البروتوكول الثالث عشر

إن الحاجة يومياً الى الخبز ستكره الأمميين Gentiles على الدوام إكراهاً أن يقبضوا ألسنتهم، و يظلوا خدمنا الأذلاء. و إن أولئك الذين قد نستخدمهم فى صحافتنا من الأميين سيناقشون يإيعازات منا حقائق لن يكون من المرغوب فيه أن نشير اليها بخاصة فى جريدتنا Gazette الرسمية. و بينما تتخذ كل أساليب المناقشات و المناظرات هكذا سنمضى القوانين التى سنحتاج اليها، و سنضعها أمام الجمهور على أنها حقائق ناجزة.

و لن يجرؤ أحد على طلب استئناف النظر فيما تقرر إمضاؤه، فضلاً عن طلب استئناف النظر بخاصة فيما يظهر حرصنا على مساعدة التقدم. و حينئذ ستحول الصحافة نظر الحمهور بعيداً بمشكلات جديدة " و أنتم تعرفون بأنفسكم أننا دائماً نعلم الشعب أن يبحث عن عواطف جديدة " ((صحيح أن الجماهير كالطفل، فإذا هو أعنتك بالإلحاح فى طلب يكفى أن تقول له مثلاً: " أنظر الى هذه العصفورة " فتوجه ذهنه الى ما تريد، و ينسى ما كان يلح عليه من فكرة الطلب، مع أنه لا عصفورة هناك، و يبدأ هو فى السؤال عن العصفورة و قد يصف لك شكلها و لونها.. فالمهم هو توجيه انتباه الجماهير بشاغل يرضى تطفلها و تدير عليه ألسنتها بلا قصد و لا تمييز و هذا من أدق الأسرار السياسية)) و سيسرع المغامرون السياسيون الأغبياء الى مناقشة المشكلات الجديدة، و مثلهم الرعاع الذين لا يفهمون فى أيامنا هذه حتى ما يتشدقون به.

و إن المشكلات السياسية لا يعنى بها أن تكون مفهومة عند الناس العاديين، و لا يستطيع إدراكها - كما قلت من قبل - إلا الحكام الذين قد مارسوا تصريف الأمور قروناً كثيرة ((يريدون بذلك اليهود وحدهم، لاعتقادهم أن الله اختصهم بقيادة الناس)). و لكم أن تستخلصوا من كل هذا أننا - حين نلجأ الى الرأى العام - سنعمل على هذا النحو، كى نسهل عمل جهازنا Machinary كما يمكن أن تلاحظوا أننا نطلب الموافقة على شتى المسائل لا بالأفعال بل بالأقوال. و نحن دائماً نؤكد فى كل إجراءاتنا أننا مقودون بالأمل و اليقين لخدمة المصلحة العامة.

و لكى نذهل الناس المضعضعين عن مناقشة المسائل السياسية - نمدهم بمشكلات جديدة، أى بمشكلات الصناعة و التجارة. و لنتركهم يثورون على هذه المسائل كما يشتهون.

إنما توافق الجماهير على التخلى و الكف عما تظنه نشاطاً سياسياً إذا أعطيناها ملاهى جديدة، أى التجارة التى نحاول فنجعلها تعتقد أنها أيضاً مسألة سياسية. و نحن أنفسنا أغرينا الجماهير بالمشاركة فى السياسيات، كى نضمن تأييدها فى معركتنا ضد الحكومات الأمميية. و لكى نبعدها عن أن تكشف بأنفسها أى خط عمل جديد سنلهيها أيضاً بأنواع شتى من الملاهى و الألعاب و مزيجات الفراغ و المجامع العامة و هلم جرا.

و سرعان ما سنبدأ الإعلان فى الصحف داعين الناس الى الدخول فى مباريات شتى فى كل أنواع المشروعات: كالفن و الرياضة و ما اليهما. هذه المتع الجديدة ستلهى ذهن الشعب حتماً عن المسائل التى سنختلف فيها معه، و حالما يفقد الشعب تدريجياً نعمة التفكير المستقل بنفسه سيهتف جميعاً معنا لسبب واحد: هو أننا سنكون أعضاء المجتمع الوحيدين الذين يكونون أهلاً لتقديم خطوط تفكير جديدة.

و هذه الخطوط سنقدمها متوسلين بتسخير آلاتنا وحدها من أمثال الأشخاص الذين لا يستطاع الشك فى تحالفهم معنا، إن دور المثاليين المتحررين سينتهى حالما يعترف بحكومتنا. و سيؤدون لنا خدمة طيبة حتى يحين ذلك الوقت.

و لهذا السبب سنحاول أن نوجه العقل العام نحو كل نوع من النظريات المبهرجة التى يمكن أن تبدو تقدمية أو تحررية.

لقد نجحنا نجاحاً كاملاً بنظرياتنا عن التقدم فى تحويل رءوس الأمميين الفارغة من العقل نحو الاشتراكية. و لا يوجد عقل واحد بين الأمميين يستطيع أن يلاحظ أنه فى كل حالة وراء كلمة " التقدم " يختفى ضلال وزيغ عن الحق، ماعدا الحالات التى تشير فيها هذه الكلمة الى كشوف مادية أو علمية. إذ ليس هناك إلا تعليم حق واحد، و لا مجال فيه من أجل " التقدم ". إن التقدم - كفكرة زائفة - يعمل على تغطية الحق، حتى لا يعرف الحق أحد غيرنا نحن شعب الله المختار الذى اصطفاه ليكون قواماً على الحق.

و حين نستحوذ على السلطة سيناقش خطباؤنا المشكلات الكبرى التى كانت تحير الإنسانية، لكى ينطوى النوع البشرى فى النهاية تحت حكمنا المبارك.

 

و من الذى سيرتاب حينئذ فى أننا نحن الذين كنا نثير هذه المشكلات وفق خطة Scheme سياسية لم يفهمها إنسان طوال قرون كثيرة.

 

البروتوكول الرابع عشر

حينما نمكن لأنفسنا فنكون سادة الأرض - لن نبيح قيام أى دين غبر ديننا، أى الدين المعترف بوحدانية الله الذى ارتبط حظنا باختياره إيانا كما ارتبط به مصير العالم.

و لهذا السبب يجب علينا أن نحطم كل عقائد الإيمان، و إذ تكون النتيجة المؤقتة لهذا هى إثمار ملحدين ((ليلاحظ القارىء أن علماء اليهود يجدون بكل ما فى وسعهم لهدم الأديان عن طريق المذاهب الاجتماعية و السياسية و الفكرية و البيولوجية مثل مذهب دور كايم و الشيوعية و الوجودية و مذهب التطور و السريالية، و أنهم القائمون على دراسة علم الأديان المقارن متوسلين به الى نشر الإلحاد و نسف الإيمان من النفوس، و أن تلاميذهم من المسلمين و المسيحيين فى كل الأقطار، يروجون لآرائهم الهدامة بين الناس جهلاً و كبراً. و لو استقل هؤلاء التلاميذ فى تفكيرهم لكشفوا ما فى آراء أساتذتهم اليهود من زيف و ما وراء نظرياتهم من سوء النية)) فلن يدخل هذا فى موضوعنا، و لكنه سيضرب مثلاً للأجيال القادمة التى ستصغى الى تعاليمنا على دين موسى الذى وكل إلينا - بعقيدته الصارمة - واجب إخضاع كل الأمم تحت أقدامنا.

و إذ نؤدى هذا سنعكف أيضاً على الحقائق الباطنية Mystic truths للتعاليم الموسوية التى تقوم عليها - كما سنقول - كل قوتها التربوية.

ثم سننشر فى كل فرصة ممكنة مقالات نقارن فيها بين حكمنا النافع و ذلك الحكم السابق. و إن حالة اليمن و السلام التى ستسود يومئذ - و لو أنها وليدة اضطراب قرون طويلة - ستفيد أيضاً فى تبيين محاسن حكمنا الجديد. و سنصور الأخطاء التى ارتكبها الأمميون (غير اليهود) فى إدارتهم. بأفضح الألوان. و سنبدأ بإثارة شعور الازدراء نحو منهج الحكم السابق، حتى أن الأمم ستفضل حكومة السلام فى جو العبودية على حقوق الحرية التى طالما مجدوها، فقد عذبتهم بأبلغ قسوة، و استنزفت منهم ينبوع الوجود الإنسانى نفسه، و ما دفعهم إليها على التحقيق إلا جماعة من المغامرين الذين لم يعرفوا ما كانوا يفعلون.

إن تغييرات الحكومة العقيمة التى أغرينا الأمميين بها - متوسلين بذلك الى تقويض صرح دولتهم - ستكون فى ذلك الوقت قد أضجرت الأمم تماماً، الى حد أنها ستفضل مقاساة أى شىء منها خوفاً من أن تعود الى العناء و الخيبة اللذين تمضى الأمم خلالهما فيما لو عاد الحكم السابق.

و سنوجه عناية خاصة الى الأخطاء التاريخية للحكومات الأمميية التى عذبت الإنسانية خلال قرون كثيرة جداً لنقص فى فهمها أى شىء يوافق السعادة الحقة للحياة الإنسانية، و لبحثها عن الخطط المبهرجة للسعادة الاجتماعية، لأن الأمميين لم يلاحظوا أن خططهم، بدلاً من أن تحسن العلاقات بين الإنسان و الإنسان، لم تجعلها إلا أسوأ و أسوأ. و هذه العلاقات هى أساس الوجود الإنسانى نفسه. إن كل قوة مبادئنا و إجراءاتنا ستكون كامنة فى حقيقة إيضاحنا لها، مع أنها مناقضة تماماً للمنهج المنحل الضائع للأحوال الاجتماعية السابقة.

و سيفضح فلاسفتنا كل مساوئ الديانات الأمميية (غير اليهودية) و لكن لن يحكم أحد أبدأ على ديانتنا من وجهة نظرها الحقة، إذ لن يستطاع لأحد أبداً أن يعرفها معرفة شاملة نافذة إلا شعبنا الخاص الذى لن يخاطر بكشف أسرارها.

و قد نشرنا فى كل الدول الكبرى ذوات الزعامة أدباً Literature مريضاً قذراً يغثى النفوس، و سنستمر فترة قصيرة بعد الاعتراف بحكمنا على تشجيع سيطرة مثل هذا الأدب، كى يشير بوضوح الى اختلافه عن التعاليم التى سنصدرها من موقفنا المحمود. و سيقوم علماؤنا الذى ربوا لغرض قيادة الأمميين بإلقاء خطب، و رسم خطط، و تسويد مذكرات، متوسلين بذلك الى أن تؤثر على عقول الرجال و تجذبها نحو تلك المعرفة و تلك الأفكار التى تلائمنا.

 

البروتوكول الخامس عشر

سنعمل كل ما فى وسعنا على منع المؤامرات التى تدبر ضدنا حين نحصل نهائياً على السلطة، متوسلين إليها بعدد من الانقلابات السياسية المفاجئة التى سننظمها بحيث تحدث فى وقت واحد فى جميع الأقطار، و سنقبض على السلطة بسرعة عند إعلان حكومتها رسمياً أنها عاجزة عن حكم الشعوب، و قد تنقضى فترة طويلة من الزمن قبل أن يتحقق هذا، و ربما تمتد هذه الفترة قرناً كاملاً، و لكى نصل الى منع المؤامرات ضدنا حين بلوغنا السلطة سننفذ الإعدام بلا رحمة فى كل من يشهر أسلحة ضد استقرار سلطتنا.

إن تأليف أى جماعة سرية جديدة سيكون عقابه الموت أيضاً، و أما الجماعات السرية التى تقوم فى الوقت الحاضر و نحن نعرفها، و التى تخدم، و قد خدمت، أغراضنا - فإننا سنحلها و ننفى أعضاءها الى جهات نائية من العالم. و بهذا الأسلوب نفسه سنتصرف مع كل واحد من الماسونيين الأحرار الأمميين (غير اليهود) اللذين يعرفون أكثر من الحد المناسب لسلامتنا. و كذلك الماسونيون الذين ربما نعفو عنهم لسبب أو لغيره سنبقيهم فى خوف دائم من النفى، و سنصدر قانوناً يقضى على كل الأعضاء السابقين فى الجمعيات السرية بالنفى من أوروبا حيث سيقوم مركز حكومتنا.

و ستكون قرارات حكومتنا نهائية، و لن يكون لأحد الحق فى المعارضة.

و لكى نرد كل الجماعات الأمميية على أعقابها و نمسخها - هذه الجماعات التى غرسنا بعمق فى نفوسها الاختلافات و مبادئ نزعة المعارضة Protestant للمعارضة - سنتخذ معها إجراءات لا رحمة فيها. مثل هذه الإجراءات ستعرف الأمم أن سلطتنا لا يمكن أن يعتدى عليها، و يجب ألا يعتد بكثرة الضحايا الذين سنضحى بهم للوصول الى النجاح فى المستقبل.

إن الوصول الى النجاح، و لو توسل إليه بالتضحيات المتعددة، هو واجب كل حكومة تتحقق أن شروط وجودها ليست كامنة فى الامتيازات التى تتمتع بها فحسب، بل فى تنفيذ واجباتها كذلك.

و الشرط الأساسى فى استقرارها يكمن فى تقوية هيبة سلطانها، و هذه الهيبة لا يمكن الوصول إليها إلا بقوة عظيمة غير متأرجحة، و هى القوة التى ستبدو أنها مقدسة لا تنتهك لها حرمة، و محاطة بقوة باطنية لتكون مثلاً من قضاء الله و قدره.

هكذا حتى الوقت الحاضر كانت الأوتوقراطية الروسية Russian Autocracy عدونا الوحيد إذا استثنينا الكنيسة البابوية المقدسة Holy See. اذكروا أن إيطاليا عندما كانت تتدفق بالدم لم تمس شعرة واحدة من رأس سلا Silla ((سلا Silla مثال نادر لمن يصل الى السلطان المطلق عن طريق العنف و الدهاء، و كان أول ظهوره أيام الحكومة الجمهورية فى روما، و هو خازن للقائد الرومانى ماريوس سنة 107 ق. م حين أرسله هذا القائد لمفاوضة ملك مغربى فى شمال أفريقيا فنجح فى سفارته. و حين صار ماريوس قنصلاً رومانياً سنة 104 ق. م كان سلا من قواد جيشه، و مازال أمره يعلو تحت رعاية ماريوس حتى اصطدما فى سنة 87 ق. م فزحف سلا بجيشه الى روما، و أكره مجلس الشيوخ على الحكم بنفى ماريوس و بعض أتباعه، ثم أهدر دمه - و كان سلا أول من سن ذلك بين الرومان - و وعد قاتله بمكافأة كبيرة: فهرب ماريوس. و خلال غيبة سلا عن روما فى حرب مع بعض أعدائها انتصر عليهم فيها، عاد ماريوس الى روما،و قبض على أزمة الحكم فيها، و لكن سلا عاد إليها بعد انتصاره سنة 83 ق. م. و انتصر على ماريوس و جيوشه أيضاً، فخضع له الرومان صاغرين، و لقب نفسه " السعيد " و انطلق كالوحش يسفك دماء أعدائه و أعداء أصدقائه لا يميز بين مذنب و برئ، و طغت أعماله الوحشية حتى أنه جمع مرة أعضاء المجلس فى هيكل، و قام فيهم خطيباً و الى جواره مكان عام حشد فيه ثمانية آلاف من ضحاياه و أمر جنوده بذبحهم، فلما بلغت صرخاتهم مسامع أعضاء المجلس تمعرت وجوههم من الفزع، فأمرهم سلا أن لا تشغلهم أصوات هؤلاء الأشقياء عن سماع خطابه !!)) و قد كان هو الرجل الذى جعل دمها يتفجر. و نشأ عن جبروت شخصية سلا أن صار إلهاً فى أعين الشعب، و قد جعلته عودته بلا خوف الى إيطاليا مقدساً لا تنتهك له حرمة فالشعب لن يضر الرجل الذى ينومه مغناطيسياً بشجاعته و قوة عقله.

و الى أن يأتى الوقت الذى نصل فيه الى السلطة، سنحاول أن ننشئ و نضاعف خلايا الماسونيين الأحرار فى جميع أنحاء العالم، و سنجذب إليها كل من يصير أو يكون معروفاً بأنه ذو روح عامة Public – spirit ((أى ذو ميل الى الخدمة العامة، أو اجتماعى لا معتزل و لا منطو على نفسه)) و هذه الخلايا ستكون الأماكن الرئيسية التى سنحصل منها على ما نريد من أخبار، كما أنها ستكون أفضل مراكز للدعاية.

و سوف نركز كل هذه الخلايا تحت قيادة واحدة معروفة لنا وحدنا و ستتألف هذه القيادة من علمائنا، و سيكون لهذه الخلايا أيضاً ممثلوها الخصوصيون، كى نحجب المكان الذى نقيم فيه قيادتنا حقيقية. و سيكون لهذه القيادة وحدها الحق فى تعيين من يتكلم عنها و فى رسم نظام اليوم، و سنضع الحبائل و المصايد فى هذه الخلايا لكل الاشتراكيين و طبقات المجتمع الثورية. و إن معظم الخطط السياسية السرية معروفة لنا، و سنهديها الى تنفيذها حالما تتشكل.

و كل الوكلاء Agents فى البوليس الدولى السرى تقريباً سيكونون أعضاء فى هذه الخلايا.

و لخدمات البوليس أهمية عظيمة لدينا ؛ لأنهم قادرون على أن يلقوا ستاراً على مشروعاتنا Enterprises، و أن يستنبطوا تفسيرات معقولة للضجر و السخط بين الطوائف. و أن يعاقبوا أيضاً أولئك الذين يرفضون الخضوع لنا.

و معظم الناس الذين يدخلون فى الجمعيات السرية مغامرون يرغبون أن يشقوا طريقهم فى الحياة بأى كيفية، و ليسوا ميالين الى الجد و العناء.

و بمثل هؤلاء الناس سيكون يسيراً علينا أن نتابع أغراضنا، و أن نجعلهم يدفعون جهازنا للحركة.

و حينما يعانى العالم كله القلق فلن يدل هذا إلا على أنه قد كان من الضرورى لنا أن نقلقه هكذا، كى نحطم صلابته العظيمة الفائقة. و حينما تبدأ المؤامرات خلاله فإن بدئها يعنى أن واحداً من أشد وكلائنا إخلاصاً يقوم على رأس هذه المؤامرة. و ليس إلا طبيعياً أننا كنا الشعب الوحيد الذى يوجه المشروعات الماسونية. و نحن الشعب الوحيد الذى يعرف كيف يوجهها. و نحن نعرف الهدف الأخير لكل عمل على حين أن الأمميين (غير اليهود) جاهلون بمعظم الأشياء الخاصة بالماسونية، و لا يستطيعون و لو رؤية النتائج العاجلة لما هم فاعلون. و هم بعامة لا يفكرون إلا فى المنافع الوقتية العاجلة، و يكتفون بتحقيق غرضهم, حين يرضى غرورهم, و لا يفطنون الى أن الفكرة الأصلية لم تكن فكرتهم بل كنا نحن أنفسنا الذين أوحينا إليهم بها.

و الأمميون يكثرون من التردد على الخلايا الماسونية عن فضول محض، أو على أمل فى نيل نصيبهم من الأشياء الطبية التى تجرى فيها، و بعضهم يغشاها أيضاً لأنه قادر على الثرثرة بأفكاره الحمقاء أمام المحافل. و الأمميون يبحثون عن عواطف النجاح و تهليلات الاستحسان و نحن نوزعها جزافاً بلا تحفظ، و لهذا نتركهم يظفرون بنجاحهم، لكى نوجه لخدمة مصالحنا كل من تتملكهم مشاعر الغرور، و من يتشربون أفكارنا عن غفلة واثقين بصدق عصمتهم الشخصية، و بأنهم وحدهم أصحاب الآراء، و أنهم غير خاضعين فيما يرون لتأثير الآخرين.

و أنتم لا تتصورون كيف يسهل دفع أمهر الأمميين الى حالة مضحكة من السذاجة و الغفلة Naivite بإثارة غروره و إعجابة بنفسه، و كيف يسهل من ناحية أخرى - أن نثبط شجاعته و عزيمته بأهون خيبة، و لو بالسكوت ببساطة عن تهليل الاستحسان له، و بذلك تدفعه الى حالة خضوع ذليل كذل العبد، إذ تصده عن الأمل فى نجاح جديد، و بمقدار ما يحتقره شعبنا النجاح، و يقصر تطلعه على رؤية خططه متحققة، يحب الأممييون النجاح، و يكون مستعدين للتضحية بكل خططهم من أجله.

إن هذه الظاهرة Feature فى أخلاق الأمميين تجعل عملنا كل ما نشتهى عمله معهم أيسر كثيراً. إن أولئك الذين يظهرون كأنهم النمورة هم كالنغم غباوة، و رءوسهم مملوءة بالفراغ.

سنتركهم يركبون فى أحلامهم على حصان الآمال العقيمة، لتحطيم الفردية الإنسانية بالأفكار الرمزية لمبدأ الجماعية Collectivism ((Collectivism مذهب يقضى أن يمتلك الناس الأشياء شيوعاً، و يعملون فيها معاً دون اختصاص أحد بشئ معين، و قد دعا الى هذا المذهب كثير من المتهوسين المناكيد، منهم " مزدك " الذى ظهر فى فارس قبل الإسلام سنة 487 م و زاد شيوعية النساء على شيوعية الأموال و اعتبر ذلك ديناً، فتبعه كثير من السفهاء حتى كاد يذهب بالدولة، و لكن الملك قباذ كاد يستأصله هو و أتباعه فى مذبحة عامة سنة 523. كما دعا الى هذا المذهب القرامطة أيام الدولة العباسية، و فتنوا كثيراً من الخلق و ارتكبوا كثيراً من الشنع البشعة فى جنوبى العراق و ما والاه حيث قامت دولتهم نحو سنة 890 م. الى أوائل القرن الحادى عشر، كما دعا إليه الشيوعيين فى العصر الحاضر و رأس مذهبهم كارل ماركس اليهودى، و قد تمكن بلاشفتهم اليهود من وضع روسيا تحت هذا النظام، و أكرهوها بالعنف على هذه الفكرة الخاطئة و لا يزالون يتخبطون فى تطبيقها هناك منحدرين من خيبة الى خيبة، مع تمكنهم من الحكم المطلق فيها منذ سنة 1907 و هم يحاربون الرأسمالية الفردية، و لكن الشعب هناك فى يدى الحاكم المطلق الذى يملك المال و الأرواح، فيجمع بين استبداد المال و استبداد الحكم معاً)). إنهم لم يفهموا بعد، و لن يفهموا. إن هذا الحلم الوحشى مناقض لقانون الطبيعة الأساسى Principal الذى هو - منذ بدء التكوين - قد خلق كل كائن مختلفاً عن كل ما عداه، لكى تكون له بعد ذلك فردية مستقلة.

أفليست الحقيقة كوننا قادرين على دفع الأمميين الى مثل هذه الفكرة الخاطئة - تبرهن بوضوح قوى على تصورهم الضيق للحياة الإنسانية إذا ما قورنوا بنا ؟ و هنا يكمن الأمل فى نجاحنا.

ما كان أبعد نظر حكمائنا القدماء حينما أخبرونا أنه للوصول الى غاية عظيمة حقاً يجب ألا نتوقف لحظة أمام الوسائل، و أن لا نعتد بعدد الضحايا الذين تجب التضحية بهم للوصول الى هذه الغاية ! إننا لم نعتد قط بالضحايا من ذرية أولئك البهائم من الأمميين (غير اليهود)، و مع أننا ضحينا كثيراً من شعبنا ذاته - فقد بوأناه الآن مقاماً فى العالم ما كان ليحلم بالوصول إليه من قبل. إن ضحايانا - و هم قليل نسبياً قد صانوا شعبنا من الدمار. كل إنسان لابد أن ينتهى حتماً بالموت، و الأفضل أن نعجل بهذه النهاية الى الناس الذين يعوقون غرضنا، لا الناس الذين يقدمونه.

إنا سنقدم الماسون الأحرار الى الموت بأسلوب لا يستطيع معه أحد - إلا الأخوة - أن يرتاب أدنى ريبة فى الحقيقة، بل الضحايا أنفسهم أيضاً لا يرتابون فيها سلفاً. إنهم جميعاً يموتون - حين يكون ذلك ضرورياً - موتاً طبيعياً فى الظاهر. حتى الأخوة - و هم عارفون كل الحقائق - لن يجرءوا على الاحتجاج عليها.

بمثل هذه الوسائل نستأصل جذور الاحتجاج نفسها ضد أوامرنا فى المجال الذى يهتم به الماسون الأحرار. فنحن نبشر بمذهب التحررية لدى الأمميين (غير اليهود)، و فى الناحية الأخرى نحفظ شعبنا فى خضوع كامل.

و بتأثيرها كانت قوانين الأمميين مطاعة كأقل طاعة ممكنة، و لقد قوضت هيبة قوانينهم بالأفكار التحررية Liberal التى أذعناها فى أوساطهم. و إن أعظم المسائل خطورة، سواء أكانت سياسية أم أخلاقية، إنما تقرر فى دور العدالة بالطريقة التى نشرعها. فالأممى القائم بالعدالة ينظر الى الأمور فى أى ضوء نختاره لعرضها. و هذا ما أنجزناه متوسلين بوكلائنا و بأناس نبدو أن لا صلة لنا بهم كآراء الصحافة و وسائل أخرى، بل إن أعضاء مجلس الشيوخ Senators و غيرهم من أكابر الموظفين يتبعون نصائحنا اتباعاً أعمى.

و عقل الأممى - لكونه ذا طبيعة بهيمية محضة - غير قادر على تحليل أى شئ و ملاحظته، فضلاً عن التكهن بما قد يؤدى إليه امتداد حال من الأحوال إذا وضع فى ضوء معين.

و هذا الاختلاف التام فى العقلية بيننا و بين الأمميين هو الذى يمكن أن يرينا بسهولة آية اختيارنا من عند الله، و أننا ذوو طبيعة ممتازة فوق الطبيعة البشرية Superhuman nature حين تقارن بالعقل الفطرى البهيمى عن الأمميين. إنهم يعاينون الحقائق فحسب، و لكن لا يتنبئون بها، و هم عاجزون عن ابتكار أى شئ، و ربما تستثنى من ذلك الأشياء المادية. و من كل هذا يتضح أن الطبيعة قد قدرتنا تقديراً لقيادة العالم و حكمه. و عندما يأتى الوقت الذى نحكم فيه جهرة ستحين اللحظة التى نبين فيها منفعة حكمنا، و سنقوم كل القوانين. و ستكون كل قوانيننا قصيرة و واضحة و موجزة غير محتاجة الى تفسير، حتى يكون كل إنسان قادراً فهمها باطناً و ظاهراً. و ستكون السمة Feature الرئيسية فيها هى الطاعة اللازمة للسلطة، و إن هذا التوقير للسلطة سيرتفع الى قمة عالية جداً. و حينئذ ستتوقف كل أنواع إساءة استعمال السلطة، لأن كل إنسان سيكون مسئولاً أمام السلطة العليا الوحيدة: أى سلطة الحاكم. و إن سوء استعمال السلطة من جانب الناس ما عدا الحاكم سيكون عقابه بالغ الصرامة الى حد أن الجميع سيفقدون الرغبة فى تجربة سلطتهم لهذا الاعتبار.

و سنراقب بدقة كل خطوة تتخذها هيئتنا الإدارية التى سيعتمد عليها عمل جهاز الدولة، فإنه حين تصير الإدارة بطيئة ستبعث الفوضى فى كل مكان. و لن يبقى بمنجاة من العقاب أى عمل غير قانونى، و لا أى سوء استعمال للسلطة.

ستزول كل أعمال الخفاء و التقصير العمد من جانب الموظفين فى الإدارة بعد أن يروا أوائل أمثلة العقاب.

و ستستلزم عظمة سلطتنا توقيع عقوبات تناسبها، أى أن تلك العقوبات ستكون صارمة Harsh و لو عند أدنى شروع فى الاعتداء على هيبة سلطتنا من أجل مصلحة شخصية للمعتدى أو لغيره. و الرجل الذى يعذب جزاء أخطائه - و لو بصرامة بالغة - إنما هو جندى يموت فى معترك الإدارة من أجل السلطة و المبدأ و القانون، و كلها لا تسمح بأى انحراف عن الصراط العام من أجل مصالح شخصية، و لو وقع أولئك الذين هم مركبة الشعب Public Chariot و قادته. فمثلاً سيعرف قضاتنا أنهم بالشروع فى إظهار تسامحهم يعتدون على قانون العدالة الذى شرع لتوقيع العقوبة على الرجال جزاء جرائمهم التى يقترفونها، و لم يشرع كى يمكن القاضى من إظهار حلمه. هذه الخصلة الفاضلة لا ينبغى أن تظهر إلا فى الحياة الخاصة للإنسان، لا فى مقدرة القاضى الرسمية التى تؤثر فى كل أسس التربية للنوع البشرى.

و لن يخدم أعضاء القانون فى المحاكم بعد سن الخامسة و الخمسين للسببين الآتيين:

أولهما: أن الشيوخ أعظم إصراراً و جموداً فى تمسكهم بالأفكار التى يدركونها سلفاً، و أقل اقتداراً على طاعة النظم الحديثة.

و ثانيهما: أن مثل هذا الإجراء سيمكننا من إحداث تغييرات عدة فى الهيئة Staff الذين سيكونون لذلك خاضعين لأى ضغط من جانبنا. فإن أى إنسان يرغب فى الاحتفاظ بمنصبه سيكون عليه كى يضمنه أن يطيعنا طاعة عمياء. و على العموم سيختار قضاتنا من بين الرجال الذين يفهمون أن واجبهم هو العقاب و تطبيق القوانين، و ليس الاستغراق فى أحلام مذهب التحررية Liberalism الذى قد ينكب النظام التربوى للحكومة، كما يفعل القضاة الأمميون الآن. و إن نظام تغيير الموظفين سيساعدنا أيضاً فى تدمير أى نوع للاتحاد يمكن أن يؤلفوه فيما بين أنفسهم، و لن يعملوا إلا لمصلحة الحكومة التى ستتوقف حظوظهم و مصايرهم عليها. و سيبلغ من تعليم الجيل الناشىء من القضاة أنهم سيمنعون بداهة كل عمل قد يضر بالعلاقات بين رعايانا بعضهم و بعض.

إن قضاة الأمميين فى الوقت الحاضر مترخصون ((أى متساهلون)) مع كل صنوف المجرمين، إذ ليست لديهم الفكرة الصحيحة لواجبهم، و لسبب بسيط أيضاً هو أن الحكام حين يعينون القضاة لا يشددون عليهم فى أن يفهموا فكرة ما عليهم من واجب.

إن حكام الأمميين (غير اليهود) حين يرشحون رعاياهم لمناصب خطيرة لا يتعبون أنفسهم كى يوضحوا لهم خطورة هذه المناصب. و الغرض الذى أنشئت من أجله، فهم يعملون كالحيوانات حين ترسل جرائها الساذجة بغية الافتراس. و هكذا تتساقط حكومات الأمميين بدداً على أيدى القائمين بأمورها. إننا سنتخذ نهجاً أدبياً واحداً أعظم، مستنبطاً من نتائج النظام الذى تعارف عليه الأمميون، و نستخدمه فى إصلاح حكومتنا.

و سنستأصل كل الميول التحررية من كل هيئة خطيرة فى حكومتنا للدعاية التى قد تعتمد عليها تربية من سيكونون رعايانا. و ستكون المناصب الخطيرة مقصورة بلا استثناء على من ربيناهم تربية خاصة للإدارة.

و إذا لوحظ أن إخراجنا موظفينا قبل الأوان فى قائمة المتعاقدين قد يثبت أنه يكبد حكومتنا نفقات باهظة - إذن فجوابى أننا، قبل كل شئ، سنحاول أن نجد مشاغل خاصة لهؤلاء الموظفين لنعوضهم عن مناصبهم فى الخدمة الحكومية. أو جوابى أيضاً أن حكومتنا، على أى حال، ستكون مستحوذة على كل أموال العالم، فلن تأبه من أجل ذلك بالنفقات.

و ستكون أوتقراطيتنا مكينة فى كل أعمالها، و لذلك فإن كل قرار سيتخذه أمرنا العالى سيقابل بالإجلال و الطاعة دون قيد و لا شرط. و سنتنكر لكل نوع من التذمر و السخط، و سنعاقب على كل إشارة تدل على البطر عقاباً بالغاً فى صرامته حتى يتخذه الآخرون لأنفسهم عبرة، و سنلغى حق استئناف الأحكام، و نقصره على مصلحتنا فحسب، و السبب فى هذا الإلغاء هو أننا يجب علينا ألا نسمح أن تنمو بين الجمهور فكرة أن قضاتنا يحتمل أن يخطئوا فيما يحكمون.

وإذا صدر حكم يستلزم إعادة النظر فسنعزل القاضى الذى أصدره فوراً, و نعاقبه جهراً, حتى لا يتكرر مثل هذا الخطأ فيما بعد.

سأكرر ما قلته من قبل، و هو أن أحد مبادئنا الأساسية هو مراقبة الموظفين الإداريين، و هذا على الخصوص لإرضاء الأمة، فإن لها الحق الكامل فى الإصرار على أن يكون للحكومة موظفون إداريون صالحون.

إن حكومتنا ستحمل مظهر الثقة الأبوية Patriarchal فى شخص ملكنا، و ستعتده أمتنا و رعايانا فوق الأب الذى يعنى بسد كل حاجاتهم، و يرعى كل أعمالهم، و يرتب جميع معاملات رعاياه بعضهم مع البعض، و معاملاتهم أيضاً مع الحكومة. و بهذا سينفذ الإحساس بتوقير الملك بعمق بالغ فى الأمة حتى لن تستطيع أن تقوم بغير عنايته و توجيهه. إنهم لا يستطيعون أن يعيشوا فى سلام إلا به، و سيعترفون فى النهاية به على أنه حاكمهم الأوتقراطى المطلق.

و سيكون للجمهور هذا الشعور العميق بتوقيره توقيراً يقارب العبادة، و بخاصة حين يقتنعون بأن موظفيه ينفذون أوامره تنفيذاً أعمى، و أنه وحده المسيطر عليهم. إنهم سيفرحون بأن يرونا ننظم حيواتنا Our Lives كما لو كنا آباء حريصين على تربية أطفالهم على الشعور المرهف الدقيق بالواجب و الطاعة.

و تعتبر سياستنا السرية أن كل الأمم أطفال، و أن حكوماتها كذلك، و يمكنكم أن تروا بأنفسكم أنى أقيم استبدادنا على الحق Right و على الواجب Duty. فإن حق الحكومة فى الإصرار على أن يؤدى الناس واجبهم هو فى ذاته فرض للحاكم الذى هو أبو رعاياه، و حق السلطة منحة له، لأنه سيقود الإنسانية فى الاتجاه الذى شرعته حقوق الطبيعة، أى الاتجاه نحو الطاعة.

إن كل مخلوق فى هذا العالم خاضع لسلطة، إن لم تكن سلطة إنسان فسلطة ظروف، أو سلطة طبيعته الخاصة، فهى - مهما تكن الحال - سلطة شئ أعظم قوة منه، و إذن فلنكن نحن الشىء الأعظم قوة من أجل القضية العامة. و يجب أن نضحى دون تردد بمثل هؤلاء الأفراد الذين يعتدون على النظام القائم جزاء اعتداءاتهم، لأن حل المشكلة التربوية الكبرى هو فى العقوبة المثلى.

و يوم يضع ملك إسرائيل على رأسه المقدس التاج الذى أهدته له كل أوروبا - سيصير البطريرك Patriarch لكل العالم.

إن عدد الضحايا الذين سيضطر ملكنا الى التضحية بهم لن يتجاوز عدد أولئك الذين ضحى بهم الملوك الأمميون فى طلبهم العظمة، و فى منافسة بعضهم بعضاً.

سيكون ملكنا على اتصال وطيد قوى بالناس، و سيلقى خطاباً من فوق المنابر Tribunes. و هذه الخطب جميعها ستذاع فوراً على العالم.

 

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 153 مشاهدة
نشرت فى 21 ديسمبر 2011 بواسطة akramalsayed

ساحة النقاش

اكرم السيد بخيت (الطهطاوي)

akramalsayed
ثقافي اجتماعي ديني »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

911,860