أحمد محمد - من أسماء الله الحسنى «البصير»، وهو المبصر لجميع المبصَرات، فالله سبحانه وتعالى يبصر كل ما في الكون، هو الذي يشاهد الأشياء كلها، ظاهرها وخفيها من دون جارحة، والبصير هو المدرك لجميع المرئيات من الأشخاص والألوان مهما لطفت أو بعدت، فلا تؤثر على رؤيته الحواجز والأستار، وهو دال على ثبوت صفة البصر له سبحانه على الوجه الذي يليق به.
ويعني كذلك أنه ذو البصيرة بالأشياء الخبير بها، يبصر كل شيء كبر أو صغر، يبصر ما تحت الأرض وما فوق السماء وما في أعماق البحار.
السميع والخبير
ورد اسم الله «البصير» في أكثر من خمسين آية، معرفاً ومنوناً، ومقترناً باسمي السميع والخبير، فمن الآيات التي ورد فيها قوله تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير)، «الإسراء، 1»، (والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء إن الله هو السميع البصير)، «غافر 20»، وقوله سبحانه: (إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير) «غافر، 56»، وقوله: (الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير) «الحج، 75».
وقوله تعالى: (وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا)، «الفرقان، 20»، وقوله: (إنه بعباده خبير بصير)، «الشورى، 27»، وقوله: (وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا)، «الإسراء، 17».
وورد اسم الله البصير في السنة في قوله صلى الله عليه وسلم: (.. إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ولكن تدعون سميعا بصيرا).
العقيدة
فالله جل جلاله هو «البصير» المتصف بالبصر، و«البصير» صفة من صفات ذاته، تليق بجلاله، يجب إثباتها لله دون تمثيل أو تكييف أو تعطيل أو تحريف، في علم العقيدة يجب إثباتها من دون تمثيل، ولا تكييف، ولا تعطيل، ولا تحريف، السر عنده علانية، والغيب عنده شهادة، والله عز وجل يبصر جميع الموجودات في عالم الغيب والشهادة، فهو الذي يبصر جميع الموجودات في عالم الغيب والشهادة ويرى الأشياء كلها مهما خفيت أو ظهرت ومهما دقت أو عظمت، وهو سبحانه وتعالى مطلع على.
وهو البصير الذي يمن على المؤمنين بكرمه وفضله وينعم عليهم بلقائه ورؤيته، ولا يكلم الكافرين ولا ينظر إليهم بلطفه ورحمته، فهم مخلدون في العذاب محجوبون عن رؤيته.
والله سبحانه: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير) «الأنعام، 103»، لا تراه في الدنيا العيون ولا تخالطه الظنون ولا تغيره الحوادث والسنون، لا تواري عنه سماء سماء ولا أرض أرضاً، ولا جبل ما في وعره ولا بحر ما في قعره، «يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور» «غافر، 19».
ومن معاني البصير أي الخبير بأحوال البشر وأفعالهم، الذي أحاط بصره بجميع المبصرات في أقطار الأرض والسموات، فيرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، وجميع أعضائها الباطنة والظاهرة، وسريان القوت في أعضائها الدقيقة.
ويرى سريان المياه في أغصان الأشجار وعروقها، وجميع - النباتات على اختلاف أنواعها وصغرها ودقتها، ويرى نياط عروق النملة والنحلة والبعوضة وأصغر من ذلك.
السموات العلا
فهو سبحانه وتعالى البصير الذي يشاهد الأشياء كلها، ظاهرها وخفيها، يشاهد ويرى ولا يغيب عنه ما فوق السموات العلا أو ما تحت الثرى، وقال ابن القيم، وهو البصير يرى دبيب النملة السوداء تحت الصخر الصوان ويرى مجاري القوت في أعضائها، ويرى عروق بياضها، ويرى خيانات العيون بلحظها ويرى تقلب الأجفان.
وهو الذي أحاط بصره بجميع المبصرَات في أقطار الأرض والسماوات، فلا يغيب عنه شيء (وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين)، «يونس، 61».
ساحة النقاش