<!--<!--<!--
لما قامت من مضجعها من المحراب أغمضت عينيها و عمدت إلى وسادتها فأسلبها النعاس الوعي و أعارها الخيال لتدرك به المحال فشعرت و كأنها بين ظلمات ثلاث أرضا لم تطأها من قبل و سماء غير السماء و شبح الخوف يطاردها من كل مكان فأخذت عينيها تبرقان بالدموع و هي تحاول أن تغلب البكاء و لكن الخوف كان أقوى منها فانهمرت الدموع من عينيها وابلا و نادت في الظلمات :
ـ اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
فناداها مناد من مكان قريب :
ـ ألا تخافي و لا تحزني . . إن الله يدافع عن الذين آمنوا
فوجمت هنيهة و همست بصوت كأنه صادر من الأعماق :
ـ أين أنت . . ؟ . . من أنت . . ؟
و جاءت صيحة الحق و اشتعلت السماء نارا و تساقطت على الأرض حمما و امتزج ضوء السماء بأنفاس البحر المسجور و تلاطمت أمواج البحر فبدت رقراقة مزعجة تدق قلاع الخوف و دعى الداعي إلى هذا الأمر . . فخرج أهل الأجداث مهطعين إليه يقول الكافرون بلسان حالهم :
ـ يا ويلتنا من بعثنا من مرقدنا . . إن هذا ليوم عسر
فناداها الداعي من مكان قريب :
ـ هذا ما وعد الرحمن و صدق المرسلون
تأملت : ( لم يكن هذا سوى مشهد القيامة قد أظلها ) و الوهم تسلل إليها من أطرافها و جاءت الداعي تتعثر في خطاها و هي لم تفتر تردد :
ـ هذا ما وعد الرحمن و صدق المرسلون . . اليوم لا تظلم نفس شيئا و لا تجزون إلا ما كنتم تعملون
و نادى مناد من مكان قريب :
ـ ألا تخافي و لا تحزني . . إن الله يدافع عن الذين آمنوا
فاستنشقت شذي عطره بحركات من أنفها متتابعة :
ـ ما هذه الرائحة
ثم قالت مستطردة :
ـ إني أعرفها كما أعرف نفسي إنها ليست بالغريبة إنها مني
ثم أبرمت و أقسمت :
ـ إي و ربي إنها رائحتي
و فجأة و هي تسبح في لجج هذه الليلة الحالكة الدمساء تبحث عن نافذة تعبر من خلالها إلى اليقظة وجدت أمامها و نصب عينيها المتعجبتين شبح سرواله من قطران و قميصه من نار و له مقامع من حديد كلما أراد أن يخرج منها أعيد فيها . .
لم تشعر إلا بأنفاسها تتلفظ :
ـ من أنت . . من أنت
أجابها بصوت أجهش بالبكاء :
ـ التبرج . . أنا التبرج
قال ذالك ثم أومأ إليها يطلب الغوث ثم سقط على الأرض و لما دنى منها نادت بصوت مرتفع :
ـ اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
فناداها مناد من مكان قريب :
ـ اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
فناداها مناد من مكان قريب :
ـ ألا تخافي و لا تحزني . . إن الله . .
لم يتم حيث أومأت إليه . . النجاة . . النجاة . . فلاح على هيئة قطعة من الثوب الأبيض ترفرف فوقها فتعلقت بطرفه ثم علا بها فاستنشقته و أبصرته و قالت تحدث نفسها :
ـ إنه حجابي
فأجابها :
ـ نعم أنا حجابك الذي سترتي به جسدك و اليوم أنجيك ببدنك اليوم أنجيك ببدنك
و هي تطفو فوق السحاب عارضتها سحابة عظيمة دخلت منها إلى مضجعها و أعيد لها وعيها فاستيقظت تبحث عن حجابها .
ساحة النقاش