لا أظن أن الثورة المصرية قامت، أو أن مئات الشهداء ضحوا بحياتهم لكى يتمخض الأمر فى نهاية المطاف عن الوثيقة الملغومة التى أعلنت يوم الثلاثاء الماضى (أول نوفمبر) وقدمت بحسبانها متضمة للمبادئ الأساسية للدستور. ذلك أنها خيبت آمالنا وتحولت إلى فضيحة سياسية، أقل ما يمكن أن توصف به أنها أهانت الشعب المصرى وثورته. بل لوثت سجل الذين أعدوا «الطبخة»، وفى المقدمة منهم الدكتور على السلمى نائب رئيس الوزراء، الذى نعرفه نزيها ومشرفا، بحيث أضافت إلى سجله صفحة سوداء أخشى أن تطغى على ما نعرفه عنه وما يحسب له.
لى عدة ملاحظات على هذه الوثيقة، التى نحمد الله على أنها مازالت «مسودة» ولم تتحول بعد إلى قرار أو مرسوم، الأمر الذى يسمح بصرف النظر عنها، هذا إذا لم يحاسب المسئولون عنها سياسيا، ليدفعوا ثمن الصدمة التى سببوها لنا، والإهانة التى وجهوها إلى شعب مصر وثورته، ناهيك عن الشكوك القوية التى أثارتها بخصوص نوايا دور القوات المسلحة التى عرفناها درعا للوطن، ثم جاءت الوثيقة البائسة لتحولها إلى عبء عليه.
ملاحظاتى تتوزع على الشكل والمضمون فى الإعلان المذكور. ما يخص الشكل منها يمكن تلخيصه فى النقاط التالية:
● توقيت الإعلان جاء غريبا ومريبا. ذلك أنه جاء قبل أربعة أسابيع تقريبا من التصويت على انتخابات مجلس الشعب، وعقب سلسلة من التوترات التى سادت البلد، والتى لايزال يكتنفها الغموض، فى حين يتواتر الحديث عن طرف ثالث مجهول سعى إلى إثارة الفوضى وإشاعة البلبلة. (هكذا قال وزير الداخلية فى حواره على إحدى قنوات التليفزيون مساء الأربعاء الماضى 2/11). ولأننا عجزنا حتى الآن عن أن نتعرف على هوية ذلك الطرف الثالث، فمن حقنا أن نتساءل عما إذا كانت تلك التوترات بمثابة ستارة الدخان التى تصور البعض أنه يمكن فى ظلها تمرير الإعلان، دون الانتباه إلى الألغام المبثوثة فيه. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فلنا أن نسأل أيضا ما الحكمة فى إثارة الموضوع الآن بعد صمت دام ثلاثة أشهر، فى حين أن القضية المطروحة فى البلد هى كيف يمكن إجراء انتخابات تشريعية حرة ونزيهة تضع الأساس لتشكيل أول مؤسسة تمثل المجتمع فى النظام الذى انطلقت الثورة لإقامته.
● لايزال الدور الذى قام به الدكتور على السلمى وفريقه مثيرا للدهشة. إذ بأى حق يقوم نائب رئيس مجلس الوزراء بمهمة من هذا القبيل، وأنا هنا لا أتحدث عن الشخص الذى أكن له مشاعر الاحترام والتقدير، (انسَ أنه قادم من حزب الوفد المفترض أنه ليبرالى!)، لكنى أتحدث عن الدور أو الوظيفة، سواء قام بها هو أو غيره من نواب رئيس الحكومة. وسواء قام الرجل بالمهمة لأنه مختص بالشئون السياسية والديمقراطية، أو كلف بها من قبل المجلس العسكرى، فلا ينبغى أن نتجاهل أن كليهما ليس منتخبا من الشعب. وبأى معيار قانونى أو سياسى أو ديمقراطى، فإن المعين أو المفروض بحكم الأمر الواقع ليس له الحق فى أن يقيد المنتخب. وكل ممارسة من جانبهما على ذلك الصعيد لا شرعية لها ولا حجية قانونية أو سياسية. حيث يعد ذلك انتهاكا صارخا للمبدأ الذى يتشدق به الجميع والذى يقرر أن الشعب مصدر السلطات. إذ بمقتضى الإعلان الذى تم فإن السلطة التنفيذية هى التى باتت تراقب السلطة التشريعية وليس العكس. فى انقلاب غير مقبول على أوليات وبديهيات الممارسة الديمقراطية التى نتمسح فيها.
● إن نائب رئيس الوزراء غير المنتخب انتخب من جانبه 500 شخص ودعاهم إلى دار الأوبرا «لمناقشة» الإعلان فى مشهد أقرب إلى الإخراج السينمائى أو التليفزيونى، لا يمت إلى الحوار الحقيقى بصلة.
وهو ما يعد نوعا من التهريج السياسى. ورغم أن الذين حضروا اللقاء كان بينهم أناس محترمون إلا أنهم فى نهاية المطاف إما يمثلون أنفسهم أو أحزابهم، وفى الحالتين فإن أحدا لا يستطيع أن يدعى أن المجتمع انتخبهم ووكلهم فى الحديث عن مستقبله السياسى.
● إن الجدل الذى أثير فى فترة سابقة تطرق إلى أمور كثيرة بعضها تعلق بشرعية إعلان مثل هذه المبادئ والبعض الآن دار حول موضوع المواطنة والدولة المدنية وغير ذلك، لكننا فوجئنا بإقحام وضع القوات المسلحة ضمن المبادئ الدستورية، الأمر الذى يثير تساؤلا عما إذا كان الدكتور السلمى قد تطوع بذلك أم أن المجلس العسكرى طلب منه ذلك، والاحتمالان أولهما سيئ والثانى أسوأ.
● إن الإعلان ذكر أكثر من نقطة مثيرة للضحك. منها مثلا أن المجلس العسكرى إذا لم يعجبه شىء فى مشروع الدستور واختلف فى ذلك مع واضعيه، فإن الأمر يعرض على المحكمة الدستورية العليا. وهذه بدعة جديدة تماما تصدم فقهاء القانون، لأن المحكمة الدستورية مختصة بنظر القوانين وليس الدساتير، ولم يقل أحد فى العالم بغير ذلك. من ذلك أيضا أن دعا لأن يكون 80 من أعضاء لجنة المائة من غير أعضاء مجلس الشعب، ويشترط فيهم أن يمثلوا كل أطياف المجتمع، الأمر الذى يثير السؤال التالى: هل ارتأى معدو البيان أن أعضاء مجلس الشعب المنتخبين غير ممثلين لأطياف المجتمع، وإذا صح ذلك فما لزومهم إذن، وكيف نأتمنهم على رعاية مصالح الشعب؟ ــ لنا غدا بإذن الله كلام آخر فى الموضوع.
لى عدة ملاحظات على هذه الوثيقة، التى نحمد الله على أنها مازالت «مسودة» ولم تتحول بعد إلى قرار أو مرسوم، الأمر الذى يسمح بصرف النظر عنها، هذا إذا لم يحاسب المسئولون عنها سياسيا، ليدفعوا ثمن الصدمة التى سببوها لنا، والإهانة التى وجهوها إلى شعب مصر وثورته، ناهيك عن الشكوك القوية التى أثارتها بخصوص نوايا دور القوات المسلحة التى عرفناها درعا للوطن، ثم جاءت الوثيقة البائسة لتحولها إلى عبء عليه.
ملاحظاتى تتوزع على الشكل والمضمون فى الإعلان المذكور. ما يخص الشكل منها يمكن تلخيصه فى النقاط التالية:
● توقيت الإعلان جاء غريبا ومريبا. ذلك أنه جاء قبل أربعة أسابيع تقريبا من التصويت على انتخابات مجلس الشعب، وعقب سلسلة من التوترات التى سادت البلد، والتى لايزال يكتنفها الغموض، فى حين يتواتر الحديث عن طرف ثالث مجهول سعى إلى إثارة الفوضى وإشاعة البلبلة. (هكذا قال وزير الداخلية فى حواره على إحدى قنوات التليفزيون مساء الأربعاء الماضى 2/11). ولأننا عجزنا حتى الآن عن أن نتعرف على هوية ذلك الطرف الثالث، فمن حقنا أن نتساءل عما إذا كانت تلك التوترات بمثابة ستارة الدخان التى تصور البعض أنه يمكن فى ظلها تمرير الإعلان، دون الانتباه إلى الألغام المبثوثة فيه. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فلنا أن نسأل أيضا ما الحكمة فى إثارة الموضوع الآن بعد صمت دام ثلاثة أشهر، فى حين أن القضية المطروحة فى البلد هى كيف يمكن إجراء انتخابات تشريعية حرة ونزيهة تضع الأساس لتشكيل أول مؤسسة تمثل المجتمع فى النظام الذى انطلقت الثورة لإقامته.
● لايزال الدور الذى قام به الدكتور على السلمى وفريقه مثيرا للدهشة. إذ بأى حق يقوم نائب رئيس مجلس الوزراء بمهمة من هذا القبيل، وأنا هنا لا أتحدث عن الشخص الذى أكن له مشاعر الاحترام والتقدير، (انسَ أنه قادم من حزب الوفد المفترض أنه ليبرالى!)، لكنى أتحدث عن الدور أو الوظيفة، سواء قام بها هو أو غيره من نواب رئيس الحكومة. وسواء قام الرجل بالمهمة لأنه مختص بالشئون السياسية والديمقراطية، أو كلف بها من قبل المجلس العسكرى، فلا ينبغى أن نتجاهل أن كليهما ليس منتخبا من الشعب. وبأى معيار قانونى أو سياسى أو ديمقراطى، فإن المعين أو المفروض بحكم الأمر الواقع ليس له الحق فى أن يقيد المنتخب. وكل ممارسة من جانبهما على ذلك الصعيد لا شرعية لها ولا حجية قانونية أو سياسية. حيث يعد ذلك انتهاكا صارخا للمبدأ الذى يتشدق به الجميع والذى يقرر أن الشعب مصدر السلطات. إذ بمقتضى الإعلان الذى تم فإن السلطة التنفيذية هى التى باتت تراقب السلطة التشريعية وليس العكس. فى انقلاب غير مقبول على أوليات وبديهيات الممارسة الديمقراطية التى نتمسح فيها.
● إن نائب رئيس الوزراء غير المنتخب انتخب من جانبه 500 شخص ودعاهم إلى دار الأوبرا «لمناقشة» الإعلان فى مشهد أقرب إلى الإخراج السينمائى أو التليفزيونى، لا يمت إلى الحوار الحقيقى بصلة.
وهو ما يعد نوعا من التهريج السياسى. ورغم أن الذين حضروا اللقاء كان بينهم أناس محترمون إلا أنهم فى نهاية المطاف إما يمثلون أنفسهم أو أحزابهم، وفى الحالتين فإن أحدا لا يستطيع أن يدعى أن المجتمع انتخبهم ووكلهم فى الحديث عن مستقبله السياسى.
● إن الجدل الذى أثير فى فترة سابقة تطرق إلى أمور كثيرة بعضها تعلق بشرعية إعلان مثل هذه المبادئ والبعض الآن دار حول موضوع المواطنة والدولة المدنية وغير ذلك، لكننا فوجئنا بإقحام وضع القوات المسلحة ضمن المبادئ الدستورية، الأمر الذى يثير تساؤلا عما إذا كان الدكتور السلمى قد تطوع بذلك أم أن المجلس العسكرى طلب منه ذلك، والاحتمالان أولهما سيئ والثانى أسوأ.
● إن الإعلان ذكر أكثر من نقطة مثيرة للضحك. منها مثلا أن المجلس العسكرى إذا لم يعجبه شىء فى مشروع الدستور واختلف فى ذلك مع واضعيه، فإن الأمر يعرض على المحكمة الدستورية العليا. وهذه بدعة جديدة تماما تصدم فقهاء القانون، لأن المحكمة الدستورية مختصة بنظر القوانين وليس الدساتير، ولم يقل أحد فى العالم بغير ذلك. من ذلك أيضا أن دعا لأن يكون 80 من أعضاء لجنة المائة من غير أعضاء مجلس الشعب، ويشترط فيهم أن يمثلوا كل أطياف المجتمع، الأمر الذى يثير السؤال التالى: هل ارتأى معدو البيان أن أعضاء مجلس الشعب المنتخبين غير ممثلين لأطياف المجتمع، وإذا صح ذلك فما لزومهم إذن، وكيف نأتمنهم على رعاية مصالح الشعب؟ ــ لنا غدا بإذن الله كلام آخر فى الموضوع.
ساحة النقاش