الرِّبا
الآيات التي ذكرت كلمة الربا:-
"الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{275}" البقرة2
لاحظ المقابلة بين تعبيري البيع والربا، والبيع كما علمنا سابقا هو الاستثمار.
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً ۖ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{130}" آل عمران3
ولأن الضعف هو النسبة فالمعنى هو لا تأكلوا الربا بنسبة النسبة أي بما يسمى الربح المركب.
المعنى في المعجم الوجيز:-
ربا: نما وزاد وعلا وارتفع.
وربا الشيء: نمَّاهُ وزاده.
وربا فلانٌ: عمل بالربا.
والرِّبا: الفضل والزيادة.
والربا في علم الاقتصاد: المبلغ يؤديه المقترض زيادة على ما اقترض، تبعا لشروط خاصة.
المعنى كما ذكره الدكتور <رجاء جارودي> هو المبلغ المؤدى زيادة على ما اقترض المقترض لأموال غير عاملة.
المعنى عند أتباع السنة هو كل قرض جر نفعا فهو ربا.
المعنى المستخرج من القرآن:-
من الواضح أن الله -سبحانه وتعالى- وضع تعبير البيع في مقابلة تشريعية مع تعبير الربا، حيث قال "وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا" ولأن [الْبَيْعَ] هو التجارة أو الاستثمار كما جاء في التعريفات الاشتراطية، فإنه يتعين أن يكون الربا هو أي نشاط يُدِرُّ أرباحا تُحصَّل عن سلف غير استثمارية.
التحليل:-
معاني تعبير الرِّبَا إجمالا:-
*الزيادة على الأموال العاملة.
*الزيادة على الأموال غير العاملة.
*الزيادة البسيطة والزيادة المركبة على رأس المال المتغير أو المحدود.
لنفترض الآن أن هناك صاحب رأس مال وهو طرف ممول، وشخص آخر يتسلم منه المال وهو طرف مقترض.
ا) يبدو هنا احتمالان حول سبب تسلم المال:-
1- سلف غير استثمارية.
2- سلف استثمارية.
ب) فإذا كان استلام المال للتجارة فالتعامل مع المال يكون بأحد اتفاقين:-
1-مشاركة على الربح والخسارة حسب شروط خاصة يحكمها العرف.
2-اتفاق على نسبة معينة من رأس المال للطرف الممول خلال مدة محددة.
ج) فإذا كان الاتفاق الثاني، يكون المقترض القائم بالاستثمار في أحد حالين:-
1- مستثمر ممتد الاستثمار ويطلب المزيد من رأس المال كالبنوك.
2- مستثمر محدود الاستثمار ويكتفي برأس مال محدد.
د) ويكون الاتفاق على الربح بأحد طريقتين:-
1- ربح بسيط لا يضاف إلى رأس المال في نهاية كل مدة اتفاق أو دورة.
2- ربح مركب يضاف تلقائيا إلى رأس المال في نهاية كل دورة.
ومن مبادئ تشريع القرآن، أنه قد أباح الله -سبحانه وتعالى- كل شيء إلا ما ذكر بأنه محرم، وقد حرم الله من التعاملات المالية السابقة ما يلي:-
أولا: الأرباح المحسوبة على الحالة .." ا):1-" وهي سلف غير الاستثمار:-
"الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{275}" البقرة2
ثانيا: الأرباح المحسوبة في الحالة .." د) 2-" وهي الربح المركب المضاف إلى رأس المال لمستثمر الحالة .. "ج) 2-" ذي رأس المال المحدود، وذلك كما جاء في الآية :-
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً ۖ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{130}" آل عمران3
الاستنتاج:-
الربا المحرم هو ربح الأموال الاستهلاكية غير العاملة في مجالات الاستثمار، والربح المركب على مستثمر ذي رأس مال محدود.
ومثال لبعض الأنشطة البنكية المحرمة، الأرباح المُحصَّلة على جميع السلف الاستهلاكية، مثل سلف الزواج وسلف المدارس، وأرى تعديلها من قبل المسئولين عن البنوك بعدم أخذ أي أرباح من المقترض الذي لا يتحمل وزر ذلك أمام الله ويتحمله هؤلاء المسئولون، ويُحَصِّل البنك المُقْرِضُ الأرباحَ المُفْتَرَضَة من أصول مبالغ التمويل مثل الزكاة أو الصدقات أو مِنَح الدولة، وكذلك يحرم تحصيل الأرباح المركبة على المستثمرين ذوي رؤوس الأموال المحدودة[1]، وأرى إلغاء هذا الربح المركب على هذا النوع من المستثمرين.
وكذلك تقوم بعض البنوك بعدم تسليم القرض كاملا للمقترض وذلك بخصم أول قسط وكل الأرباح دفعة واحدة، وهذا ليس مجرد ربا محرم فقط ولكنه إجحاف بحق المقترض بأن يحصُل على مبلغ القرض كاملا، وبفترة سماح ليتمكن من بدء التشغيل.
[1] مثل مستثمر ماكينة ري أو أي آلة أخرى، فجميع أرباحها لا تدخل في دورة التشغيل أو الاستثمار مرة أخرى، بل يحدث العكس وهو وجود معدل استهلاك للآلة، بمعنى أن رأس المال يتناقص مع الوقت والتشغيل.