رغم الطفرة المفاجأة في استخدامات وسائل الإعلام الجديد، بما في ذلك الإقبال المنقطع النظير على مواقع الفيديو ومبيعات الأفلام عبر الإنترنت، هذا عدا الفضائيات، بينت إحصاءات العام المنصرم في دول أوروبا الشمالية استمرار نمو الإقبال على صالات السينما، لدرجة سجلت فيها مبيعات التذاكر خلال العام الماضي أرقاماً تاريخية جديدة بكل معنى الكلمة، في ألمانيا وهولندا والدنمارك، وذلك على الرغم من هيمنة إنتاج هوليود على شاشة السينما.
إلياس البراج - كشفت أحدث الإحصاءات المتخصصة في مجال صناعة الأفلام وإيرادات شباك تذاكر الأفلام السينمائية، عن أن إيرادات تذاكر الصالات في ألمانيا تجاوزت في العام الماضي مبلغ 1,3 مليار دولار وهو الأكبر على الإطلاق وبارتفاع نسبته 8 % عن العام 2011، وذلك وفقاً تقرير لشبكة «هوليوود ريبورتر».
وبينما انخفضت إيرادات الأفلام الألمانية بنسبة تزيد على 20%، فإن ما دفع السوق نحو سقف غير مسبوق هو أفلام شركات إنتاج أجنبية.
فوق أرقام شبه رسمية عن سوق الصالات الألمانية، حقق فيلم «سكايفال» (هبوط السماء) من إنتاج «سوني بيكترز» ربحاً مقداره 83 مليون دولار في حين بلغت عائدات فيلم بيتر جاكسون «ذي هوبيت- عطلة غير متوقعة» 60 مليون دولار، والكوميديا الفرنسية المحظور مسهم «انتوتشــيبلز» 82 مليوناً، ليعوضوا بذلك جميع الخسائر التي أصابت الصالات بسبب بطولة كرة القدم الأوروبية والألعاب الأولمبية في لندن وليؤكدوا موقع ألمانيا الثابت في هذا القطاع خلافاً لعدم استقراره في عدد آخر من الدول الأوروبية الجنوبية.
الصالات الألمانية
وقدرت أرقام شركة «رينتراك» التي لا تضم إيرادات فترة ما قبل العرض، مبيعات شباك التذاكر الألماني بـ 1.29 مليار دولار (985 مليون يورو) للفترة بين 29 ديسمبر 2011 و30 ديسمبر 2012. ومع إضافة تقدير لإيرادات ما قبل العرض قال تقرير «هوليود ريبورتر» ترتفع مجمل إيرادات الصالات الألمانية إلى أكثر من مليار يورو (1.32 مليار دولار) وهو الأول على الإطلاق تاريخياً، فيما بلغ عدد التذاكر المباعة 127 مليون تذكرة بزيادة 5% عن 2011.
وشملت قائمة الأفلام التي حققت عائدات لافتة «حكمة الشفق: كسر الفجر» بجزئه الثاني الذي حقق 37.5 مليون دولار وفيلم الكرتون ثلاثي الأبعاد: عصر الجليد: الانجراف القاري (68 مليوناً) و«مدغشقر3: أوروبا الأكثر طلباً» (30 مليوناً).
ويتوقع أن تتأكد هذه الأرقام رسـمياً من قبل «مجلس السينما الألماني» في فبراير القادم وذلك قبيل انعقاد مهرجان برلين للسينما، وعادة ما تزيد أرقام المجلس بما بين 50 إلى 60 مليون دولار عن أرقام شركة «ريتراك».
الأفلام المحلية
ولكن الأداء الممتاز للأفلام الأجنبية لم يكن نفسه للأفلام المحلية التي سجلت إيراداتها انخفاضاً، وحقق فيلم «اللغة التركية للمبتدئين» الكوميدي الذي يتحدث عن الصدام الثقافي رقماً لافـتاً بلغ 21,5 مليون دولار، ولكنه كان الفـيلم الـوحيد باللغة الألمانية إنتاج «كسطنطين فيلم» الذي باع أكثر من مليون تذكرة دخول العام الماضي، ففيلم «حتى الحراس» مـن فــئة الإثـارة والأكشن الوحيد، وهو من بطولة النجم الألماني تيل شويغر، لم ينجح في الوصول إلى رقم المليون، إذا باع فقط 708 آلاف تذكرة بعائد 7,35 مليون دولار.
ووفقاً لمصدر الإحصاءات نفسه، فقد تراجعت إيرادات الأفلام الألمانية 20.8% ومثلت 13.7 % من مجمل عائدات الصالات نزولاً من 18.9% قبل عام.
الشاشات الرقمية
وفي هولندا استمرت إيرادات الصالات بتسجيل أرقام قياسية للعام الثاني على التوالي، حيث بلغت 322 مليون دولار أميركي مقارنة بـ 240 مليوناً في 2011 أي بارتفاع 0,6%، وهو أعلى رقم يسجل منذ أكثر من ثلاثة عقود، علماً أن متوسط أسعار التذاكر زاد 1,5%.
وقال محللون إن الأداء القوي في مبيعات شباك التذاكر الهولندي «يعكس الانقسام التنامي بين مناطق دول شمال أوروبا، التي تضم المملكة المتحدة وألمانيا والدول الاسكندنافية، ودول جنوب أوروبا، وخاصة إسبانيا وإيطاليا واليونان والبرتغال التي تلقت اقتصاداتها ضربات قوية بسبب الأزمة المالية المستمرة هناك». وبينما كان سجل نموا في السنوات القليلة الماضية، تراجع سوق الأفلام الهولندية الإنتاج بحدة بسبب هيمنة الأفلام الهوليودية على الشاشات، وكما في ألمانيا احتل فيلم «هبوط السماء» المرتبة الأولى بـ 23 مليون دولار، في حين جاء فيلم هولندي واحد، وهو «طريقة العائلة» الرومانسي الكوميدي، ضمن العشرة الأوائل من حيث العائدات، محققاً 7.9 مليون دولار، وكانت حصة جميع الأفلام المحلية ما نسبته 16.3% من مجمل العائدات نزولاً من 22.3 % عن 2011.
يُذكر أن هولندا أصبحت في 2012 من قلة من الدول التي حوّلت جميع شاشاتها إلى النظام الرقمي، إضافة إلى كل من النرويج ولوكمسبرج وهونج كونج، وذلك وفق مشروع قدّرت الحكومة الهولندية كلفته بنحو 72 مليون دولار.
إنتاج دنماركي
وفي الدنمارك كذلك سجّلت إيرادات شباك التذاكر بدورها في 2012 أفضل رقم قياسي في ثلاثين عاماً بلغ 14.2 مليون تذكرة في بلد سكانه فقط 5.5 مليون نسمة مع هيمنة إنتاج هوليوود، حيث جاء «هبوط السماء» أولاً محققاً 14.7 مليون دولار ليصبح بذلك أعلى فيلم من حيث الإيرادات على الإطلاق تعرفه صالات الدنمارك في تاريخها، تلاه «هوبيت: رحلة غير متوقعة» الذي نال نحو 10 ملايين دولار و«ظهور فارس الظلام» مع 9.6 مليون دولار.
فيلم «الحياة»
لاقى فيلم «الحياة» المنتج محلياً الذي يتناول قصة من العصر النازي من إخراج آن - غريتي بجاروب رييس، أكبر نجاح محققاً 9،4 مليون دولار من السوق المحلي، تلاه فيلمان آخران من إنتاج الشمالي الاسكندنافي، الأول «كل ما تحتاج هو الحب» لسوزان بيير (7,2 مليون دولار)، و«القضية الملكية» لنيكولا أرسيل، كما تميز العام الماضي بعدة أفلام لافتة للسينما الدنماركية منها «أب لأربعة - في البحر».
ساحة النقاش