وا إسلاماه بين الصليب والتتار( المغول ){ الفصل الحادى عشر } وهُوَ عَلى جَمْعِنا إذا يشاءُ قدير.

ومَرَّتْ السنون سِراعا، وتوَالتْ الأحداثُ تَتْرَى(فى تتابُع سريع)، وانْقضَت للحبيبين الصغيرين فى بيتِ الشيخ غانم المقدِسى عشرة أعْوام أو تزيد. حتى بلغ قطز مبلغ الرجال، وبلغت جلنار مبلغ النساء، فترعرع الحُبُّ بينهما وتنقل من َطوْر إلى َطوْر، فشعرا بِفُيوض مِن السَّعادة، ونسِيا صُروفَ(مَصائب)الأيام ونكباتِها.وكان الشيخُ غانم وزوْجَتُهُ يعْلمان بهذه المشاعر البريئة الطاهرة، فشملاهما بالعطف والرَّضا، ووعداهما بتزويجهما حينَ تتهيأ الفُرْصَة ويخِفُّ الشيخ من مرض الشلل.ولمَا تطاول به المرض احتاط الشيخُ للأمْرِ فأوْصى لهما بِجُزْءٍ من امْلاكِه وبأن يُعْتقا إذا دَهَمَهُ الموْتُ!!. على أنَّ الجَنة التى يعيشُ فيها هذان الحبيبان لمْ تخْلُ من شيْطان!!! يُكدِّرُ الصَّفْوَ وينْفُثُ السُّموم نكاية( إغاظة) بهما. فهذا موسـَــى الخليعُ الفاسِدُ يغارُ مِنْ قطز لثقة الشيخ به وتسليمه مَقاليدَ خزائنِهِ وإدارة أمْوالِهِ وأمْلاكِهِ!!! فكان قطز سخيَّا(كريما)على أقارب الشيخ وذويه وينفِقُ على حاجات القصر ومن فيه!! فلا يخرج دينارٌ إلاَّ من يدِ قطز. فشقَّ(صَعُبَ) ذلك على موسـَــى وغاظه أنْ يتسلَّم راتبه اليوْمىَّ من يدِ مملوكِ أبيه!!! فكان يتوسَّلُ إلى قُطُز لِزيادة راتبه من غير علم أبيه فيأبى(يرفض)قطز. ويقول له:: هذا مال سَيِّدِى وإنما أنا أمين عليه! فاستأذن إباك. فيتوعَّدُ قطزاً ، ولم تسْلم جُلنار من إيذائه ومُضايقاته.إذ كان يغازلها ويُسْمِعُها ما تكره، فتشكوه إلى موْلاتها. فتُعَنِفُهُ أُمُه قائلة إنها زوْجَة قُطُز.ـ.ولا سبيل لك عليها.ـ.وتُهدِّدُهُ بِقطْع راتبه وطرْدِهِ من البيت. فازداد كُرْها لِقُطُز وغيْرة مِنْهُ.لكن قطزَ كان مُتَسامِحا مع موسَى وينْصَحُهُ بالإقلاع عن الخَمْر(عدم شُرْبِها) والفساد ويصْلِحُ ما بينه وبين والده. فما يزيده هذا إلاَّ بُغْضا لِقُطُز وتعاليا عليْه!!!

اشتدَّتْ العلَّة(المرض) على الشيخ فاشتدَّ ضعْفُه. وأظهر موسى الفَرَحَ بقرب موْتِ أبيه وحاول ضرْب أُمِّهِ لولا أن دَفَعَه قُطُز عنها. ومات الشيخ غانم المقدسى.ـ.فبكاهُ الناسُ لبِرِّهِ وإحْسانِه وحُسْن سيْرَتِهِ. وترَحَّموا عليه. وكان حُزْنُ قطز وجلنار عليه أشدَّ، فقد رحل عنهما والدٌ كريم! وقد تنمَّر( مِثل النَّمِر) موســـى لهُما بعد وفاة أبيه! فيعتدى على قطز بالضرب والسَّبِّ ، وعلى جُلنار بالإهانة والمُضايقة. فيصبران إكْراما لِذِكْرَى أبيه! وحُزْن أُمِهِ..وعَزَمَا على مُغادرة القصر بعد انتهاء أيام العزاء..ـ..حيْثُ يتزوجان ويعيشان آمنين!!! كما دبَّرَ الشيخ وأوْصَى.

لم يعلم الحبيبان بِمَكْر موســى وكيْدِهِ.!!. فقد أبْطَلَ وصِيَّة أبيهِ مسْتعينا بأصْحابِ الضمير الميِّت والذِّمَم الخَربة والنُّفوس السيئة الذين باعوا دِينَهم رخيصا من فُقَهاءِ السُّـــــوءِ!!! فأذْهَلهُما أنْ جاء موســـــى يخبرهما بِبُطلان الوَصِيَّةِ!!! وبقائهما على رقِّهما!!! وغضبت أرْمَلة الشيخ حين علمت بمكر موسى وكيْده. وفشلت فى حيازتهما إلى نصيبها لتعتقهما وتجعلَ لهما رزقا يعيشان منه..وفعل موســـى مع الوَصِىِّ الخائن كما فعل مع فقهاء السُّوء، فاشترى ضميره وذمَته بالمال فجعله يبيعُ جُلنار لرجل من مصر ليُفَرِّقَ بينها وبين قطز!!!

وفشلت أرْملة الشيخ مرة أخرى حين حاولت أن تستعيد جلنار من المصرى..فقد أحْكَمَ مُوســى كيده...وكان قطز ينفطر حزنا ويبكى وجلنار تتمزَّقُ غمَّا وكَمَدَا!!!لكن قطز ملك توازنه!! وأخذ نفسه بالصبر!!ووقف كأنه تمثال من الصخر الأصَم!!واندفعت جلنار إلى حبيبها تُوَدِّعُهُ بِدُموع حارَّةٍ ويعتصر قلبَها الحزنُ والحسْرةُ!!وكانت أمُ موســى تقول: حَسْبِىَ اللهُ منك ياموســى.حسْبِىَ اللهُ منك!!!وقطز يقول:: أستوْدِعُكِ الله يا حبيبتى أسْتَوْدِعُكِ الله يا جلنار!! سيجمعُ الله شملنا بِحَوْلِهِ وقُوَّته!! فترُدُّ جلنار:: أستوْدِعُكَ الله يامحمـــــود.أستوْدِعُكَ الله ياحبيبى!! ثم قبَّلت رأسَ مَوْلاتِها(أرْملة الشيخ) تُبَلِّلُهُ بِدُموعِها والعجوز تعانقها وتبكى.. وتقدَّمَ قطز فجذبها وسَلَّمَها للمصرى وهـو يقـول::: حَسْبُكِ ياجُلنار توكَّلِى على الله وثِقِى بأنَّ اللــــــهَ موجـــــودٌ وهـــــو على جَمْعنا إذا يشـــــــــاءُ قدير!!! نكْملُ إن شاء الله

وقدْ يجْمعُ اللــــهُ الشتيتين بعدما # يَظُنان كُلَّ الظَّن ألاَّ تلاقيـــــا

عبد القدوس عبد السلام العبد    موبايل   0192255676

المصدر: كتاب وا إسلاماه للأستاذ ( على أحمد باكثير )
abdo77499

مدير مرحلة تعليمية بالمعاش بدرجة مدير عام

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 276 مشاهدة
نشرت فى 25 فبراير 2011 بواسطة abdo77499

ساحة النقاش

Abd Elkodous Abd Elsalam

abdo77499
»

فهرس موضوعات المقالات

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

75,696