عالم السياسة الإخباري .. صالح البطوش
العنف الجامعي ظاهرة أردنية بامتياز
عندما يكون القبول في الجامعات لا يراعي إلّاً ولا ذمة .. لا عدلاً ولا سوية في معدل القبول أو التخصص المستحق .
عندما يحارب العمل الحزبي ويحرم الطالب من الإنضمام الى حزب فكري وطني .. ذو هدف ورؤية .. بالملاحقة والمضايقة أثناء التعين والتوظيف .. وينخرط في مكون شللي عنصري فارغ من المعنى والمضمون .
عندما ينتخب إتحاد الطلبة على أساس عشائري جهوي جغرافي بغيض بعلم أمني وإداري.
عندما تتحول منابر العلم وحقول المعرفه الى أوكارٍ مشرعة العتبات لبعض العلاقات الدنيئة والمشبوهة .. ذات الرّذائل وذات السقوف المرتفعة بدواعي الحرية الشخصية في زمن المدنية .
عندما يخرجنّ الطالبات الجامعيات حاسياتٍ شبه عاريات كعارضات الأزياء .. دون صدّ أو رد أو سؤال أو جواب .
عندما تتحول منظومة التعليم الى مؤسسة تجارية ربحية .. ويعتمد عليها كأحد روافد الخزينة المفتوقة .
عندما يكون القول الفصل للعباءة السوداء والقهوة السمراء .. في قضايا اجتماعية طلابية مصيرية .
عندما تدار الجامعات بأنظمة وقوانين دون ممارسة فعلية وحقيقية لسيادة القانون نفسه .. ويفسح المجال للمحسوبية والواسطة بدلاً من التطبيق الحقيقي للوائح القوانين العقابية والجزائية الرادعة.
عندما يختزل الدور الشرطي والأمني على فك الإشتباك دون المتابعة والمعاقبة .. ومعرفة الأسباب وبتر المسبّبات .
عندما يسند الامر لرجالٍ ضعاف لا يملكون القرار المسند بمرجعية عدلية .. في فصل النّشاز وفلترة الشوائب .
عندما يكون في أبجديات السياسة الحكومية إشغال الناس بإنفسهم .. بدلا من البحث والتحري لمعرفة بواطن الامور في كيفية إدارة الدولة وأركانها .
عندما تكون التربية البيتية والبيئية أساسها العنجهية .. تنمي فينا الإقليمية المغلقة وتعزّز فكرة التخاصية.
يكون التعليم الجذري الإبتدائي والإعدادي لا إخفاق فيه ولا عقوبة ولا حساب .. يتصدر المتفوق والمتأخر لتنافس النهائي .. ثم تأتي نتائج الثانوية العامة بهالة ضخمة من المعدلات بطرق مشروعة وغير مشروعة.
عندها فقط يسكت القلم ليتكلم الرصاص .. وعندها فقط يكون العنف صناعة وطنية وبإمتياز .. يشترك فيها المجتمع والدولة في ظاهرة غريبة .. نكاد نتميز بها في محيطنا العربي والإقليمي وبشكل متكرّر لذات الاسباب ونفس المسبّبات .
فما حصل في جامعة مؤتة كان نتيجة إنتخابات إتحاد الطلبة والتي لم تكن على أساس حزبي فكري .. أو إداري تربوي .. أو حتى علمي .. وإنما على أساس المسمى العشائري .. وعلى مستوى المملكة.. ثم جاء دور الثقافة الشخصية .. والتربية المدرسية والمنزلية .. عندما قام بعض الطلبة الفائزون بإظهار رعونة واضحة .. تعبيراً عن فرحتهم بالفوز في قالب التحدي والإستفزاز والمناكفة .. مستحضرين إسم القبيلة والعشبرة .. وكانت ردّت الفعل إنتصاراً لذات المسميات من الطرف الخاسر .. فظهر حب الذات .. وإبراز العضلات .. والنزعة القبلية في النفوس .. وخاصة أمام الجنس الآخر .. وتدخلت الأحهزة الأمنية .. والتي لم يكن يسمح لها بدخول الحرم الجامعي .. في حين يدخل الطالب بسلاحه الأبيض والناري .. وجاءت النتائج الكارثية .. بقتل أحد الطلبة الأبرياء إختناقاً بالغاز المسيّل للدموع . .وإصابة عدد آخر بجروح متفرقة ومختلفة المستويات .. وعلقت الدراسة الى إشعارٍ آخر .
هذه الظاهرة تكرّرت .. وسوف تتكرّر في الاعوام القادمة .. طالما اننا لم نعالج أساس المشكلة .. وطالما اننا نترك الأمر للتدخلات العشائرية في ضبط الأمور وحلّ الخلاف .. والواسطة والمحسوبية لنتجاوز عن الطالب المخالف والمتسبّب .
تلك هي الحقائق التي يجب ألا نجافيها ولا نجانبها عندما نتحدث عن أسباب العنف الجامعي في الاردن .