<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

وقبل أن ندخل في الردود عليهم يحسن بنا أن نذكر مقصدهم بالمادة، وصفاتها لديهم، حتى يتسنى لنا الردُّ على وجهٍ لا تبقى معه فجوة فيها.

تعريف المادة لدى «لينين»:

يعرف «لينين» المادة بقوله: (هي مقولة فلسفية تخدم في تعيين الواقع الموضوعي المعطى للإنسان في إحساساته التي تنسخه، تصوره، تعكسه، والموجود بصورة مستقلة عن الإحساسات).

وبناءً على هذا التعريف الذي يعتبر المادة شاملة لجميع مفاهيم الأشياء كالورد والشجر، والبيت ونحوها - إذ كلها مفاهيم – تكتسب المادة خاصية السبق على الإدراك والتأثير فيه، وبما أن الفلسفة تدرس المفاهيم شاملة إلى أقصى حدٍّ، أُطلق على هذه الدراسة مقولة فلسفية، وبما أن المادة تدرس المفاهيم شاملة إلى أقصى حدٍّ، فهي إذن على هذا الأساس مقولة فلسفية، ووظيفتها: تعيين الواقع الموضوعي؛ أي: الواقع المادّي الموجود خارج الإدراك، وهو المؤثر في أعضاء حواس الإنسان وإثارة إحساساته.

إذن: فالفكر انعكاس للمادة الواقعة على الدماغ، وهو يفكر في المادة التي تعكس عليه، وقبل انعكاس المادة على الدماغ لا يوجد فكر، فالمادة إذن تسبق الفكر عنده.

بعد أن عرفنا المادة وأنها سابقة – حسب قولهم – في الوجود على الفكر، أذكر هنا رأيهم في أزلية المادة وأبديتها.

يقول الماديون: (وبالتالي فليس للكون نهاية ولا حدود، العالم أبدي وليس له أي (بداية) ولن يكون له أيّ (نهاية)، ومن هنا، فأيَّ عالم غيبي، غير مادي، غير موجود، ولا يمكن أن يوجد.

وفي واقع الأمر أنه إذا لم يوجد شيء غير المادة، فلا يوجد غير عالم مادّي واحد، وهذا يعني أنه عند وجود الأشياء والظواهر المختلفة في العالم المحيط بنا، هناك خاصية واحدة توحدها، هي: ماديتها).

إذن، فلا يوجد شيء – على حدِّ تعبيرهم – غير العالم المادي، ولا يمكن أن يوجد عالم روحي أو يوم آخر، كما جاءت به الأديان، فالإنسان، في نظرهم نتاج المادة فقط، فالمادة هي الخالقة، ولها خصائص الخالق، وليس هناك عالم غيبي؛ لأن العالم محصور فيما تدركه الحواس، ولم يكتفوا بإنكار وجود الله سبحانه وتعالى، بل صرَّحوا بأن الله من إبداع الإنسان، وأن المشكلة ليست هي مشكلة وجوده سبحانه، بل هي مشكلة فكرة وجوده.

إذن، مبدؤهم الذي ينطلقون منه: أن الله لا نفع فيه، وإثارة النقاش حول وجوده لا طائل تحته، إذ لديهم فكرة لا تتغير؛ وهي: أن ما وراء الكون المادي وهمٌ وهُراءٌ.

فهذه المادة هي كل شيء، ترد بمعنى الطبيعة، كما أن الطبيعة ترد بمعنى المادة.

وأما قولهم بأبدية المادة فيعللون لها بقولهم: (إن في الطبيعة لا ينشأ شيء من لا شيء، ولا يختفي أبدًا بلا أثر، وإذا كان الأمر كذلك فإن المادة أو الطبيعة قد وجدت دائمًا، لأننا إذا سلمنا بأنه في وقت من الأوقات لم يكن هناك شيء في العالم، أي لم تكن توجد مادة، فمن أين لها أن تنشأ؟ ولكن ما أن توجد المادة فهذا يعني أنها لم تنشأ في أي وقت من الأوقات، بل وجدت دائمًا، وستوجد دائمًا فهي أبدية وخالدة؛ ولهذا لم يمكن أن تُخلق، فلا يمكن أن يخلق ما لا يمكن إفناؤه، وبذلك فالمادة لم تنشأ أبدًا، بل وجدت دائمًا وستوجد دائمًا فهي أبدية).

إذن، فالمادة أبدية خالدة، لم تنشأ من العدم؛ لأنه لا يمكن أن يخلق ما لا يمكن إفناؤه؛ ولهذا لا يجوز السؤال عن بداية المادة ونهايتها؛ لأن آثارها واضحة ومشاهدة، والحركة كذلك محال خلقها وإفناؤها؛ لأنه صنعة المادة.

يقول «انجلز»: (المادة من دون حركة، أمر غير معقول، بقدر ما هي الحركة من دون المادة، وإذن فالحركة محال خلقها وإفناؤها قدر ما هو محال ذلك بالنسبة للمادة نفسها).

الردود على هذه الشبهة:

قبل البدء في الردِّ عليهم أورد هنا الأساس الفكري لهذه الفكرة المادية، فإن الأساس الفكري لهذه الفكرة المادية التي نشأت منها الشيوعية هو حصر نطاق المعرفة في المادة وحدها.

وهذا الفكر وإن كان نشأ ونما في أوروبا فيما بعد القرن السابع عشر، إلاَّ أنه قديم في البشرية قدم الآفات والانحرافات فيها، ويعتبر امتدادًا لفكرة هؤلاء الماديين أو الدهريين الذين أنكروا البعث قديمًا ونسبوا الموت للدهر بدلاً من الله... كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم: { وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ }.

كذلك أعداء الرسالات أغلبهم مادّيون، ولذلك تراهم يتطاولون بالمادة وينكرون البعث واليوم الآخر ويرون الجزاء للإنسان قاصرًا على متع الحياة الدنيا... يقول سبحانه وتعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ * وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَدًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ}، {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ * هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ * إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ}.

كما يحكي القرآن مقالة الماديين لدى ظهور الإسلام: { وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ}.

وقد بيَّن القرآن أن هذا الذي طلبه الماديون في شأن التصديق بالرسالة الخاتمة ليس غريبًا، ولا غير معهود في تاريخ البشرية، وإنما هو أمر تكرر على عهد الرسالات السابقة: { وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ }؛ أي: أشبهت قلوب مشركي العرب قلوب من تقدمهم في الكفر والعناد.

{ يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاء فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللهِ جَهْرَةً}.

{ كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ}، فتشابهت قلوبهم، وقال متأخروهم بما قال به متقدموهم.

فالظاهرة العامة لهم هي الركون إلى المادة، وإنكار ما وراء المحسوس المشاهد، ولا يعرفون غيرها في مجال الإقناع والاقتناع.

ولكنَّ هناك فروقًا بين الإلحاد القديم والحديث، من أهمها ما يلي:

أولاً: أن الإلحاد بمعنى: إنكار وجود الله أصلاً – وهو أبرز ما في الاتجاه المادي الحديث عمومًا – لم يكن ظاهرة منتشرة متفشية في القديم، وإنما الذي كان شائعًا هو الشرك بمعنى منح خصائص الإلوهية لغير الله عز وجل، وإشراك آلهة مزعومة معه سبحانه.

صحيح أن الملاحدة الدهرية كان لهم وجود منذ القدم – كما أُشير من قبل – ولكن هؤلاء كانوا شرذمة قليلين مع اختلاف آرائهم في هذا الجانب، فإنهم كانوا على طائفتين:

الأولى: الفلاسفة الدهرية الإلهية، القائلون بقدم العالم، وكان من مقدمتهم أرسطو، وأتباعه، فهؤلاء لم يكونوا يقولون: بأن المادة هي الخالقة، بل كانوا يثبتون للعالم علة يتشبه بها.

الثانية: الفلاسفة الدهرية الملاحدة أو الطبيعية، القائلون بما ذكر الله عنهم بقولهم: {مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا} فهؤلاء يشبهون في بعض الجوانب الشيوعيين في العصر الحاضر، وقد ردَّ الله عليهم في هذا القول بقوله: { وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ}؛ أي: (يتوهمون ويتخيلون)، فقولهم هذا ما كان مستندًا إلى علم أو يقين، بل كان عن ظن وتخمين.

ولكن الشيوعية الحديثة وإن كانت تشبه أفكارهم في جانب الإلحاد معهم إلاَّ أنها تختلف معها في بعض الجوانب – كما يأتي -.

ثانيًا : الإلحاد في هذا الزمن هو إنكار وجود الله أصلاً، انتشر في العصور الحديثة انتشارًا واسعًا في دول أوروبا بصورة ملفتة للنظر، وأصبح له حكومات تحرسه، ودول تحميه، بل لقد غزا بلاد الإسلام حتى قام في ربوعها ناعقون يرددون سفاهاته وينشرون ضلالاته.

ثالثًا: إن إلحاد هذا الزمان يضرب بسيف من العلم، ويزعم بأنه يقوم على سند من العلم وتأييد من البحث، وذلك أن الصفة التي تتصف بها المادية قديمًا وحديثًا هي أن الماديين يتصورون أن المادة حقائق محسوسة ملموسة وليست فروضًا وراء الحس... والنظرة العلمية في تصورهم هي ما تخضع للبحث التجريبي، وما لا يخضع للبحث التجريبي لا يسمّى علميًّا في نظرهم، ومن ثَمَّ أبعدوا مفاهيم الدِّين والغيب من مجال البحث العلمي حيث لا يقوم عليها دليل عندهم، ووصل الأمر أن أصبح الدين في حسِّ كثير من العلماء الأوروبيين مثلاً للخرافة، وصاروا يدفعون عقيدة الإيمان بالله بحجة أن العلم يأباها،.. وشنّوا حملة ضد الإيمان عامة وضدّ الإسلام خاصة... بل بلغ الأمر إلى أن أصبحت هذه الآراء والأفكار الملحدة تدرس في كثير من جامعات العالم الإسلامي تارة باسم الفلسفة، وتارة باسم الجيولوجية، وتارة باسم الاقتصاد الحديث.

وهذه النظرية يمكن إبطالها بما يلي:

1- عدم استقرارهم على منهج معين، وذلك؛

أ . تراجعهم عن تعريف المادة :

سبق تعريف المادة كما عرفوها، وذلك ما قال به الشيوعية أخيرًا، حيث أعادوا صياغة تعريفها بقولهم: هي: (الوجود الموضوعي خارج الذهن)، ولكن ماذا كانوا يقولون في تعريف المادة في أول أمرهم؟ كانوا يقولون: هي: (كل ما تقع عليه الحواس)، وحصروا موادها في أمور أربعة؛ الماء والهواء والتراب والنار، وكان المادّي يخبط المائدة بيده أو يضرب الأرض بقدمه ويقول لمن يجادله: هذه هي الحقيقة التي ألمسها بيدي وقدمي أو أراها بعيني وأسمعها بأذني.

ثم توالت الاكتشافات العلمية، وشاعت العلوم التجريبية في القرنين الأخيرين، وشاعت معها قوانين الحركة والضوء وسائر القوانين التي عُرفت بالقوانين الوضعية، فتجاوزت ما تقع عليه الحواس إلى عالم الذرة، فأعادوا صياغة تعريف المادة بأنها: (الوجود الموضوعي خارج الذهن).

ب . تراجعهم عن القول بأسبقية المادة على الفكر:

إن هؤلاء الشيوعيين كانوا في بداية أمرهم يقولون بأسبقية المادة على الفكر، وأرادوا بذلك إنكار المغيبات على أنها أفكار، والمادة سابقة لها، فلا يفكر فيها، بل الأصل هو المادة.

ولكنهم سرعان ما تراجعوا عن القول بأسبقية المادة في الوجود على الفكر، يقول أصحاب أسس الماركسية اللينينية: (إن النشاط الذهني أو الفكر خاصة مميزة للمادة، ولكنها ليست شكلاً من أشكال المادة، وفي المسألة الأساسية في الفلسفة يطرح الفكر كضد للمادة والروح كضد للطبيعة، فالمادة هي أي شيء يوجد خارج العقل ولا يتوقف عليه، وبالتالي: من الخطأ الجسيم اعتبار الفكر جزءًا من المادة، وفي الوقت الحالي يعتبر التوحيد بين الفكر والمادة من مفاهيم المادية المنحطة).

إذن، لقد وصف الشيوعيون أنفسهم الفكر المادي للقرن التاسع عشر الذي قامت الماركسية والشيوعية على أساسه، والذي يسوي بين المادة والفكر، ويعتبر الفكر شكلاً متطورًا من أشكال المادة يعكس الوسط المادّي، وصفوا هذا القول بأنه من المفاهيم المنحطة.

إذن، هؤلاء على اضطراب تام في تفسير الفكر، فبعضهم اعتبروه من المادة، وبعضهم اعتبروا التوحيد بين المادة والفكر كلامًا منحطًا، فلنتساءل: ما هو الحق لديكم في هذا الباب؟ هل هما شيء واحد، أم بينهما انفصال؟.

ج . تراجعهم عن القول بالمادة بأنها هي أصل كل شيء، وذلك؛

أنه لما جاء القرن العشرون وجاء معه تفجير الذرة فتحولت المادة إلى طاقة وفتح ذلك الباب إلى تعريفات جديدة للمادة، منها: أنها صورة مختلفة من الطاقة فحسب، وقال آخر منهم: إن المادة مركبة من بروتونات وإليكترونات، أي شحنات موجبة وسالبة من الكهرباء.

فلمّا تغير مفهوم المادة ورأوا عدم صحة القول بأنها هي وراء كل شيء، بل اكتشف أخيرًا أن المادة في نفسها طاقة تشكلت بوضع خاص فصارت مادة، قالوا: وماذا في الأمر؟ إن ما نقوله بالنسبة إلى المادة قد انتقل إلى الطاقة التي هي أصل المادة، هكذا قال «لينين».

من العرض السابق لتعريف المادة وبيان أقوالهم حولها رأينا أن المادة التي قال بها الشيوعيون والماديون، وبنوا عليها مذهبهم قد تغير مفهومها تمامًا، ولم يَعُد لها ذلك المفهوم السطحي الذي نشأت الشيوعية في ظلها، فالمادة في القرن العشرين تحولت إلى طاقة.

وقررت الحقائق العلمية أخيرًا؛ أن الشيء الصلد الذي نلمسه فنراه ذا حجم ثابت ليس أكثر من شحنات كهربية وإلكترونية، بل العالم المادّي المكون من جبال وأنهار وأرض وأشجار ونحو ذلك مما تشهد به حواسنا، هو كتل من الإشعاعات الضوئية المتحركة.

وبهذا نكون قد قضينا على القول بأن المادة هي أصل كل شيء، وفيما يلي نقد أقوالهم في أزلية المادة وأبديتها.

2- عدم وجود دليل قاطع على أزلية المادة وأبديتها: فإن هؤلاء الملاحدة عندما يوجه إليهم السؤال – الذي يقوم عليه التحدي – من خلق المادة؟ فإنهم يجيبون: إن العلم أثبت أنها وجدت دائمًا منذ الأزل، فنحن نطرح عليهم سؤالاً لابدّ من إجابته لإثبات هذا المدعى، وهو: أين الدليل العلمي القاطع الذي يثبت صدق دعواكم أن المادة وجدت منذ الأزل؟ وكل ما ذكرتموه من الاستدلالات بأنها سابقة للفكر، وأنها لا تنشأ عن لا شيء، وما لا يمكن إفناؤه لا يمكن أن يخلق، هذه الشبهات الثلاث السابقة الذكر ليست إلاَّ تخمينات وظنون وليس عليها أيّ دليل علمي قاطع، فكيف تؤمنون بالنظريات هذه وأنتم ما أثبتموها إلاَّ بالظنون الكاذبة، ولم تؤمنوا بالخالق المبدع مع أنّ آثار وجوده ظاهرة وباهرة؟

3- مخالفة الشيوعية للمنهج العلمي: وذلك؛ أن فلسفتهم المادية هي – حسب زعمهم – الفلسفة العلمية الوحيدة التي تتفق وسائر العلوم، ومن شأن المنهج العلمي الطبيعي – كما هو معروف – الاقتصار على الكون المادّي، وعدم تجاوزه إلى ما وراءه؛ لأن وسائله التي يعتمدها هي الملاحظة والتجربة، وهذه الوسائل قاصرة عن إدراك ما وراء الكون المادّي، فهي لا تملك إزاءه أية وسيلة للنفي أو الإثبات. فكان الواجب على الماركسية والشيوعية أن تلتزم بموضوع هذا المنهج ولا تتجاوزه إلى غيره، فتركز همّها في دراسة الكون المادّي ولا تتعداه إلى غيره؛ ولكنها أقحمت نفسها بشيءٍ خارج عن مجال خطته التي خطها لنفسه، فتقحمت عالم الغيب، وأنكرت وجود الله سبحانه.

4- مخالفة المادة - التي زعموا أنها أزلية - خصائص الأزلية المعترف بها لدى جميع العقلاء، والمعترف بها لدى الشيوعيين أيضًا لزامًا: وذلك؛

أن الأزلي كما هو مجمع عليه عند العقلاء لابدّ أن تتوفر فيه الشروط الآتية:

1- أن يكون وجوده من ذاته ومتوقفًا على ذاته، ومن ثَمَّ فإنه يكون مستغنيًا في وجوده وفي بقاء هذا الوجود واستمراره عن غيره، ولا يستطيع غيره أن يؤثر عليه في إيجاد أو تحويل أو إعدام.

2- أن يكون قديمًا لا بداية له؛ لأنه لو كانت له بداية لكان محدثًا من العدم، فلا يكون أزليًّا.

3- أن يكون باقيًا لا نهاية له؛ لأنه لو كانت له نهاية لكان هناك مَن يستطيع إفناءَه.

والماديون عمومًا يسلِّمون بهذه الشروط الواجب توافرها فيما هو أزلي، ولكنهم يحاولون تطبيقها على المادة، ويزعمون أنها أزلية، فهل المادة كذلك؟ هذا ما سيحقق فيما يأتي في الردّ الخامس، وما بعده.

5- أدلة حدوث الكون أو المادة :

وهذه الأدلة يمكن تقسيمها إلى مجموعتين:

المجموعة الأولى: في بيان الأدلة العقلية الفلسفية القديمة:

وأصل هذه الأدلة: هو إثبات حدوث العالم من ظاهرة التغير الملازمة لكل شيء فيه، وذلك؛ أن التغير نوع من الحدوث للصورة والهيئة والصفات، وهذا الحدوث لابدّ له من علة، وتسلسلاً مع العلل للمتغيرات الأولى سنصل حتمًا إلى نقطة بدء نقرر فيها أن هذا الكون له بداية في صفاته وأعراضه، وفي ذاته ومادته الأولى، وحينما نصل إلى هذه الحقيقة لابدّ أن نقرر أن هناك خالقًا أزليًّا- لا يمكن أن يتصف بصفات تقتضي حدوثه – وهذا الخالق هو الذي خلق هذا الكون وأوجده بالصفات التي هو عليها، والذي يوضح ذلك ما يلي:

1- دليل الإلزام العقلي بين الوجود والعدم:

قال تعالى: { أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ }.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: (وقد قيل: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ}: من غير رب خلقهم، وقيل: من غير مادة، وقيل : من غير عاقبة وجزاء، والأول مراد قطعًا، فإن كل ما خلق من مادة أو لغاية فلابدّ له من خالق، ومعرفة الفطر أن المحدَث لابد له من محدِث أظهر فيها من أن كل محدَث لابدّ له من مادة خلق منها وغاية خلق لها، فإن كثيرًا من العقلاء نازع في هذا وهذا، ولم يُنازع في الأول، طائفة قالت: إن هذا العالم حدث من غير محدث أحدثه، بل من الطوائف من قال: إنه قديم بنفسه واجب بنفسه ليس له صانع، وأمَّا أن يقول: إنه محدث حدث بنفسه بلا صانع، فهذا لا يعرف عن طائفة معروفة، وإنما يحكى عمّا لا يعرف).

وقال في موضع آخر: (قوله: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} فيها قولان: فالأكثرون على أن المراد: أم خلقوا من غير خالق، بل من العدم المحض؟ كما قال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ}.

وكما قال تعالى: {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ}، وقال: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ}، وقيل: أم خلقوا من غير مادة، وهذا ضعيف؛ لقوله بعد ذلك: {أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} فدلَّ ذلك على أن التقسيم أم خلقوا من غير خالق، أم هم الخالقون؟ ولو كان المراد: من غير مادة لقال: أم خلقوا من غير شيء، أم من ماء مهين؟ فدل على أن المراد: أن خالقهم لا مادتهم؛ ولأن كونهم خلقوا من غير مادة ليس فيه تعطيل وجود الخالق، فلو ظنوا ذلك لم يقدح في إيمانهم بالخالق بل دلَّ على جهلهم؛ ولأنهم لم يظنوا ذلك، ولا يوسوس الشيطان لابن آدم ذلك، بل كلهم يعرفون أنهم خلقوا من آبائهم وأمهاتهم؛ ولأن اعترافهم بذلك لا يوجب إيمانهم ولا يمنع كفرهم، والاستفهام: استفهام إنكار، مقصوده تقرير أنهم لم يخلقوا من غير شيء، فإذا أقروا بأن خالقًا خلقهم نفعهم ذلك، وأمَّا إذا أقروا بأنهم خلقوا من مادة لم يغنِ ذلك عنهم من الله شيئًا).

والمقصود: بيان أن في هذه الآية، ذكر الله – عز وجل – شيئين في قضية الخلق، وهما:

أ - إمّا أنهم خلقوا من العدم، والعدم هو الأصل.

ب - وإما أنهم خلقوا من شيء، وخلقوا أنفسهم بأنفسهم، فالوجود هو الأصل.

فمعنى الآية: هل انتقلوا من العدم إلى الوجود من غير خالق؟ أم هل كانوا هم الخالقين لأنفسهم في هذا الانتقال؟ وكلاهما من الأمور المستحيلة بداهة.

والموجِد لا يكون عدمًا؛ لأن العدم لا يمكن أن يكون هو الأصل؛ لأنه هو النفي العام لكل ما يخطر بالبال، ونفي صفاته، فلا ذات ولا قوة ولا إرادة ولا علم ولا حياة ولا أي شيء، ولا يمكن أن يتحول هذا العدم إلى الوجود، ولا يمكن أن يأتي من هذا العدم العام: ذوات وصفات وقُوى تنطلق بنفسها منه إلى الوجود، فقد ثبت لنا أن العدم لا يمكن أن يكون هو الأصل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ولم يذكر القرآن خلق شيء من لا شيء، بل ذكر أنه خلق المخلوق بعد أن لم يكن شيئًا، كما قال تعالى: { وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا}، مع إخباره أنه خلقه من نطفة).

فإذا لم يكن العدم هو الأصل لابدّ أن يكون الوجود هو الأصل؛ لأنه نقيض العدم، ولذلك يستحيل عقلاً أن يطرأ العدم على وجود عِلمنا أنه هو الأصل.

ولو نظرنا إلى الموجودات التي تقع تحت مجال إدراكنا الحسّي في هذا الكون العظيم لوجدنا أن هذه الموجودات – ومنها الإنسان – لم تكن ثم كانت، وأن أشكالاً كبيرة كانت معدومة في أشكالها وصورها ثم وجدت، كما هو مشاهد لنا باستمرار، كما تبدو لنا صورة التغيرات الكثيرة الدائمة في كل جزء من أجزاء هذه المواد الكونية التي نشاهدها، أو نحسُّ بها، أو ندرك قواها وخصائصها، فمن موت إلى حياة، ومن حياة إلى موت، ومن تغييرات في الأشكال والصور إلى تغييرات في الصفات والقوى، وكل ذلك لا يعلل في عقولنا – وفق قوانين هذا الكون الثابتة التي استفدناها من الكون نفسه- إلاَّ بالأسباب المؤثرة التي تحمل سرّ هذه التغييرات الكثيرة المتعاقبة في كل شيء من هذا الكون على اختلاف جواهره وصفاته، سواء منها المتناهي في الصغر أو المتناهي في الكبر.

وهنا نقول: لو كان الأصل في هذه الموجودات المعروفة على حواسنا (المادة) هو الوجود الأزلي، لم تكن عرضة للتحول والتغير والزيادة والنقص، والبناء والفناء، ولم يحتج صور وجوداتها وتغيراتها إلى أسباب ومؤثرات، وبما أنه عرضة للتغيير والتحويل، وبما أن قوانينها تفرض احتياجاتها إلى الأسباب والمؤثرات، لزم عقلاً ألا يكون الأصل فيها الوجود، وإنما يجب عقلاً أن يكون الأصل فيها هو العدم، ولابدّ لها من سبب أوجدها من العدم، وهو الله سبحانه وتعالى.

2- دليل الإمكان في الكون أو المادة :

بملاحظتنا لكل شيء في الكون، سواء كان من الأشياء المادية التي يمكن أن نُدركها ببعض حواسنا كالأرض والكواكب والنجوم، أو صفة من الصفات القائمة في الأشياء المادية التي نستنبط وجودها بعقولنا كالجاذبية الخاصة الموجودة في حجر المغناطيس، وكخواص المركبات المادية التي لا حصر لها في الكون سواء في ذلك الظواهر الكيميائية أو الفيزيائية، من خلال ملاحظتنا لجميع هذه الأشياء الكونية، ندرك بداهة في كل واحد منها أنه كان من الممكن عقلاً أن يتخذ صورة وحالة غير ما هو عليه الآن، فما المانع من أن يكون العقل في البهائم والنطق في العجماوات؟ وما المانع من أن تكون الأرض أدنى إلى الشمس والقمر من الوضع الذي هي عليه؟ أو غير ذلك من أشياء كثيرة.

فإن قيل: إن الحكمة تقتضي أن تكون هذه الأشياء كما هي عليه الآن، وإلاَّ لاختل النظام وفسدت النتائج المرجوة من هذا الكون.

قلنا: إن الحكمة هي من صفات الحكيم – هو الله سبحانه – وما دام أن كل شيء في الكون يحتمل أن يكون على واحد من أوضاع كثيرة غير الوضع الذي هو عليه الآن، فإن العقول لابدّ أن تحكم بداهة بأن ما كان كذلك فلابدّ من مخصص قد خصصه باحتمال موافق للحكمة والإبداع والاتفاق من جملة احتمالات كثيرة، ولولا وجود المخصص للزم ترجيح أحد المتساويين على الآخر من غير مرجح، أو القول بأن موافقة الحكمة – فيما لا حصر له من الأعداد – كان على طريق التصادف، وكلاهما مستحيل عقلاً.

3- دليل الإتقان في الكون :

من أعظم ما يدهشنا في أنفسنا في الكون من حولنا ذلك الإتقان العجيب في التركيب والصنع، فما نصادف من شيء في الأرض ولا في السماء إلاّ وهو في غاية الإتقان، مركب أحكم تركيب يؤدّي به إلى غايته التي خُلق من أجلها.

أليس من الإتقان هندسة الكون العجيبة، في مخطط كواكبه ونجومه، بحيث إن أيّ تغيير فيه يؤدّي به إلى الخلل والنقص أو الخراب والفناء، وكذلك أليس من الإتقان المدهش هذا الإنسان في خلقه وتكوينه، وكذلك هذه الحيوانات المدهشة في تكوينها؟ نعم، في كل شيء نرى فيه الإتقان المدهش الذي لا يصدر إلاّ عن متقن بنفسه يتقن كل شيء صنعًا.

فهذه أدلة علمية عقلية كلها تدل على أن الكون بما فيه المادة، حادثة وموجودة بعد أن لم يكن لها وجود، فهي حادثة، والحادث لابدّ له من مُحدِث، وبهذه يبطل قول الماديين بأزلية المادة كما أنها في حالة حدوث وتغيير دائمين، فحدوثها وتغييرها دليل على أن لها بداية، وهذا الدليل نفسه يقودنا إلى أن للمادة نهاية محتومة لابدّ أن تصير إليها؛ لأن كل شيء له بداية لابدّ أن يكون له نهاية.

وحين لا يسلم بهذه الأدلة المنطقية العقلية التي تدل على حدوث الكون (المادة) وبدايته ونهايته طائفة من المفتونين بالعلوم الحديثة وقوانينها، ومنجزاتها، فإنني أعرض لهم أدلة من هذه العلوم وقوانينها التي تثبت حدوث الكون، وأنه لابدّ له من إله أوجده من العدم، كما أن له نهاية محتومة سيصير إليها.

المجموعة الثانية: في بيان الأدلة العلمية على أن المادة ليست أزلية ولا أبدية:

وهذه الأدلة يمكن أن نقسمها قسمين:

الأول: الأدلة العلمية الحديثة الدالة على أن المادة ليست بأزلية:

وذلك بما يلي:

1- أثبتت الاكتشافات العلمية في العصر الحديث أن للمادة بداية، حيث لاحظ العلماء أن حركة المادة في الكون كله حركة دائرية، فكل ذرة من ذرات الكون مؤلفة من جزئي كهربيّ موجب، ويُسمَّى (البروتون)، وجزئيٍ كهربي سالب، ويُسمَّى (إليكترون)، وبعض الذرات تحتوي على جزء ثالث معتدل ويُسمَّى (النيترون)، هذا، ويشكل البروتون والنيترون في حالة وجوده كتلة النواة، أمَّا الإليكترون فهو يدور بسرعة دائرية هائلة، ولولا هذا الدوران لجذبت كتلة النواة كتلة الإليكترون، ولم يكن هناك امتداد لأيّ مادة على الإطلاق، بل لولا هذا الدوران لكانت الأرض كلها – كما يقال – في حجم البيضة.

هذا الدوران هو سنة الله في الطبيعة، فالقمر يدور حول الأرض، والأرض تدور حول الشمس، وهكذا كل ذرة تدور في هذا الكون، والذي نريده هو: أن الشيء الدائر لابدّ أن تكون له نقطة بداية زمانية ومكانية ابتدأ منها.

2- يقول «إدوارد لوثر كيسيل» في معرض ردّه على القائلين بأزلية الكون: (ولكن القانون الثاني من قوانين الديناميكا الحرارية يُثبت خطأ هذا الرأي الأخير، فالعلوم تُثبت بكل وضوح أن هذا الكون لا يمكن أن يكون أزليًّا، فهنالك انتقال حراري مستمر من الأجسام الباردة إلى الأجسام الحارة، ومعنى ذلك؛ أن الكون يتجه إلى درجة تتساوى فيها جميع الأجسام وينضب منها معين الطاقة، ويومئذ لن تكون هناك عمليات كيماوية أو طبيعية، ولن يكون هناك أثر للحياة نفسها في هذا الكون، ولما كانت الحياة لا تزال قائمة؛ ولا تزال العمليات الكيماوية والطبيعية تسير في طريقها، فإننا نستطيع أن نستنتج أنّ هذا الكون لا يمكن أن يكون أزليًّا وإلاّ لاستهلكت طاقته منذ زمن بعيد، وتوقف كل نشاط في الوجود، وهكذا توصلت العلوم – دون قصد – إلى أن لهذا الكون بداية، وهي بذلك تثبت وجود الله؛ لأن ما له بداية لا يمكن أن يكون قد بدأ بنفسه، ولابدّ من مبدئٍ، أو من محرك أول، أو من خالق هو: الإله).

فهذه الأدلة العلمية القاطعة تُثبت أن المادة غير أزلية، والآن أعرض فيما يلي الأدلة العلمية على أن المادة ليست أبدية.

الثاني: الأدلة العلمية الدالة على أن المادة ليست أبدية:

من أشهر هذه الأدلة:

1- ما سبق معنا من قانون الديناميكا الحرارية، فإنه قد جاء فيه: أنّ مكونات هذا الكون تفقد حرارتها تدريجيًّا، وأنها سائرة حتمًا إلى يوم تصير فيه الأجسام تحت درجة من الحرارة بالغة الانخفاض هي الصفر المطلق، ويومئذ تنعدم الطاقة، وتستحيل الحياة، ولا مناص من حدوث هذه الحالة من انعدام الطاقة عندما تصل درجة حرارة الأجسام إلى الصفر المطلق بمضي الوقت.. ولا شك أنه يدل على أن للمادة نهاية محتومة ستصير إليها.

2- ومنها قانون تحطم الشموس، وفحواه: أن ذرات الشموس تتحطم في قلبها المرتفع الحرارة جدًّا، وبواسطة هذا التحطم الهائل المستمر تتولد هذه الطاقة الحرارية التي لا مثيل لها، وكما هو معلوم فإن الذرة عندما تتحطم تفقد جزءًا من كتلتها حيث يتحول هذا الجزء إلى طاقة، فكل يوم يمر بل كل لحظة تمر على أيّ شمس فإنها تفقد جزءًا ولو يسيرًا من كتلتها، ومعنى هذا بالضرورة أن سيأتي الوقت الذي تستنفد الشموس كتلتها نهائيًّا؛ أي: أنها تفنى.

3- (جون كليفلاند كوتران) عالم الكيمياء والرياضيات يقول: (تدلنا الكيمياء على أن بعض المواد على سبيل الزوال والفناء، ولكن بعضها يسير نحو الفناء بسرعة كبيرة والآخر بسرعة ضئيلة، وعلى ذلك فإن المادة ليست أبدية..).

فهذه الأدلة كلها تدل على أن المادة ليست أزلية ولا أبدية، بل إنها مخلوقة وفانية، وبهذا يسقط دعوى الشيوعية في كون المادة هي الأصل، والحياة هي المادة.

( المرجع : رسالة : الشرك في القديم والحديث ، للأستاذ أبوبكر محمد زكريا ، 2 / 692-712) .

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 109 مشاهدة
نشرت فى 14 ديسمبر 2011 بواسطة akramalsayed

ساحة النقاش

اكرم السيد بخيت (الطهطاوي)

akramalsayed
ثقافي اجتماعي ديني »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

905,239