وا إسلاماه بين الصليب والتتار( المغول ){ الفصل الثالث عشر } قطز على طريق الجهاد
أصبح قطز مَوْضِعَ ثقةِ الشيْخَيْن. ابن الزعيم وابن عبد السلام. فأتمناهُ على أسْرارهما. فينقُلُ رسائلهما فى أُمورٍ تتَّصِلُ بحركتهما السياسية والإصلاحية، لا فى دمشق وحْدها بل فى سائر بلاد الشام وغيْرها من البلاد الإسلامية،فعرف قطز كثيرا من أحوال العالم الإسلامى إذ ذاك،وأحْوال مُلوكه وأمرائه وما بينهم من المُنافساتِ على المُلْكِ، وعرف موْقف كل منهم من مُعاداة الصليبيين أوْ مُوالاتهم(التعاوُن معهم) .وأدرك قطز سياسة الشيْخ ابن عبد السلام وأنْصاره والهدف الذى يسعون إليه من توْحيد بلاد الإسلام، وتكْويْن جبْهة قويَّة من مُلوكِ الإسلام وأُمَرائه، لِطرْدِ الصَّليبيين من البلادِ التى يحتلُّونها فى الشام. ولِصَدِّ غارات التتار التى تهدد المسلمين من الشرق. وكانت سياسة ابن عبد السلام تقتضى المُناصرة والتأييد لأقوَى مُلوكِ المسلمين وأصْلحِهِم لهذه المُهِمَّةِ الكُبْرى، ممن لا يميلون إلى الصليبيين أو مُصانعتهم(مُنافقتهم) وتسْعى للقضاءِ على مَنْ يُوالونهم أو يخضع لِنُفوذهم من المُلوك والأُمراء.ـ.فكان الملك الصــالح نجم الدين أيُّوب صاحب مصـــر على رأس الفريق الأول! وكان على رأس الفريق الثانى عَمُّهُ الملك الصالح عمـــاد الدين إسماعيل صاحب دمشـــق!( سبحان الله ) وكان العداءُ بينهما مُسْتَحْكِما! والتنافس بينهما شديدا.فكان الشيْخُ وأنْصارُهُ يُوالون ملك مصـــر ويُعادون ملك دمشـــق ويعتبرونه خائنا للإسلام! وكان الشيخ ابن عبد السلام يُراسِلُ ملك مصر ويُحَرِّضُهُ على تطهير بلاد الشام من الصليبيين..أُسْوَة بِجَدِّهِ العظيم السلطان صـــلاح الدين الأيوبى.ويتلقى منه رُدودا يَعِدُهُ فيها بالقيام بذلك حين يتأهَب ويسْتعِدُّ.ـ.وعَلِمَ صاحب دمشق بحركة ابن عبد السلام فأراد أنْ يقبض عليه لكنه خشِىَ ثوْرة أنصار الشيخ فأجَّل ذلك إلى حين!!!
اسْتعَدَّ الملك الصـــالح نجم الدين أيوب للمسير إلى الشام لتطهيرها. فخاف عمُّه الملك الصالح عماد الدين إسماعيل. وعزم على السَّبْق بغزو مصر. فبعث إلى أميرَىْ حِمْص وحَلَب يطلب النَّجْدَة وكاتب(أرسل) الصليبيين الفِرنْج لمُساعدته والمَسير معه لمُحاربة مَلِك مصر، وأعْطاهُم فى مُقابل ذلك قلْعَتَىْ ـ صفد والشقيف وبلادَهما ـ وصَيْدا وطبَريَّة وأعْمالهما ـ وسائر بلاد الساحل(على البحر المتوسط) ولم يكتفِ بذلك بل سمح للصليبيين الفِرنْج بِدُخول دمشق لِشِرَاءِ الأسْلِحة وآلات الحربِ من أهْلِها!!
أدْرك الشيْخ ابن عبد السلام الخطر الذى يتهدد بلاد الشام من هذا الخَطْبِ الفادِح فكتب رسالة قويَّة إلى الملك الصــــالح نجم الدين أيوب يحُثُّه فيها على التعْجيل بالجهاد، ويتوَعَّده فيها بِغَضَبِ الله ونقْمَتِهِ وعذابه إذا تهاون فى المَسِير لإحْباط ما أرادَه أعْداءُ الإسلام! مُؤكدا له أنَّ تبعَة ذلك فى رقبته إذا قصَّرَ فيما أوْجبه الله عليه. وأنْذرَهُ بِضياع مُلْكِهِ وخسارة آخِرَتِهِ .!!.وجهَّزَ الشيخُ أنْصارَهُ فى الشام استعْدادا للجهاد سِرَّا..حتى إذا كان يوْم الجمعة وامتلأ الجامع الكبير بالناس.اعْتلى الشيخ المِنْبَرَ وأخذ فى خُطْبَتِهِ يُحرِّضُ المسلمين على الجهاد، ويُحَرِّمُ بيْعَ السلاح للفِرنج.ويؤكد أنه لا طاعة لِحاكِم يُسَلِّمُ بلاد الإسلام لأعْداءِ الإسلام. ويُندِّدُ بِعُلَماءِ السُّوءِ الذين يُفْتون بالباطل ويُحَرِّفون الكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ.ـ.ولم يدْعُ للصالح إسماعيل كما كان يفعل. واكْتفى بالدُّعاءِ لِمَنْ يُعْلِى كلمة الإسلام وينْصُرُ دِين الله!!!وندَّدَ(عاب وذمَ) بِفَعْلَةِ الصالح إسماعيل فى كلماتٍ واضحة صريحةٍ لا غُموضَ فيها ولا إبْهام.ـ.وكان الملك الصالح عماد الدين إسماعيل غائبا عن دمشق هذا اليوْم فكتب له أعْوانه بما كان من الشيخ ابن عبد السلام. فأرْسل بعَزْلِهِ من الخَطابة والقبض عليه وحبْسِه حتى يرْجِعَ إلى دمشق.ـ.وكان أنْصارُ الشيخ قد أشاروا عليه بِمُغادرة دمشق! أوْ الاختباء. لكنه أبَى(رفض) وقال:: والله لا أهرُبُ ولا أختبئ. وإنما نحن فى بِداية الجهادِ!! ونصحهم أن يُغيروا بأيْديهم ما لم يقدر على تغييره بلسانه.!.وأنْ يمنعوا بيْعَ السلاح للصليبيين الفِرنْج. وأن يبطشوا( يقْتلوا) بمن يأتى منهم إلى الأسْواق لشِراء السلاح.ـ.وقُبِضَ على الشيْخ ابن عبد السلام وسُجِنَ فثار أنصارُهُ وطالبوا بالإفْراج عنه. وبدَءُوا التغْيير بأيديهم!! وأخذوا فى قتل من يقع فى أيْديهم من الفِرنج(الصليبيين) حين يأتى لِشِراءِ السلاح من الأسْواق..فغضب الفرنج وفرضوا على الملك الصالح عماد الدين إسماعيل دِياتِ القتْلى.ـ.واتهموه بالكيدِ لهم، فحاول قمعَ الثَّوْرةِ فلم يفْلِحْ. فما وَسِعَهُ إلاَّ أن أمر بالإفْراج عن الشيْخ ابن عبد السلام، وأمره بِمُلازمَةِ داره!!ـ وهنا كان لقطز دوْرٌ ـ فقد أمَرَهُ الشيْخ ابن الزعيم أنْ يتعلَّمَ الحِلاقة!! فأتْقنها وتشبَّه بالحَلاَّقين فى حَرَكاتِهِم وملابسِهم.ـ.فكان يذهب إلى بيت الشيخ ابن عبد السلام دون أن يلْفِتَ الأنْظار. ليبلغه أخبار الشيخ ابن الزعيم وجميع أنصاره!!! فيأمُرُهم بالاستمرار فى قتل الفرنج!! وهكذا بدأ الحَلاقُ جهاده. فماذا بعد؟؟؟؟ نكمل إن شاء الله .
عبد القدوس عبد السلام العبد موبايل 0192255676
ساحة النقاش