القاهرة: محمد جمال عرفة

 بقدر ما تسبب به فوز مرشح الإخوان وحزب الحرية والعدالة د. محمد مرسي بالمركز الأول في انتخابات الرئاسة في مرحلتها الأولى في «صدمة» للمعادين للتيار الإسلامي من اليسار والعلمانيين وفلول النظام السابق، والفاسدين من بقايا النظام الذين لا يزالون ينفثون سمومهم وفسادهم في مفاصل الدولة.. بقدر ما دفعت هذه اللحظة الفارقة كل هذه القوى - رغم اختلاف مشاربها - للتكالب في حملة واحدة «مسمومة» لا مثيل لها ضد مرشح الإخوان في محاولة أخيرة لإسقاطه، وإعادة النظام السابق في صورة المرشح أحمد شفيق أو «مبارك -2». فالغريب أن ما كان يحدث خفية في المرحلة الأولى للانتخابات من جانب فلول النظام السابق، الذين اختفوا في الظلام من دعم غير مباشر لمرشح النظام السابق (أحمد شفيق). هذا الدعم أخذ عدة أشكال مباشرة منها عودة جحافل الحزب الوطني (المنحل) للنشاط وللظهور إلى العلن، بعدما تنفست القيادات السابقة في الحزب الصعداء ببلوغ كبير الفلول أحمد شفيق، مرحلة الإعادة في الانتخابات الرئاسية، وبعدما كانت تقدم له دعماً «على استحياء»، باتت المؤتمرات التي تعقد من أجل دعمه «شبه رسمية»، برغم رفض المصريين له ورشقه بالأحذية في مؤتمراته في شمال وجنوب مصر. وعاد نواب وأعضاء الحزب الوطني السابق للظهور والإدلاء بتصريحات علنية تنتقد ثورة 25 يناير، وتعقد مؤتمرات لدعم أحمد شفيق وتأييده رسمياً، بل لقد سعى بعضهم للدفاع عن «موقعة الجمل»، التي جرت عندما كان أحمد شفيق رئيساً لوزراء «مبارك» عندما هجم فلول الوطني على الثوار، وقتلوا منهم 12 شهيداً، زاعمين أن الهدف منها كان التخلص من الإخوان المسلمين، كما قال النائب عبدالرحيم الغول في أحد مؤتمرات مدينة قنا جنوب مصر! دعاية سوداء أيضاً أخذ هذا الدعم أشكالاً أخرى من جانب وسائل الإعلام الرسمية، التي لا يزال يسيطر عليها في الصحف والتلفزيون الحكومي أعوان النظام السابق، في صورة دعاية سوداء استهدفت مرشح الثورة في جولة الإعادة د. مرسي. كما استهدف هذا الإعلام الحكومي - ومعه إعلام رجال أعمال النظام السابق (الإعلام الخاص) - تشويه صورة البرلمان أيضاً الذي يسيطر عليه التيار الإسلامي بالأغلبية، وتشويه صورة رئيسه (د. سعد الكتاتني)، وتسريب أخبار كاذبة عن قوانين أقرها البرلمان لتعزيز «فزاعة» الإسلاميين بين المصريين؛ مما دعا «الكتاتني» إلى أن يطالب وزير شؤون مجلسي الشعب والشورى بأن يطلب حضور وزير الإعلام ليقدم بياناً أمام المجلس حول سياسة الوزارة في المرحلة القادمة، وقال: إن هناك تجاوزات في الآونة الأخيرة من الصحف القومية، والفضائيات، مشيراً إلى أن العاملين بتلك الصحف يتقاضون مرتباتهم من الخزانة العامة للدولة، ولكنهم لا يلتزمون الحياد. وقال النائب فريد إسماعيل عضو مجلس الشعب عن حزب «الحرية والعدالة»: إن قنوات الفلول والصحافة القومية، والتي كشف المركزي للمحاسبات عن تحقيقها خسائر بالملايين تهاجم البرلمان ليل نهار؛ لتشويه صورته أمام الرأي العام والتقليل من إنجازاته اليومية لصالح المواطن المصري من مشروعات قوانين تلبي طموحات الناس وتحقق مطالب الثورة، فيما قالت النائبة عزة الجرف: إنها تتعرض لاتهامات كاذبة في وسائل الإعلام من أنها تقدمت بقانون من قوانين الأحوال الشخصية ضد المرأة وهو ما لم يحدث. وكانت أحدث فصول هذا الهجوم الإعلامي الحكومي بهدف تشويه صورة الإخوان هو قيام الكاتب عمرو عبدالسميع أحد أبرز الداعمين لنظام «مبارك» بنشر خبر في «جريدة «الأهرام» يزعم فيه أن مجلس الشعب يناقش قانون مضاجعة المرأة بعد وفاتها»، ما دعا لجنة الأداء الإعلامي في نقابة الصحفيين لتطبيق ميثاق الشرف الصحفي على هذا الصحفي الكذاب. تهديدات عمر سليمان وضمن هذه الحملة لتشويه المرشح الرئاسي الإسلامي، عادت الأزمات المعيشية اليومية للظهور مثل أزمة البنزين والوقود وانتشار حالات الفوضى الأمنية لتخويف المصريين من فوز مرشح الإخوان باعتبارها جزءاً من «الأسلحة الفاسدة» التي يستخدمها أعوان «مبارك» الذين لا يزالون يتغلغلون في مفاصل الدولة في محاولة أخيرة لإجهاض الثورة والمجيء بـشفيق (مبارك-2)! وكانت مفاجأة ظهور عمر سليمان مدير مخابرات «مبارك» السابق؛ ليقول بلغة التهديد، في حوار مع جهاد الخازن بجريدة «الحياة» اللندنية: إنه لو فاز مرشح إسلامي في الانتخابات الرئاسية، فسوف يحدث انقلاب عسكري، مفاجأة مدروسة بعناية ضمن مخطط تخويف المصريين، وهو ما لم يرد عليه المجلس العسكري بشكل مباشر، وإن رد بشكل غير مباشر مؤكداً أنه محايد بين المرشحين وداعياً المصريين للاختيار بحكمة بين المرشحين، والسعي لتحويل هذه المناسبة إلى انتصار وحلم في يونيو الجاري بعدما كان هذا الشهر معروفاً في التاريخ بأنه تاريخ نكسة حرب عام 1967م مع العدو الصهيوني. وهي ليست المرة الأولى التي يهدد فيها عمر سليمان بانقلاب عسكري، فقد هدد وهو نائب لـ«مبارك» يوم 8 فبراير 2011م، بانقلاب عسكري.. وظل يحاول حينئذٍ إقناع ثوار التحرير بعدم الإصرار على رحيل «مبارك» بدعوى أن «كلمة الرحيل ضد أخلاق المصريين التي تحترم كبيرها ورئيسها»، ولكنه هذه المرة يربط بينها وبين زعم «أن المشكلة الأولى التي تواجه مصر حالياً تتمثل في صعود التيار الإسلامي»!! أكاذيب وتضليل أيضاً امتدت هذه الحملة الظالمة والأسلحة القذرة ضد المرشح الإسلامي لمستويات متدنية، وصلت لحد اتهام حزب «الحرية والعدالة» أنه يسعى لتسليح نفسه! ووصل الكذب لحد نشر أخبار فاسدة في صحيفة يسارية (الأهالي) بعنوان «الإخوان يطلبون سلاحاً من السودان»!! وكانت إشارة الهجوم لهذا القطيع الإعلامي الفاسد تصريح «سليمان» في حواره مع «الحياة»، الذي فاق تلفيقات أمن الدولة المنحل، والذي قال فيه: إن «الإخوان يعدون أنفسهم عسكرياً، وإنه خلال سنتين أو ثلاثة سيكون لديهم حرس ثوري لمحاربة الجيش»، دون أن ينسى باقي «التوابل الحريفة» مثل القول: إن مصر ستتحول لمرتع لـ«القاعدة»، وستصبح أسوأ من باكستان وأفغانستان، وأنها مهددة بخطر الدخول في حرب أهلية، كما حدث في العراق!! تشتت الثوار : ومع أن الكثير من الثوار والتيارات السياسية انحازت للثورة والنظام الجديد، وقررت دعم د. مرسي برغم اختلافها معه، كما بدأ بعض المرشحين للرئاسة الخاسرين يدعون لدعم مرسي صراحة، فقد أخذ المرشح حمدين صباحي موقفاً سلبياً، وبدأ مع قسم كبير من أنصاره حملة علنية لمقاطعة انتخابات الإعادة، وهو ما يصب في صالح أحمد شفيق، بينما عمد د. عبدالمنعم أبو الفتوح لاتباع موقف وسط بتأكيد أنه لا يمكن الوقوف في معسكر أحمد شفيق، مع طرح فكرة الضمانات من المرشح الإسلامي د. محمد مرسي. وبدأت قوى أخرى ترفض مرشح الإخوان، واتباع أسلوب الابتزاز في طرح فكرة الضمانات من المرشح محمد مرسي لدعمه بدلاً من الاصطفاف من أجل مصر. وقد وصل ابتزاز مرشح الإخوان بدعاوى الحصول على ضمانات - رغم أنه فائز بالمركز الأول - لحد طلب توقيعه على وثيقة ضمانات بدعوى التخوف من الحكم الإسلامي، وعلق د. مرسي بالقول: إن تعهداته لا تحتاج للتسجيل في الشهر العقاري!! وقد جاء الحكم المخفف على «مبارك» ونجليه وأركان حكمه؛ ليثير مخاوف كل القوى الثورية من حشد التأييد لمرشح الفلول أحمد شفيق؛ لكي يقوم لاحقاً بالعفو عن «مبارك»، بينما تعامل معه د. مرسي - حتى قبل صدور الحكم - بالتأكيد على ضرورة جمع أدلة جديدة لمحاكمة المتهمين، وإعادة محاكمة من ينجو منهم من عقوبة جرائمه ضد شهداء الثورة.

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 45 مشاهدة
نشرت فى 15 يونيو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

298,749