أحمد محمد
“المؤمن” هو الذي يؤمّن أولياءه من عذابه، خالق الطمأنينة في القلوب، واسم “المؤمن “ جاء منسوبا إلى الله تبارك وتعالى في القرآن مرة واحدة فهو عز وجل كما وصف نفسه: (هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون).
“المؤمن” اسم ووصف للحق تعالى له معان متعددة منها أنه مؤمن بكل ما دعانا إلى الإيمان به، بأنه موجود، وموصوف بصفات الكمال المطلق، واحد أحد، لا إله هو، حيث قال: (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم)، والمؤمن يؤّمن عباده من كل خوف كما قال سبحانه: (لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)، وقال أيضاً: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون)، وقال عز وجل: (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمناً واجنبني وبني أن نعبد الأصنام)، فاستجاب الله لدعوة أبي الأنبياء فقال: (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين، فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين).
وهو سبحانه يؤّمن عباده من مخاوف الدنيا ويؤّمنهم من عذاب جهنم، ويبعثهم يوم القيامة آمنين من الفزع، وذلك بدعوته عز وجل لهم للإيمان به والالتزام بطاعته.
والله المؤمن هو الذي صدّق نفسه وصدّق عباده المؤمنين، فتصديقه لنفسه علمه بأنه صادق، وتصديقه لعباده علمه بأنهم صادقون، يعطى الأمان لمن استجار به واستعان، والمؤمن الذي وحد نفسه.
التأمين من الظلم
وذكر الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني في كتابه “أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة” أن المؤمن هو الذي أمن الناس ألا يظلم أحداً من خلقه وأمن من آمن به من عذابه، فكل سينال ما يستحق، قال تعالى:(إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما)، هو الذي يجير المظلوم من الظالم، بمعنى يؤمنه من الظلم وينصره، كما قال تعالى: (قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون).
واسم الله المؤمن يدل على ذات الله وعلى صفة الصدق، ويدل الاسم على لزوم القيومية والسمع والبصر والعلم والعدل والحكمة والعظمة والقوة والقدرة والعزة على اعتبار أن هذه الأوصاف لازمة للمؤمن.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اللهم من آمن بك وشهد أنى رسولك فحبب إليه لقاءك وسهل عليه قضاءك وأقلل له من الدنيا ومن لم يؤمن بك ويشهد أنى رسولك فلا تحبب إليه لقاءك ولا تسهل عليه قضاءك وأكثر له من الدنيا”.
وقال القرطبي في “الجامع لأحكام القرآن”، المؤمن أي المصدق لرسله بإظهار معجزاته عليهم، ومصدق المؤمنين ما وعدهم به من الثواب، ومصدق الكافرين ما أوعدهم من العقاب.
وقال مجاهد، المؤمن الذي وحد نفسه بقوله:(شهد الله أنه لا إله إلا هو)، وقال ابن عباس: إذا كان يوم القيامة أخرج أهل التوحيد من النار وأول من يخرج من وافق اسمه اسم نبي، حتى إذا لم يبق فيها من يوافق اسمه اسم نبي قال الله تعالى لباقيهم أنتم المسلمون وأنا السلام، وأنتم المؤمنون وأنا المؤمن، فيخرجهم من النار ببركة هذين الاسمين.
نعمة الأمن
والله تبارك وتعالى مؤمن بكل ما دعانا إلى الإيمان به، فهو مؤمن أنه موجود، ومؤمن بأنه موصوف بصفات الكمال المطلق، ومؤمن بأنه واحد أحد، وأنه لا إله سواه، ويصدق رسله، بعث النبي محمدا رسولا، وجعل الناس يصدقونه بالمعجزات التي أجراها على يديه، وهكذا باقي الأنبياء.
والمؤمن يصدق أوليائه بإظهار الكرامة على أيديهم، ويصدق مع عباده المؤمنين في وعده ويصدق ظنونهم ولا يخيب آمالهم، وعند البخاري عن أبي هريرة “أنا عند ظن عبدي بي”، وعن ابن عمر، “قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة على درجة الكعبة فحمد الله وأثنى عليه وقال: الحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده”
قال ابن كثير الذين اخلصوا العبادة لله وحده، ولم يشركوا به شيئا هم الآمنون يوم القيامة، المهتدون في الدنيا والآخرة.
وثبات قوانين الكون يعطي الاطمئنان، الشمس ثابتة في شروقها وغروبها، وكذا دورة الأفلاك القمر والليل والنهار، وخصائص المواد كلها ثابتة، فالبذور لن تزرع مادة فتنتج أخرى، فثبات الخصائص يهب الأمن للناس.
فالأمن نعمة من الله والخوف ابتلاء منه كما في قوله تعالى:(ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين)، فأعظم النعم بعد الإيمان العافية والأمن، فالأمن ضد الخوف، الأمن طمأنينة القلب وسكينته وراحته وهدوءه، فلا يخاف الإنسان مع الأمن على الدين، ولا على النفس، ولا على العرض، ولا على المال، ولا الحقوق، تنبسط معه الآمال، وتطمئن النفوس، وتتعدد أنشطة البشر النافعة، ويتبادلون المصالح والمنافع.
ساحة النقاش