فتوى الأزهر في أول فبراير سنة1990 والمنشورة في 5 أغسطس سنة1993 التي يكرهونها اليوم.. ولا يعملون بها!!
==========================
الفتوى
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله و صحبه و التابعين وبعد. تنقسم الأحكام عند الجمهور إلى خمسة أقسام:
1- الواجب: وهو ما يثبت طلبه من المكلف بنص صريح قطعي الثبوت وقطعي الدلالة, بمعنى أن له معنى واحدا فلا يختلف في معناه المجتهدون من كتاب الله أو سنة رسوله المتواترة.
2- الحرام: هو ما طلب الشارع من المكلف تركه بدليل قطعي الثبوت وقطعي الدلالة من كتاب الله أو سنة رسوله المتواترة.
3- المندوب: ما طلب الشارع فعله طلبا غير حتم و لا جازم يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه.
4- المكروه: ما طلب الشارع تركه طلبا غير حتم و يثاب على تركه ولا يعاقب على فعله.
5- المباح: ما خير المكلف بين فعله وتركه, أو لم يرد دليل فيه بالتحريم.
------------------------------------------------------------------
وتنقسم السنة إلى متواترة وآحادية:-
فالمتواترة:-
ما رواها جمع يستحيل أو يبعد أن يتفقوا على الكذب, قال الحازمي في شروط الأئمة الخمسة ص 37: وإثبات التواتر في الحديث عسير جدا, وقال الشاطبي في الجزء الأول من الاعتصام ص 135: أعوز أن يوجد حديث متواتر, واختلاف علماء السنة على ثبوته وعدده: يرى الجمهور أن من أنكر استقلال السنة المتواترة بإثبات واجب أو محرم فقد كفر, أقول أغلب السنن العملية متواترة.
و السنة الآحادية:-
هي ما رواه عدد دون التواتر عن النبي (ص) وقد اختلف العلماء في استقلال السنة الآحادية بإثبات واجب أو محرم, فذهب الشافعية ومن تبعهم إلى أن من أنكر ذلك في الأحكام العملية كالصلاة والصوم والحج والزكاة فهو كافر, ومن أنكر ذلك في الأحكام العلمية كالإلهيات والرسالات وأخبار الآخرة والغيبيات فهو غير كافر لأن الأحكام العلمية لا تثبت إلا بدليل قطعي من كتاب أو سنة رسوله المتواترة.
وذهب الحنفية ومن تبعهم إلى أن السنة الآحادية لا تستقل بإثبات واجب أو محرم سواء كان الواجب علميا أو عمليا وعليه فلا يكفر منكرها, وإلى هذا ذهب علماء أصول الفقه الحنفية فقال اليزدوي: دعوى علم اليقين لحديث الآحاد باطلة لأن خبر الآحاد محتمل لا محالة, ولا يقين مع احتمال, من أنكر ذلك فقد سفه نفسه وأضل عقله.. وبهذا أخذ الشيخ محمد عبده والشيخ أبو دقيقة وغيرهما, يقول المرحوم الإمام محمد عبده: القرآن الكريم هو الدليل الوحيد الذي يعتمد عليه الإسلام في دعوته أما ما عداه مما ورد في الأحاديث سواء صح سندها أو اشتهر أو ضعف فليس مما يوجب القطع, كما ذكر الشيخ شلتوت في كتابه ((الإسلام عقيدة و شريعة)) قوله: أن الظن يلحق السنة من جهة الورود (السند) ومن جهة الدلالة (المعنى) كالشبهة في اتصاله والاحتمال في دلالته.
ويرى الإمام الشاطبي في كتابه (الموافقات) أن السنة لا تستقل بإثبات الواجب والمحرم لأن وظيفتها فقط تخصيص عام القرآن وتقييد مطلقه وتفسير مجمله ويجب أن يكون ذلك بالأحاديث المتواترة لا الآحادية.
ويؤيد آراء من سبق ذكرهم ما جاء في صحيح البخاري باب الوصية، وصية الرسول (ص) قبل وفاته:
عن طليحة بن مصرف قال: سأل عبدالله بن أبي أوفي: أَوَصَّى النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ؟ فقال: لا، فقلتُ: كيف كُتب على الناسِ الوصيةُ، أُمروا بها ولم يوصِ؟ قال: أَوْصَى بكتابِ اللهِ. (المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم 5022)
((قال بن حجر في شرح الحديث: أي التمسك به والعمل بمقتضاه إشارة إلى قوله (ص): تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله.
واقتصر على الوصية بكتاب الله لكونه فيه تبيان كل شيء إما بطريق النص أو بطريق الاستنباط فإذا اتبع ما في الكتاب عملوا بكل ما أمرهم به.))
و حديث سلمان الفارسي: الحلال ما أحله الله في كتابه والحرام ما حرمه الله في كتابه وما سكت عنه فهو عفو لكم.
و أجاب الشاطبي عما أورده الجمهور عليه من قوله تعالى: ((أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)) (النساء 59) بأن المراد من وجوب طاعة الرسول إنما هو تخصيصه للعام وتقييده للمطلق وتفسيره للمجمل وذلك بالحديث المتواتر, وأن كل ما جاء به النبي (ص) يجب أن يكون من القرآن لقول عائشة رضي الله عنها:-
عن النبي (ص) (النحل : 89) أن السنة داخلة فيه في الجملة.
وأكد الشاطبي ذلك بقوله تعالى: ((ما فرطنا في الكتاب من شيء)) (الأنعام)
وقد رد على ما استدل به الجمهور مما روي عن النبي (ص) قوله:- ( يوشك أحدكم أن يقول: هذا كتاب الله ما كان من حلال فيه أحللناه وما كان من حرام حرمناه ألا من بلغه مني حديث فكذب به فقد كذب الله ورسوله) بأن من بين رواة هذا الحديث زيد بن الحباب وهو كثير الخطأ ولذلك لم يرو عنه الشيخان حديثا واحدا.
وجاء بمسلم الثبوت والتحرير: (خبر الواحد لا يفيد اليقين لا فرق في ذلك بين أحاديث الصحيحين وغيرهما).
ومما سبق يتضح أن الإيجاب والتحريم لا يثبتان إلا باليقين القطعي الثبوت والدلالة, وهذا بالنسبة للسنة لا يتحقق إلا بالأحاديث المتواترة, وحيث أنها تكاد تكون غير معلومة لعدم اتفاق العلماء عليها فإن:-
السنة لا تستقل بإثبات الإيجاب والتحريم إلا أن تكون فعلية أو تضاف إلى القرآن الكريم.
وعلى هذا فمن أنكر استقلال السنة بإثبات الإيجاب والتحريم فهو منكر لشيء اختلف فيه الأئمة ولا يعد مما علم من الدين بالضرورة فلا يعد كافرا.
..............
انتهت الفتوى
===========================
الفتوى كانت في أول فبراير سنة 1990
ونشر نص الفتوى في جريدة الأحرار المصرية بتاريخ 5 أغسطس سنة 1993م
-----------------------------------------------
*) لم يتم العمل بمقتضى الفتوى حتى الآن من قبل الأزهر ومازالوا يهددون من يخالفهم بالويل والثبور وعذاب القبور.