أحمد محمد

“الودود” أحد أسماء الله الحسنى، محبب إلى القلوب، يستشعر العبد معه الإحساس بالحب والعطف والحنان والقرب من الله عز وجل، فالله هو الودود ذو إحسان كبير على مخلوقاته، بإنعامه عليهم وإكرامه للإنسان واستخلافه.

واسم الله الودود يدل على ذات الله وعلى صفة المحبة والود، ويدل على الحياة والقيومية، والرحمة والمعية، والعطاء والمحبة، واللطف والرأفة، وغير ذلك من أوصاف الكمال.

“الودود” سبحانه هو المحب لرسله وأوليائه المتودد إليهم بالمغفرة والرحمة، فيرضى عنهم ويتقبل أعمالهم ويوددهم إلى خلقه بأن يحبهم ويحببهم إلى عباده، كما قال تعالى: “إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً” “مريم:96”، فالود الخاص لعباده المؤمنين، وهذه الآية تجعل العبد يذوب شوقاً للودود سبحانه وتعالى، وكلمة سيجعل هنا بمعنى ممتد في الدنيا والآخرة.

اسم الله الودود ورد دالاً على كمال الوصفية، وجاء في القرآن الكريم مرتين قال تعالى: “واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود”، “هود:90”، وقوله تعالى: “إنه هو يبدئ ويعيد، وهو الغفور الودود”، “البروج 13و14”.

والمودة من أبواب المحبة التي تتضمن التمني مع اتخاذ الأسباب الموصلة إلى المحبوب، كما ورد في قوله تعالى: “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون” “الروم:21” وقوله: “عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم” “الممتحنة:7”.

كثرة الإحسان

وعند البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلاناً فأحببه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض”.

وقال ابن عباس رضي الله عنه، الودود هو الحبيب المجيد الكريم. والله عز وجل ودود يؤيد رسله وعباده الصالحين بمعيته الخاصة، فلا يخيب رجاءهم ولا يرد دعاءهم وهو عند حسن ظنهم به، وهو الودود لعامة خلقه بواسع كرمه وسابغ نعمه، يرزقهم ويؤخر العقاب عنهم لعلهم يرجعون إليه.

يقول أهل العلم إن من معاني اسم الله الودود أيضاً، المحب لأهل الإيمان والعمل الصالح وأهل طاعته، المحبوب من عباده لكثرة إحسانه، وقضية حب الله ورسوله هي قضية الدين كما قال تعالى “والذين آمنوا أشد حباً لله”، والود هو خالص المحبة فهو جل وعلا ودود، ومعناه أنه محبوب وأنه محب، فهو يشمل الوجهين.

ويقول الغزالي، الودود هو الذي يحب الخير للجميع فيحسن إليهم ويثني عليهم، وهو قريب من معنى الرحيم.

ويقول القشيري، فأما معنى المحبة في صفة الحق سبحانه وتعالى لعباده فتكون بمعنى رحمته وإنعامه عليهم، فيجب على كل مكلف أن يعلم أن الله سبحانه وتعالى هو الودود على الإطلاق المحب لخلقه المحسن إليهم، ثم يجب على الإنسان أن يتودد لربه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.

ويقول ابن القيم، أما الود فهو خالص الحب وألطفه وأرقه وهو من الحب بمنزلة الرقة من الرحمة، والودود هو الذي يحب أنبياءه ورسله وأولياءه وعباده المؤمنين، وهو المحبوب الذي يستحق أن يحب الحب كله، وأن يكون أحب إلى العبد من سمعه وبصره وجميع محبوباته.

محبة الله

قال العلماء في بيان معنى هذا الاسم، إنه المتودد إلى خلقه بنعوته الجميلة وآلائه الواسعة وألطافه ونعمه الخفية والجلية، فالفضل كله راجع إليه فهو الذي وضع كل سبب يتوددهم به ويجلب ويجذب قلوبهم إلى وده، تودد إليهم بذكر مالهم من الصفات الجميلة الجذابة للقلوب السليمة والأفئدة المستقيمة.

فالله يتودد إلينا ويحبنا ويحنو ويعطف علينا وسمى نفسه الودود من أجلنا، فيجب أن نشعر بالخجل والحياء والحب الشديد لله عندما نسمع اسمه الودود.

فكما أن الله ليس له مثيل في ذاته وصفاته فمحبته في قلوب أوليائه ليس لها مثيل ولا نظير في أسبابها وغايتها ولا في قدرها ولا آثارها، وإذا عرف العبد أن ربه سبحانه وتعالى يحب أولياءه ويحب من أطاعه من المؤمنين ولا يحب الظالمين الكافرين فمن هنا يجب عليه أن يطيع أمره ويتجنب ما نهاه عنه، قال تعالى: “قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم”.

محبة الله عز وجل للمؤمن تعني حفظه، وتأييده، ونصره وإكرامه، وإنزال الرحمة على قلبه، والسكينة، وإغناءه بكل ما يحتاج، والإنسان إذا أحب الله مال إليه، وخلد إلى ظله وإلى أنواره وتجلياته وسكينته، وإلى الشعور بأن الله يحميه ويحفظه، أما الود فهو ما يتجسد به الحب.

الودود يتودد إلى عباده بالنعم، فإذا صحت الرؤية واستيقظ القلب وتفتحت البصيرة، رأيت أن كل هذا الكون ما هو إلا تودد من الله إلى هذا الإنسان، وأوجدنا بالخلق، وأعد لنا جنة عرضها السماوات والأرض، ونحن نتودد إليه بالإيمان به، وبعبادته وطاعته، وامتثال أمره، وبترك ما نهى عنه، وبالتخلق بأخلاق نبيه وبالبذل والعطاء، وكل أعمال الإنسان الصالحة هي في حقيقتها تودد إلى هذا الخالق العظيم.

 

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 76 مشاهدة
نشرت فى 31 يوليو 2012 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,276,963