وا إسْلاماه بين الصليب والتتار( المغول ){ الفصل التاسع والعشرون } شكراً لكم قرَّبْتمونى من زوجتى جلنار!!!

رأى الملك المظفر قطز أن يكتمَ أمْرَ تنازُلِهِ عن الحُكْم لِصديقهِ القديم وعدُوِّهِ اللدود. رُكْن الدين بيبرس البُنْدقدارى حتى يعودَ إلى مصرَ..خوْفاً من الفتنة، وخشية انتقاض الأمراءِ والمماليكِ واختلافهم..فالمماليكُ من تلاميذِ المعز أيْبَك يَرَوْنَ أنفسهم أوْلىَ بالحُظْوَةِ(القرْبِ من الثروة والحكم) عند الملك المظفر قطز لِما بينهم وبينه مِنْ صِلَةِ الخِشْداشيَّة فهم جميعا من المُعَزِّيَّةِ(تلاميذ المعز أيبك) وقد نقموا على قطز حين ساوى بينهم وبين المماليك الصالحيَّة ـ تلاميذ الملك الصالح نجم الدين أيوب ـ وكان المُعزِّيَّة يروْن أنَّ قطزاً قد هضم حقهم فى السيادةِ على غيرهم. وأرادوا أن يُكْرهوهُ على تغيير ذلك بالقوَّةِ!! لكنهم خشوا أن يتشيَّعَ الصالِحِيَّةُ للسلطان قطز! فأرْجَئوا ذلك إلى فُرْصةٍ مُلائمة.!.أما بيبرس فكان قد سأل السلطان أن يُعْطِيَهُ ِنيابة حِلب(ينوب عنه فى الحكم) التى أعْطاها قطز لأحد مُلوك الشام كما وَعَدَ.!. فغضب بيبرس،واتهم الملك المظفرَ بأنه يحْسُدُهُ لما أظهر من بطولاتٍ فى حرب التتار ومُطاردتهم إلى أقاصى البلادِ!! وكان قطز يعرف جيداً أطماعَ بيبرس التى لا حدَّ لها.!. فما طلب حلب إلا ليضم إليْها بلادَ الشام كلها، ثم يُنازعُ الملكَ المُظفرَ عرشَ مِصْــــرَ!!! ويعرف كيْفَ حرَّضَ الأمراءَ والمماليكَ على عدم التنازل عن أموالهم لِتمْويل الجيْش.!.!.ولم يكن بيبرس يعْرف حتى هذه اللحظة نِيَّة السلطان المظفر قطز فى التنازل له عن قلعةِ الجبل.!.!.!. فشايَعَ المماليك الصالِحِيَّة فأوْغروا صدره على السلطان(بُغْضاً وحِقْدا)..وجاء بيبرس إلى السلطان المظفر مُعاتبا، وهو يكتم غيظه. لِحرْمانه من نيابة حلب، وهو صاحب البلاء الأكْبر فى الجهاد ضد التتار! فقال الملك المظفر: [ إنى لا أنْكِرُ فضلك  وبلاءك فى الجهادِ] ـ ولكنى أعرف طمَعَكَ الذى لا يقنع ونهَمَكَ الذى لا يشبع!!! ـ فأجاب بيبرس فى حِدَّةٍ:[ وأنا أعرف ماذا أصْنع!!!!!!!]فضحك السلطانُ وقال له::: هأنت يا صديقى قد أظهرت عِصْيانى وأنا بعدُ عِنْدك!!! فكيف لو بَعُدَتْ بىَ الدارُ عنك؟؟؟!!! ومن يدْرى يا صديقى بيبرس؟ لعلك تكون يوْماً سُلطاناً على المسلمين!!! فقال بيبرس :: باللهِ عليك لا تجمعْ علىَّ بين المنْع والسُّخْرية.. فقال قطز::: إنى لا أسْخرُ منك، فأنت حقاً  جديرٌ بأن تكون سلطاناً للمسلمين!!! واللـــــــــــهُ أعْلمُ حيثُ يجعلُ ولايته!!! ثم قال: أصْغ إلىَّ جيِّداً يا بيبرس ـ إنى ما منعتك حلب أو دمشق إلاَّ لِحاجتى إلي مِثلك فى مِصْــــــــر!!! بعدما نزل بى من المُصيبة بفقد السلطانةِ. ولا آمن على نفسى أن يغلبنى الحزنُ فيشغلنى عن القيام بواجبى ـ واعْلم بأنى مُحْتفظ  لك بخير من حلب ودمشق ـ فقال بيبرس ::: وما ذاك؟؟؟ فقال قطز:[ يا صديقى إنها قلعة الجبل .. قلعة ال...] وهنا وقف السلطان ولم يتم كلمته .. ثم استأنف حديثه قائلاً : انصرف يا صديقى راشداً مطمئناً فليس لك عندى إلاَّ الخير!!

وعاد بيبرس إلى جماعته من المماليك، وحكى لهم كلَّ ما دار بينه وبين السلطان.. حتى إذا انتهى إلى قول السلطان ـ إنها قلعة الجبل.. ـ حتى قالوا: حَسْبُك. قد صرَّحَ السلطان بما يُضْمِرُ لك.. إنه يعْنِى أنك ستلقىَ مَصْرَعَكَ هناكَ كما لقِىَ صاحِبُكَ أقطاى الجمدار!!!. فقال بيبرس ـ وقد اشتدَّ حِنْقهُ(غضبه وغيْظه) واحْمَرَّتْ عيناهُ! :[ قلعة الجبل!! لا واللهِ لألْحِقنَّهُ بِزوْجَتِهِ التى يبكيها قبل أن ترى عيْنُهُ قلْعة الجبل!!!] ثم بدأت خطة المؤآمرة.!!!. فأخذوا يتشاورون كيف؟ وأين؟ ومتى؟ يقتلون السلطان؟؟؟ واتفق رأيهم على أن يترصدوه فى طريقه راجعا إلى مصر!!! حتى إذا أمكنتهم منه غِرَّة تعــــــــاوَرُوهُ(مزَّفوه) بسيوفهم.ـ. واخْتاروا معهم اثنين من المُعَزيَّة(تلاميذ المُعِز أيبك)الحاقدين على السلطان الحاسدين له.. وهما..الأمير سيْف الدين بهادر. والأمير بدر الدين بكتوت الجوكندار..ـ..وفرغ الملك المظفر من ترتيب أحوال بلاد الشام..فرَدَّ المظالم، وأعاد لابن الزعيم ما صادر التتار من أملاكه وما صادر الملك الصالح إسماعيل..وأحسن إلى صديقه القديم الحاج على الفرَّاش..وأجرى راتباً لموسى ابن الشيخ غانم المقدسى بعد أن فقد ثروته..وزار قبرَ زوْجة الشيخ غانم وترحَّمَ عليهما!!! 

وقفل الملك المظفر راجعاً إلى مصـــــــــر.ـ.وسبقه بعضُ أمرائه ومُعاونيه، ليُعِدُّوا القصرَ لاستقبال الملك..ـ..وفى الطريق رأى الملك أرنباً برِّياً فلم يملك نفسه!!! فاندفع بِجوادِهِ وراءَ الأرْنبِ..وقد خيِّلَ إليْهِ إذ ذاك أنَّ جُــــــــــــلنار تسوقه معه على جوادها الصغير!! كما كانا يفعلان  فى بلادِ الهنــــــــد!!! فما راعَهُ(أدهشه أو أفْزعه) إلاَّ بيبرس ومعه ستة من الأمراءِ!! فقال أنتم أيْضاً تحبون صيْدَ الأرانب مِثْلِى؟؟؟؟؟ فأجابَ بيبرس :: إنك تعلمُ يا خوند(زميل الجيش) أنى لا أحب صيْدَ الأرانبَ، ولكننا خشينا عليك، فلحقنا بك!!!فقال السلطان:::شكراً لكم لا خوْفَ علىَّ من عدوِّ هنـــــــا! فبَدَرَهُ بيبرس: أريدُ أنْ تمُنَّ علىَّ بتلك الأسيرة التترية التى حدَّثْتُكَ عنها أمس فإنها تُعْجِبُنى . فابتسم السلطان وقال::: خذها لك إن شئت.فشكره بيبرس وترجَّلَ عن فرسه ودنا من السلطان ليُقبِّلَ يدَهُ.ـ.ـ.فمدَّ السلطان يدَهُ فقبضَ عليها بيبرس بشِدَّةٍ!!! وكانت تلك إشأرة بينه وبين جماعته الأمراء.. فحَمَلَ أحدُهم على السلطان فضرب عاتقه بالسيف.. وتعلَّقَ به آخر فألْقاه عن فرسه!!! ورماه ثالث بسهم فى صدره!!! ـ والسلطان لا يُبْدِى أىَّ حركة للمُقاومة!!!!! وإنما كان يقول: حسْبىَ اللـــــــهُ ونعْمَ الوكيل!!! أتقتلنى يا صديقى بيبرس وأنا أريد أن أوليَكَ سلطاناً مكانى ؟!؟!؟ فلما سمع ذلك بيبرس منعهم من الإجْهاز عليه. فصاحوا به إنه أراد أن يخدعك . دعْنا نتمُّ قتله.!. فأبى بيبرس. وكان يريد أن يستوْضِحَ السلطانَ كلمته الأخيرَة ـ وكان السلطان قد أغْمىَ عليه إذ ذاك  ـ ثم أفاق وقد حضر جماعة من فرسانه يريدون البطش ببيبرس ومن معه... فما راعهم إلا صوت السلطان :: دعوا بيبرس لا تقتلوه إنه سلطانكم ـ قد وليته عليكم فأطيعوه ـ فقال فرسان السلطان إنهم قتلوك فلن نتركهم.. قال السلطان:: ما قتلنى غيرُ سلطانكم بيبرس، وقد سامحته فاسمعوا له وأطيعوا..!!!..فألْقى بيبرس سيفه على الأرض ودنا من السلطان وأهْوَى عليه يُقبِّلُ رأسَه ويديْه!!! وهو يقول::: ويْلٌ لى لقد قتلتُ سلطانَ المسلمين !!!!! قتلت هازم التتار!!!! قتلت صديقى الكريم !!! وهنا أخذ مماليك السلطان يمسحون الدم بمناديلهم وثيابهم!! والسلطان يردد الشهادتين! ـ وقال لبيبرس لقد عفوْتُ عنك وعنهم جميعا!!!!! شُكْراً لكُم جميعاً قرَّبْتُمونى من زوْجتى جــــــــلنار..... نلتقى مع الخاتمة بإذن الله.

عبد القدوس عبد السلام العبد   موبايل    01092255676

المصدر: كتاب وا إسْلاماه للأستاذ ( على أحمد باكثير )
abdo77499

مدير مرحلة تعليمية بالمعاش بدرجة مدير عام

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 423 مشاهدة
نشرت فى 15 مارس 2011 بواسطة abdo77499

ساحة النقاش

Abd Elkodous Abd Elsalam

abdo77499
»

فهرس موضوعات المقالات

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

75,652