( الفصل الثانى) من الفتنة الكبرى ـ قضاءُ عثمان

               كُرَة اللهب { الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها}

شاور  سيِّدُنا عثمان{ ذوالنورين }الصحابة الذين حضروه فى أمر عُبيد الله بن عمر { قاتل الهرمزان ـ وجُفيْنة ـ وبنت أبى لؤلؤة } . فأمَّا أهل الفقه والبصيرة ـ ومنهم الإمام على كرم الله وجهه ـ فأشاروا بالقوْد{ القصاص } وقال كثير من المسلمين: يقتل عمر أمس ويقتل ابنه اليوم! وزعموا أن عمرو بن العاص قال لعثمان : قد أعفاك الله من هذه القضية. فقد حدث ما حدث وليس لك على المسلمين سلطان .. فحبس عُبيدَ الله بن عمر أياما ثم دفع سيدُنا عثمان بن عفان دية القتلى من ماله إلى بيت مال المسلمين{ فلم يكن للقتلى ولىٌ فى ديارالإسلام ومعنى ذلك أن عثمان هو وليهم} ثم عفا عن عُبيد الله بن عمر وأطلقه . ولم يكن عثمان متجاوزاً أو مبتدعاً فى هذا.[ فالقصاص  والدية والعفو أمور واردة فى القتل. كما أن بن عمر كان متأولاً فى القتل بأن الهرمزان وجفينة أعانا على قتل أبيه وهذه شبهة مانعة من وجوب القصاص .وقد حدث مثل ذلك فى زمن النبى (ص) فى قصة أسامة بن زيد مع المشرك الذى نطق بالشهادتين قبل أن يقتله أسامة ولم يُقم الرسول عليه القصاص لأن أسامة كان متأولاً فى ذلك بأن الرجل نطق بالشهادتين فراراً من القتل ولم يكن صادقاً فى إسلامه مع أن الرسول(ص) قام بتأنيب أسامة قائلاً: أشققت عن صدره؟(وفى هذا كلام)] ومعنى ذلك أن أسامه لم يقبل من المشرك المحارب إسلامه لأنه كان فراراً من القتل . وفى سورة يونس يقول الحق سبحانه عن فرعون:{حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذى آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين (آية 90) آلآن وقد عصيت قبلُ وكنت من المفسدين (أية91) } ]وقد حكم عثمان فى القضية بما يوافق طبيعته.وأمانة العرض توجب ألا أتعصب لرأى أو أصادر.وإن كان درء المفسدة أولى.{فلم تكن شرائع الإسلام(أحكامه) قد استقرت بعدُ تماماً فى عقول وقلوب المسلمين كالقصاص بيد الحاكم. فقد كانوا حديثى عهد بالإسلام ومازالت عقولهم وقلوبهم متأثرة بثقافة الجاهلية ومنها الأخذ بالثأر. ألم يتبول ذو الخويصرة اليمنى فى مسجد رسول الله(على مرأى من الرسول.ص) ألم يخرج ذو الخويصرة التميمى رأس الخوارج وأولهم على الرسول(ص) قائلاً: اعدل يامحمد هذه قسمة ما أريد بها وجه الله؟} كل ذلك وغيره كالظروف النفسية المحيطة بالقضية التى يأخذ بها العلم الحديث الآن كانت شبهات ماتعة من وجوب القصاص!

 بعد عفو عثمان عن بن عمر لم يرضَ كثير من المسلمين والفقهاء قضاء عثمان ـ فكان من الأنصار من لبث يُذكِّرُ عُبيْدَ الله بقتل الهرمزان ـ وينذره بالاقتصاص منه ـ وكان الشاعر زياد بن لَبيد البياضى كلما لقى بن عمر قال له ::

ألا عُبيدَ اللهِ ما لك مهـــربُ       ولا ملجاٌْ من بن أروى ولا خفر     

أصبت دمـا والله فى غير حِـلِّه      حراما وقتل الهرمزان له خطـر 

على غير شىءٍ غير أن قال قائلٌ     أتتهمون الهرمزان على عــمر

فقال سفيهٌ والحوادثُ جمَّـــةٌ      نعم أتَّهمْهُ قد أشار وقد أمـــر 

وكان سلاحُ العبد فى جوْف بيته      يُقَلِّبُهُ والأمرُ بالأمر يعتبــــر

وقد شكا عُبيدُ الله بن عمر زياد بن لبيد البياضى إلى عثمان. فنهاه عثمان عن ذلك . ولكن زياد بن لبيد لم ينتهِ بل قال فى عثمان نفسه ::

أبا عمـرٍو عُبيــدُ الله  رهنٌ       فلا تشكُكْ بقتل الهرمزان

فإنك إن غفرت الجُــرم عنه      وأسباب الخَطا فَرَسا رهان

لتعفو إن عفوت بغير حــق       فما لك بالذى تُخْــلى يدان

وأبيات زياد تفوح منها ريح مؤامرة عابرة للحدود كما نقول فى زماننا!!ببصمات أصابع مجوس الفرس واليهود!!

 

بعد انكشاف بوابة الإسلام بموت عمر بدأ ظهور الجماعات والفتن فاستغلَّ يهودىٌ من صنعاء اليمن حبشى الأم يُدْعى بن سبأ [ ويُكنى بابن السوداء ] وكان مُحْتقراً معروفاً بالخسة والكذب عفوَ عثمان عن عبيد الله فأعلن إسلامه وعُرف باسم عبد الله بن سبأ ( وفى هذا كلام ) وكان القتلى مجوسيا ونصرانيا ومسلما وليس من بينهم يهودى .ولم يكن إسلامه عن رغبة ولا عن رهبة. ولكن مكراً وكيداً وخداعاً. وكان هدفه بوار الإسلام ،فعمد إلى إظهار عثمان بالتعصب للعرب ضد غيرهم. ولو كانوا مسلمين . {ومع كل ذلك لا نملك أن ننفى عنه ما أعلنه من إسلام!} فماذا كان من أمره ..... فى الفصل التالى نواصل استكمال أحداث الفتنة ... وقانا الله شرَّ الفتن ....

عبد القدوس عبد السلام العبد ـ موبايل  01092255676

            

المصدر: كتاب حُماة الإسلام من كتب التراث(مصطفى بك نجيب) ــ كتاب الفتنة الكبرى( د/ طه حسين) البداية والنهاية( لابن كثير) إضافات عبد القدوس عبد السلام العبد
abdo77499

مدير مرحلة تعليمية بالمعاش بدرجة مدير عام

  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 346 مشاهدة
نشرت فى 20 ديسمبر 2010 بواسطة abdo77499

ساحة النقاش

Abd Elkodous Abd Elsalam

abdo77499
»

فهرس موضوعات المقالات

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

75,660