جمال سلطان   |  12-02-2012 19:46

بطبيعة الحال لم يكن فشل الدعوة إلى الإضراب العام مفاجئًا لى ولكثيرين غيرى ممن هم على تماس بالحراك السياسى فى مصر الآن وتوازنات القوى ونبض الشارع، وليس هذا وقت تثريب على أحد ولا جلد لمن عاندوا وأصروا ثم فشلوا، ولكنه وقت الدعوة للمراجعة من الجميع، وبالأخص تلك المنظمات والمجموعات التى دعت إلى الإضراب، فأعتقد أن صوت الشعب المصرى وصلهم هذه المرة بوضوح كاف، كما وصلهم أيام الاستفتاء الدستورى، كما وصلهم فى الانتخابات النيابية، فعلينا جميعًا أن نجرى مراجعات جادة وسريعة، وأن ننفض عن بنيتنا السياسية الأصوات المتطرفة والنزقة، وأن نبحث فى إعادة اللحمة للحركة الثورية بكل تياراتها، وأن نعيد أجواء التوافق إلى حركة الشارع من جديد، لأنه ما زال الأداة الأقوى لنا جميعًا، والضمانة الأكيدة ـ بعون الله ـ فى استمرار تحقيق مطالب الثورة، وهذه الدعوة أوجهها إلى الجميع بلا استثناء، بما فى ذلك التيار الإسلامى، الذى يتوجب على "شبابه" أن يبذل جهدا أكثر حميمية وعمقًا وتواضعًا مع بقية القوى من أجل إحياء روح التوافق فى الشارع، كما حرصوا على إحيائها فى البرلمان، ولا أظن أن الأمر صعب.

فشل الدعوة إلى الإضراب له أكثر من وجه، لعل أبسطه وأقله هو رفض الشعب المصرى لتلك الدعوة وعدم اقتناعه بها، ولكن الوجه الأكثر أهمية ودلالة فى تقديرى، هو أن الشعب بهذا الرفض أكد على رغبته فى إعادة بناء الوطن، وإحياء عافيته الاقتصادية، وهذا ما يدفعنا إلى الدعوة إلى استثمار هذا الدافع المعنوى الكبير لترجمته إلى واقع جديد وتيار شعبى متدفق، وذلك من خلال الدعوة إلى مليونية جديدة الجمعة المقبل، ليست مليونية للاحتشاد فى ميدان التحرير أو ميدان القائد إبراهيم أو ميدان العباسية، وإنما مليونية لاحتشاد طاقات العمال والموظفين والطلاب فى جميع نقاط العمل والانتاج من أجل دعم الاقتصاد الوطنى بيوم عمل إضافى، يوم الجمعة إجازة رسمية عامة فى جميع الإدارات والمؤسسات إلا قليلا، فلماذا لا نحوله إلى يوم عمل استثنائى، مليونية حب لمصر، يضخ ناتجة فى اقتصاد الوطن، وبدلا من الغناء "الرخيص" بحب الوطن، نقدم عطاء عمليًا "ثمينا" يترجم هذا الحب والإخلاص، ويثمر عدة مليارات من الجنيهات تضخ فى شرايين اقتصاد منهك، والمسألة ليست فقط فى هذه المليارات التى تضخ، وإنما فى الروح التى يبثها هذا الاحتشاد وتلك المليونية، والتى يمكن أن تلهب طاقات العمل والعطاء والإنتاج على مدار الأيام الأخرى من الأسبوع فتتضاعف إنتاجية الفرد والمجموع ونعيد الوطن إلى طريق النهوض الذى يعود علينا جميعًا بخير ورفاه وأمل مشروع، فليس شعبنا بأقل من شعوب كثيرة فعلت ذلك وتحدت الإحباط ونهضت بأوطانها، ودرس الشعب اليابانى شهير.

المليونية التى نطالب بها تفرض على كل مؤسسات الدولة أن تشارك فيها، البرلمان يعقد جلسة استثنائية يوم الجمعة، مجلس الوزراء يعقد اجتماعًا يوم الجمعة، والأحزاب والقوى السياسية تدشن حركة فى الشارع للنظافة، للتجميل، للإغاثة، وغير ذلك، والإعلام المسؤول من صحف وفضائيات تتنقل بين المصانع والمؤسسات والشركات، كما كانت تتنقل فى التحرير ومحمد محمود، تنقل روح العمل والتفاؤل والإصرار على إنقاذ الوطن، على الهواء مباشرة، والمصريون بالخارج يمكنهم التضامن مع ذلك اليوم بالإعلان عن التبرع بما يعادل راتب يوم لدعم اقتصاد الوطن، ولا يحقرن أحدكم من المعروف شيئًا.

مليونية للعمل، هذا ما تحتاجه مصر الآن.


[email protected]

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 52 مشاهدة
نشرت فى 13 فبراير 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

319,178