . وأربع ، ومؤنثها أربعة .
فلا نقول : مررت برجل أرملَ . ولا ذهبت مع نسوة أربعَ .
بالجر بالفتحة لعدم منعهما من الصرف . ولكن نصرفهما لعدم توفر الشروط الآنفة الذكر في الصفة الممنوعة من الصرف على وزن " أفعل " .
فنقول : مررت برجل أرملٍ ، وذهبت مع نسوة أربعٍ . بالتنوين والجر بالكسرة .
وكذلك إذا كانت الصفة عارضة ، غير أصلية فلا تمنع من الصرف .
نحو : أرنب ، صفة لرجل . فلا نقول : سلمت على رجل أرنبَ . بجر " أرنب " بالفتحة ، ولكن نقول : سلمت على رجل أرنبٍ . بجره بالكسرة مع التنوين .
2 ـ الصفة المنتهية بألف ونون زائدتين ، بشرط ألا يدخل مؤنثها تاء التأنيث ، ولا تكون الوصفية فيها عارضة غير أصلية .
نحو : ريان ، وجوعان ، وغضبان ،وعطشان ، وسكران . نقول : عطفت على حيوان عطشانَ .
ومنه قوله تعالى : { فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا }
أما إذا كانت الصفة على وزن فعلان مما تلحق مؤنثه تاء التأنيث ، فلا يمنع من الصرف . مثل : سيفان صفة للطويل ، ومؤنثه سيفانة . وصيحان ومؤنثها صيحانة .
وندمان ومؤنثها ندمانة . وسخنان وسخنانة . وموتان وموتانة . وعلان وعلانة .
فلا نقول : مررت برجل سيفانَ . بالجر بالفتحة .
ولكن نقول : مررت برجل سيفانٍ . بجر بالكسرة مع التنوين .
وكذلك إذا كانت صفة فعلان عارضة غير أصلية فلا تمنع من الصرف .
نحو : سلمت على رجل صفوانٍ قلبه .
فكلمة " صفوان " صفة عارضة غير أصلية بمعنى " شجاع " لذلك وجب جرها بالكسرة مع التنوين .
3 ـ الصفة المعدولة عن صيغة أخرى ، وذلك في موضعين :
أ ـ الصفة المعدولة عن " فُعَال ، ومَفعَل " من الأعداد العشرة الأول وهي :
أُحاد وموحد ، وثُناء ومثنى ، وثُلاث وثلث ، ورُباع ومربع . إلى : عُشار ومعشر .
والعدل إنما هو تحويل الصفات السابقة عن صيغها الأصلية ، وهو تكرير العدد
مرتين إلى صيغة " فُعال ومَفعل " . فإذا قلنا : جاء الطلبة أُحاد ، أو موحد . كان أصلها التي تم العدل عنه : جاء الطلبة واحدا واحدا . ووزعنا التلاميذ على لجان الاختبار عشرة عشرة .
ومنه قوله تعالى : { جاعلِ الملائكةِ رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع }
ب ـ الصفة المعدولة عن صيغة " آخر " إلى " أُخَر " على وزن " فُعَل " بضم الفاء وفتح العين . وهي وصف لجمع المؤنث .
نحو : وصلتني رسائلُ أُخرُ . وأرسلت برسائل أُخرَ .
ومنه قوله تعالى : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أُخر }
فـ " أُخر " جمع " أُخرى " مؤنث " آخر " وهو اسم تفضيل على وزن " أفعل " وأصله " أأخر " ، إذ القياس فيه أن يقال : قرأت رسائل آخر .
كما يقال : قرأت رسائل أفضل . بإفراد اسم التفضيل وتذكيره لتجرده من " أل " والإضافة ، لذلك كان جمعه في قولنا : قرأت رسائل أُخر ، إخراجا له عن صيغته الأصلية ، وهذا هو المقصود بالعدل
ثالثا ـ الأسماء الممنوعة من الصرف لعلة واحدة سدت مسد علتين :
1 ـ الاسم والصفة المختومة بألف التأنيث المقصورة .
نحو : سلمى ، وذكرى ، وليلى ، ودنيا ، ورضوى ، وحبلى ، ونجوى .
ومنه قوله تعالى : { ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى }
وقوله تعالى : { ونزلنا عليكم المن والسلوى }
ويستوي في الاسم المقصور منعا من الصرف ما كان اسما نكرة ، نحو : ذكرى ، نقول : له في خاطري ذكرة حسنة .
أو معرفة ، نحو : ليلى ، ورضوى . نقول : مررت برضوى .
أو مفردا كما مثلنا ، أو جمع تكسير ، نحو : جرحى ، وقتلى .
نقول : سقط في المعركة كثير من الجرحى .
أو صفة ، نحو : حبلى ، نقول : وفروا للحبلى قسطا من الراحة .
فجميع الكلمات السابقة بأنواعها المختلفة ممنوعة من الصرف لعلة واحدة ، وهي انتهاؤها بألف التأنيث المقصورة ، وقد سدت هذه العلة مسد علتين .
العلة الأولى : مشاركتها للتاء في الدلالة على التأنيث .
والثانية : لأن الألف لازمة لا تتغير من آخر الكلمة ، فهي تصير مع الاسم كبعض حروفه ، بينما التاء لا تكون لها تلك الميزة .
2 ـ الاسم ، أو الصفة المنتهية بألف التأنيث الممدودة ، ويستوي في ذلك الأسماء النكرة
نحو : صحراء . نقول : مررت بصحراء قاحلة .
أو الأسماء المعرفة ، نحو : زكرياء ، نقول : سلمت على زكرياء .
أو الاسم المجموع ، نحو : شعراء ، وأصدقاء ، نحو : استمعت إلى شعراء فحول .
أو الوصف المفرد ، نحو : حمراء ، وبيضاء .
نحو قوله تعالى : { اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء }
وقوله تعالى : { يطاف عليهم بكأس من معين بيضاء لذة للشاربين }
يقول ابن الناظم " وإنما كانت الألف وحدها سببا مانعا من الصرف لأنها زيادة لازمة لبناء ما هي فيه ، ولم تلحقه إلا باعتبار تأنيث معناه تحقيقا أو تقديرا ، ففي المؤنث بها فرعية في اللفظ ، وهي لزوم الزيادة حتى كأنها من أصول الاسم ، فإنه لا يصح انفكاكها عنه ، وفرعية في المعنى وهي دلالته على التأنيث .
ويقول ابن السراج " وكل اسم فيه ألف التأنيث الممدودة ، أو المقصورة فهو غير مصروف ،
معرفة كان أو نكرة ، فإن قال قائل فما العلتان اللتان أوجبتا ترك صرف بشرى ، وإنما فيه ألف للتأنيث فقط ؟ قيل : هذه التي تدخلها الألف يبنى الاسم لها وهي لازمة وليست كالهاء التي تدخل بعد التذكير فصارت للملازمة والبناء كأنه تأنيث آخر "
ويشترط في ألف التأنيث الممدودة إلى جانب لزومها كي يمنع الاسم بسببها من الصرف ، أن تكون رابعة فأكثر في بناء الكلمة .
نحو : خضراء ، وبيداء ، وهوجاء .
فإن كانت ثالثة فلا تمنع معها الكلمة من الصرف .
نحو : هواء ، وسماء ، ودعاء ، ورجاء ، ومواء ، وعواء ، وغيرها ، نقول : هذا هواءٌ بارد . بتنوين هواء تنوين رفع .
ونقول : رأيت سماءً صافية . بتنوين سماء تنوين نصب .
ونقول : غضبت من عواءٍ مزعج . بجر عواء وتنوينها بالكسر .
أما كلمة " أشياء " فجاءت ممنوعة من الصرف على غير القياس .
قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياءَ } .
وقد اختلف علماء النحو في علة منعها من الصرف :
1 ـ ذهب سيبويه والخليل وجمهور البصريين إلى أن علة منعها من الصرف هو اتصالها بألف التأنيث الممدودة ، وهي اسم جمع لـ " شيء " ، والأصل " شيئاء " على وزن " فعلاء " فقدمت اللام على الألف كراهة اجتماع همزتين بينهما ألف .
2 ـ وقال الفراء إن " أشياء " جمع لشيء ، وإن أصلها " أشيئاء " ، فلما اجتمع همزتان بينهما ألف حذفوا الهمزة الأولى تخفيفا .
3 ـ وذهب الكسائي إلى أن وزن " أشياء " : " أفعال " ، وإنما منعوا صرفه تشبيها له بما في آخره ألف التأنيث .
وأرى في جمع " أشياء " على أفعال هو الوجه الصحيح ، لأن مفردها " شيء " على وزن " فَعْل " المفتوح الفاء ، ومعتل العين ساكنها مثل " سيف " ، و" ثوب " ، وجميعها تجمع على " أفعال " . أما القول بأنها اسم جمع فلا أرجح هذا الرأي .
والقول بمنعها من الصرف تشبيها لها بالاسم الذي لحقته ألف التأنيث الممدودة فلا أرى هذا القول عادلا ، وإلا لوجب منع نظائرها نحو : أفياء ، وأنواء ، وأحياء ، وأضواء ، وأعباء . 77 ـ قال تعالى : { ألم نجعل الأرض كفاتا أحياءً وأمواتا }1 .
فأحياء غير ممنوعة من الصرف .
ونستخلص مما سبق :
1 ـ مشاركة الألف للتاء في الدلالة على التأنيث .
2 ـ لزومها للكلمة ، فهي لا تتغير من أخرها ، وأصبحت مع الاسم كبعض حروفه ، بينما التاء لا يكون لها تلك الميزة ، وهذه الزيادة اللازمة للبناء كأنها تأنيث آخر الكلمة .
3 ـ ما كان على صيغة منتهى الجموع " مفاعل ، ومفاعيل " وما شابهما ، وهو كل جمع تكسير في وسطه ألف ساكنة بعدها حرفان ، أو ثلاثة بشرط ألا ينتهي بتاء التأنيث ، أو ياء النسب ، ويستوي فيما اكتملت شروطه الاسم العلم ، نحو : شراحيل . نقول : تعرفت على شراحيل .
والاسم المفرد ، نحو : سراويل ، وجمعها سروالات .
ومنه قول ابن مقبل :
يمشي بها ذبّ الرياد كأنه فتى فارس في سراويل رامِحُ
أو ما كان فيه معنى الجمع ، إذ لا مفرد له من جنسه ، نحو : أبابيل .
ومنه قوله تعالى : { وأرسل عليهم طيرا أبابيل }
أما ما كان على وزن " مفاعل " ، وشبهها ، فنحو : مساجد ، ومنازل ، وحدائق .
نحو : يدرس الطلاب في مدارس كبيرة .
ومنه قوله تعالى : { إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله }1 .
وقوله تعالى : { والقمرَ نورا وقدره منازل }2 .
ومنه قوله تعالى : { إن للمتقين مفازا حدائق وأعنابا }3 .
وما كان على مفاعيل ، وما شابهها ، نحو : مصابيح ، ومناديل ، ومحاريث ، ومحاريب ، وسجاجيد ، وتماثيل .
ومنه قوله تعالى : { وزينا السماء الدنيا بمصابيح }
وقوله تعالى : { يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل } .
تنبيه :
يعرب إعراب الممنوع من الصرف كل اسم منقوص ، آخره ياء لازمة غير مشددة ، قبلها كسرة ، وكان على صيغة منتهى الجموع ، بشرط حذف الياء في حالتي الرفع ، والجر ، ووجود تنوين العوض على الحرف الأخير بعد حذف الياء .
نحو : معانٍ ، ومساع ، ومراع ، ومبان .
نقول : لبعض الكلمات معانٍ كثيرة . وفي السودان مراع واسعة .
وأنجزت الحكومة مبانيَ ضخمة . وقام الوسطاء بمساعٍ حميدة .
فـ " معان " ، و " مراع " كل منهما مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوفة .
و " مبانيَ " منصوبة بالفتحة الظاهرة على الياء بدون تنوين .
و " مساع " مجرورة بالكسرة المقدرة على الياء المحذوفة .
وفي حالة اقتران هذا النوع من الأسماء بـ " أل " التعريف تبقى الياء ، وتقدر الضمة والكسرة عليها ، في حالتي الرفع والجر ، وتكون الفتحة ظاهرة .
نحو : نجحت المساعي الحميدة في التوفيق بين الطرفين .
وبذلت الحكومة جهدها في المساعي الحميدة بين الطرفين .
وهم يقدمون المساعيَ الحميدة لرأب الصدع بينهم .
واعتبرت صيغة منتهى الجموع علة مانعة للصرف سدت مسد علتين لتضمنها علة لفظية بخروجها عن الآحاد العربية من ناحية ، ولدلالتها على منتهى الجموع من ناحية أخرى ، وهي العلة المعنوية فيها .
إعراب الممنوع من الصرف :
يعرب الممنوع من الصرف اسما كان ، أم صفة إعراب الاسم المفرد ، بالحركات الظاهرة ، أو المقدرة ، رفعا ونصبا وجرا ، بدون تنوين ، ويجر بالفتحة نيابة عن الكسرة .
مثال الرفع : جاء أحمدُ . أحمد فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة بدون تنوين .
وسافر عيسى . عيسى فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر ، ولا يدخله التنوين لمنعه من الصرف للعلمية و مشابهة الفعل في المثال الأول ، وللعلمية والعجمة في المثال الثاني .
ومنه قوله تعالى : { ولما جاء موسى لميقاتنا } .
وقوله تعالى : { فاتبعهم فرعون وجنوده } .
ومثال النصب : شيدت الحكومة مدارسَ كثيرة .
فـ " مدارس " مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة بدون تنوين .
ومنه قوله تعالى : { وتتخذون مصانع لكم تخلدون } .
ومثال الجر : سلمت على يوسفَ .
يوسف : اسم مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة ، لمنعه من الصرف للعلمية والعجمة .
ومنه قوله تعالى : ( وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط }
. وقوله تعالى : { ما لك لا تأمنا على يوسف } .
أما إذا كان الممنوع من الصرف معرفا بـ " أل " ، أو بالإضافة ، أو صُغِّر صُرِف .
وعندئذ ينون ، ويجر بالكسر كغيره من الأسماء المعربة المصروفة .
مثال المعرف بأل : درست في كثير من المدارس الحكومية .
ـ ومنه قوله تعالى : { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجدِ } .
وقوله تعالى : ( قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن خاسرين } .
فكل من كلمة " المدارس ، والمساجد ، والمدائن " جاءت مجرورة بالكسرة مع أنها في الأصل ممنوعة من الصرف ، ولكن العلة في صرفها أنها جاءت معرفة بأل .
ومثال المضاف : ينبغي من كافة الموظفين أن يتواجدوا في مكاتبهم .
ومنه قوله تعالى : { يمشون في مساكنهم } .
وقوله تعالى : { لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم } .
فالكلمتان : مساكن ، وأحسن ، جاءت مجرورة بالكسرة وهي ممنوعة من الصرف ، والعلة في ذلك أنها وقعت مضافة .
ومثال المصغر : مررت بسميراء .
فـ " سميراء " مجرورة ، وعلامة جرها الكسرة مع أنها ممنوعة من الصرف علما ممدودا ، وعلة جرها بالكسرة تصغيرها ، فأصلها : سمراء .
ولم يذكر سيبويه صرف الممنوع من الصرف إذا كان مصغرا ، واقتصر على صرف ما دخله أل التعريف ، أو الإضافة ، فقال : " وجميع ما لا ينصرف إذا دخلت عليه الألف واللام ، أو أضيف جُرَّ بالكسرة ، لأنها أسماء أدخل عليها ما يدخل على المنصرف " .
وقال في موضع آخر " واعلم أن كل اسم لا ينصرف فإن الجر يدخله إذا أضفته ، أو أدخلت فيه الألف واللام ، وذلك أنهم أمنوا التنوين ، وأجروه مجرى الأسماء .
نماذج من الإعراب
قال تعالى : ( ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد )
ومبشرا : الواو حرف عطف ، ومبشرا عطف على مصدقا حال منصوب مثله .
برسول : جار ومجرور متعلقان بمبشرا .
يأتي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هو . والجملة في محل جر صفة لرسول .
من بعدي : جار ومجرور ، والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه ، وشبه الجملة متعلق بيأتي .
اسمه : مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة .
أحمد : خبر مرفوع بالضمة الظاهرة بدون تنوين ، لأنه ممنوع من الصرف للعلمية ومشابهة الفعل . والجملة من المبتدأ وخبره في محل جر صفة ثانية لرسول .
قال تعالى : ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة ).
إن أول بيت : عن حرف توكيد ونصب ، وأول اسم إن منصوب بالفتحة الظاهرة ، وأول مضاف ، وبيت مضاف إليه . والكلام مستأنف لا محل له من الإعراب مسوق للدلالة على أن أول مسجد وضع للناس هو المسجد الحرام .
وضع للناس : وضع فعل ماض مبني للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هو . للناس جار ومجرور متعلقان بوضع .
للذي : اللام المزحلقة ، وهي لا مفتوحة تزحلقت من اسم إن إلى خبرها ، والذي اسم موصول في محل رفع خبر إن .
ببكة : جار ومجرور ، وعلامة الجر الفتحة الظاهرة نيابة عن الكسرة ، لأن مكة ممنوعة من الصرف للعلمية والتأنيث ، وشبه الجملة متعلقان بمحذوف لا محل له من الإعراب صلة الموصول .
قال تعالى : ( وجعلنا ابن مريم وأمه آية )
وجعلنا : الواو حرف عطف ، وجعلنا فعل وفاعل .
ابن مريم : ابن مفعول به أول منصوب بالفتحة ، وهو مضاف ، ومريم مضاف إليه مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة ، لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث .
وأمه : الواو حرف عطف ، وأمه معطوف على ابن منصوب مثله ، وأم مضاف ، والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه .
آية : مفعول به ثان لجعلنا منصوب بالفتحة .
وجملة جعلنا معطوفة على ما قبلها .
قال تعالى : ( ومساكن طيبة في جنات عدن ) .
ومساكن : الواو حرف عطف ، ومساكن معطوفة على جنات في أول الآية منصوبة مثلها وعلامة النصب الفتحة الظاهرة بدون تنوين ، لامتناع مساكن من الصرف لأنها على صيغة منتهى الجموع .
طيبة : صفة لمساكن منصوبة بالفتحة الظاهرة .
في جنات عدن : في جنات جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل نصب صفة ثانية لمساكن ، وجنات مضاف ، وعدن مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة .
قال تعالى : ( وقال الذي اشتراه من مصر ).
وقال : الواو حرف عطف ، وقال فعل ماض مبني على الفتح .
الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل .
والجملة عطف على محذوف ، والتقدير : دخلوا مصر وعرضوه للبيع فاشتراه عزيز مصر الذي كان على خزائنها .
اشتراه : فعل ماض مبني على الفتح المقدر ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هو ، والضمير المتصل في محل نصب مفعول به .
وجملة اشتراه لا محل لها من الإعراب صلة الموصول .
من مصر : جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل نصب حال من ضمير الفاعل .
قال تعالى : ( اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم ) .
اهبطوا : فعل أمر مبني على حذف النون ، والواو في محل رفع فاعل .
مصرا : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة مع التنوين ، لأنه مصروف .
وجملة اهبطوا في محل نصب مقول قول محذوف ، والتقدير : قلنا .
فإن لكم : الفاء تعليلية ، وإن حرف توكيد ونصب ، لكم : جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر إن مقدم .
ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب اسم إن مؤخر .
سألتم : فعل وفاعل ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول .
قال تعالى : ( لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين )
لقد كان : لقد اللام جواب قسم محذوف ، وقد حرف تحقيق ، وكان فعل ماض ناقص .
في يوسف : في حرف جر ، ويوسف اسم مجرور وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة ، لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة ، وشبه الجملة في محل نصب خبر كان مقدم .
وإخوته : الواو حرف عطف ، وأخوته معطوف على يوسف ، وإخوة مضاف ، والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه .
آيات : اسم كان مؤخر مرفوع بالضمة .
للسائلين : جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع صفة لآيات .
ساحة النقاش