مزاد لبيع دماء شهداء الثورة
هل يعلم الذين أعلنوا الجهاد ضد مليونية 8 يوليو أن شهداء الثورة التى أخرجتهم من الجحور ووضعتهم فى صدارة المشهد يباعون فى سوق النخاسة الآن؟
هل يدرك المهرولون إلى الانتخابات أن دم الشهيد يباع فى بورصة ذيول الأمن والثورة المضادة مقابل مائة ألف جنيه أو شقة متواضعة، شريطة التنازل والمقايضة على الأرواح الطاهرة؟
إن مليونية 8 يوليو التى تجرى الدعوة إليها على قدم وساق تخرج من أجل هؤلاء، دفاعا عن دم محمود خالد، أو خالد سعيد الثورة الجديد، وعشرات غيره من المصابين الذين ضاقت عليهم مستشفيات الدولة بما رحبت من فساد وإهمال ونذالة فى التعامل مع الثوار.
مليونية 8 يوليو ليست من أجل «الدستور أولا» فقط، لكنها من أجل استنقاذ ثورة تتعامل معها غالبية الأطراف بانتهازية مفرطة وبرجماتية مقيتة، وكأنهم حصلوا منها على مبتغاهم فانصرفوا عنها.
إن كثيرين يتعاملون مع الثورة باعتبارها عبوة عصير لا قيمة لها بعد أن رووا ظمأهم بما فيها ولم يبق منها إلا العلبة الفارغة، فقرروا إلقاءها فى سلة المهملات، وطبيعى أن يكون هؤلاء الذين تبوأوا المقاعد الوثيرة فى الصفوف الأولى متوثبين للانقضاض على أسرع فرصة انتخابية، برلمانية أو رئاسية، طبيعى أن يكونوا ضد أية دعوة شعبية نبيلة للتظاهر من أجل استكمال ثورتهم التى تتقاذفها الأيدى والأقدام فى لعبة الوصول إلى الحكم.
وحتى لا يختلط الحابل بالنابل والحق بالباطل فإن مليونية 8 يوليو تأتى فى سياق سلسلة من الجهود الشعبية النبيلة والمخلصة لإعادة الثورة المختطفة إلى مسارها، رافعة مطالب محددة من أهمها حقوق الشهداء والمصابين، وتطهير البلاد ممن أفسدوها فى النظام السابق واستمروا فى مواقعهم بعد الثورة لينخروا فيها ويقضمون منها كل يوم قطعة.
لقد صعقت حين علمت أن مافيا من السماسرة يتاجرون بدماء شهداء الثورة الآن، ففى الإسكندرية استطاعوا إغواء أسر ثمانية من الشهداء ليتنازلوا عن دمائهم مقابل شيك بمائة ألف جنيه، أو شقة مع تأثيثها، لكى يفلت القتلة من العقاب.
وحسبما روته له والدة الشهيد أحمد عادل (18 عاما) فقد حاولوا معها بكل السبل للتنازل عن حق ابنها من الضابط الذى قتله، حيث عرض عليها محامٍ وشخص آخر يعمل فى مكتب دار الافتاء المصرية مائة ألف جنيه لقاء أن تغير أقوالها أمام المحكمة وبدلا من توجيه الاتهام إلى ضابط بعينه تقول إنها تتهم جهاز الشرطة كله وبذلك يفلت القاتل من العقوبة.
وإذا كانت هذه الأم المحترمة رفضت الصفقة، ولم تستجب لما ردده فضيلة الشيخ على مسامعها من أن «عصفور فى اليد أفضل» فإن أسرا أخرى للأسف الشديد ضعفت وانهارت ووافقت على المقايضة، وحصلت على المائة ألف والشقة ووقعت على تنازل عن القضية مقابل توقيع الضابط المتهم على تعهد بعدم رفع دعوى سب وقذف ضد هذه الأسر.
إن دم الشهداء ملك لمصر كلها، فلا يحق لأحد أن يتاجر به أو يساوم عليه أو يقايض، وعار على الذين يزعمون أنهم مع الثورة أن يصمتوا أو ينشغلوا بجمع الغنائم مبكرا، بينما المزاد منصوب على الأرواح والدماء الطاهرة.
ساحة النقاش