أحمد محمد ـ العزيز هو القوي الذي ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا فعله، وهو الأعلى من كل شيء فمن كانت هذه صفته كانت العزة له وحده، فله وحده صفات الكبرياء والجبروت، ويجيء اسم العزيز مقترناً بعدة أسماء ومتقدماً عليهـا أجمعين ماعدا اسم القوي فإنه يتقدم على اسم العزيز في جميع الحالات.

ومن معاني اسم العزيز، النادر الوجود الذي لا مثيل ولا مشابه له، هو الغالب الذي لا يُغلب، القوي الشديد، فالتعزيز هو التقوية والتمكين، فلا يغلبه شيء ويحتاج العباد إليه في كل شيء.

قال الطبري في تفسيره: العزيز، القوي الذي لا يعجزه شيء أراده، والحكيم الذي لا يدخل تدبيره خلل ولا زلل، العزيز في انتصاره ممن كفر به إذا شاء والحكيم في حجته إلى عباده، عزيز في نقمته حكيم في أمره، الذي لا يمتنع عليه شيء أراده ولا ينتصر منه أحد عاقبه أو انتقم منه، الحكيم في تدبيره وفي انتقامه من أهل الكفر بأيدي أوليائه وأهل طاعته.

 

وقال الإمام القشيري: العزيز هو الغالب الذي لا يغلب، والظافر الذي لا يقهر، هو الذي لا مثيل له، هو القادر القوي.

 

واسم الله “العزيز” جاء في القرآن حوالي 95 مرة، لأنه تقوم عليه أخلاق الأمة، وجاء مع أربعة أسماء هي الحكيم، والرحيم، والقوي والعليم، وتتجلى فيه العديد من الصفات منها القوة والقدرة والقيومية، من الأسماء الجامعة، يشتق منه صفة العزة، ويدل على ذات الله، وعلي الصفة الخاصة به وهي العزة، ويدل على أسماء وصفات أخرى باللزوم مثل الحي، العليم، السميع، البصير، القوي، القدير، لأن هذه الأسماء هي من مقتضى اسمه العزيز.

القوة والغلبة

وجاء في تفسير القرآن للشيخ الشعراوي أن العزيز اسم من أسماء الله الحسني ويعني الغالب الذي لا يهزم، يضم في ثناياه العديد من الصفات كالقوة والغلبة والقدرة على كل شيء، وهذه العزة تتجلى في العديد من الآيات القرآنية الكريمة منها قوله تعالى: “الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز”، فالحق تبارك وتعالي بعزة قوته يحول دون تهدم المساجد والصوامع والبيع، وبعزة قوته ينصر من يشاء من عباده، ولا يعوقه عن هذا النصر عائق، لأنه سبحانه العزيز بقوته التي لا تدانيها قوة ومن هذه الآيات أيضاً قوله تعالى: “يا أَيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب، ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز”، فبعد أن لفتنا الحق جل وعلا إلى عجز وضعف الآلهة الباطلة والتي لا تستطيع مجتمعة أن تخلق ذبابة، بل أنهم لا يستطيعون استرداد ما سلبه الذباب منهم، ويلفتنا في نفس الوقت إلى قوته وعزته، فهو سبحانه وتعالى قادر على ما يعجز عنه غيره، ويلاحظ من التقابل في هذه الآية الكريمة أن الضعف قرين المذلة والقوة قرينة العز، فضعف هذه الآلهة الزائفة بما يترتب عليه من عجز وذل وانكسار يلفتنا إلى استحالة كونها آلهة، في حين نجد العكس بالنسبة لله عز وجل، فقوته وقدرته على إنفاذ إرادته بما يترتب على ذلك من عزته تبارك وتعالي يلفتنا إلى حقيقة ألوهيته، فإذا عجز من في الأرض جميعاً عن خلق ذبابة ولو اجتمعوا لذلك، فهذا يؤكد لنا قوة الله عز وجل وقدرته اللا محدودة، إنه تبارك وتعالى قد خلق هذا الذباب الذي عجزنا عن خلقه رغم ضآلة حجمه، وخلقه بكلمة “كن” من دون عناء أو إعياء، وإذا كنا لا نستطيع أن نستنقذ ما سلبه الذباب منا فهو جل وعلا قادر على ذلك، فالقوة الإلهية اللانهائية تستوجب العزة للذات الإلهية، فالحق جل وعلا لا يضعف فينكسر ولا يذل لقوي يعينه أو يعجز.

تنزيه

وإذا كانت العزة تعني القوة والغلبة، فإن ذلك لا يعني أن عزة قوته تبارك وتعالي مبنية على الظلم، أو أن عزة غلبته مبنية على القهر، لأنه جل وعلا منزه عن القهر، ولذلك أشار عز وجل إلى أن عزته موصوفة بالعلم فقال: “إن ربك يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم”، وقال جل شأنه “والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم”، ووصفها تبارك وتعالى بالحكمة حتى لا يظن أحد أنها عزة بطش أو ظلم أو قهر أو استكبار فقال تعالى: “ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم”.

وعزة الله موصوفة بالرحمة كما في قوله تعالى: “وتوكل على العزيز الرحيم”، وموصوفة بالمغفرة كما في قوله تعالى: “رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار” وكما قال سبحانه: “كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار”.

وموصوفة بالقوة : قال تعالى: “ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز” “الحج:74”، فمن أراد العزة مع المال، أو مع المنصب، أو مع الجاه، أو مع الصحة والعافية، أو مع الدنيا، أو مع الآخرة، فعليه أن يقتبسها ويستمدها من العزيز الذي من ركن إليه أوي إلى ركن شديد، واختص بمنعة لا تبارى ولا تجارى.

وكل من جرب أن يكون الله ملاذه وملجأه في حاجته وسؤاله، فإنه العزيز سبحانه يعطيه سؤله، ويحفظ له قدره ومنزلته ، فسؤال الله عز لا ذل معه، وسؤال غيره ذل أعطى أو منع. وإذا اشتد الكرب بالعبد لجأ إلى العزيز، وتوكل عليه وفوض أمره إليه، ومن آمن بأن العزة لله، لم يطلبها من غيره.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 98 مشاهدة
نشرت فى 25 يوليو 2012 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,276,594