لم يبقَ من أمسنا يا حبيبي
سوى طيف يعبرني
بغدوتي وآصالي
وجيئتي وذهابي
وبعض وميض شمعةٍ تحتضر
مثل الموات
جدّ ضعيف
يتسلّل لواذاً من فتحة في الجدار
ويخبو
غير شذى عطر منك تبقّى
بكل ناح تناثر
وزاوية توزّع
يلفحني ويلفعني زفيرك الدافئ
ويسكرني
إخاله يجيئني صبحاً
وعند المساء
أراه يأتيني
غير آهٍ تعذّّبني
وتتعبني
غير صدى تنهيدة رحلت
غير رأرأة وضحكة بين الحين أسمعها
وتأتأة ولعثمة مشتّتة تصحب الذكرى
لربّ ...
تنسيك الذي فيك يا عمري
من وَصَبٍ ومن همٍّ ومن تعب
وتنسينني الذي فيني
وتكويني
بإبكارٍ
ومن حينٍ
إلى حين
وألف محال تجئني بإمساء
ومستحيل وألف مثلها تغدو
بإصباحي
غير نظرة خجلى
سَحَرتني بأمس
أقلقتني
مازلت أذكرها
وأخفرها
تكاد تهلكني و ترديني
وبكاء مثل صهيل موج البحر
يرنّ في أذني
وصوت زعيق يتردّد
مثل بكاء جنين يبحث بين الأثداء
عن حلمة يمتصّها ويرضعها
عن رشفة حليب تسكته
تروي ظميئته
وعطاشه تروي
علّ ينام قليلاً
يكويني أنين النورس وهو يحوم
حولنا ساعة ويتلاشى
وطوراً حولنا يمشي تراه
كلمات يدندن في أذني صداها
وحروف هلكى مبعثرة
أتعبها الإياب
يمين شمال
ترى ظلّا
وألف خيال
على الأعشاب والأحجار
ممتدّة
بكل مكانٍ ترى حرفا
ودفء حجارة
لمسناها
لطالما جلسنا
هنا وهناك
وقلنا إيه وآااااااه
أعبر على شاطىء
كلّه موتى
وصوت ربابة يصدح
فيه ألف ياقوتة
و ألف زبرجدة مرميّة
ملقاة
تدثّرن بأكفانٍ
من زبد الموج
بيض بلون ثوب عروس
ذكريات تدميني
وتعصرني
و تؤلمني بقايانا اللّاتي
خلفنا هناك
تركناها
ونستعيرها وقتاً
لتسلينا
بليل غربتي الوجعى ...
أراك تسريني
وتسليني
وتنسيني
أراك تؤرّقني
أراك تميتني ساعة
وساعة أخرى
أراك تحييني
أنسيت حروفاً كنّا اكتتبناها
على صفحة الماء الموشّى
وعلى وجه السماء المعتّقة بغربتنا
يوم رسمنا لقاءنا
يوم قهقهنا كثيراّ
وضحكنا
وحديثنا الذي اكتتبناه
ألا تعلم بأنك صيّرتني عقدا من رحيل
وإسورة من محار
وخاتما من عسس الظلام
قد صيّرتني رذاذاً من سديم الموج
ورماد سولافة عتيقة مثل الدخان
والغيم
كان هشيماً
ثم ناراً غدا
ثم اشتعل
ثم أضحى رماداً وسكن
ثم راح مع الريح
وغاب
كان طيفك
مثل سحابة مرّت
أجاءتني بالمزن لأشرب
بعد ظميئة وعطاش أصابني
وكاد يهلكني ويميتني
ألف لقاء كان بيننا
والف جيئة كانت
ومثل ألف ذهوب
كان حديثاً بألف كتاب
وكان ألف قبلة فيه
وألف ضمّة
وعنااااق
بذات المكان المخبّأ فيه
درّ وماس
بلون الزمان المسافر
كان الفراق
يؤاخي اللقاء ....
ألم تعلم بأنك صِرت حــبّي
وحبيبي ..
وأنك رديف جسدي المترنح وجناحي المهيض
ونصيف عمري
و آهي وحرقتي
وتنفسي ولوعتي
وأنك توأم روحي
كنت ولم تزل
وأنك ..
وأنك بعض حروف قصائدي المدماة
على خاصرة الغياب ..
وعلى وجه القمر المدوّر كالرغيف
وسحنة الشمس التي لا تنام
ولم ولن تغادر طيفنا .. يوما
إلى حين يعوووود اللقاااااااااااااء
بنا من جدييييييييييييييييييييييييد
تحيات / الشاعر
اسماعيل عبد الهادي