الشاعر و الاديب علي الفشني

<< الحروف تبني صرحا إذا أوقدتها مشاعر صادقة >>


 

<!--<!--<!--

لما قامت من مضجعها من المحراب أغمضت عينيها و عمدت إلى وسادتها فأسلبها النعاس الوعي و أعارها الخيال لتدرك به المحال فشعرت و كأنها بين ظلمات ثلاث أرضا لم تطأها من قبل و سماء غير السماء و شبح الخوف يطاردها من كل مكان فأخذت عينيها تبرقان بالدموع و هي تحاول أن تغلب البكاء و لكن الخوف كان أقوى منها فانهمرت الدموع من عينيها وابلا و نادت في الظلمات :

ـ اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

فناداها مناد من مكان قريب :

ـ ألا تخافي و لا تحزني . . إن الله يدافع عن الذين آمنوا

فوجمت هنيهة و همست بصوت كأنه صادر من الأعماق :

ـ أين أنت . . ؟ . . من أنت . . ؟

و جاءت صيحة الحق و اشتعلت السماء نارا و تساقطت على الأرض حمما و امتزج ضوء السماء بأنفاس البحر المسجور و تلاطمت أمواج البحر فبدت رقراقة مزعجة تدق قلاع الخوف و دعى الداعي إلى هذا الأمر . . فخرج أهل الأجداث مهطعين إليه يقول الكافرون بلسان حالهم :

ـ يا ويلتنا من بعثنا من مرقدنا . . إن هذا ليوم عسر

فناداها الداعي من مكان قريب :

ـ هذا ما وعد الرحمن و صدق المرسلون

تأملت : ( لم يكن هذا سوى مشهد القيامة قد أظلها ) و الوهم تسلل إليها من أطرافها و جاءت الداعي تتعثر في خطاها و هي لم تفتر تردد :

ـ هذا ما وعد الرحمن و صدق المرسلون . . اليوم لا تظلم نفس شيئا و لا تجزون إلا ما كنتم تعملون

و نادى مناد من مكان قريب :

ـ ألا تخافي و لا تحزني . . إن الله يدافع عن الذين آمنوا

فاستنشقت شذي عطره بحركات من أنفها متتابعة :

ـ ما هذه الرائحة

ثم قالت مستطردة :

ـ إني أعرفها كما أعرف نفسي إنها ليست بالغريبة إنها مني

ثم أبرمت و أقسمت :

ـ إي و ربي إنها رائحتي

و فجأة و هي تسبح في لجج هذه الليلة الحالكة الدمساء تبحث عن نافذة تعبر من خلالها إلى اليقظة وجدت أمامها و نصب عينيها المتعجبتين شبح سرواله من قطران و قميصه من نار و له مقامع من حديد كلما أراد أن يخرج منها أعيد فيها . .

لم تشعر إلا بأنفاسها تتلفظ :

ـ من أنت . . من أنت

أجابها بصوت أجهش بالبكاء :

ـ التبرج . . أنا التبرج

قال ذالك ثم أومأ إليها يطلب الغوث ثم سقط على الأرض و لما دنى منها نادت بصوت مرتفع :

ـ اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

فناداها مناد من مكان قريب :

ـ اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

فناداها مناد من مكان قريب :

ـ ألا تخافي و لا تحزني . . إن الله . .

لم يتم حيث أومأت إليه . . النجاة . . النجاة . . فلاح على هيئة قطعة من الثوب الأبيض ترفرف فوقها فتعلقت بطرفه ثم علا بها فاستنشقته و أبصرته و قالت تحدث نفسها :

ـ إنه حجابي

فأجابها :

ـ نعم أنا حجابك الذي سترتي به جسدك و اليوم أنجيك ببدنك اليوم أنجيك ببدنك

و هي تطفو فوق السحاب عارضتها سحابة عظيمة دخلت منها إلى مضجعها و أعيد لها وعيها فاستيقظت تبحث عن حجابها .

 

alihamed

علي الفشني

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 247 مشاهدة
نشرت فى 5 إبريل 2014 بواسطة alihamed

ساحة النقاش

علي محمد حامد

alihamed
أنا قلم متصل بالوجدان مداده سيل العواطف المتدفق من منابعه و الجاري على صفحات الحياة طابعا عليها بواعث الأمل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

194,322