الدِّين
هو النظام الذي يتبعه فرد أو جماعة لتوجيه سلوكهم العقائدي والفكري أو الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي أو كل هذا، نحو أهداف هذا النظام
وهذا النظام يمكن أن يكون نابعا من أهواء البعض أو من أفكارٍ لديهم ناشئة عن [جهل]، وفي هذه الحالة ستنشأ أديان كثيرة متناقضة ومتعدية على حقوق البعض لحساب آخرين، وهذه الأديان الكثيرة تتميز بكونها على طرفي نقيض، فبعضها يميل إلى التجمد ومن ثَمَّ يدفع مجتمعاتها إلى التوقف عن ركب الحضارة والخمول ثم الضعف ثم الاندثار، والبعض الآخر يميل إلى التحلل ومن هنا يدفع المجتمعات التي تدين بها إلى التسيب والانحلال ثم الضعف والانهيار.
"مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ ۗ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ{76}" يوسف12
"وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ{5}" البينة98
ويمكن أيضا أن يكون هذا النظام فطريا، ولا يوجد أديان فطرية متعددة لسبب بسيط جدا وهو أن [الفطرة] دين واحد فقط وهو دين مبادئ ثابتة، ومن خلال هذه المبادئ أو تحت مظلتها يمكن صياغة العديد من التشريعات التقنينية التي تتغير طبقا لطبيعة الشعوب وفئاتها وطبقاتها وطبقا للظروف البيئية المختلفة، ومن هنا فلا يحدث تجمد ولا يحدث تحلل، ويستقيم المجتمع ويتطور، وهذا النظام الفطري ركزت عليه التنزيلات الإلهية وأظهرت جوانب منه للتذكرة وبينت أمثلة تطبيقية نموذجية للاحتذاء بها عند تطبيق مبادئ الفطرة، وأي دين سواء كان من أهواء البشر أو دين [الفطرة] له أسس ثلاثة وهي:-
أولا: العقيدة وهي في كل الأديان ما عدا دين [الفطرة] عبارة عن الفلسفة التي بُني عليها هذا الدين أو ذاك، أما عقيدة دين الفطرة فهي وحي من الله سبحانه وتعالى لكل البشر ورثوها غريزة، ويذكرهم بها برسالات [تتنزل] تباعا على رسل منهم مأمورين بتبليغها للناس.
ثانيا: المعاملات وهي العلاقات الناشئة تحت راية أو مبادئ الدين المقصود وما يترتب على تلك المعاملات من [حلال] و[حرام] وثواب وعقاب.
ثالثا: النُّسُك وهي الطقوس الشكلية المتبعة، كاتباع زِيٍّ محدد أو حلاقة معينة أو حركات خاصة وما إلى ذلك، والفطريون[1] لهم صلوات خاصة بعيدا عن الأحجار المنحوتة أو الأضرحة المنصوبة أو الأفكار الزائفة، ويطلبون من الله الخالق اللطيف من خلال مناسكهم ودموعهم الرحمة والمغفرة والهداية.
"وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{153}" الأنعام6
[1] وهم الذين يتبعون دين الفطرة مهما اختلفت بطاقات الهوية الخاصة بهم، فهذا يمكن أن يحمل بطاقة مدون بها أنه بوذي ولكنه فعليا انطلق إلى دين الفطرة وترك ما دونه، فالدين الفعلي له هو الإسلام لله أي التوجه بإخلاص لله الخالق القادر، والدين الشكلي له هو ما دُوِّن ببطاقة هويته.