إن استجلاب الخيرات للنفس وللمجتمع من أعظم ما يطلبه الإنسان وتتنوع الأسباب في الطرق الموصلة إليها، فكل له أسبابه وطرقه، ولكن يبقى المؤمن منفردا لما يقوم به من اتصال مع مسبب الأسباب ومقدر الأرزاق والخيرات، فمن أعظم أسباب تحصيل الغنى والكفاية في الرزق: يقول سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة:186]، وفي الحديث الذي رواه أحمد والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى حيي كريم، يستحيي إذا رفع العبد إليه يديه أن يردهما صفراً خائبتين).
وفي سنن الترمذي (أن رجلاً جاء لـعلي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال له: يا علي ! عليّ ديون عجزت عن سدادها فأعني، فقال له علي رضوان الله عليه: أفلا أعلمك كلمات علمنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن قلتها أدى الله علنك دينك ولو كان مثل جبل ثبير؟ قال: بلى علمني، فقال علي: قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك).
إن الإنسان في حاجة إلى الدعاء، فالله هو الغني القوي العزيز له مقاليد السماوات والأرض وهو مصرف الأمور ومالك الملك يؤتي ملكه من يشاء سبحانه يفعل ما يشاء وهو على كل شيء قدير والإنسان ضعيف عاجز فقير لا حول له ولا قوة إلا بالله تعالى . يقول الله تعالى في محكم كتابه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ [فاطر:15-17].
ولاستجابة الدعاء وقبوله شروط منها:
• الإخلاص قال سبحانه: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [غافر:14]
•إطابة المطعم لما رواه أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، ولقد أمر الله المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً [المؤمنون:51] .. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [البقرة:172] ثم ذكر صلى الله عليه وسلم الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب! يا رب! ومأكله حرام، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك)
•عدم التعجل، ورد في الحديث الذي رواه البخاري و مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل)، وفي رواية مسلم: (قيل: وما الاستعجال يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم يستجب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء) ورحم الله من قال: لبست ثوب الرجا والناس قد رقدوا وبتُّ أشكو إلى مولاي ما أجد وقلت يا أملي في كل نائبة ومن عليه لكشف الضر أعتمد أشكو إليك أموراً أنت تعلمها مالي إلى حملها صبر ولا جلد وقد مددت يدي بالذل مبتهلاً إليك يا خير من مدت إليه يد فلا تردنها يا رب خائبة فبحر جودك يروي كل من يرد.
طالب الشحي
ساحة النقاش