وا إسْلاماه بين الصليب والتتار( المغول ){ الفصل الرابع والعشرون } قُطُز بين كَيْدِ بيبرس ورُسُلِ التتار!!
أفْتى الشيخُ المُجاهِدُ العزُّ ابن عبد السلام الذى لا يخْشى فى الحق لومة لائم، بوُّجوبِ أخذِ أمْوال الأمراءِ وأمْلاكِهِم حتى يُساوُوا عامَّة الناس فى ملابِسهم ونفقاتِهم.ـ.وحينئذٍ يجوزُ الأخْذُ من أمْوال الناس.ـ.أمَّا قبل ذلك فلا يجوز! وذلك لتجهيز الجيش عُدَّةً وعَدَدًا وَمئونة!!! ورأى قطز أن هذه الفُتْيَا ستُثيْرُ الأمراءَ والمماليكَ وتُشْعِلُ فى البلادِ فتْنة يصعُبُ إطْفاءُ نارها!! فبعث إلى الشيخ وشرح له ذلك..وتلطَّفَ معه فى القوْل.فقال الشيخ: لا أرْحِعُ فى فتْواىَ لِرأىِ ملكٍ أو سلطان!!وقد عاهدتُ اللــــهَ أنْ أقوم بالعدْل والنظر فى مصلحة المسلمين! فبكى الملك المُظفَّر قطز! وقبَّلَ رأسَ الشيخ قائلاً: بارَكَ اللـــهُ لنا ولِمِصْرَ فيك!ـ! إنَّ الإسْلام ليفتخرُ بعالِم مثْلِك! واستشار الملكُ قطزُ بيبرسَ فى هذا الأمْرِ فخَوَّفَهُ بيبرس من غضبِ الأمراءِ وعِصْيانهم وثوْرَتِهم فى هذا الوقْتِ العصيبِ.ـ.وهو يقصد بذلك أن يخرُجَ قطزعن طاعةِ الشيخ فيثورَ الناس عليه! لكن بيبرس لمَحَ الشَّكَّ فى عين قطز! فتراجَعَ قائلاً: سأكون أوَّلَ من ينزلُ عن أمْلاكِهِ لِبيْتِ المال! وهو يقصدُ بذلك أيْضا أن يثورَ الأمراءُ والمماليكُ على الملك المُظفَّرِ ويخلعوه وَيُوَلوا بيبرس مكانه!!وكان بيبرس قد اجتمع بهم سِرَّاً وحرَّضَهم على ذلك!! وأدرك قطز ما يُدَبِّرُهُ بيبرس فى الخفاءِ. فخلا به وقال له:اتَّقِ اللـــهَ يا بيبرس فى دينك ووطنك.. فحاول بيبرس الإنكارَ! فبدره قطز قائلا: لا تنكر ذلك بالقوْل يا بيبرس. ولكن أنْكِرْهُ بفعلك.ـ. واعلم أنى لو أردتُ قتلك لما أعْجَزَنى ذلك!! ولكنى أضِنُّ على بطل مِثْلِكَ أنْ يُقْتَلَ فى غيْر سبيل اللــــه!ـ! وأريدُ أن أسْتبْقِيَكَ لِيوْم مع أعْداءِ اللــه مشهود! فهدأ بيبرس وقال: أعاهدك بشرفى ودينى أننى أقاتل معك أعْداءَ الإسلام التتارَ حتى تنتصرَ عليهم أو أقتل دونك!ـ! أما الأمراءُ فشأنُك وشأنُهُم لا أعينك عليهم ولا أعينهم عليك.. فقال قطز:: حَسْبِى هذا منك.ـ.واستطاع قطز أن يُدبِّرَ حيلة حَبَسَ بها الأمراءَ والمماليك بقاعة العواميد بالقلعة. وأمر فِرْقة من رجاله الأشداء المخلصين فكبسوا بيوتَهم وكسروا خزائنهم وحملوا ما فيها من الذهب والفضة والجواهر إلى بيت المال!! ثم أخلى سبيل المماليك وقبض على أمرائهم!! وكان أولُ مال دخل بيت المال صندوقَ الجواهر الخاص بالأميرة جهــــــاد(جلنار) زوجة الملك محمـــــود( قطز) ثم أمر قطز بأخذ زكاة أموال الناس وأجر عقارات الدولة المؤجرة، حتى يستكمل إعداد الجيش..سلاحا.وذخيرة.خيلا.وبغالا.ومجانيق.ورجالا مُدربين(من الجنودِ والمتطوعين الذين استجابوا لنداء الشيخ المجاهد.ومئونة وعتادا إلخ.....
وأخيراً جاءَ رُسُلُ التتار(المغــول) إلى مصــــر..وكانوا بِضْعَة عشرَ رَجُلاً يرْأسُهم خمسة من كِِبارهِم يُحْسِنون اللسانَ العربِى،ومعهم صبىٌّ مُراهق!! وكان فيهم رجال مَخْصوصون للتجسُّسِ!!! وقد جاءوا بكِتابٍ من جبـَّـــــار الأرْض هــــــولاكو. إلى الملك المُظفر قظز. فأمَرَ قطز بِحُسْنِ اسْتِقْبالِهم. ورتَّبَ جماعة من عسكره لِخِدْمَتِهِم!!!وصُحْبَتِهِم إلى كل مكان أوْ مَوْضعٍ يُحِبُّون الذهابَ إليْه!!!!! وقدعجبوا لهذه الحُرِّيَّةِ التى أعْطِيَتْ لهم...إلاَّ واحــــــداً من رؤسائهم الخمْسةِ.أمرالملكُ قطز أوَّل ما قدِموا فعُزِلَ عن أصْحابهِ، واعْتُقِلَ فى بُرْج من أبراج القلعة، فلم يسْألْ الباقون عنه لانشغالهم فى تعَرُّفِ قُوَى الدِّفاع والاطلاع على حُصُون المدينةِ، وأسْوارها وأبْوابها.إلخ، حتى إذا قضوا من ذلك ما أحَبوا أمر بهم الملك المظفر سيف الدين قطز، فاعتُقلوا فى بُرْج آخر!! أما الصَّبى التترى فكان يتسللُ إلى القصور السلطانية فى غفلة من الحراس!! حتى عُثِرَ عليهِ يوْما عند الحريم قد أحاطت به جوارى القصر! يتعجَّبْنَ من خِلْقته وشكْلِهِ!! وهو يخاطبهن بكلماتٍ عربيةٍ مُكَسَّرةٍ! فقُبِضَ عليْهِ وسِيْقَ إلى الملك المطفر قطز... فأمر باعتقاله وحْده!!!!
واستشارالملكُ المُظفَّرُ سيفُ الدين قطز الأُمراءَ فيما يُجيبُ به التتارَ فأشار مُعْظمهم أنْ يُرْسِلوا إلى جبَّــــــار الأرض هــــــولاكو جوابا لطيفاً يتقون به شرَّهُ، ويخْطِبون بهِ وُدَّهُ، وأن يدْفعوا له جزْية كُلَّ سنةٍ لِئلا يهْجُم على مصـــــر فيُهْلِكَ الحرْثَ والنسْلَ!!!!!!! فغضِبَ الملكُ واحْمَرَّ وجْهُهُ حتى كاد الدَّمُ ينبثق منه!! وجعل يقولُ: إنَّ اللـــــــه تعالى يقول فى كتابه العزيز[ حتى يُعْطوا الجِزْية عن يدٍ وهم صاغرون] وانتم تُريدون منا أنْ نعْكِسََ الآية ونقول:( حتى تعْطوا الجزْية عن يدٍ وأنتم صاغرون ) ثم قام إلى كبير الجماعة فاخْتَطفَ سيْفه وكسَرَهُ على رُكْبتِهِ وألْقاه فى وجْهِهِ وقال:( إنَّ السيف الذى يجْبُنُ حامِلُهُ عن القتال لخليْقٌ أنْ يُكْسَرَ هكذا ويُلْقىَ فى وجْهِ صاحبِهِ ).
وأمَرَ الملك المُظفَّرُ سيْفُ الدين قطز بِعرْض وفدِ التتــــار بين الناس. الرجال والنساءِ والصِّبْيان لمُشاهَدَتِهِم، فى موْكِبٍ عظيم!!! وقدْ أُرْكِبوا على جِمال وشُدُّوا على أقتابها ( أسْنام الجمال ) بالحِبال، وَوُجوهُهُم إلى أذْنابها ( ذُيولها ) ماعدا الرسول المُفْردِ المعزول وحده!!! فقد قُيِّدَ وحُمِل على مَحَفَّةٍ لِيُشاهِدَ ما يُفْعلُ بِأصْحابه!!! ما خلا الصبى التترى فقد أمر السلطان باسْتبْقائهِ ليجعله من مماليكه!!! وخرج الموْكِبُ بالطبول من القلعة! والناسُ من حوْلِهِ يصيحون ويضحكون ويُصفِّقون.لهْواً ومَرَحًا!!! حتى وصلوا إلى سُوق الخيْل. تحْتَ القلعةِ فقتلوا أحدَ الرُّسُل!ـ!ولما بلغوا ظاهر باب زُوَيْلة قتلوا الثانى!ـ!وقتلوا الثالثَ بِظاهر باب النصر!ـ!والرابعَ بالريْدانية!ـ!ثم أُنْزِلَ الباقون فقُتِلوا دفْعة واحدة!ـ! وعُلِّقت رُءُوسُ الجميع على بابِ زُوَيْلة!!!!!!!! فماذا بعد؟؟؟؟؟ نكمل إن شاء اللـــــــه ـ
عبد القدوس عبد السلام العبد موبايل 0192255676
ساحة النقاش