مكـتب العـدل للآستشارات القانونية و أعمال المحاماة

أشــــــرف مـحــمــــد عـــاصـــى { المحـامـيّ } .


                         تــــابع

 =  محل التفتيش :

يجب أن يحدد أمر التفتيش الشخص أو المكان المراد تفتيشه. فإذا كان التفتيش تفتيش أشخاص ينبغي بيان الشخص المراد تفتيشه، وإذا كان تفتيش أماكن وجب تبين المكان.
وينبغي أن يكون هذا التحديد واضحاً بشكل ناف للجهالة وقت صدور الإذن. (1)

والخطأ في الإسم ليس من شأنه أنيبطل الإجراء متى كان الشخص الذي صدر الأمر في حقه هو بعينه المقصود. (2)

وإذا حدد اسم الشخص المراد تفتيشه وقامت الشرطة بحسن نية بتفتيش غير هذا الشخص فلا مسئولية على الشرطة.

وقد أرست سابقة حكومة السودان ضد الصادق ضو البيت، المبدأ الآتي: (3)

"لاتعتببر الدولة مسئولة عن خطأ رجال الشرطة عند إجراء تنفيذ أمر صادر من المحكمة إذا وقع ذلك الخطأ بحسن نية".

وقد قضت بعض المحاكم الأمريكية بأنه لايلزم بيان اسم الشخص المراد تفتيشه فقط يكفي أن يتضمن هذا الإذن وصفاً لهذا الشخص يدل عليه. (4)

وذهب البعض إلى أنه إذا نص الأمر على تفتيش المتهم وتفتيش مسكنه دون أن يحدد مسكناً معيناً فهو يشمل كل مسكن للمتهم مهما تعدد. (5)

ونحن نرى أن هذا الرأي قد جانبه الصواب، وعليه وفي حالة تعدد المساكن نرى ضرورة إصدار أمر تفتيش مستقل لكل مسكن من مساكن المتهم حتى نحفظ للمساكن حرمتهاكما يجب أن تحدد المساكن تحديداً دقيقاً في أمر التفتيش، ويؤيدنا القضاء الأمريكي في هذا الرأي حيث يشترط بيان المسكن المراد تفتيشه بياناً دقيقاً عند تعدد المساكن.

        مدة الإذن بالتفتيش:

إذن التفتيش له عمر محدد ومعين حسبما هو وارد به. وحتى لا يصبح أمر التفتيش سيفاً تسلطه السلطة على أعنق المواطنين تقتضي الحكمة أن تحدد له مدة معينة ينتهي مفعولها بانتهاء هذه المدة.

قد يختلف أمر التفتيش من جريمة لأخرى حيث أن بعض الجرائم تتطلب وقتاً لإكتشافها وضبطها. لذا نري أن يترك للمحكمة أو القاضي أو وكيل النيابة سلطة تقديرية لتحديد زمن التفتيش ومدة هذا الإذن حتى تتمكن السلطه من القيام بواجبها على أحسن وجه .

لا يشترط القانون المصرى اجراء التفتيش فى وقت معين فقد يكون نهارآ او ليلآ او فى اى وقت .

لكن نجد أن بعض القوانين تشترط حدوثه نهارآ او ليلآ فى بعض الاحيان كما هو الحال فى القانون اليوغندى (م 118) والكينى (م 119) وان كانا لا يمنعان حصوله فى ايام الاحاد وهى ايام العطله الرسميه

عليه فاذا انتهت مدة الاذن بالتفتيش لا يجوز اجراء التفتيش بناء عيه .

           سبب التفتيش .:

الى جانب الشروط الثلاثه السابقه نرى ضرورة اضافة السبب الذى يدعو للتفتيش فى الاذن , حتى يعلم الشخص تفتيشه سواء فى شخصه او تفتيش منزله السبب من التفتيش .فالسلطه المختصة باصدار أمر التفتيش عليها تبين السبب الذى من اجله يجرى التفتيش .

فالقضاء الامريكى يتطلب بيان الوقائع والظروف التى تعتبر سببآ معقولآ يبنى عليه الاذن بالتفتيش , فالانسان الذى تتعرض ممتلكاته لخطر التفتيش ينبغى أن يعلم على وجه التحديد الاساس الذى صدر الاذن بناءآ عليه .

تقتضى المادة (332) من قانون الاجراءات الايطالى أن امر التفتيش مسببآ , ونؤيد ما ذهب إليه بعض الفقهاء فى انه آن الاوان لكى ينتبه مشرعونا فى أن يكون امر التفتيش مسببآ لضمان وكفالة حريات الافراد .

وقد أرست سابقه حكومة السودان ضد محمد اوهاج حسين وجوب توضيح سبب التفتيش على وجه الدقه و التحديد .

الشروط الشكليه فى أمر التفتيش ::

إلى جانب الشروط الموضوعيه نرى ضرورة توافر بعض الشروط الشكلية في أمر التفتيش فامر التفتيش يجب أن يكون مكتوبا ومؤرخا وموقعا عليه ممن أصدره ويجب أن يكون صريحا في الدلالة على التفويض في مباشرة الجريمة (1).

والقانون السودانى يشترط الآتى :-

1- أن يكون بحضور صاحب المحل بل قد يكون بحضور من ينوب عنه او من له سلطة على المحل .

2- أن يكون موقعآ عليه من قاضى يأذن فيه للقيام به .

3- أن يكون بحضور شاهدين بقدر الامكان .

وسوف نناقش هذا الشرط الاخير فى فصل مستقل (1) عليه فان أمر التفيش يجب أن يكون يصدر من السلطه المختصه باصداره قانونآ وموقعآ عليه .

ونحن نتسال هل يشترط أن يكون امر التفتيش مكتوباً فى حالة إجرائه بحضور القاضي او وكيل النيابه طبقآ للمادة "78" والتى نصها (( يجوز لاى قاضى أو وكيل نيابه أن يأمر بإجراء تفتيش فى حضوره لاى مكان يكون مختصآ باصدار أمر تفتيش ...)) .

فنرى انه اذا كان التفتيش بحضور القاضي او وكيل النيابه فيجوز أن يكون أمر التفتيش شفاهة لرجال الشرطة على أن يتم بحضوره. متى يكون التفتيش تحت رقابته الشخصيه.

   مسؤولية رجل الشرطة عند إجراء التفتيش:

يثور التساؤل حول مدى مسئولية رجل الشرطة عند القيام بالتفتيش وخطأه في التفتيش خطأ من شأنه أن يضر بمصلحة من قام بتفتيشه، فهل يعتبر هذا الخطأ مسئولية تقصيرية (Tortious liability) ونحن نري أن خطأ رجل الشرطة والذي يكون بسوء نية يعتبر مسئولية تقصيرية إذا توافرت أركان المسئولية التقصيرية ويسأل رجل الشرطة عن ذلك كما يجوز للمضرور أن يطالب بتعويض. (2).
يذهب القضاء الإداري في مصر إلى تعزيز مبدأ وهو عدم مسئولية الدولة عن أعمال القضاء وأسا هذا المبدأ في نظر الفقه المصري هو حجية الأحكام واستقلال القضاء وحجة عملية وهي خشية عرقلة سير العدالة إذا تقررت المسئولية. (3)

وتشمل أعمال القضاء:

أولاً: أعمال القضاء:

سواء كانت المحاكم عادية أو إدارية أو استثنائية، سواء كانت أحكام قضائية بالمعنى الفني أوكانت أعمال تمهيدية للأحكام.

ثانياً: أعمال النيابة العامة:

وتدخل في نطاق الأعمال القضائية التي لا تسأل عنها الدولة مثل أعمال النيابة العامة في التحقيق ومباشرة الدعوى العمومية كالقبض والتفتيش والمصادرة والحبس الاحتياطي.

ثالثاً: أعمال الضبطية القضائية:

يفرق الفقه المصري بين أعمال الضبطية الإدارية والضبطية القضائية، فالدولة تسأل عن أعمال الضبطية الإدارية. أما الضبطية القضائية ولخروجها عن اختصاص القضاء الإداري باعتبارها أعمالاً قضائية ويميل القضاء المصري العادي إلى تقدير مسئولية الدولة عنها.
وقد قررت محكمة الإستئناف الوطنية المصرية في حكم لها في 10 ديسمبر 1932م مبدأ مسئولية الدولة عن أعمال الشرطة ورد فيه " ... فيما يتعلق بنظرية الحكومة بقياس أعمال الضبطية القضائية على أعمال القضاة من جهة وجوب حصانة رجالهم وعدم مسئوليتهم عن أعمالهم، إذا وقع منهم خطأ ضار بالافراد .

ترى هذه المحكمة عدم قبول هذه النظريه لان أساس عدم مسئولية الحكومة عن حكم القضاء هو حجية الاحكام من جهة ومن جهة أخرى فان أعمال رجال البوليس المتشعبه المتعددة ليس لها صفة ولاية القضاء بل أن وظيفتهم اداريه ..)

فى فرنسا كان القضاء يرى عدم مسؤولية الدولة أعمال الضبطة القضائيه إلا أن محكمة النقض الفرنسية ذهبت الى تقرير مسئولية الدولة عن أعمال الضبطية القضائيه ."3"

اما فى السودان والذى يعرف نظام القضاء الموحد على عكس مصر التى تاخذ بنظام القضاء المزدوج حيث تختص المحاكم فى السودان بنظر المنازعات العاديه والاداريه .

فقد أرست محاكمنا سابقه قضائيه تؤكد عدم مسئولية الدولة عند الخطا فى التفتيش وبحسن نية . وقد جاء فى هذه السابقه ( حكومة السودان ووزارة الداخلية ضد الصادق ضو البيت مجلة 1972 ص 52 )) أرست هذه السابقة هذا المبدأ :-

(( لا تعتبر الدوله مسئولة عن خطأ الشرطة عند تنفيذ امر صادر من المحكمة اذا وقع ذلك الخطأ بحسن نية )) .

  = وتتلخص وقائع هذا هذة القضيه فى أن البوليس استصدر أمر بتفتيش منزل المدعو (الصادق على الفكى ) وعند وصولهم الى حيث يقع المنزل سألوا عن المنزل فدلهم احد الماره على منزل المدعى .

جاء فى البينه أن المدعى القى نظرة على أمر التفتيش وسمح للبوليس بالدخول وبعد التفتيش تم اكتشاف الخطأ . فى هذه القضيه حكم القاضي الجزئى بان يدفع مقدموا الطلب (( جمهورية السودان )) للمقدم ضده الطلب مبلغ مائه وخمسون جنيه لتعويضه عن الضرر الذى لحق به من جراء تفتيش رجال الشرطة لمنزلة عن طريق الخطأ .

وورد فى الحكم وبعد استقراء البينات ما يلى (( انى أرى عدم وجود اى مسئولية ضد الدولة حتى ولو صدقنا رواية المدعى , فالبوليس هنا ينفذ أمر صادر من محكمة مختصة بموجب المادة (44) عقوبات فلا يجوز مساءلتهم جنائيآ عن اى تصرف صدر عنهم عن طريق الخطأ ولكن بحسن نية فى سبيل تنفيذ ذلك الأمر القضائى )) .

انتهت محكمة الاستئناف إلي اللغاء حكم محكمة الموضوع وشطب الدعوى برسومها .

من خلال استعراض هذه السابقة يتضح لنا أن مسئولية الشرطة عند الخطأ فى اجراء التفتيش مبنية على سوء نية الشرطي عند إجراءه للتفتيش – آما إذا كان رجل الشرطة حسن النية فلا مسئولية . لانه يقوم بأداء واجبه .

وعليه فاذا تعمدت الشرطة عند إجراء التفتيش مع علمها بان المكان المراد تفتيشه هو ليس المكان الذى قامت بتفتيشه . فإنها تكون مسؤولة عن هذا الخطا العمدي .

وقد أثار البروفسير كرشنا فاسديفى مسالة الخطأ في التفتيش فقال :-

(Suppose the police have been issued with a warrant to search the Premisese of ``A`` at NO 244 Sharia Elgamma but by mistake they search the premiseses of ``B`` ,without any objection on his part , at NO 144 Sharia Elgamma and find a quantity of stolen goods .

Can the evidence discovered be used in the Prosecution of ``B`` or can it be argued that evidence having been obtained illegally ought to be excluded) (1)

((فللنفترض انه اصدر امر لشرطى بتفتيش منزل (ا) رقم 244 شارع الجامعه ولكن عن طريق الخطا فتشوا منزل (ب) رقم 144 شارع الجامعه دون أي اعتراض من صاحبه ,وعثروا علي كميه من الامتعه المسروقه . هل يمكن استخدام البينه المتحصل عليها في دعوي (ب),او أن يتم استبعاد تلك البينه لأنه تم الحصول عليها بطريقه غير قانونيه ))

فقد تعرض البروفيسر فاسديف لمسأله الخطأ في التفتيش و تساءل عن مدي مشروعيه وقانونيه استخدام البينه غير المشروعه ..إلا انه لم يتعرض لمسؤوليه الشرطي عند الخطأ في اجراء التفتيش . إلا انه اشار الي أن القاضي التيجانى الطيب قد تنبه لهذه المساله في سابقه بابكر محمد بابكر إلا انه لم يشرع في الاجابه علي هذه المسأله .

للاجابه عن مسؤوليه الشرطي في مثل هذه الحالة فقد نصت الماده (144) من قانون المعاملات المدنيه 1984 علي الاتي :-

(( لا يكون الموظف العام مسئولا عن فعله الذي بالغير اذا قام به تنفيذا لأمر صدر إليه من رئيسه ,متي كانت اطاعه هذه الاوامر واجب عليه أو كان يعتقد مشروعيه الفعل الذي وقع منه وكان اعتقاده مبنيا علي اسباب معقوله وانه راعي في عمله جانب الحيطه والحذر الازمين )).

عليه فان الشرطي لا يسأل متي ما كان حسن النيه وتوخي الحذر والحيطه عند قيامه بعمله.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 728 مشاهدة
نشرت فى 14 ديسمبر 2011 بواسطة ashrafassy

ساحة النقاش

أشـــرف محمـــد عـاصـــــى

ashrafassy
"إن المحاماة عريقة كالقضاء ، مجيدة كالفضيلة ، ضرورية كالعدالة ، هي المهنة التي يندمج فيها السعي إلى الثروة مع أداء الواجب حيث الجدارة والجاه لا ينفصلان ،المحامي يكرس حياته لخدمة الجمهور دون أن يكون عبداً له، ومهنة المحاماة تجعل المرء نبيلاً عن غير طريق الولادة ، غنياً بلا مال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,468,323