قال - صلى الله عليه وسلم-: “يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، شهر جعل الله صيامه فريضة وقيام ليله تطوعاً، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزاد في رزق المؤمن فيه، وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار”، وهو الشهر الذي تُفَتَّح فيه أبواب الجنة، وتُغلق فيه أبواب النار، وتُقيد الشياطين، وتُجاب فيه الدعوات، وتُرفع فيه الدرجات، وتُغفر فيه السيئات، ويباهي الله بكم ملائكته، كما جاء في الحديث الشريف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: “أتاكم رمضان شهر بركة فيه خير يُغشيكم الله فيه، فتنزل الرحمة، وتُحط الخطايا، ويُستجاب فيه الدعاء، فينظر الله إلى تنافسكم، ويباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيراً، فإن الشقي من حُرِم فيه رحمة الله عز وجل.

مزايا

لقد أكرم الله سبحانه وتعالى الأمة الإسلامية في هذا الشهر المبارك، فها هو رسولنا - صلى الله عليه وسلم - يعدد مآثر هذه الأمة في هذا الشهر المبارك، ويذكر عدداً من المزايا التي حفل بها هذا الشهر العظيم، فقد ورد في الحديث أنه قد أُعطيت لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - خمس خصال في شهر رمضان لم تُعْطَ لغيرهم، حيث يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: “أُعطيت أمتي في شهر رمضان خمساً لم يعطهن نبي قبلي، أما واحدة، فإنه إذا كان أول ليلة من شهر رمضان المبارك نظر الله عز وجل إليهم ومن نظر إليه لم يعذبه أبداً، وأما الثانية، فإن خلوف أفواههم حين يمسون أطيب عند الله من ريح المسك، وأما الثالثة، فإن الملائكة تستغفر لهم في كل يوم وليلة، وأما الرابعة، فإن الله عز وجل يأمر جنته، فيقول لها استعدي وتزيني لعبادي أوشك أن يستريحوا من تعب الدنيا إلى داري وكرامتي، وأما الخامسة، فإنه إذا كان آخر ليلة غفر الله لهم جميعاً، فقال رجل من القوم: أهي ليلة القدر؟ قال: لا، ألم ترَ إلى العمال يعملون، فإذا فرغوا من أعمالهم وفوا أجورهم”.

 

إن الصوم يبعث في النفوس قوة العزيمة ويحملها على التخلق بخلق الصبر الذي هو للمؤمنين خير زاد، وللنصر أقوى عماد، وفيه يشعر الصائم بوجوب التعاطف والتراحم بين المؤمنين وبقوة الترابط والوحدة بين المسلمين، إذ هم جميعاً يُمْسكون عن الطعام والشراب في وقت واحد ويتناولون فطورهم في وقت واحد ويعبدون إلهاً واحداً ويتجهون إلى قبلة واحدة يمجدون فيها الواحد الغفار.

 

بركة السحور

عند دراستنا لسيرة نبينا - صلى الله عليه وسلم - نجد أن من هديه - صلى الله عليه وسلم - في رمضان، أنه كان يتسحر ويمدح السحور لقوله - صلى الله عليه وسلم - “تسحروا فإن في السحور بركة”، (أخرجه ابن ماجه).

وسبب البركة أنه يقوي الصائم وينشطه ويهون عليه الصيام، ويتحقق بكثير الطعام وقليله ولو بجرعة ماء لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم-: “السحور أكله بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء، فإن الله عز وجل وملائكته يصلون على المتسحرين”، (أخرجه أحمد)، وبركة السحور المراد بها البركة الشرعية والبركة البدنية، أما البركة الشرعية: فمنها امتثال أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - والاقتداء به - صلى الله عليه وسلم - في أقواله وأفعاله، كما ورد في الحديث السابق، وأما البركة البدنية فمنها تغذية البدن وتقويته على الصوم، وسبب البركة أن السحور يقوي الصائم وينشطه ويهون عليه الصيام، ويتحقق بكثير الطعام وقليله ولو بجرعة ماء، لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: “السحور أكله بركة، فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء”.

الدعاء عند الفطر

الدعاء مخ العبادة، ومن المعلوم أن الله عز وجل جعل آية الدعاء بين آيات الصيام لأن الدعاء في أيام الصيام أقرب إلى الاستجابة، فقد روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: “إن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد”، (أخرجه ابن ماجه)، وكان عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - يقول إذا أفطر: “اللهم إني أسألك برحمتك، التي وسعت كل شيء، أن تغفر لي”، (أخرجه ابن ماجه)، وثبت أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: “اللهم لك صمنا وعلى رزقك أفطرنا، فتقبل منا إنك أنت السميع العليم”، (أخرجه الدارقطني)، كما كان - صلى الله عليه وسلم - يقول أيضاً: “ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله”، (أخرجه الدارقطني)، لذلك يجب على الصائم أن يتوجه إلى الله بالدعاء، لأن من الثلاثة الذين لا ترد دعوتهم .. الصائم حتى يفطر.

من المعلوم أن رسولنا - صلى الله عليه وسلم - كان يكثر من الصلاة والتهجد في شهر رمضان المبارك، حيث كان - صلى الله عليه وسلم - يقوم ليله، فمن المعلوم أن صلاة التراويح شرعت في شهر رمضان المبارك، وهي من أفضل العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى خالقه في هذا الشهر المبارك.

وقد رغب النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه الصلاة وفيما يشبهها من صلاة الليل، في أحاديث كثيرة، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة، أي من غير أن يأمرهم أمراً مؤكداً، كما يأمر بأداء الفرائض، فيقول من: “قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه”.

العمرة في رمضان

لقد رغَّب الرسول - صلى الله عليه وسلم - المسلمين بالاعتمار في شهر رمضان، حيث بيّن عليه الصلاة والسلام بأن عمرة في رمضان تعدل حجة معه، فقد ورد أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: “… فإن عمرة في رمضان تقضي حجة معي”.

هذا هو هديه - عليه الصلاة والسلام - في هذا الشهر المبارك، وهو دعوة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بضرورة السير على هديه - عليه الصلاة والسلام - فلا زال حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتردد على مسامعنا: “تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وسنتي”.

د. يوسف جمعة سلامة

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 83 مشاهدة
نشرت فى 31 يوليو 2012 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,217,786