تحدثت في مقالات سابقة عن عوامل تقدم مجتمعات ومؤسسات عامة من وجود فريق للعمل ومن سيادة قيمة المؤسسية، ومن العمل على تطبيق إدارة المعرفة، ومن سيادة الأخلاق، ويأتي هذا المقال لاستكمال أسباب تقدم مجتمعات ومؤسسات عامة؛ وذلك بالحديث عن عامل خامس مهم للتقدم، ألا وهو التخطيط الاستراتيجي Strategic Planning والتخطيط التشغيلي Operational Planning.
إن التخطيط الاستراتيجي الناجح successful strategic Planning بحاجة إلى تخطيط تشغيلي ناجح successful Operational Planning ؛ وذلك للتنفيذ الكفء والفعال للاستراتيجيات، وأيضا التخطيط التشغيلي الناجح بحاجة إلى تخطيط استراتيجي ناجح ينطلق منه ويسير على أساسه؛ وذلك لتحقيق النجاح والتقدم المنشود.
فالتخطيط الاستراتيجي Strategic Planning ليس مرادفا للتخطيط الطويل الأمد Long Term Planning، كما يعتقد البعض، وإنما التخطيط الاستراتيجي هو نظام مفتوح على البيئة الخارجية يعمل على إعداد خطط طويلة الأجل من خلال تحليل (SWOT (Strength/Weakness- Opportunities/Threats أي تحليل عوامل البيئة الخارجية من فرص وتهديدات محتملة مع تحليل عناصر البيئة الداخلية من نقاط القوة والضعف داخل المؤسسة أو المجتمع، كما أن التخطيط الاستراتيجي يحمل أهداف رئيسية ورؤية المؤسسة أو المجتمع لنفسه على المدى طويل الأجل، بالإضافة إلى رسالة المجتمع أو المؤسسة التي تحمل بيان للمهام الرئيسية للمؤسسة أو المجتمع، والتخطيط الاستراتيجي يمكن أن يكون لمدة خمس سنوات، وليس لازما أن يكون لمدة عشر سنوات أو أكثر، كما قد يعتقد البعض.
أما التخطيط التشغيلي Operational Planning ، هو ببساطة تنفيذ الخطة الاستراتيجية من خلال جداول زمنية تشغيلية مرحلية لتنفيذ الخطة الاستراتيجية عبر سنوات الاستراتيجية؛ فهي تحديد ما يجب عمله وخلال أي فترة وبأي موارد مادية وبشرية، مع تحديد أشخاص مسئولين عن التنفيذ؛ ومن ثم يجب في بداية التخطيط التنفيذي تحديد أهداف فرعية للأهداف الرئيسية المحددة في الخطة الاستراتيجية، ويجب أن تكون هذه الأهداف الفرعية أهدافا ذكية (SMART) أي أهداف محددة (Specific) وقابلة للقياس (Measurable) وقابلة للتحقق (Attainable) وواقعية (Realistic) ومحددة الوقت (Timed)؛ وبالتالي يمكن تنفيذ هذه الأهداف الفرعية ومتابعة وتقويم تنفيذها؛ مما يؤدي إل تحقيق الأهداف الرئيسية للخطة الاستراتيجية.
وهكذا فإن التخطيط الاستراتيجي بدون تخطيط تشغيلي لا يحقق التقدم المنشود؛ لأن التخطيط التشغيلي المحكم هو صمام الأمان لتنفيذ الخطة الاستراتيجية ونجاحها، وكذلك التخطيط التشغيلي لا يحقق غاياته بدون تخطيط استراتيجي ناجح تقوم على أساسه الخطة التنفيذية (التشغيلية).