الكتاب
هو:-
1- الفطرة:-
"بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ، الم{1} ذَٰلِكَ الْكِتَٰـبُ لَا رَيْب \فِيهِ\ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ{2}" البقرة2
"فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ{30}(2/4ح41ج21)* ۞" الروم30
نلاحظ أن الإشارة بكلمة (ذلك) تناسب البعيد في حين أن القرآن الذي يُتلى بعين القارئ قريب، ويناسبه الإشارة إليه بكلمة (هذا)، إذن المقصود بها الفطرة التي رسخت في نفوس الناس منذ أبينا آدم عليه السلام.
وكما ورد في الآية 30 الروم السابقة فقد أشار الله تعالى إليها في التوراة إشارة واضحة:-
"(11)إِنَّ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ الِّتِي أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ لَيْسَتْ عَسِرَةً عَلَيْكَ وَلَا بَعِيدَةً مِنْكَ. (12)لَيْسَتْ هِيَ فِي السَّمَاءِ حَتَّى تَقُولَ مَنْ يَصْعَدُ لِأَجْلِنَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَأْخُذُهَا لَنَا وَيُسْمِعُنَا إِيَّاهَا لِنَعْمَلَ بِهَا. (13)وَلَا هِيَ عَبْرَ الْبَحْرِ حَتَّى تَقُولَ مَنْ يَعْبُرُ لِأَجْلِنَا الْبَحْرَ وَيَأْخُذُهَا لَنَا وَيُسْمِعُنَا إِيَّاهَا لِنَعْمَلَ بِهَا. (14)بَلْ الْكَلِمَةُ قَرِيبَةٌ مِنْكَ جِدًّا فِي فَمِكَ وَفِي قَلْبِكَ لِتَعْمَلَ بِهَا." الكتاب المقدس سفر تثنية.
2- التشريع عموما:-
"هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ .. {7}" آل عِمران3
"قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ۖ قَالَ كَذَٰلِكِ اللهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ{47} وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ{48}" آل عِمران3
"هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ{119}" آل عِمران3
"فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ{184}" آل عِمران3
"فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ{79}" البقرة2
3- كتاب مُنَزَّل بتشريع مثل التوراة والإنجيل والقرآن:-
"هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ .. {7}" آل عِمران3
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ ۚ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا{136}" النساء4
"وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ۚ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ۖ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا{32}" الفرقان25
"وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ{48}" المائدة5
4- أم الكتاب أو الذاكرة الكونية العليا، أو المُقَدَّرات:-
والتي هي كل التصميمات الإلهية لكل الكائنات والأفعال، ويمكن القول بأنها لوحة القدر، وهي مصدر كل [تنزيل] ومصدر النبوءات ومصدر الرؤى ولا يقدر عليها أحد إلا الله سبحانه وتعالى، وعليها ملائكة تُنَزِّلُ منها ما شاء الله على من يشاء من عباده.
فالرسل يتولى جبريل [تنزيل] الرسالات الإلهية عليهم، والذين يرون رؤى في المنام تُنزلها عليهم ملائكةٌ مختصون بذلك، فالرؤيا قراءة رموز من لوحة [القدر] ربما لا يفهمها الرائي، ويُعَبِّرُها المُعَبِّر، والعناصر الذرية تتنزل بخصائصِها الفيزيائية والكيميائية منها بمجرد تراص العدد الذري لها مثل الحديد الذي عدده الذري 26، والأيدروجين الذي عدده الذري 1، وإذا زدناه[1] إلى 2 يتنزل من هذه الذاكرة عنصر الهيليوم بخصائصه الفيزيائية والكيميائية، وهكذا الماء من المركبات يتم تنزيل خصائصه الفيزيائية والكيميائية من نفس المصدر بمجرد تراص ذرتين من الأيدروجين مع ذرة واحدة من الأكسيجين فيما يسمى بالتفاعل الكيميائي، ولك أن تتوقع ما يحدث لكل الكائنات مثل ما يحدث في الأمثلة التي سقتها في تسلسل تنزيلي مستمر.
"وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ ۚ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ{38}" الأنعام6
"وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ ۗ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ{38} يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ۖ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ{39}" الرعد13
ومعنى هذا أن المحو أو [النسخ] لا ينطبق على [آيات] القرآن الكريم التي ثبتت، إنما ينطبق عليها التثبيت، أما المحو أو النسخ[2] فينطبق على ما تم تنزيله من كتب اندثرت أو براهين طمست بتغير الحال والزمان، مثل ما أنزل على نوح وإبراهيم ولوط وغيرهم، فكتبهم قد محيت وجاءت كتبٌ أخرى وثُبِّتَت، كالتوراة والإنجيل والقرآن، وعندما يضرب الله تعالى الأمثال للتوضيح والبرهنة للذين يعيشون في بيئة زراعية تكون من النبات، وإذا كانوا يعيشون في بيئة صحراوية تكون الأمثال من واقع الحياة الصحراوية التي يمارسها الناس، كأحوال الإبل والغنم وظاهرة السراب وهكذا يمحو الله بعض البراهين ويأتي بأخر، ولكل برهان أجل، يبقى فعالا خلاله، وعندما ينتهي أجله يأتي برهان آخر إلى أجله أيضا، ولكل أجل كتاب به متى يبدأ ومتى ينتهي، وكذلك يحدث عند تنزيل جينوم كائن حي، حيث يقع به تبدل نتيجة التعرض الدائم لأشعة الشمس أو الأطعمة الضارة، فيمحو الله التالف بقتل الخلية التي تلف منها جزء من محتواها الجيني واستحال إصلاحه[3]، ويبقى الأصل في أم الكتاب لا يُمحى، وهكذا.
5- كتاب مصنف يحوي سجل الأعمال العام:-
"وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ{59}" الأنعام6
"وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ۚ وَمَا يَعْزُبُ[4] عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ{61}" يونس10
أي أن كلَّ الكائنات صغيرها وكبيرها وكل الأعمالِ التي تخوضُ فيها الكائنات، سواءً كانت بوعيٍ أو بدون وعي مسجلةٌ في كتابٍ مبين.
وتسجيل أحداث الماضي عُبِّر عنه في حوار فرعون وموسى عليه الصلاة والسلام كما ورد في الآيات التالية:-
"قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَىٰ{49} قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ{50} قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَىٰ{51} قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ ۖ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى{52}" طه20
والتسجيل هو تسجيل مصنف في كتب تصنيف مثل عليين وسجين ويُحاسَب الإنسان بناء على هذا التصنيف بكل دقة كما يلي في الآيات القادمة:-
"يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ{6} فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ{7} فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا{8} وَيَنْقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُورًا{9} وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ{10} فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا[5]{11} وَيَصْلَىٰ سَعِيرًا{12}" البروج84
"أَلَا يَظُنُّ أُولَٰئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ{4} لِيَوْمٍ عَظِيمٍ{5} يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ{6} كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ{7} وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ{8} كِتَابٌ مَرْقُومٌ{9} وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ{10}" المطففين83
"كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ{18} وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ{19} كِتَابٌ مَرْقُومٌ{20} يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ{21} إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ{22}" المطففين83
6- رسالة بشرية أو عهد أو ميثاق أو عقد:-
"قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ{29} إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ{30} أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ{31}" النمل27
وبالرسالة العناصر التالية: أولا: المُرسَل إليه، ثانيا: صفة الرسالة، ثالثا: المُرسِل، رابعا: شعار الرسالة، خامسا: مضمون الرسالة.
"... ۚ وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ۚ...{235}" البقرة2
[1] تحدث هذه الزيادة أثناء التفاعلات النووية فيما يسمى بالاندماج النووي داخل الشموس، حيث تتكون في باطنها كل العناصر الذرية، مع العلم بأن حجم الشمس له دور في تحديد متى تتوقف عمليات الاندماج.
[2] محو أو إلغاء وينطبق على البراهين أو الأمثال التي يضربها الله للناس في كتبه السابقة حيث يعدلها إلى أمثال أخرى في الكتب الأحدث تمشيا مع طبيعة وأحوال الشعوب، اقرأ الآية 29 الفتح48، لترى مثالا للمؤمنين ضُرب في التوراة بصورة وفي الإنجيل بصورة أخرى وفي القرآن بصورة ثالثة، وهكذا نُسخ السابق باللاحق.
[3] راجع علوم الوراثة لتدرك أن هذا الكتاب الجيني له منظومة صيانة دقيقة تعمل على الحفاظ على محتواه سليما بنسبة فائقة العلو، ثم تأتي القوانين الطبيعية لتعزل ما استحال إصلاحه بعيدا عن التكاثر مثل الانتخاب الطبيعي على ما ورد في كتاب أصل الأنواع لـ<داروين>، ثم تأتي المبادئ الفطرية التي ذكرت في التنزيلات الإلهية بتحريم زواج الأقارب لعدم تدني الجينوم، وفي هذا صيانة للنوع الآدمي على مدى الأحقاب إلى يوم القيامة.
[4] يبعد أو يغيب.
[5] هلاكا.