د. محمد مطر الكعبي

لقد ورد ذكر الرياح والريح في القرآن الكريم في أربعة وعشرين موضعاً، وقد قال العلماء الذين تتبعوا سياق هذه الكلمة في القرآن الكريم بأن كلمة (الريح) المفردة تدل على العذاب، وكل موضع ذكر فيه (الرياح) بلفظ الجمع تدل على الرحمة، والإنسان في هذه الدنيا بين الرحمة والعذاب والتعب، وفي هذه وتلك فائدة للإنسان، وأن للرياح أهمية عظيمة في حياته فهي التي تثير السحب والغيوم وبخار الماء، وتجمع هذا وذاك مع بعضها حتى يصبح كتلة مائية، فتسوقها الرياح هنا وهناك ثم تفرغ ما فيها من حمولة ضرورية لحياة الإنسان والحيوان والنبات والطبيعة كلها، فدور الرياح دور أساسي في قوانين الكون واستمراره قال الله تعالى:

(اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ)، “الروم: الآية 48”، ولهذا كانت موجات الرياح إذا تحركت في مكان ما بشرى لأهل ذلك المكان بأن الماء والحياة قادمان إليهم، والإنسان يحب البشرى والسرور، وقد جاءت المّنة بذلك في آيات عديدة منها قوله سبحانه:

(وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ المَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ)، “الأعراف: الآية 57”، وللرياح قوة دفع تفيد الإنسان، ومنها دفع السفن والفلك في البحر، وتهشيم الذي يبس من الشجر والزرع ليفسح المجال لجيل جديد من النباتات، ومنها كذلك عواصف وزوابع تأتي من لم يكن يظنها فتقلب واقع حاله ليعيد النظر والتدبر فيما كان فيه وفي حاله، قال تعالى:

“إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)، “الشورى: الآيتان 32 - 33”، وقد جاء في القرآن الكريم أن من قانون الرياح في الكون أنها تلقح السحب والنباتات، وأكدت ذلك دراسات العلم الحديث بشكل لا يدع مجالاً للشك، وهو مرئي ومنظور في واقع الحياة.، وأما نقل غبار الطلع بين الأشجار فأمر يدركه كل الناس.

 

وللريح دور في تغيير الحضارات وإزالة المدن عبرةً لمن يعتبر، وتأتي الريح فلا يدري الإنسان هل هي للرحمة أو تشتد فتكون دماراً كما نراه في حياتنا، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا هاجت الريح يَقُولُ: «الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، تَأْتِى بِالرَّحْمَةِ، وَتَأْتِى بِالْعَذَابِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلاَ تَسُبُّوهَا، وَسَلُوا اللَّهَ خَيْرَهَا، وَاسْتَعِيذُوا بِهِ مِنْ شَرِّهَا».

إن الرياح قوة عظيمة في هذا الكون للإنسان، يصرفها الله تعالى كيف يشاء، وقد توجهت الأفكار اليوم إليها لتوليد الطاقات النظيفة لخدمة هذا الإنسان.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 56 مشاهدة
نشرت فى 22 يوليو 2012 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,306,228