يعود المنهج العقلي الى "الفلاسفة العقليين", الذين جعلوا من العقل, القول الفصل في الحكم على الأشياء، وهو عندهم أصل المعرفة, وأبرز هؤلاء الفلاسفة "ديكارت، وسبينوزا، ولايبتز", ويمثل المنهج العقلي "التحليلي المنطقي" منهجاً استنباطياً, يربط فيه العقل بين المقدمات والنتائج، وبين الأشياء وعللها, على أساس المنطق والتأمّل الذهني، فهو يبدأ بالكليّات ليصل منها إلى الجزئيات.

ويعتمد هذ المنهج على التسلسل المنطقي في البحث والتفكير, ابتداءاً من العموميات الى الخصوصيات, حيث يعتمد البحث فيه على فروض وبديهات وقواعد عامة مسلم بها, ويتسلسل في سلّم هذه الفروض والبديهات والقواعد, التي تتشكل بهيئة حقائق ومقدمات ومعطيات, حتى يصل الى استنتاجات معينة ومحددة, عن طريق استخدام الأسس النظرية لتفسير الوقائع القائمة.

وهذه الطريقة في البحث تسمى أيضاً, بالطريقة التحليلية الاستنباطية, كونها تسلك اتجاهاً في التحليل, يبدأ بالمقدمات وينتهي الى استنتاجات محددة, وهي من الطرق العامة للبحث التي تشمل كل علم, والتي تضع بين يدي الباحثين, القواعد العامة لوضع العلم في هيكله العام, وتنظيم عناصر بحثه, بما يربط بعضها ببعض, وتأليف أجزائه تأليفاً متناسقاً ومتكاملاً, متبعاً قوانين التفكير الصحيح, التي تبعد البحث عن العقم, والفكر عن الوقوع بالخطأ, ويتخذ المنهج المنطقي من موضوعات التعريف "بيان حقيقة الشيء أو إيضاح معناه", والاستدلال "إقامة الدليل لاثبات المطلوب", وما إليهما من التقسيم والتصنيف والتحليل والتركيب, أدوات سالكة نحو مخرجات البحث.

يعتبر فلاسفة منهج العقل, أنه هو مصدر المعرفة, وإن الحقيقة تنبع من العقل, وقد أفصح عن ذلك الفيلسوف "روني ديكارت", مؤسس المنهج العقلي, وينطلق الفلاسفة العقليون في نقدهم للحواس, أي المعرفة الحاصلة من جراء الحس, أنها كثيراً ما تخدع ولا يجب الثقة في حكمها, وأنها يمكن أيضاً أن تقدم عالماً خارجياً لا يمكن أن تكون حقيقته مطابقة لمظهره, وإن أقرب العوالم الى الحقيقة هو العالم الذي تصفه الطبيعة "الفيزيقية" الرياضية, وليس العالم التقريبي الذي تمد به الإدراكات الحسية.

وقد وضع ديكارت كتابه "مقالة في المنهج", الذي أثبت فيه القواعد العامة للمنهج العقلي المنطقي, باعتماد عناصر "البداهة" بأن لا يتلقى الباحث شيئاً على أنه بديهي، بل يجب البرهان عليه بعد الشك فيه, و"التحليل" بتفكيك الكل الى أجزاء, والأجزاء الى عناصر صغيرة, ليسهل الفهم والادراك, و"التركيب" بتقديم مقررات نهائية واستخلاص نتائج الانتقال من النظري الى العملي, و"الاحصاء" أو الاستقصاء العام, وهو المرحلة الأخيرة في البحث, وتتمثل في مراجعة خطواته وتثبيت مخرجاته, على شكل قوانين أو معارف, فالمعارف اليقينية في المنهج العقلي المنطقي, هي نتاج لمعارف سابقة, زائداً الشك بها.

أما خطوات البحث، في المنهج العقلي, وقد يطلق عليها اسم "النظر" أو "الفكر"، فتلخّص بأن النظر أو الفكر, المقصود منه هو إجراء عملية عقلية في المعلومات الحاضرة لأجل الوصول إلى المطلوب, والمطلوب هو العلم بالمجهول الغائب, وبتعبير آخر أدق, فإن الفكر هو حركة العقل بين المعلوم والمجهول.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 148 مشاهدة
نشرت فى 14 ديسمبر 2011 بواسطة PROFDR370110

عدد زيارات الموقع

19,954