الألعاب الخطرة
◆ ما حكم الألعاب الخطرة التي تؤدي إلى هلاك النفس؟
◆◆ الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد..
فإن الإسلام أباح الألعاب الرياضية المفيدة التي تحقق للإنسان منفعة في بدنه أو جسمه، ولعل ذلك داخل في ظلال قوله صلى الله عليه وسلم: «فإن لجسدك عليك حقاً» أخرجه البخاري، وقوله: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ»، رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
لكن يشترط في هذه الرياضة ألا تتسبب بأذى أو ضرر عاجلا أو آجلا، وألا تؤدي إلى تفويت واجبات أو ضياع حقوق، وألا يرافقها محرم، فإن لم تتحقق فيها تلك الشروط أو أحدها، لم يجز ممارسة تلك الرياضة، كالرياضات التي تعتمد الضربات القاضية أو المؤذية، فإن أدت إلي هلاك النفس صارت محرمة بلا خلاف، وقد قال تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) «الأنعام:151»، قال الإمام القرطبي: (وهذه الآية نهيٌ عن قتل النفس المحرّمةِ، مؤمنةً كانت أو معاهدة إلا بالحق الذي يوجب قتلها)، أي مثل القصاص من القاتل الذي يقوم به ولي الأمر. والله أعلم.
تحصين الطفل وترشيد لعبه
◆ ابني يبلغ من العمر حوالي ثلاث سنوات ونصف، فهل عليّ إثم إذا تركته يتابع أفلاما كرتونية لشخصية تستخدم ساعة للتحول إلى محارب للأشرار، وهذه الساعة تباع في المحلات، مع ملاحظة أن ابني قد يحاول تقليد ما يشاهده فهو لا يدرك أن هذا مجرد خيال؟
◆◆ نسأل الله العلي القدير أن ييسر لك حسن تربية ابنك وأن يحفظكم ويبارك فيكم، ويجوز أن تتركي ابنك يشاهد أفلام الكرتون المذكورة إذا لم تخش عليه ضررا ما دام محتواها يدور حول ترسيخ حب الخير وترسيخ بغض الشر. والذي ننصحك به في إطار حسن تربية الولد الصغير:
- حصني ولدك صباحا ومساء بما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحصن به الحسن والحسين رضي الله عنهما عندما كانا صغيرين، ففي المستدرك على الصحيحين للحاكم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين، يقول: «أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة»، ثم يقول: «هكذا كان يعوذ إبراهيم ابنيه إسماعيل وإسحاق».
- لا تتركي ولدك يلعب بالأدوات الحادة أو يقوم بالألعاب الخطيرة، وابحثي عن طريقة مناسبة حتى يفهم أن هنالك فرقا بين الواقع وبين ما يشاهده من حركات في برامج الرسوم والألعاب الإلكترونية.
- وجهي ولدك أكثر إلى الألعاب التي تتطلب مجهودا ذهنيا وبدنياً رياضياً، وينبغي مراقبته وترشيده في الألعاب التي تتطلب الحركة حتى يتعود على الحذر من الإصابات.
- عندما يكبر ويكون قادرا على الفهم خصصي وقتا في اليوم ولو قليلا للحديث معه وأسمعيه قصصا قصيرة تكون لها قيمة تربوية، والله تعالى أعلم.
حكم نقل الأعضاء
◆ ما هو حكم نقل الأعضاء ورفع الأجهزة عن المريض الذي في حكم الميت.. وهل يجوز للمريض المسلم أن يعمل بقول الطبيب غير المسلم في المسائل المتعلقة بالأمراض المستعصية، حيث يشير بأن المريض ميت الدماغ، فيقرر جواز نزع أعضائه الحيوية كالقلب والكبد لزراعتها في مريض آخر، أو يشير أن المريض المسلم في حالة مرضية مستعصية، فيقرر أنه من غير المناسب تقديم الإجراءات الطبية الإسعافية والإنعاشية في حال اضطراب وظيفة القلب والتنفس، ويثبت في ملف المريض الأمر بعدم تقديم هذه الإجراءات؟ أرجو تقديم الفتوى الشرعية مع بيان مدى توافقها مع الموقف القانوني الرسمي في دولة الإمارات العربية المتحدة؟
◆◆ إجابة هذا السؤال تتضمن ثلاث مسائل وهي:
الأولى: نزع الأعضاء من مريض في حكم الموت إلى مريض آخر ترجى حياته، نص العلماء المعاصرون على أنه يجوز نقل الأعضاء من ميت أو من هو في حكم الميت: «موت الدماغ، وتوقف القلب»، وذلك بشرط أن يأذن الميت قبل موته أو ورثته بعد موته، أو بشرط موافقة ولي أمر المسلمين إن كان المتوفى مجهول الهوية أو لا ورثة له.
الثانية: رفع الأجهزة عن الشخص الميئوس من حياته: «موت الدماغ وتوقف القلب والتنفس»، أجاز أغلــب العلماء المعاصــرين رفع أجهزة الإنعاش المركبة على الشخص الذي يئس من حياته بشرط أن يحكم الأطباء بأن هذا التوقف لا رجعة فيه.
الثالثة: إخبار الطبيب غير المسلم والاعتماد على خبرته، خاصة في الحالات الطبية الحرجة والخطيرة: نعم أجاز الفقهاء الاعتماد على خبرة غير المسلم في الطب بشرط أن يكون ماهرا بالطب ومشهورا بذلك بين أقرانه أهل الاختصاص، وأن لا يوجد من هو أولى منه في الطب مسلما، قال العلامة المواق رحمه الله تعالى في كتابه التاج والإكليل: «يحكم بقول الطبيب النصراني وغير العدل فيما اضطر فيه لقوله من جهة معرفته بالطب.اهـ».
أما الموقف القانوني من المسألة فهو من اختصاص الجهات القانونية في الدولة. والله أعلم.
من أحكام السلس
◆ لأسباب مرضية أعاني من سلس البول ومن سلس المذي من غير شهوة، فهل هذا السلس ينقض وضوئي؟ وما حكم ما يصيب ثيابي من ذلك؟
◆◆ السلس المذكور لا ينقض الوضوء، فإذا تطهرت وتوضأت ثم قمت إلى الصلاة فلا يؤثر في طهارتك ما تحس به من نزول قطرات من البول ولا المذي الخارج بدون شهوة، ولك أن تصلي بوضوئك ما شئت ما لم ينتقض بناقض آخر غير البول والمذي، قال العلامة النفراوي رحمه الله في الفواكه الدواني: (الخارج من القبل أو الدبر على وجه السلس الملازم لصاحبه ولو نصف الزمن فإنه لا ينقض، لكن يستحب منه الوضوء إن لازم جل الزمن أو نصفه إلا أن يشق)، فإن شق فلا يستحب تجديد الوضوء له.
وعليك التحفظ ما استطعت من البول ولا يجب عليك تطهير ما يصيب ملابسك في كل وقت، قال العلامة خليل رحمه الله: (وعفي عما يعسر كحدثٍ، قال العلامة الحطاب في مواهب الجليل شارحا: (ونكره ليعم كل حدث وسواء أصاب الثوب أو البدن). والله تعالى أعلم. وبذلك فإن السلس لا ينقض الوضوء، وعليك التحفظ ما استطعت ولا حرج في ما يصيب الثوب من ذلك، ولك أن تصلي بوضوئك ما شئت ما لم ينتقض بناقض آخر غير البول والمذي والمستحب أن تتوضأ لكل فريضة، والله تعالى أعلم.
ساحة النقاش