تقع الكثير من أدبيات المنهج في اللبس بين المنهجين المذكورين, حيث تترجم المنهج الإمبريقي أيضاً بالتجريبي أو التجريبية, وذلك بسبب التشارك في الجذر اللغوي بينهما, المشتق عن مفردة "التجربة" perama أو perea في اليونانية. في حين أن المفردة بشكل حرفي أدق, تترجم عن اليونانية, بالمنهج "الفاعل في داخل التجربة وأخطائها", وبالتالي يحصل اختلاف الترجمة في المصادر باختلاف الأدبيات, مما يفضل ترك مفردة "الإمبريقي" دون ترجمة دفعاً للبس مع مفردة "التجريبي", التي تعود للمنهج العلمي التجريبي المعروفmethod  Experimental, ترجمة حرفية عن اليونانية”peramatiky methodos” ]  .

وبمقاربة الفرق الدقيق بين المنهجين في المعنى والطريقة والأسلوب والنطاق البحثي, يتبين أن المنهج الإمبريقي بشكل عام يعتمد على جمع مجموعة بيانات, التي يؤسس عليها نظرية, أو تخلص لاستنتاجات في العلم, معروفة سلفاً, وهي الحقائق التي تعرف بالقيم الإمبريقية, فعند القيام مثلاً بتجربة قياس درجة غليان الماء, الذي هو معروفاً عند 100 درجة مؤية, فستخرج النتائج عن 101 مثلاً, فالرقم 100 هو القيمة الإمبريقية والأخرى هي التجريبية.

عليه فإن أية تجربة يقوم بها الباحث هي ضمن المنهج التجريبي, بينما المنهج الإمبريقي يعتمد على رزمة من  البيانات, تسبق أية تكهنات أخرى, أو بدون أية فكرة عن ما يمكن توقعه، ويكون مناقضاً لأكثر المناهج النظرية, مسترشدة بالتوقعات النظرية الأولية المستكشفة, إن المنهج الإمبريقي ضروري في دخول الحقول غير المستكشفة أو التي تتطلب استكمالاً.

يعبر عن النظرية وفق المنهج العلمي "التجريبي", بالمفاهيم التي يتوصل إليها الباحث بناءاً على ملاحظته لتجربة أو مجموعة تجارب أو حدث أو مجموعة أحداث, الهدف منها هو الوصول إلى استنتاجات علمية, تصف علاقات وظيفية بين متغيرات يتم قياسها أو استقرائها, ويسبقها "فروض" علمية يضعها الباحث, لمعرفة العلاقة بين تلك المتغيرات, بهدف الوصف أو التنبوء أو التحكم في الظاهرة المدروسة, وبالتالي التوصل الى قوانين أو مسالك مقترحة كمخارج للبحث.   

أما منهج "الامبيريقية" أو التجريبية, فيعبر عن الخبرة، التي مصدرها الحواس, وبالتالي فإن المعرفة الإنسانية تستمد شرعيتها من مرورها بهذه الحواس, حتى تصبح بذلك قابلة للتحقق من صحتها, وعليه وفق "الإمبريقية" يجري دراسة المجتمع الإنساني بالاحتكام إلى الواقع المحسوس, وليس لعيّنة معينة, سواء في اختيار المشكلة وجمع الحقائق, أو تصنيف البيانات وتحليلها.

 


  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 3260 مشاهدة
نشرت فى 14 ديسمبر 2011 بواسطة PROFDR370110

عدد زيارات الموقع

20,766