مــرارة الضــيم
بقلم سعيد عبدالمعطي حسين 1994م
=============
=============
ذرفتُ دمعا حين أحاطت بيَ الخطوبُ،
وذقتُ طعمَ المرِّ في قلبي حين ضاقت بيَ الحياةُ،
وأبتْ جفوني العودَ،
وسهَّدَ الفِكرُ فؤادي،
لما ضامني الأهلُ والصحبُ،
***
ولكن أحرَّ الدمعِ وأمرَّ الحزنِ صاحَبَا سُهدي لما تذكرتُ طفلةَ الشرقِ،
(أعبر بها عن أي طفلة تقاد على غفلة منها إلى الختان بلا رحمة، أو إلى القتل لخطأ في الحب)
***
طفلةٌ وسطَ القبورِ تحبو،
هاجمتها ذئابُ الظلمِ،
تضاحكت وتهدهدت،
وتناغت ولوحت،
وكلما رأت أنيابَ الذئابِ الكاسرة,
ظنت أنها للأطفال باسمة،
وزادت سرورا وهللت
!!!!!!!!!!!!
وإذا بصرخاتٍ تدوي بصداها في ما بين القبور،
وهُرِعتُ إليها فإذا هي عظامٌ مبعثرة،
وآثارُ دماءٍ على الأرضِ والعشبِ ملطخة،
وتشابكت أصداءُ هدهداتِها وصرخاتُها؛..
مع عواءِ الذئابِ الغادرة..
فكانت.. مذهلة!
***
يا طفلةَ الشرقِ.. نادُوا باسمك العدلَ،
ولبسوا ثياب القضاةِ ليحكموا لك بالحق
(الذين أفتوا بوجوب الختان، وأمثالهم الذين لم يمنعوه)،
فتسللوا إليك..
وآخرون ماتوا بجهلهم..
وسكنوا قبورا..
خِلْتِها قصورا..
(أقصد موت القلوب، فلا يفقهون فساد ما يصنعون، ولا يسمعون نداء المصلحين، ولا يدركون آلام المظلومين)،
فأنتِ لو جأرتِ إلى أشجعِهم..
ما استطاع لك قياما،
فليس لكريمِ القبورِ عطاءُ!
***
يا ابنة الغرب.. ما أصبرك،
(كل طفلة في بلاد الغرب، وغيرها من البلاد التي هوجم فيها المسلمون والمتعاطفون معهم بالغدر والبطش والقتل والتشريد)
تعيشين في رُعْبٍ بين الحديدِ والنارِ،
تلك أختُك -بنتُ الشرقِ- سبقت في الصراخِ تنادي،..
(ألا من مغيثٍ فيك يا بلادي؟!)..
فنادي أنتِ بين الذئابِ الجائِحة..
علَّكِ تجدين بين الوحوشِ الكاسِرة..
قلبا مُنكسرا،
يحمل لك الخلاصَ،
فليس لكريم القبور هناك.. عطاءُ!
(من مات قلبه فلا عطاء له.. ولا استغاثة به)
***
أيا نيل.. ما لي..؟!..
(كنت لحظتها أطل من مسكني على نهر النيل وخيالي مليء بالحسرات)
كلما بصُرتُ مياهَك رأيتها بالدماءِ تعرَّقت،
ألا لانهمارِ الدمِ انقطاعُ؟!..
دم الغدر.. والقتل.. والختان؟!،
كالشياطين تتراقص على ضفافِك يا نيلُ؟!،
تحملُ الحياةَ والبركةَ بين ضفَّتَيْكَ،
ويحملون الموتَ والخرابَ بين الأيادي والضلوعِ؟!..
***
يلوحُ في الأفقِ نورُ اللهِ.. علَّهُ بالبشرِ يأتي،
ويَشْفِي صدرِي وصدرَ عامري القلوبِ
***
سقيم الضيم