جريدة النهار الأسبوعية

العدد: 17 مارس 2010

رئيس مجلس الإدارة ورئيس مجلس التحرير : أسامة شرشر


رئيس التحرير التنفيذي : شعبان خليفة

 

الدكتور عبدالعاطي سالمان رئيس هيئة المواد النووية سابقا:

مصر قادرة على انتاج اليورانيوم بشرط!!

 

الكاتب : سالي بدر الأحد 21 مارس 2010 الساعة 09:17 مساءً


 

 أكد الدكتور عبد العاطي سالمان رئيس هيئة المواد النووية سابقا أنه يجب علي مصر الإسراع في تنفيذ مفاعل نووي مصري بأيد مصرية قبل ارتفاع أسعار مكونات المحطات النووية.
وفي حوار أجراه مع " النهار"، قال إن وزارة التعليم العالي لا تشتري ما يكفي من المراجع لأقسام الجيولوجيا بالجامعات لمعرفة كيفية استخراج اليورانيوم. وأجاب سالمان علي العديد من التساؤلات حول إمكانات مصر النووية، وإلي نص الحوار:

 > هل يمكن أن يشترط الطرف الأجنبي الذي سيتولي إنشاء المحطات النووية ألا يعرف الجانب المصري دقائق المحطة وكيفية التخصيب؟

- بالنسبة للشروط، فإن الذي يضع الشروط هي الدولة الراغبة في الشراء، ومصر من حقها أن تضع الشروط التي تناسبها بما فيها جميع الضمانات اللازمة لاستمرار تشغيل المحطة النووية. بالنسبة للإمداد بالوقود اللازم للمحطة فلا بد أن يتم وضع شروط واضحة شاملة جميع الضمانات اللازمة. وكما ذكرت من قبل فإن نوع الوقود المستخدم يعتمد علي نوع المحطة.

وأود القول أن هناك بعض محطات تقوم بتخصيب اليورانيوم للدرجة التي تناسب استخدامه كوقود نووي نظير تقاضيها ثمنا لذلك. ولذلك لا بد أن يتم اختيار نوع المحطة النووية والوقود اللازم لها بعناية. أما بخصوص حق نقل المعرفة الخاصة بتفاصيل وتصاميم المحطة فيمكن إدراج ذلك في كراسة الشروط التي تتمشي مع مصلحتنا القومية، لما كانت المناقصة سوف تطرح عالميا ، فسوف يكون هناك تنافس بين المشتركين في المناقصة ومصر لها حرية اختيار العرض الذي يناسبها. وكل ما يحكم الموضوع هو المصلحة الاقتصادية لكلا الطرفين المتعاقدين، وطبعا لا بد من وضع المناخ السياسي العالمي في الحسبان ولا بد أن يكون لدينا بدائل لمواجهة جميع الاحتمالات.

> وماذا ستفعل مصر إذا اشترط الطرف الأجنبي ألا يعرف الجانب المصري دقائق المحطة وكيفية التخصيب؟
مصر ليست مرغمة علي الموافقة علي أي شروط لا تحقق مصلحتها القومية، وفي رأي إنه يجب من الآن الاستعداد لهذا الموضوع وتكوين فرق من شباب مصر في شتي التخصصات الخاصة بالمحطات النووية، والقيام بتدريبهم في الداخل والخارج علي عمل نماذج وتصميمات هندسية لمحطات نووية وتجميع المواصفات الخاصة بها، ودراسة الأجزاء التي يمكن تصنيعها أو القيام بتنفيذها بأيدي مصرية كخطوة لتوطين التكنولوجيا النووية.

وأثق في شباب مصر وعلمائها وقدرتهم علي القيام بهذه المهمة حتي نصل إلي التنفيذ الكامل للمحطة النووية بأيدي مصرية. ولا بد أن يكون هناك حملة قومية في جميع مؤسسات الدولة والمراكز البحثية ذات الصلة بدعم هذه الحملة لتوطين التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية وأن تكون البداية "مشروع إنشاء مفاعل قوي نووي بأيدي مصرية.

> وكم سيكلف إنشاء المحطات النووية؟

- في عام 1970 كان تكاليف إنشاء محطة نووية بقدرة كبيرة (1000 ميجاوات) 170 مليون دولار.في عام 1983 تكلف تنفيذ محطة نووية بنفس المواصفات 1.7 بليون دولار ، أي عشرة أضعاف. وهناك بعض التقديرات التي تتحدث عن تكلفة ما بين 1.5 إلي 2.0 بليون دولار، ويمكن أن ينخفض هذا المبلغ إذا تمكنا من تنفيذ بعض المراحل والمكونات بإمكانياتنا الذاتية المحلية.

>وكم محطة نووية تحتاجها مصر؟

- يرتبط العدد المطلوب إنشاؤه من المحطات النووية علي خطة الدولة المرتبطة بالتنمية في أوجهها المختلفة وعلي كمية الطاقة اللازمة في السنوات القادمة. وفي تقديري لو أمكن البدء بأربع محطات بقدرة 1000 ميجاوات للواحدة سوف يكون ذلك أكثر من ممتاز. وتجدر الإشارة إلي أننا كلما تأخرنا في إنشاء المحطات النووية اللازمة كلما تضاءل الأمل في تنفيذ هذا البرنامج الحتمي ، حيث إن التكاليف تزداد عاما بعد عام ، وكما ترين فقد ارتفعت تكلفة إنشاء المحطة النووية عشرة أضعاف خلال 13 سنة (1970-1983).
 

> وما هي أنسب الأماكن التي تعتقد انها مناسبة؟

- يتوقف اختيار مكان إقامة المحطات النووية علي عوامل كثيرة نوجز بعضا منها. مناسبة الموقع من الناحية الجيولوجية والهندسية ( جيوتقني). فمثلا لا يمكن إقامة المحطة علي طبقات من الجبس أو الطفلة أو الحجر الجيري الذي يشتمل علي فجوات كثيرة وكهوف التي تسبب ضعف تربة التأسيس. كذلك يجب دراسة الفوالق والصدوع بالموقع ، والتأكد من أن الصـــدوع الموجودة بالموقـــع أو القريبة منه ليست من النــوع القــــادر ( النشيط). كذلك لا بد من دراسة الموقع من ناحية النشاط الزلزالي ، ورصد التاريخ الزلزالي لمنطقة واسعة حول الموقع الذي سوف تنشأ به المحطة لكي يتم وضع الكود الزلزالي المناسب عند تصميم المحطة. كذلك لا بد أن يكون الموقع مناسبا من ناحية الكثافة السكانية ، والنواحي البيئية والطبوغرافية والمناخية والأمن القومي. كذلك يجب أن يؤخذ في الاعتبار تناغم هذا الموقع مع شبكة الكهرباء العامة في مصر وقربها من مناطق التنمية الواعدة.

> وهل مصر قادرة علي حماية مفاعلها النووي من توجيه ضربة عسكرية من جانب أي طرف جنبي؟
- إجابة هذا السؤال ليست من اختصاصي، ولكن بالطبع مصر قادرة علي حماية أرضها ومنشآتها المهمة من أي اعتداء، وليس هناك أي شك في ذلك وأن الجنود المصريين خير أجناد الأرض.

> هل تري أن مصلحة مصر تقتضي الاستمرار في معاهدة منع الانتشار النووي أم الاستمرار فيها؟
- إن مصلحة مصر تظل ضمن هذه المعاهدة، لأن وجودنا فيها لن يضرنا في شيء، بل سوف يسهل التعاون معنا من جهة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما أنه يسهل تبادل الخبراء وتدريب شبابنا في المجالات التي نحتاجها لبناء قدرتنا في المجال النووي السلمي. كما أنها تضمن لنا الحصول علي ما نحتاجه من الدول التي سبقتنا في هذا المجال.، وإذا رأي متخذو القرار أن استمرارنا في هذه الاتفاقية سوف يضر بمصلحتنا القومية، فإنه يمكن في هذه الحالة الانسحاب من الاتفاقية لأن بنودها تسمح بذلك كما سبق الإشارة إليه.
 
> أين يوجد خام اليورانيوم في مصر ، وهل كاف للاكتفاء الذاتي؟

- كما هو معروف فإن حوالي 97% من مساحة مصر عبارة عن صحراء وجبال، وتلك الصحاري يوجد بها منكشفات من التكاوين الجيولوجية والصخور المختلفة، وتدل الخواص الجيولوجية لبعض من تلك البيئات الجيولوجية علي احتمالات استضافة ومناسبتها لوجود رواسب اليورانيوم بها. ولدي هيئة المواد النووية الإمكانات البشرية والتقنية التي يمكنها القيام بدورها طبقا لقرار إنشائها علي أكمل وجه دون الحاجة إلي خبرات أجنبية، إلا في أضيق الحدود ، ولابد من التعمق في دورة الوقود النووي والتعرف علميا وعمليا وتقنيا علي جميع مراحلها حتي المستوي نصف الصناعي ،وإعطاء القطاع الخاص الاستثماري الوطني والقومي فرصة وتسهيلات مشجعة لجذب استثماراته في مجال إنشاء المحطات النووية لانتاج الكهرباء وتحلية مياه البحر وغير ذلك من التطبيقات السلمية المفيدة وكذلك الاستثمار في مجال استكشاف وتعدين الخامات النووية .

> ماذا عن تكلفة تشغيل المحطة سنويا؟

- بقدر المتاح من معلوماتي لدي مقدار الوقود اللازم لتشغيل محطة بقدرة 1000 ميجاوات هو حوالي 100 إلي 120 طن يورانيوم، وطبقا لأسعار اليورانيوم فإن الكيلو يورانيوم وصل سعره إلي 140 دولارا، وقد تضاعفت أسعاره عدة مرات خلال العشر سنوات الماضية.

> خلال سنوات رئاستك لهيئة المواد النووية، هل تعتقد أن الهيئة أنجزت الكثير أم لا؟
- هذا سؤال يصعب الإجابة عليه، حيث أن تقييم الإنسان لنفسه ولعمله من الممكن أن يكون تقييما غير محايد أو متحيز، ومع ذلك فلقد مكثت قي منصب رئيس الهيئة أقل من عام ونصف ( 1999 -2000)، وهذه فترة قصيرة إلي حد ما، ولكنني كنت أطبق مبدأ الإدارة بالأهداف وركزت علي الأمور المهمة التي تندرج تحت أهداف الهيئة،، كذلك شجعت الأعمال التطبيقية بالإضافة إلي النواحي الأكاديمية. ولا أنسي في هذا الصدد التعاون البناء للعاملين بالهيئة في جميع قطاعاتها لتنميتها ورفع شأنها، كذلك كان عملي مكملا للسادة رؤساء الهيئة السابقين وأسرة هيئة المواد النووية بجميع تخصصاتها الذين بذلوا جهدا كبيرا منذ إنشاء الهيئة عام 1977م. وكان وزير الكهرباء والطاقة في ذلك الوقت الدكتور علي الصعيدي متفهما لدور الهيئة المهم وكان دائما يشجعنا علي تطوير الهيئة ولا يتأخر في تلبية طلباتها اللازمة لتسهيل العمل.


 

> ماذا عن توفير المراجع العلمية في المجالات النووية بالجامعات المصرية وملاحقتها للتطور العلمي؟

- بالنسبة للمراجع النووية في الجامعات المصرية في مجال الجيولوجيا والتنقيب عن اليورانيوم ،، فمن المعروف أن الاعتمادات المالية لأقسام الجيولوجيا في الجامعات ضعيفة ولا تكفي لشراء مراجع تغطي هذا المجال، بالإضافة إلي أن هذا المجال لا يتم تدريسه في الكثير من أقسام الجيولوجيا رغم أهميته. ومن المهم استحداث مواد جديدة في المجالات النووية ويجب تدريسها في كليات العلوم والهندسة بمصر. هذا بالإضافة إلي أن منظومة التدريس في مصر لا بد من تطويرها والانتقال من الطريقة التلقينية إلي طريقة التفكير والبحث والابتكار، وهذا يساعد علي خلق الكوادر الخلاقة التي يمكن أن تحمل راية التطوير العلمي والتقني والتكنولوجي المطلوب بشدة في مصر حتي تتبوأ مكانتها التي تستحقها.

وأكد أن مصر في حاجة إلي تضافر جهود علمائها وأبنائها في شتي المجالات، في المراكز البحثية والجامعات ورجال الاستثمار للنهوض بها، لأنه لن يبني مصر إلا أيادي أبنائها المخلصين سواء مفاعلات نووية أو مشروعات تنموية.

> ماذا عن المشاريع النووية العربية؟

- من المعروف أن عددا" كبيرا" من الدول العربية لديها برامج وأنشطة في المجالات النووية، ولكنها تختلف من بلد إلي آخر في الشكل والمضمون، ولكن معظمها في أغلب الأحيان لا تتعدي مقدمة لدورة الوقود النووي، أو بعض الاستخدامات والتطبيقات السلمية للنظائر المشعة في الطب والصناعة والزراعة والإنتاج الحيواني وتشعيع بعض المواد الغذائية لزيادة فترة مقاومتها للتلف.

> وما دور البرنامج النووي في توفير المياه؟

- كانت هناك بعض المحاولات خلال الفترة من 95/1997 لإجراء دراسة جدوي فنية واقتصادية لتوليد الكهرباء وإزالة ملوحة مياه البحر باستخدام المفاعلات النووية اعتمادا" علي التصنيع المحلي لمكونات كل من محطة إزالة ملوحة مياه البحر والمحطات النووية والتي تتناسب مع الإمكانيات والخبرات والتكنولوجيا المصرية، وذلك ضمن المشاريع البحثية للخطة الخمسية 92/1997 لأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا في مصر. وفي إطار هذه الدراسة تم اختيار وتقييم فني واقتصادي أولي لثلاثة مواقع مصرية تقع علي ساحل البحر الأبيض المتوسط، بالإضافة إلي اختيار موقعين قريبين من دول الجوار.

المصدر: جريدة النهار المصرية الأسبوعية
absalman

دكتور / عبدالعاطي بدر سالمان جيولوجي استشاري، مصر [email protected]

  • Currently 120/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
40 تصويتات / 807 مشاهدة

ساحة النقاش

دكتور: عبدالعاطي بدر سالمان

absalman
Nuclear Education Geology & Development »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,457,083