وا إسْلاماه بين الصَّليب والتتار( المغول ){ الفصل الخامس والعشرون } الوعْدُ الصَّادِقُ وبِدايةُ النِّهايةِ
أُقيم استعْراضٌ عظيمٌ للجيش المصرى فى ميْدان الرَّيْدانيَّةِ.حيْثُ اسْتعْرَضَ السلطانُ قطزُ كل فِرَقَ الجيش وأسْلِحته وتجهيزاته.بحضور الجماهير التى تهْتِفُ بِحياةِ السلطان. ثم انصرف الملك إلى قلعة الجبل.فأمَرَ بالصَّبِى التترىِّ فأُحْضِر إليْه.وأمر بالرسول التترىِّ فأُطْلِقَ بين يديْه.وقال له:[ أخْبِرْ موْلاك اللعِيْن بما شاهدتَهُ من بعْضِ قُوَّتنا. وقُلْ لهُ: إنَّ رجالَ مِصْــــرَ ليْسوا كمن شاهدتهم مِنَ الرِّجال قبلنا!!! وقُلْ لِمَوْلاك: أننا اسْتبْقيْنا هذا الصَّبِىَّ عِنْدَنا لنجْعلَهُ ملكا عليْكُم فى بِلادِكم عِنْدما نكْسرُكُم ونُمَزِّقُكُم كُلَّ مُمَزَّق]. ثم أمر وزيره يعقوب ابن عبد الرفيع فسلَّم الرسول التترىَّ جواباً مختوما لهـــولاكو. وأمر جماعة من الجند أن يحرسوه ويوصلوه إلى الحدود.!. وهكذا قطع الملك المظفر قطز أمل أولئك الأمراء المُتخاذلين المُشاغبين فى مُسالمةِ هـــولاكو.!.ووضعهم أمام الأمر الواقع،ثم أرْسل إلى ملوك وأمراء الشام، فحذرهم من التخاذل فى قتال التتار، أو التسليم لهــولاكو، وطمأنهم بأن اعترف لهم بأن بلاد الشام لِمُلوكِها وليس له أى مطمع فيها... لكن مثلَه ومثلَهم ومثلَ التتار كمن اشتعلت النار فى بيت جاره الأدْنى، فعليه أن يسعى لإطْفائها، وليس لِجاره أن يقول له: لا شأن لك بدارى!!!!!وقد لجأ إلى مصــــــر كثير من ملوك وأمراء الشام بجنودهم حين اشتدت هجمات التتار على بلاد الشام..فأحسن السلطان قطز استقبالهم، وجعل كلا منهم أميرا على من معه من الجند، وضم إليْهم عددا من جنود مصـــــر وجعلهم تحت قيادته لتقويته.. ولحق آخرون ممن كتب اللـــــــــــهُ عليهم الذل فى الدنيا والآخرةِ بهـــولاكو، فأعانوه على قتال المسلمين!!! واستطاع السلطان قطز أن يحقق فى شهور ما تعجزعن تحقيقه العُصْبة أولو القوة فى سنين. فضاعف قوة الجيش عددا وعُدة.وخلقه خلقا جديدا،جعله يتوَقدُ حماسة للقتال.وحنينا وشوْقا للجهادِ فى سبيل اللــــــــــه، وأنْزل السكينة والطمأنينة فى قلوب الناس، وجعلهم على ثقةٍ ويقينٍ بأن مصـر ستُفْلِحُ بِحوْل اللــــــــــــهِ فى ردِّ غارات التتار بل وطردهم من بلاد الشام. كما أفْلحت من قبلُ فى ردِّ الصليبيين على أعقابهم!!!...... وكانت زوجته وحبيبته السلطانة جــــلنارتشُدُّ من أزره فى كل ذلك، وتُشاطِرُهُ همومه وتمسح بيدها الرقيقة شكواه كلما ضاق صدره من عناد وتخاذل بعض الأمراء والمماليك!!! فتملأ قلبه ثقة وعزماً فيزداد يقينُهُ ويتضاعفُ إيمانُهُ!!! وهى تقول له: إنى سأخرج معك إلى الميْدان لأرى مَصارعَ التتار بعيْنى فيُشْفَى بِذلك صدْرى!! فيقول باسِمًا أما تخافينَ الأسْرَ؟ فتقول: أما تذكرُ أنى كنت أسبقك بجوادى؟أنا ابنة جلال الدين.لا يصلون إلىَّ وجوادِى معى ينجو بى...فيضحكان ويتعانقان!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! ثم يجدُّ الجِدُّ وتردُ الأنباءُ بوصول التتار إلى غزة وبلد الخليل..فينشرون الخراب بقتل الرجال وسَبْى النِساءِ والصبيان ونهب الأسْواق وسلْب الأموال وذلك بعد حلول شهر رمضان.
ويُنادَى للجهادِ فى القاهرة وسائر البلاد المصـــرية.ويتزعَّمُ الدعْوة للجهاد شيخ المجاهدين العز ابن عبد السلام وكتائبُهُ. وأحسَّ الناسُ كأنهم فى عهدٍ من عهودِ الإسلام الأولى!!!حين كان الصحابةُ الكِرام يُلَبُّون دعوة الرسول العظيم!!! فينفروا خِفافاً وثِقالا، يبتغون إحْدى الحُسْنيين، النصرَ أو الشهادة، حتى يجعلوا كلمةَ الذين كفروا السُّفْلىَ ، وكلِمَةُ الله هِىَ العُلْيا..... وأمر الملك المظفر بتحرُّكِ الجيش حتى نزل بالصالحية. وأمسى الليل والصالية مدينة كبيرة من المضارب والخيام يتوسطها المُخَيَّمُ السلطانى، وفيه مع السلطان الأمير ركن الدين بيبرس البندقدارى والوزيران يعقوب ابن عبد الرفيع والأتابك أقطاى المُسْتعرب.. وعلى مقربة منه مضارب ملوك الشام اللاجئين إلى مصــــــر.. فيتشاور مع الجميع فى خططه.ويتلقى آراءهم الصائبة بالقبول والاسْتِحْسان ـ ثم يأمر الجميعَ بأن يأخُذوا قِسْطا من الراحة والنوْم ويقول: إنكم ربما لا تذوقون النوْمَ غداً أو مساء غدٍ!!! مع يقظةِ الحُرَّاس على مسافةٍ أمام الجيش جهة الشام.. ولما كان الهزيعُ الأخير من الليل(الثلث) هبَّ السلطان وامر الجيش بالسُّرَى( السيْرُ ليلا) وسبقهم الأميرُ بيبرس ليتعرَّفَ أخبار التتار ـ حتى وصل بِفِرْقته إلى غزة وبها طلائع التتار فناوشهم القتال فانهزموا إذ ظنوا أنَّ وراءه جيشا عظيما وتركوا له غزة!!! فدخلها بيبرس بِجَمْعِهِ(جماعته)حتى وافاه السلطان بالعساكر فأقام فيها يوْما يُريحُ الجيش ويدبر الخططَ.وهناك وافته السلطانةجهـــــاد(جلنار) راكبةً جوادها وهىَ بملابس الفرسان وعليها قناع من الحرير الأسْوَدِ مسْدولاً على وجْهِها لوْلاهُ ما تميَّزتُ عن الفِرْسان!ـ! وتصحبها جاريتان حبشيتان على بغلتيهما،، وحوْلها جماعة من العبيد السود يحرُسونها.ـ.وكان الفرنج بِعكا فخَشِىَ قطز غدرَهُم فبعث إليهم رُسُلا، ثم سار إليهم بطريق الساحل،فخرجوا إليه مُعْلِنين الحِياد ـ بعد أن رأوا انهزام التتار فى غزة. وكانوا من قبلُ قد اتفقوا مع التتار على مهاجمة مؤخرة الجيش المصرى!!!!!فرجعوا عن ذلك!!!!!وأبقى السلطان حامياتٍ من عسكره على الحُصون القائمة على منافذِ عكا، ليضمن بقاء الفرنج على الحياد.فوافقوا مُكْرَهِين...وعاد السلطان قطز من عكا، ووقف خطيباً فى الأمراءِ والجُنْدِ، يُحرِّضُهُم على الصدق فى الجهاد، لتحرير الشام ونُصْرة الإسلام. وحذرهم عُقوبة اللــــــــــه وغضبه ـ ثم دعا الأمير بيبرس، وأمره أن يسير بكتيبته لتكون طليعة له!! فصدعَ(أطاع) بيبرس بالأمر وسار بكتيبتهِ حتى لقِىَ طلائع التتار.. فكتبَ إلى السلطان يعْلِمُهُ بذلك.. وأخذ بيبرس يناوش التتار ويُشاغِلُهم! حتى وافاه السلطان عند عين جـــــــالوت1260م فنزل بعساكره فى الغور(المُنْخَفَض) ولمَّا رأى التتار طلائعَ الجيش المصرىِّ لزموا مواقعهم ينتظرون تكامُلَ جُموعِهِم المُقْبِلةِ... وكان الجيش المصرى يُردِّدُ نشيدَ الجهادِ مُنْذُ خُروجه.
نمْضِى إلى التتار# بالأبْيَض البتَّار# والأسل الحرار# نطلُبُهُم بالثار
للـه والمُخْتار# وشرفِ الدِّيار# نطرحهم فى النار#وغضبِ الجبار
نمضى إلى التتار#بالعسكر الجرار#كالأسْدِالضوارى# تعصِفُ بالفُجَّار
كالريح كالإعْصار# كالمائج الهَدَّار# نغْرقُهُم فى النار# وغضبِ الجبار
نكمل إن شاء الله. عبد القدوس عبد السلام العبد.موبايل 01092255676 تعديل الموبايل إلى 0109
ساحة النقاش