وا إسلاماه بين الصليب والتتار( المغول ){ الفصل الثانى عشر } قطز بين الشيخ ابن الزعيم والشيخ المُجاهد ابن عبد السلام

غابت جُلْنار عن ناظِرَىْ قطز لأوَّل مَرَّةٍ فى حياته.لكنها لم تغِبْ عن قلبه،فضاقتْ به نفْسُهُ واستأذن موْلاته فمَضَى لِزيارة صديقه الحميم الحاج على الفرَّاش.الذى كان يخْدُمُ ثريَّا مِنْ أعْيان دِمشق هو الشيخ ابن الزعيم.حيْثُ يعيشُ فى قصر قريب، ودار بينهما حديث الشُّجون،وسرعان ما أقْبل الشيطان(موسى)وفى يده سَوْط فلطم(ضرب بيده على وجهه) قطز وأخذ يسبُّ أباهُ وجدَّه!! فانتزع قطز السَّوْط من يدِهِ ونظر إليْه بِعَيْنيْن مُتَّقِدَتيْن كأنهما جذوَتان من النار مَلأتا قلْبَ موسى رُعْبا!!! فانصرف مذعورا!! ولم يملك قطز نفسه فانخرط فى البُكاء.فتعجَّب الحاج على الفراش قائلاً:كيف تبكى من هذه اللطمة؟ فقال قطز: إنما أبكى من لعْن أبى وجدِّى! وهما خيرٌ من أبيه وجَدِّه! فزاد الحاج على الفرَّاش عجباً! وهنا أخْرج قطز مكنون نفسه، فحكى حِكايته من أوَّلِها حتى وُصوله إلى بيت الشيخ غانم المقدسى!!!فتهلل وجه الحاج على الفراش! وأقْسم أن قلبه حدَّثه بذلك! فقد كان واثقا أنَّ لقُطُز أصْلاً كريما ونسبا إلى أشْرفِ الملوك!! وطمْأن قطزا بأنه سيعمل على تخليصه من قبضة موسى!! وقصَّ الحاج على الفراش حكاية قطز بكل فصولها لِسَيِّدِةِ ابن الزعيم الذى كان يعرف تاريخَ جلال الدين وابيه خوارزم شاه من شيْخِهِ ابن عبد السلام!!!ولم تمض ثلاثة أيام حتى طلبَ ابن الزعيم من الوَصِىِّ أن يبيعه قطزا. وانتقل قطز إلى قصْر الشيخ ابن الزعيم!!!سيِّدِهِ الجديد.وانْطوَتْ صفحة من حياة قطز شيَّعَها بدُموعه وحسَراتِه! فقد كانت رغم الرِّق من أجْمَل وأسعدِ أيام عمْره!!! إذ أشْرق فيها الحبُّ الذى ملأ قلبَهُ نورا إلى جِوار حبيبته جُلنار!! ثم فارَقها فذهبت نفْسُهُ حسَرات فى أثر حبيبته الذاهبة!!!

اصْفرَّ وجْهُ قطز ونحل جِسْمُه، وتقرَّحَتْ مُقْلتاه من طول السهر والبكاءِ.وكأنما كان خلاصُهُ من قبْضَةِ موسى نجاةً من مِحْنته الصُّغْرى ليفرغَ لِمِحْنته الكُبْرَى بفراق توْءَم رُوحِهِ حبيبته جُلنار!!مما جَعَلَ سيِّدَهُ ابنَ الزعيم يَرِقُّ لحال مملوكِهِ الخوارزمِىِّ فيبالغُ فى تكْرمته والبِرِّ به. فيعْرضُ عليه أنْ يُزوِّجه بمِثلِها أو أجمل منها. فيُجيبُ قطز: إنها ابنة خالى. ولم نفْترقْ مُنْذُ وُلِدْنا!! فيقول ابنُ الزعيم:: صدقْتَ يا قُطُز.ليس فى وُسْعِنا أنْ نُزَوِّجَكَ أميرة مثل ابنة جلال الدين!!! ولكنى أنصحك بالصَّبْر، إبْقاءً على صِحَّتِكَ وشبابك. ولعلَّ اللهَ يجْمعُ شملكما مِنْ حيْثُ لا تحْتسِبان. وأوْصَى خادِمه الحاج على الفرَّاش بقطز خيْرا. ولم يكن الحاج علِى فى حاجة إلى وَصِِيَّة سيِّدِه بِصَدِيْقه الحميم قطز، لأنه كان خبيرا بأدْواءِ(أمْراض) القُلوبِ! وعليما بعلاجها!. فكان يأخذ قطزاً إلى مجالس العُلماءِ فتعلَّقَ بها وتعلَّقَ قلبُهُ بالعبادة والتقْوَى. صلاةً وتلاوة! .وقد تعلَّقَ قطز كثيراً بِدُروس الشيخ ابن عبد السلام!. وكان سَيِّدُهُ ابن الزعيم يُشَجِّعُهُ ويُثْنى عليه.فقد كان ابن الزعيم من كبار أنصار الشيْخ ابن عبد السلام. ومن خَواصِّ أصحابه.وقد كان الشيخ ابن عبد السلام يرى حقا أن العلماءَ ورثة الأنبياءِ. فى هداية الناس إلى الخيْر ودفعهم عن الشر. والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. لا يخاف فى اللهِ لوْمة لائم.لايتَّجِرُ(يتاجر) بدِيْنه. ولا يُساوم فى مصالح أُمته ووطنه، ولا يشترى بآيات الله ثمنا قليلا. وكم من عالِم فى عَصْره لا همَ لهم إلا جمع حُطام الدُّنْيا وتضليل العامةِ من الناس. ومُداهنة(نِفاق) الحُكَّام. من أمْثال فُقَهاءِ السُّوءِ الذين أبطلوا وَصِِيَّة الشيخ غانم المقدسى من أجْل دنانير اشتراهم بها ابنه موســـى!!!

وجاء الشيخ ابن عبد السلام يوْما لزيارة ابن الزعيم. فأكرمه واحتفل به! ودخل عليه قطز بشراب الورد. فلما رآه سأل عنه.وقال: من هذا الشاب؟ أحسبنى رأيته فى حلقة الدرس. فأخبره الشيخ ابن الزعيم بقصَّةِ قطز من بدايتها إلى وصوله إلى بيت الشيخ غانم المقدسى! فعجبَ الشيخ ابن عبد السلام وتلا قوْلَ اللهِ تعالى::[ قل اللهُمَّ مالِكَ المُلْك تؤتى المُلْكَ من تشاءُ. وتنزعُ المُلْك ممن تشاءُ. وتُعِزُّ من تشاءُ. وتُذِلُّ من تشاءُ. بيدِكَ الخيْر. إنّك على كُلِّ شىءٍ قديْر.] ثم أثنى على آل خوارزم شاه، ودعا بالمغفرة لجلال الدين.ـ. لِما أساءَ إلى المسلمين فى بلاد(خلاط) انتقاما من الملك الأشرف حين خذله حُكَّامُ المسلمين كما خذلوا والدَه خوارزم شاه حين كان يجاهدُ التتار..!! وأكرم الشيخ ابن عبد السلام قطزا فأجلسه بجواره! وقال::( إنَّ جلالَ الدين حبيبٌ إلى نفوسنا. إذ كان يجاهد التتار . وأنت ابن أخته ولك عندنا منْزلة وحُرْمة.  فماذأ تُخبئُ الأيام؟ نكمل إن شاء الله..

عبد القدوس عبد السلام العبد   موبايل  0192255676

المصدر: كتاب وا إسلاماه للأستاذ ( على أحمد باكثير )
abdo77499

مدير مرحلة تعليمية بالمعاش بدرجة مدير عام

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 421 مشاهدة
نشرت فى 26 فبراير 2011 بواسطة abdo77499

ساحة النقاش

Abd Elkodous Abd Elsalam

abdo77499
»

فهرس موضوعات المقالات

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

73,641