عالم السياسة والثقافة الإخباري ( ع . س . ا )

الناشر ومدير الموقع / نصرالزيادي.. حريتنا في التعبير .. سقفها المسؤولية الدينية والأخلاقية .

عالم السياسة الإخباري .. فلاح أديهم المسلم

" العلاقة الأردنية الفلسطينية : الجذور , والواقع , والتطلعات "

 

    ما كنت راغبا بفتح هذا الملفّ الجدلي وخاصّة في مثل هذه الظروف ولكن دفعني لذلك ما يكتبه الدكتور أسامة عكنان حول هذا الشأن , الدكتور أسامة عكنان متخصص بالشأن الأردني , والدور الوظيفي للدولة الأردنية , ويقرر أنّ النظام الأردني هو من خلق صراع الهويتين ( الأردنية والفلسطينية ) ويتحدث عن التنظيمات الفلسطينية باعتبارها بريئة من هذا الدور أو هي ضحية لفخ نصبه لها النظام الأردني ......... ومع اتفاقي مع ما يدعو إليه من مشروع وحدوي إلاّ أنني أخالفه بإلقاء مسؤولية تلك الجريمة النكراء على النظام الأردني وحده وتبرئة التنظيمات الفلسطينية منها .     لقد ذكروا أن ملكا من ملوك حِمْيَر خرج مُتَصَيِّداً معه نديم له كان يُقَرِّبه , ويكرمه , فأشرف على صخرة مَلْساء , ووقَف عليها فقال له النديم : لو أن إنسانا ذُبِحَ على هذه الصخرة إلى أين يبلغ دمه ؟ فقال الملك : اذبحوه عليها ليرى دمه أين يبلغ , فذبح عليها فقال الملك : " رُبَّ كلمة تقول لصاحبها دعني " فذهبت مثلا ....... ومما يروى بهذا المجال أن قبيلة الشرارات تلك القبيلة العربية العريقة اشتهرت بالذكاء وسرعة البديهة , ومن مؤثراتها قول أحدهم : " ليت لي رقبة طويلة كرقبة النعامة " فلما سئل عن ذلك قال : " لأتمكن من ردّ الكلمة قبل خروجها إن كانت غير مناسبة " أيّ أنّه يحسب حساب عقابيل الكلام وعواقبه ...... وهذا بخلاف عقلية الصخري الذي اشتهر بمقولة " قطع يدي ولا الجوق أو الجقم ) والجوق لغة هو الميل والاعوجاج , والجقم لهجة منه , وكان من خبر هذه القصّة أنّ رجلا من بني صخر كان أسير عند قوم , وكان مقيدا في بيت شيخهم , فحملت بنت الشيخ سفاحا فأجتمع عنده رجال من قومه , وعقدوا مؤتمرا لمناقشة الحادث الجلل , وكانت الآراء تميل لتبرئة ابنة الشيخ من فعل الفاحشة , فمن قائل : لقد أصابتها عدوى من النساء الحوامل عندما كنّ يتثاءبن بوجهها , ومن قائل لعلّ ذلك انتقل لها من ماء رجل مراق على الأرض , أو عالق بملابس ..... الخ وكان الصخري يستمع لهذه التأويلات الغريبة , فنادى بصوت عال : " فكوا قيد يدي لأخبركم بالسبب " فقاموا بفكّ يده , فأشار به تلك الإشارة المعروفة , وقال : لقد حملت من رجل أولج فيها مثل هذا " ............ فغضب الشيخ , وقال : اقطعوا يده , فقال : " قطع يدي ولا الجوق أو الجقم " ................     لقد حاولت طيلة الفترة الماضية أن أتخلق بأخلاق الشراري ذي الرقبة الطويلة ربما إيثارا للسلامة أو حرصا على عدم جرح المشاعر , ولكن طفح الكيل فغلب الطبع التطبع فاضطررت أن أكون صخريا شعاره " قطع يدي ولا الجوق أو الجقم " فاقتحمت عش الدبابير أو حقل اللألغام فكان هذا المقال الذي لن يرضي أحدا , لأنّه ينثر النار في جميع الاتجاهات , ولكن عزائي أنني بذلك أنصر ما أعتقد أنّه الحقّ بغض النظر عن أيّ اعتبار آخر .......... أترككم مع هذا المقال تاركا الحكم لأهل العلم والإنصاف .................    وبادئ ذي بدء فإنني أودّ أن أوضح لمن يقرأ هذه السطور بأنني لست من المعجبين بالحكم الهاشمي على مرّ التاريخ , ولي تحفظات على البيت العلوي تحديدا , ولست من أنصار النظام الأردني , ولا من المعجبين به , ولكنني ابتليت بنفس مفتونة بالحقّ والحقيقة حدّ الهوس , فلا تسكن ولا تطمئن إلاّ لما اعتقدت أنّه الحقّ المطابق للواقع بغض النظر عن المحبة والبغض , وربما كان هذا هو السبب الذي جعلني انظر للتجربة الهاشمية في الحكم بغير عين الرضا منذ أول تجربة لها , ومرورا بخلافة بني العبّاس وإلى هذا اليوم , ولذلك فإنني أفخر بأنّني أطبق قول الحقّ سبحانه وتعالى " وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ " طبعا لا تكلّفا , وأخشى أنني لا أؤجر على ذلك , وأعترف بأنني مفتون بقول ذلك العربي النبيل ((إنّ لنا أحلاماً تمنعنا من أن نظلِم، وأحساباً تمنعنا من أن نٌظلَم)) ؛ لذلك رأيتني مدفوعا وعلى عجل لتقرير بعض ما أعتقد أنّها حقائق لتتضح الصورة , وتوضع في إطارها الصحيح . إنّه ليس هدفي أو همي تبرئة الهاشميين أو الدفاع عنهم فما النظام الأردني إلاّ صنيعة بريطانية كغيرة من دويلات العرب بدون استثناء , ولكنني أريد توضيح هذه الحقائق للأسباب التالية : 1. لما تتركه قلة الإنصاف من أثر سيء في نفوس الناس حيث جعل أهل شرق الأردن مشجبا علقت عليهم أخطاء وخطايا الأنظمة العربية , والتنظيمات الفلسطينية التي صنعت للتآمر على فلسطين وأهلها خدمة للكيان الصهيوني الغاصب , فالكذب والافتراء وعدم الإنصاف لا يزيد القلوب إلاّ نفور , والنفوس إلا تباغضا ,ولله درّ القائل حيث يقول : "ولم تزل قلَّة الإنصاف قاطعة ... بين الرِّجال وإن كانوا ذوي رحمِ "     وبهذا الصدد سأكتفي بنقل نصّ من كتاب من أعضاء حزب يعدّ من أنقى وأرقى الأحزاب في العالم العربي فيقول في حصاده : ((بعد عودة ضابط من حرب فلسطين صنع أهله طعاماً ودعوا الناس بهذه المناسبة، ثم سألوا أين فلان؟ قالوا: هو في خربوشه أي في خيمته وهي بجوار بيت صاحب الدعوة وكان يسمع ما يقال فقال الضابط: ومن أين هذا أبو فلان؟ قالوا: من قرية اسمها جسير، فقال الضابط: والله إنهم همل، وقال: كنا في سيارة لاند وأطلقنا النار على الحصادين منهم فانهزموا وانهزمت القرية وهرب أهلها بدون مقاومة. ثم شعر بخطئه فالتزم الصمت. ولم تكن قرية جسير القريبة من المنطقة التي هي تحت إمرة الجيش الأردني وإنما هي من قضاء غزة، ولا يصلها الجيش الأردني إلا عن طريق المنطقة الخاضعة لليهود والضابط المذكور من بني ...... )) فبمثل هذه القصص المختلقة التي لو أخضعت لقوانين نقد الروايات لسقطت ولما قبل بمثلها الأطفال يختزل جهاد أهل الأردن , وبطولات عبد الله التلّ , وسالم شبيكان , وفناطل الثنيان , زعل رحيل , وغازي الحربي وغيرهم من أبطال الجيش , وكذلك مواقف وبطولات محمد السطام الفايز , وهارون الجازي , وأمثالهم من قادة المجاهدين المتطوعين !!! ولو صدرت مثل هذه الافتراءات ممن ينتمون لتنظيمات تقوم على فكر مستورد يستبيح الكذب والافتراء لهان الأمر وهو ليس بالهين , ولكنّها تصدر من رجل ينتمي لحزب يحمل مشروع إسلامي نهضوي !! فماذا نتوقع من غيره ممن نفثوا سمومهم وأكاذيبهم وزرعوها في نفوس أبناء فلسطين تأليبا لهم على إخوانهم من أبناء الأردن !! ولأنّ الشيء بالشيء يذكر فقد تحدثت شخصية إعلامية لها حضورها عن فكّ الارتباط , وقالت في معرض حديثها أنّ الأرادنة تلقوا قرار فك الارتباط بفرح غامر ؛ لأنّهم فسروه بأنّه سيؤدي إلى طرد جميع أبناء فلسطين من الأردن مما سيتيح للأردنيين الاستيلاء على بيوتهم وأملاكهم حيث أنّ كلّ جار طامع ببيت جاره وأملاكه ......... !! فماذا سيكون انعكاس مثل هذا القول الذي لا سند له من الحقيقة على نفسية الأردني الذي لم يخطر في باله مثل هذا التفكير الوضيع ؟؟ 2. ولبيان من هو المسؤول عن خلق ثنائية أردني - فلسطيني , هذه الثنائية التي أصبحت أمرا واقعا لا يلغيها إنكارها , وتجاهلها , ومكيجتها بشعارات فارغة من المضمون , وإنّ إلقاء مسؤولية خلقها على أبناء شرق الأردن لهو كذب محض وافتراء لئيم , وما وجدت في نفوسهم إلاّ كردّ فعل على ما لمسوه من الطرف الآخر الذي وقع ضحية لأكاذيب التنظيمات العميلة والأنظمة العربية المتآمرة التي صورت الأرادنة بأنهم شعب بدوي متخلف يدعم نظاما ملكيا رجعيا عميلا , وكأن تلك الأنظمة التي جاءت بانقلابات خرجت من سفارتي بريطانيا وأمريكا هي المنقذة , ثمّ يجري غض الطرف عن جرائم تلك الأنظمة وخياناتها , وآثارها المدمرة على الشعب العربي ويتم إلقاء مسؤولية كل الأخطاء والخطايا على النظام الأردني والشعب الأردني باستهداف استفزازي حاقد جاحد فاجر . 3. ولتنظيف الجراح لتلتئم على نظافة وطهارة لنؤسس لمرحلة جديدة نحرر أبناء الضفتين من سطوة جميع العملاء وأفكارهم المريضة المتعفنة , فالمجاملات الفارغة بدون فتح تلك الجراح , وإعادة تنظيفها لا يقبل به سياسي مبدئي مخلص يؤمن بضرورة تنظيف الطريق من العقبات التي ستواجه الأجيال القادمة والحالية , وإنما يقبل به انتهازي متسلق يتفادى الاصطدام بالعقبات ولا يفكر بإزالتها من طريق السائرين , ولله درّ القائل : وقد ينبت المرعى على دمن الثرى ... وتبقى حزازات النفوس كما هيا 4. ومع هذا فإنني لا أجامل على حساب الحقائق ولا أغضب من سلطانها فأرجو نقض أي نقطة سأذكرها لاحقا إن لم تكن تمثّل الحقيقة شريطة أن يكون الردّ علميا مفيدا ملتزما بشروط البحث العلمي المقنع للعقل بغض النظر عن الأهواء والعواطف     فلنبدأ بلفت النظر للحقائق الموضوعية المتعلقة بالقضية الفلسطينية والعلاقة بين أبناء الضفتين أولا , ثمّ ننتقل للمقترحات التي نرى أنّها ضرورية للخروج من تلك الثنائية المصطنعة التي لوثّت نفوس الجميع , وهاهي ملخصّة بين أيديكم بالنقاط التالية : 1. أبناء الضفتين شعب واحد متجانس كانت تربطه جميع العلاقات الإنسانية المقدسة قبل قيام الدول المعاصرة , فما كان يخضع لقيود ولا حدود , وكان الانتقال من إحدى الضفتين للضفة الأخرى كالانتقال اليوم من الكرك لمأدبا أو السلط ........ 2. إقامة كيان يهودي في فلسطين يستمدّ قوته ووجدوه من الدول الأوربية المستعمرة مخطط قديم كان يحمله لويس التاسع في حملته على مصر 1249- 1250م , حيث جاء في وثيقة تشرح خطته للسيطرة على العالم الإسلامي , وهي محفوظة في دار الوثائق القومية في باريس وكان من بنودها ((- العمل على قيام دولة غريبة في المنطقة العربية تمتد ما بين غزة جنوباً ، أنطاكيا شمالاً ثم تتجه شرقاً وتمتد حتى تصل إلى الغرب )) وكما يبدو أنّ نابليون هو من بلور فكرة هذا الكيان فقد جاء في مقال على الموقع المتمدن تحت عنوان "ظهور الحركة الصهيونية لأمل فؤاد عبيد ما نصّه " : " توافقت أهداف الظاهرة الاستعمارية والمخططات الصهيونية على فكرة الاستيطان .. وقد كان نابليون بونابرت أول من اقترح فكرة إقامة دولة لليهود خارج أوروبا ليكن في فلسطين .. " ووضع هذا المخطط قيد التنفيذ في مطلع القرن العشرين بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الأولى ولهذا المشروع هدفان : الأول الخلاص من اليهود , والثاني اتخاذهم قاتلا مأجورا وقاعدة عسكرية متقدمة في قلب الوطن العربي والعالم الإسلامي . 3. أنّ الخلافة العثمانية قد سقطت فعلا بعزل سلطانها العظيم عبد الحميد الثاني عام 1909م حيث استولى على الحكم عصابة يهود الدونمة والماسون المرتبطة مع البريطانيين , ونفذت سياسة تدفع العرب للثورة كما هو معروف للخاصّ والعام , أمّا الخليفة الذي نصبوه فهو مسلوب الإرادة وليس له أيّ ولاية شرعية على الأمّة . 4. إنّ دخول الدولة العثمانية في الحرب الكونية كان انتحارا , وقد حذّر منه شريف الحجاز الحسين بن علي , وكان يدرك أنّ دخولها لتلك الحرب سيؤدي إلى سقوط جزيرة العرب بيد الحلفاء , ويدرك أنّ أهل الحجاز سيموتون جوعا ..... ورسائله لدار السلطنة بهذا الخصوص معروفة للمهتمين بهذه الشؤون . 5. كان الشريف حسين بن علي مدركا أنّ دخوله للحرب إلى جانب الحلفاء هو من باب "إن شفتها سخرة خليها معونة " لتفوّق الحلفاء أولا , ولتفسخ الدولة العثمانية وضعفها ثانيا , ولنقمة الشعب العربي عليها بسبب ما كانت تمارسه ضده من قهر وقسوة ثالثا , فدخل تلك الحرب لجانبهم راضيا بتلك الوعود غير الناضجة على أمل أنّه سيفرضها بإرادة العرب لاحقا . 6. انتهت الحرب العالمية الأولى بانتصار المشروع الاستعماري الغربي القائم على تجزئة بلاد العرب , وإقامة كيانات وظيفية فيها تأتمر بأمر تلك الدول المستعمرة , وتدار من قبلها , وكانت بريطانيا وغيرها من دول الحلفاء قد سبق وإن جندت جيشا من العملاء المرتبطين بها منذ أواخر القرن التاسع عشر , وهم من الشخصيات والبيوت التي لها وزنها وتأثيرها , والتي لا يزال أغلبها يتصدّر المشهد لهذه اللحظة فكانت تلك الشخصيات هي أدوات تنفيذ المؤامرة , وكلّ من شذّ أو عاند فقد سحق ومحق أو همّش وأستبعد , وما ارتفعت هامة ولا استطالت قامة إلاّ بدعم من تلك الدول . 7. وفور انتهاء الحرب بدأت بريطانيا تضيع خطة إقامة كيان يهودي في فلسطين قيد التنفيذ , وهيأت جميع الظروف لنجاحه بقصّة دامية المفترض أن تكون معروفة للجميع . 8. وافقت بريطانيا على إنشاء إمارة شرق الأردن عام 1921م لأهداف لم تعد سرّا , ولكن الملك عبد الله وثّق علاقته مع زعماء الوكالة الصهيونية وظلّ يفتل لهم بالذروة والغارب حتى أقنعهم بأنّ إقامة دولة يهودية في قلب العالم العربي هي مؤامرة على الشعبين اليهودي والعربي معا , وأنّه لا استقرار للشعب اليهود الإ باندماجه في محيطه العربي , وأن يكون جزءا من الدولة الهاشمية الموحدة والتي كان من المفترض أنّها ستضم بلاد الشام كاملة وربما الهلال الخصيب ........ وقد وصل عقلاؤهم إلى قناعة بهذا الطرح إلاّ أن السفهاء أو العملاء من الجانبين أبوا , وحاربوا هذه الفكرة , وخوّنوا من يدعوا لها . 9. بعد مسرحية 1948م قام الملك عبد الله بضم ما تبقى من فلسطين إلى شرق الأردن , وسعى لعمل سلام مع الكيان الإسرائيلي تمهيدا لابتلاعه أو حصاره على الأقلّ فحورب من الجميع , فحاول التملص من الحصار البريطاني والتنسيق مع الأمريكان لتوحيد بلاد الشام , واتفق مع رئيس وزراء لبنان رياض الصلح على ذلك فقامت بريطانيا باغتيال رياض وهو ضيف على الأردن , وبعد اغتياله بأربعة أيام قامت باغتيال الملك عبد الله . 10. حاول الملك طلال أن يواصل نفس المسار الوحدوي فعزل كما هو معلوم للعموم , وحاول الملك حسين إحياء هذا المشروع فقامت بريطانيا بإجباره على تغيير ولاية العهد ليكون البديل جاهزا إن لم يكف عن تلك المحاولات . 11. وقفت الكيانات العربية ضد وحدة الضفتين , وأسست منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964م بعد انعقاد المؤتمر العربي الفلسطيني الأول في القدس نتيجة لقرار مؤتمر القمة العربية في القاهرة نفس العام ؛لتمثيل الفلسطينيين في المحافل الدولية , واعتبار رئيس اللجنة التنفيذية فيها رئيسا لفلسطين كاملة !! وتولى كبر هذه المؤامرة الزعيم العربي القومي جمال عبد الناصر !! ومعلوم أنّ الأردن كان ضدّ ذلك. 12. يعرف الخاصّ والعام إنّ إنشاء منظمة مسلحة لأهل فلسطين بحجّة تحرير فلسطين كان مؤامرة يراد منها : • إخراج القضية من بعدها القومي والأممي لتصبح قضية أهل فلسطين وحدهم وإخلاء سائر دويلات سايكس – بيكو من مسؤولياتها تجاهها . • استقطاب جميع العناصر الصادقة المخلصة من الشعب الفلسطيني لقتلها . • إبراز هوية فلسطينية مناقضة للهوية الأردنية حيث أنّه كانت في السابق الهوية عربية إسلامية جامعة ولا تعرف هذه الأسماء أصلا . 13. يعرف كل واع خبير بأنّ جميع الحروب التي خاضها العرب مع إسرائيل إن هي إلاّ مسرحيات متفق عليها بين كبار اللاعبين وأدوات التنفيذ من الكيانات المصطنعة بدءا من الكيان الصهيوني وانتهاء بصاحب الظافر والقاهر , وقد تخلل تلك الحروب بطولات قامت بها الجيوش العربية التي كانت تتمرد على تلك اللعبة .... , كما يعلم كلّ منصف لديه الحدّ الأدنى من الوعي بأنّ النظام الأردني كان مجبرا على الدخول في حرب 1967م التي فرضها عبد الناصر غباء أو تآمرا , وكان يعرف نتيجة تلك الحرب سلفا إلاّ أنّه وضع بين خيارين لا ثالث لهما : إمّا الدخول بالحرب وسقوط الضفة الغربية وإمّا الوقوف على الحياد وسقوط النظام كاملا . 14. وأذكّر بأن الملك حسين اتفق مع الإسرائيليين على استعادة 97% من الضفة فأبى حكام العرب ذلك , وأتّهم بالخيانة والعمالة , وكانت معركة الكرامة التي كان هدفها إعطاء المبرر للنظام الأردني للدخول في تسوية منفردة إلاّ أن تمرّد وحدات الجيش وقيامها بصد الهجوم الإسرائيلي قد أفشل تلك الخطّة . 15. لقد أصبح العمل الفدائي مشروع من لا مشروع له , وعمل من لا عمل فاستقطب المخلصين من أبناء الضفتين كما استقطب غيرهم , وهذا الغير ممن أنزّه القلم عن وصفه قام بممارسة أسوأ وأقذر لعبة لإبراز الهوية الفلسطينية المناقضة للهوية الأردنية , وقد حدثني كثير ممن انخرطوا في العمل الفدائي من أبناء شرق الأردن عمّا كانوا يلمسونه من تعنصر بغيض من قبل قادة وعناصر العمل الفدائي , ثمّ توالت الكارثة في سنوات الفوضى الأمنية التي سبقت 1970م , فانتشر العفن بشكل فظيع وبطريقة استفزازية تستوجب ردود فعل عنيفة , وأضيف لكل ذلك تلك العمليات الهزيلة التي تتخذها إسرائيل حجّة للهجوم المتكرر على الجيش الأردني والمدن , وقد حدثني كثير من العسكر المخلصين الصادقين عن قصص يندى لها الجبين من ذلك النضال الإعلامي المزيّف , ولا تزال الذاكرة الشعبية تزخر بقصص الاستفزاز التي مارسها السفهاء ممن أطلقت أيديهم وألسنتهم للعبث بجميع الروابط الإنسانية المقدسة التي كانت تربط أبناء الضفتين . 16. فجاءت كارثة أيلول عام 1970م ثمرّة طبيعية لتلك الفوضى العفنة القذرة التي اشتركت فيها تلك التنظيمات العميلة وأجهزة النظام المتآمرة , ومن الجوانب المخفية فيها أو التي لا يرغب أحد بذكرها أن غالبية رموز تلك التنظيمات كانت على صلة وثيقة مع النظام الأردني والكيان الصهيوني , وكان ثمّة مخطط بأن يقوم الفدائيون بالاستيلاء على الحكم فتقوم إسرائيل باحتلال الأردن ثمّ تجري المفاوضات للانسحاب وفرض تسوية منفردة مع الأردن إلاّ أن اختلاف كبار اللاعبين أفشل ذلك المخطط , فأستغل النظام الأردني حالة الفوضى فكان ما كان مما لا يخفى على أحد . 17. والملفت لنظر المنصف , والذي لا يرغب أحد بالوقوف عنده أنّ الأردنيين على الرغم مما شاهدوه وعايشوه من أذى واستفزاز وتحد في السنوات التي سبقت أيلول الأسود إلاّ أنهم لم يفكروا في استغلال حالة الفوضى للانتقام على الرغم من أنّهم كانوا جميعا مسلحين , وقد شاهدوا من استفزاز واستعراض وتعريض السفهاء بهم مما يستفزّ الحجر , وكان الأمر الطبيعي أن يستغلوا تلك الفرصة للانتقام إلاّ أنّهم تساموا على الجراح , ولم يؤاخذوا إخوانهم بما فعل السفهاء منهم . 18. حاول الشهيد وصفي التلّ أن يتجاوز آثار تلك المحنة القاسية بإعادة صهر أبناء الضفتين في هوية واحدة فكان "مشروع الاتحاد الوطني " فقتل وصفي وقتل معه المشروع , ثمّ كانت مناورة مشروع المملكة المتحدة عام 1972م الذي لم يجد أذنا صاغية وربما لم يكن مشروعا جادّا أصلا , واكتملت المؤامرة على هوية أبناء الضفتين بمؤتمر الرباط عام 1974م حيث أجبر الأردن على التوقيع على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني . 19. لقد أدرك النظام الأردني منذ عام 1969م أنّ الأمريكان يرغبون بحلّ القضية الفلسطينية بإقامة دولة لأهل فلسطين شرق النهر على أنقاض الحكم الهاشمي , فبنى إستراتيجيته على إبعاد هذا الخطر بجميع الوسائل والأساليب المتاحة , ولم يكن ذلك إلاّ من باب الحرص على بقائه ......... 20. ظلّ النظام الأردني يحاول الالتفاف على قرار مؤتمر قمة الرباط المومأ إليه آنفا إدراكا منه إلى أنّ قيام دولة فلسطينية غربي النهر هو ضرب من المستحيل , وأنّ الحل النهائي لن يكون إلاّ بدولة واحدة تضم شرق الأردن , وما يمكن استعادته من الضفّة , وهذا سيهدده بالزوال ليقوم على أنقاضه حكم بديل ..... , ولذلك كانت سياسته تجاه هذا الملفّ تقوم على ركيزتين : أولاهما تعزيز صراع الهويتين من ليرعب كلّ طرف من الآخر , وثانيهما سحب شرعية تمثيل الفلسطينيين من منظمة التحرير أو أي جهة أخرى تدّعي الانفراد بذلك لئلا تتأهل جهة للحكم البديل , فكان الهجوم على مشروع روابط القرى , ثمّ إنشاء حماس وملفات ربما لا تحتمل النفوس سماعها , ولا يزال النظام الأردني يمارس هذه السياسة , ولا تزال الفصائل الفلسطينية والأقلام والأبواق المأجورة من الطرفين تمارس سياسة تعزيز صراع الهويات , وترسيخ , وتعميق , وتغذية تلك الثنائية البغيضة النتنة . هذه الوقائع هي أهم العوامل المتعلقة بالعلاقة بين أبناء ضفتي الأردن فكانت نتيجتها المرّة أنّ أبناء الضفتين قد تماهوا مع هذه المؤامرة , واعتبروا هذه الثنائية أمرا واقعا , وظنّ كلّ طرف أن مصلحته تتناقض مع مصلحة الطرف الآخر , وأصبحت العلاقة مبنية على الخوف والتوجس وانعدام الثقة , وقد أستغل المتسلقون , والطامحون , وتجار المواقف , وتجار المال هذه الثنائية لتحقيق مكاسب شخصية على أشلاء علاقة إنسانية مقدسة وكلّ ذلك يصبّ في مصلحة الكيان الصهيوني الغاصب ومن يقف وراءه من قوى الاستعباد والاستكبار العالمي , ومصلحة قوى الاستبداد والفساد الداخلي . لقد كانت المنظمات الفلسطينية المدعومة من أنظمة العهر والعفن العربي هي الأداة التي نفّذت سياسة خلق الهوية الفلسطينية المناقضة للهوية الأردنية , ولم تقصّر الأجهزة الأمنية الأردنية في تعزيز ذلك ودعمه , ويكفي أن نعرف أنّ مهندس هذه السياسة هو السيّد عدنان أبو عودة باعترافه , فانتهينا الآن إلى ثنائية بغيضة مقرفة لا يزال صناعها من العملاء يمدونها بمزيد من عفنهم , ولؤمهم , وخيانتهم , ولا تزال هي أشد ورقة يلوحون بها لحماية استبداد وفساد النظام الأردني , وسلطة أوسلو , وسائر التنظيمات الموجودة هنا وهناك .     ولا مخرج ذاتي من هذه الحالة المرضية العفنة إلاّ بأن يتنادى جميع الشرفاء من أبناء الضفتين ممن لم يلوثوا أو يتلوثوا لوضع ميثاق شرف على أساسه يكون التعامل مع الجميع ويتضمن هذا الميثاق ما يلي : • التأكيد على أنّ كلّ من صنع هذه الثنائية أو ساهم بصنعها أو لا يزال يلعب على وترها هو عدو لأبناء الضفتين , وخائن لله , ولرسوله , ولأمته , فأبناء الضفتين كانوا ولا يزالون مجرد ضحية بائسة لهؤلاء العملاء الخونة الذين ولاؤهم للدينار والدولار , ولا يرقبون بهذا الشعب إلاّ ولا ذمّة ....... وقد آن الأوان ليعود أبناء الضفتين كما كانوا في أربعينيات القرن العشرين إخوة متحابين متعاونين فلا فلسطيني ولا أردني فكلنا عرب ومسلمون , أمّا قضية تحرير فلسطين فلا يجوز أن تظل قميص عثمان لتمزيق روابط الأهل , ففلسطين لن تتحرر بمثل هذه الأعمال الصبيانية والولدنات ........... • التأكيد على حقيقة الارتباط العضوي بين أبناء الضفتين , فعلاوة على ارتباطهما بجميع العلاقات الإنسانية فأنّ أغلب العشائر والأسر تجمعها روابط النسب ووشائج القربى , والتاريخ والنضال المشترك , وهذا يوجب تسليط الأضواء على المواقف الطيبة الخالدة التي مسحت من الذاكرة الشعبية لصالح بعض المواقف الشاذّة التي ما كانت في يوم من الأيام تمثّل رأيا عامّا أو توجّها شعبيا .... • التأكيد على أنّ كلا الكيانين ( فلسطين الحالية والأردن الحالي ) هما كيان مصطنعان وقد ولدا ولادة قسرية غير شرعية بقرار من وزارة المستعمرات البريطانية الذي لم يستند على أي معطيات موضوعية مقنعة , وأن جميع الصراعات التي ترتبت على صناعة هذين الكيانين وما تفرع عنهما هي صراعات بين القوى المستعمرة وأدواتها , وأنّ شعب الضفتين كان هو الأداة والضحية معا . • التأكيد على أنّ العدو الحقيقي هي قوى الاستعمار وأدواتها وعملائها من الكيانات الوظيفية بما في ذلك الكيان الصهيوني الذي ارتضى أن يجعل الشعب اليهودي بندقية للإيجار خدمة للوحش الرأسمالي المتفرعن الذي ارتكب من الجرائم ما يندى له جبين الإنسانية فاستعبد الإنسانية جمعاء باسم الاستعمار, وتظاهر بحمل رسالة إنسانية إلى شعوب العالم لتحريرهم من الظلم والاستبداد, وتنويرهم بالعلم والمعرفة ,وخدعهم بالشعارات الزائفة, والأباطيل البرّاقة والأغاليط الخادعة, وأخرج ذلك بزاهي الحلل ,وقشيب الثياب وهي أوهى من بيت العنكبوت الذي لا ينخدع به إلا الذباب , وشبه الذباب .... وهاهم قد ملكوا البر, والبحر ,والجوّ, فماذا جنت منهم الإنسانية غير الموت ,والجوع , والفقر, والذلّ ,وتلويث الأرض تربة , وماء , وهواء بسمومهم؟؟؟ لقد نهبوا خيرات الأرض ظاهرها وباطنها, واستأثروا بها لا عن حاجة فعلية إليها ,ولكنّه الطمع والجشع , والرغبة في استعباد البشر , وإذلالهم , وإبادة الفائض عن حاجتهم من الخدم , والعبيد ... وهل البشرية إلا عبيد لهم ,تكد وتكدح لاستخراج خيرات الأرض فيأخذونها منهم بأبخس الأثمان , ثمّ يعيدونها إليهم بأعلى الأسعار؟؟ وتقاتل بعضها بعضا نيابة عنهم ترسيخا لسيطرتهم , وتمكينا لقبضتهم؟؟ وهل عرفت الإنسانية منذ فجر الخليقة تقدما ماديّا كالذي شهدته في هذا العصر , ولكن هل شهدت شقاء عامّا طامّا كهذا الشقاء الذي غلف مشارق الأرض ومغاربها؟؟ وهل مرّ على الإنسانية حقبة أحلك من هذه الحقبة؟ ومتى حصل في تاريخ بني البشر أنّ حفنة من كبار القارونيين لا تتجاوز نسبتهم واحدا للمائة ألف تتحكم في الأرض كلّ الأرض , ومن عليها , وما عليها, تعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء, وتعطي من تشاء , وتحرم من تشاء؟؟ .. ومحاربة هذه القوى لن تكون بالتماهي مع خططها وتنفيذ تعليماتها وتعليمات عملائها ممن نصبوا لمسخ الشعوب لتظل لقمة سهلة لذلك الوحش الرأسمالي الجشع . • التأكيد على أنّ إنّ أزمتنا الحقيقية هي أزمة عقول فرغت من الفكر الإنساني الصحيح القادر على صياغة الشخصية الإنسانية , والمجتمع الإنساني لتحقيق إنسانية الإنسان بصفته أكرم مخلوقات الأرض وأعظمها مسؤولية .... إنّ قضيتنا أكبر من تقاسم مناصب ومحاصصة, وأكبر من إصلاح منظومة تشريعية لأننا لم نرتق للإيمان بقدسية القانون , وأكبر من انهيار اقتصادي لأنّ الميّت لا تنفعه جودة الكفن .... إنّ قضيتنا تحتاج إلى بعث الحياة فينا , ولا حياة حقيقية إلاّ بفكر رسالي إنساني يؤمن به الإنسان ويضحي من أجله لا مجرد علك مصطلحات يتخذها زيّا وزينة يبدّلها كما يبدّل ملابسه!! لا أقول ذلك تهوينا لشأن إصلاح المنظومة التشريعية فأنا أعتبر إصلاحها أول خطوات الإصلاح ولكن أريد أن يتولى ذلك الأمناء الشرفاء الأقوياء الذين ينطلقون من إيمان حقيقي بالإصلاح . • التأكيد على ضرورة النضال من أجل تحرير فلسطين من النهر إلى البحر بجميع الوسائل والأساليب المتاحة , مع الترحيب باستعادة أيّ جزء منها , وانضمامه للدولة الأردنية باعتبارها موطن الحشد والرباط لمعركة التحرير الكبرى التي ستأتي في القريب العاجل بإذن الله لتحرير البشرية من شرور الرأسمالية المتغطرسة , مع التأكيد على ضرورة استبعاد جميع العناصر والقوى التي كانت تتلاعب بهذه العلاقة المقدسة طيلة الأربعين عاما الماضية , والعمل الجادّ على وحدة بلاد الشام لأنّها هي الحلّ الجذري لجميع المعضلات التي تواجه أهل الشام بمن فيهم أهل ضفتي الأردن. • والتأكيد على أنّ كل من يحمل الجنسية الأردنية حاليا يعتبر أردنيا له نفس الحقوق , وعليه نفس الواجبات , مع رفض مطالب المحاصصة ؛ لأنّها تكرّس الهويات السايكسبيكوية الضيقة , وتتناقض مع الهوية الوحدوية العروبية الجامعة . • , ضرورة تبني ثقافة وحدوية جامعة جادة لصهر مكونات الشعب ترتكز على موروث الأمّة الحضاري , وموروث أبناء الضفتين من العلاقات الطيبة , ومحاربة الهويات القاتلة , والنظرات الضيقة , وتجريم سياسة فرق تسدّ. وختاما فقد اجتهدت وتجرأت على نبش عش الدبابير فإن وفقت فذاك ما أردت وإن أخطأت أو تجنيت أو جانبت الصواب فإنني أول من يصدع للحق , ويخضع لسلطان الحقيقة , وأتقدّم بجزيل الشكر لمن أهدى إليّ عيوبي , أو صحح لي ما عندي من أخطاء . 
فلاح أديهم المسلمي الصخري . 

المصدر: عالم السياسة الاخباري .. فلاح أديهم المسلم
alam-asiyasa

عالم السياسة والثقافة الإخباري ( ع . س . ا ) .. نصر الزيادي .. " المواد المنشورة ليس بالضرورة ان تعبر عن رأي صحيفتنا الالكترونية " حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع عالم السياسة والثقافة الإخباري ( ع . س . ا )

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 164 مشاهدة

عالم السياسة والثقافة الإخباري

alam-asiyasa
( ع . س . ا ) صحيفة الكترونية شاملة .. إخبارية سياسية ،، ثقافية واجتماعية »

البحث فى الموقع

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

244,849

عالم السياسة والثقافة الإخباري

عالم السياسة والثقافة الإخباري

      ( ع . س . ا )


 صحيفة الكترونية شاملة .. اخبارية سياسية ،، ثقافية واجتماعية


* تعنى بالشأن السياسي المحلي والعالمي  
* تعنى بنقل الخبر بمصداقية وشفافية
* تعنى بالشؤون الاجتماعية والثقافية
* تسمح بالنقاشات الهادفة وتبادل الاراء 
* تقوم على استفتاء الجمهور بمواضيع ذات اهمية
* الأستقلالية ونبذ التبعية الفكرية 
* الحرية في التعبير سقفها المسؤولية الدينية والاخلاقية .