قُطوفٌ من هامش السيرة { الفصل الرابع عشر } طيرٌ أبابيل ( 2 )
رغم القوة الهائلة لجيش أبرهة الأشْــَرم ورغْمَ دبَّاباتِهِ الحيَّة(الأفيال) إلاَّ أنَّ جماعة من أقيال اليمن الوثنيين يقودُهم رجُلٌ اسْمُهُ( ذو نََفَر ) هاجموا الجيْشَ عندَ تحَرُّ كه تَعَصُبا للكعبةِ ونُصْرةً لقُرَيْش. لكن أبرهة لم يجد مشَقَّة فى هزيمتهم وأسْر زعيمهم(ذى نَفَر). وانْطَلَقَ الجيْشُ بأفياله الضخمة حتى بلغ تهامة وإذا حىُّّ من أحيائها مُتَحَكِمٌ فى طريق القوافل يُقال له( خثعم ) يُهاجِمُ الجيش لكن الأفيال التى لم يعْرفْها العربُ فى حُروبِهم قهرتْ جُنْده وأسرت زعيمه( نُفَيْل بن حبيب الخثعمى ).ثم واصل الجيش تقدُمه حتى وصل الطائفَ التى تقوم على مُرْتفع من الأرض تُحيطُ بها الحدائقُ والنخيل والكروم.وفيها من أنواع الثمر والفاكِهَةِ كأنها مدينة من مُدُن الساحل الشامى.!!! أو كأنها ابتسامة مُشْرقة جميلة فى وجْهٍ مُظْلِم كئيبٍ حزين. فخضعت للجيش وأمدَّته بالأدِلاءِ ( جمع دليل ) كى يَسْلُك الجيْش أقرب طريق إلى مكة...وحين وصل الجيش مشارفَ مكة وقف للراحةِ والاستعدادِ للهُجوم.وأقبلت القبائلُ تعلنُ طاعتها وتُقدِمُ ثُلُثَ أموالها لتأمن على نفسها. وطلبت من أبرهة أن يترُك الكعبة ولا يمسَّها بسوء...فلم يحفل بهم أبرهة الأشــرم!!! وأمر الجيشَ فأغارَ على ما حول مكة من مال وأنعام. ثم أرسل إلى زعيم مكة( عبد المطلب )يخبِرُهُ أن أبرهة لا يريدُ حربا ولا قتالا وإنما يريدُ هدم الكعبة.فإن تركوه فهم آمنون...فحضر( عبد المطلب ) إلى أبرهة الأشــرم . وكان زعيم مكة رجُلا وسيما جسيما مُهابا ذا جلال... فلما علم أبرهة بمقدمه وعرفَ أنه سيَِدُ قريش وأعظمُ أهلها شرفا وأكرمُهم نفسا وأسخاهُم يدا يطعمُ الناسَ فى السهل ويطعمُ الوحوشَ فى رءوس الجبال وأنه صاحبُ العير(الإبل) التى استوْلى عليها الجيش. أجَلَه أبرهة الأشــرم وهمَّ أن يُجْلِسَهُ معه على سريره.. ثم نزل أبرهة عن سريره وجلس مع عبد المطلب على البساط ... ثم سأل الترجمان زعيم مكة عن حاجته ؟.. فأجابَ عبد المطلب: حاجتى أن ترُدَّ إلىَّ إبِلى وأموالى التى أستولى عليها جيشك... فتعَجَّبَ أبرهة الأشــرم وقال:: لقد أعظمْتُكَ حين رأيتك.. وإنى لاسْتصْغِرُ الآن من شأنك...كنْتُ أظنُ أنك ستطلبُ ألا أهدم الكعبة..(البيت) الذى يمثل دينك ودين آبائك وشرفك وشرف آبائك ... فأجاب الشيخ فى اطمئنان الواثق:: أنا ربُّ الإبل... وأما البيت فإن له ربا سيمنعه ويحميه..!!!! قال أبرهة الأشــرم:: لن يمنعَهُ منى. فقال سَيِدُ قُرَيْش: فأنت وذاك(هذا شأنك)ثم أمر أبرهة بردِ إبل الشيخ ـ لكنَّ الشيْخَ أرسل الإبل هَدْيا للكعبة.!!! ثم عاد عبد المطلب إلى مكة وأمر قُريْشا أن تتفرَّقَ فى شِعاب الجبال..!!! وأمْسَكَ بِحَلَقَةِ باب الكعبة وقال كلاما !!! ـ وخلت مكة من أهلها..!!!
أمر ابرهة جيشَهُ بالتقدم والهجوم وفى مقدمته أضخمُ الأفيال(الفيل محمود)فانطلق الأسير( نُفيْل بن حبيب الخثعمى ) واقترب من أُذن الفيل وأسرَّ له بكلام.!!!!:{اُبرُكْ محمود وارْجعْ راشداً فإنك فى بلدِ اللــــه الحرام.}ـ وفى هذا كلام ـ ثم أسْرَعَ هاربا إلى الجبال.فبََرَك الفيلُ ثم أنهضه ساسته(من يقومون على تدريبه) فنهضَ حتى إذا وجَّهُوهُ إلى الكعبةِ بركَ من جديد.!!!فاشتد الجُنْدُ فى ضربه حتى أثخنوه ( آذوه وجرحوه من شدة الضرب ) فلم ينهض ولم يتحرَّك!!!!. فإذا أداروا رأسه نحو الشام أو اليمن نهض ومضى مُهرْوِلا( مُسْرعا )!!! وإذا أداروا رأسه نحو مكة برك ولم يتقدم أمامه إصْبَعا!!! حتى لعِبَ الخوف والهلعُ بِقُلوب الجُنْدِ.ـ.وإذا الجوُ يُظلِمُ شيئا فشيئا!!! وإذا سَحابٌ كثيفٌ قد أقبلَ مسْرعا من ناحية البحر!!!وياهوْلِ ما تبين الجُنْدُ فقد كان سحابا حيَّا!!! يخفُقُ بأجنحته فيبعثُ فى الجيْشِ ذُهولا!!! وكان السحابُ أسرابا من طيْر صِغار(صغير) لها مناقيرُ الطير وأكُفُّ الكلاب!!! فأخذت تحْصِبُ(ترمى بالحَصى) الجيشَ بحجارةٍ دِقاق( دقيقة) كانت تحمِلُها فى مناقيرها وأرْجُلِها(فى حجم بين العَدَسَةِ والحُمُّصَةِ) فلا تَمَسُّ شيئا إلا هشَّمَتْهُ تهْشِيما!!! ولا تمَسُّ رجُلا إلا ألْقَتْهُ صَرِيعا فتحوََّل الجيشُ عن مكة فى هوْلٍ فوْقَ كُلَّ هَوْل!!! وجَدَّ فى الهَرَبِ وأسرابُ الطيْرِ تتْبَعُهُ وتحْصِبُهُ بالحِجارة وتمْلأ الجَوَّ بِصياحٍ مُخيفٍ!!!!ـ.ثم اختفت كما ظهرت!!!!
حَمَلَََ الجُنْدُ قائدهم العظيم!! أبرهة الأشْــــرَم مَريضا هَزيلا بين الموتِ والحياة!!! قدْ مَسَّهُ حَجََرٌ فظهَرَ على جسْمِهِ بلاءٌ عظيم!!!
وأخَذَتْ أجْزاءُ جِسْمِ القائد العظيم تتساقط بصديد مُنْكر مُنْتِن قبيح!!! فأصبحَ أبْرهة الأشْـــــــرَم بين ألم الجِسْم وألم النفْس بالندم والحسْرة!! فلما بَلغَتْ بقية الجيش صنعاء كان الطاغية فى أسْوإ حال بعْدَ أن مسَّهُ الضُّرُّ وأصابه الهُزال الشديد حتى لكأنه فرْخٌ من أفراخ الطير.ـ. وفى النهاية انفجر صَدْرُ أبْرَهة الأشْـــــــرَم عن قلبِهِ انفجــــارا!!!
ويصْدُقُ فى أبرهة الأشرم بعد حوالى ألف وخمسمائة عام ما نزل من قبله فى فرعون من قول الحق سبحانه:{ اليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية}ولكن بصورة مختلفة, فيراه أهل اليمن عُتلا ضخما مغروراً يضْعُفُ الحصان عن حمله حين خرج من اليمن فى جيشه الجرار المسلح بالأفيال, ثم يعود مريضا هزيلا يسيل منه القيح ويفوح منه ريحُ النتن, وقد مسه الضر, محمولا على مَحفة كفرخ هزيل من أفراخ الطير.فالذنب نفس الذنب والجُرْم نفس الجُرْم فكان النكالُ نفسَ النكال .ففرعون نازع اللــــــه الألوهية وأراد أن يقتل نبيا رسولا فى مهدة, وابرهة الأشرم أراد أن يهدم بيت اللــــــه وأن يقتل نبى آخر الزمان فى مهده.[ لقد كان فى قصصهم عِبرة .!!!]
أخَذ التاجِرُ الذى صاحَبَ الجيشَ يتساءل.ــ.تُرى ما شأنُ هذا البيتِ الذى أحْجَمَ عنه الفيل...ورَجَمَتْهُ طيْرٌ أبابيل...ترْمِى بِحِجارةٍ من سِجيل...فإذا هُم كعصْفٍ مأكول!!!!!!!!!!!حقا إن للبيت ربَّا يحميه ـ!!!ـ مَوْعِدُنا مع اليتيم الذى وُلِدَ فى عام الفيل .ـ. عبــد القدوس عــبد الســلام العبــد. موبايل 01092255676
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من عجـــائب اليمن فى ذلك الزمــــــــــن
الملك { ربيعة بن نضر بن أبى حارثة بن عمرو بن عامر من نسل الملك العظيم تُبَّع }
رأى ربيعةبن نضر [ ملكُ اليمن ] رؤيا هالته وفظِّعَ بها . فلم يدعْ كاهناً ولا ساحراً ولا منجماً إلاَّ جمعه إليه .!!!. فقال لهم: إنى رأيتُ رؤيا هالتنى ( أفزعتنى ) وفظِّعتُ بها، فأخبرونى بتأويلها.. فقالوا له: أُقْصُصْها علينانخبرْك بتأويلها.ـ. قال : إنى إن أخبرتكم بها لم أطمئن إلى خبركم عن تأويلها.ـ. فإنه لا يعرفُ تأويلها إلاَّ من عرفها قبل أن أخبره بها.... فقال له رجلٌ منهم::: إذن فليبعث الملكُ إلى { شقٍ وسَطِيح } فإنه ليس أحدٌ أعلمَ منهما .ـ. فبعث الملكُ إليهِما . فقدِمَ عليهِ سطيحٌ قبْل شق .. فقال له الملك : إنى رأيتُ رؤيا هالتنى وفُظِّعْتُ بها فأخبرنى بها ، فإنك إن اصبْتها أصبت تأويلها .!!!.
قال سَطيح للملك : أفعل .ـ. " رأيت حُمَمَه خرجت من ظُلمة فوقعت بأرض تُهَمه فاكلت منها كلَّ ذاتِ جُمْجُمة!!!(( الحُممة. فحْمة من نار سوداء ـ الظلمة. ظلامٌ من جهة البحر [ يريد خروج عسكر الحبشة من أرض السودان ] ـ تُهَمه. الأرض المتصوِّبة نحو البحر ـ كل ذات جُمْجُمة. القصد هو النفس والنسمة ، ويدخل فيه جميع ذوات الأرواح .. ))
فقال الملك : ما أخطأت منها شيئاً ياسطيح .ـ. فما عندك من تأويلها؟ قال سَطيح ::: أحْلِفُ بما بين الحرَّتين من حنش . لتهبطنَّ أرضكم الحبش . فلتملكنَّ ما بين أبين إلى جرش .!!!. فقال له الملك : وأبيكَ يا سطيح إنَّ هذا لنا لغائظ ٌمُوجع فمتى هو كائن ؟؟؟ أفى زمانى هذا أم بعده ؟؟؟ قال:لا بل بعده بحين أكثر من ستين أو سبعين يمضين من السنين . ثم يُقتلون ويخرجون منها هاربين !!! قال الملك : ومن يلى من ذلك من قتلهم وإخراجهم ؟؟؟ قال سطيح : يليه إرَم بن ذى يزن ؟ يخرج عليهم من عدن فلا يترك أحداً منهم باليمن ـ!!!ـ
قال الملك : أفيدوم ذلك من سُلْطانه أم ينقطع ؟ قال سطيح : لا بل ينقطع . قال: ومن يقطعه ؟ قال سطيح (( نبىٌّ زكى يأتيه الوحىُّ مِنْ قِبَلِ العَلِىّ)) قال : وممن هذا النبى ؟؟؟ قال : رجلٌ من ولد غالب بن فِهْر بن مالك بن النضْر الخ . يكون الملك فى قومه إلى آخر الدهر . قال الملك : وهل للدهر من آخر ؟ قال: نعم ، يومٌ يُجْمعُ فيه الأولون والآخرون ، يسعد فيه المحسنون ، ويشقى فيه المسيئون ... قال الملك ::: أحقٌ ما تُخْبِرُنى ؟؟ قال ســــــــطيح: نــــــــعم والشــــــفق والغســــــــق والفلـــــــق إذا اتســـــــــق إن ما أنبأتك به لحـــــــــــــــــق .!!!.
{{ قل أُوحى إلىَّ انه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرءانا عجبا* يهدى إلى الرشد فئامنا به * ولن نشرك بربنا أحدا * وأنه تعالى جد ربنا مااتخذ صاحبة ولا ولدا * وانه كان يقول سفيهنا على الله شططا * وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا * وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا * وانهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا * وأنا لمسنا السماء فوجدناها مُلئت حرسا شديدا وشُهُبا * وانا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا }} صدق اللـــــه العظيــــم ... 01092255676
ساحة النقاش