لقد أصبح عالمنا اليوم لا يعترف إلا بالدولة القوية، لا من حيث القوة العسكرية فحسب، وإنما من حيث قوتها العلمية والمعرفية والاقتصادية، وإذا كانت القوة العسكرية ضرورةً لأية دولة لكي تحمي بها سيادتها، فإن القوة العلمية أصبحت ضرورةً أيضاً،  فهي تسلح الدولة بالأفكار الجديدة  والقدرة علي حل المشكلات وتطوير البنية الإقتصادية والإجتماعية .
ويجب ان نسلم ان بناء قوة علمية تعد معركة صعبة ومعقدة لتعدد الفاعلين فيها من جانب‏,‏ وكون الهدف هنا هدفا متحركا لأننا في سباق مع الدول المتقدمة التي كونت بالفعل قاعدة معرفية متسعة وتنفق مبالغ ضخمة في البحث عن المعرفة الجديدة من جانب آخر‏.‏
فعلي سبيل المثال نجد ألمانيا الاتحادية رغم تقدمها في البحث العلمي وتوصلها إلي مخرجات بحثية عظيمة أفادت بها المجتمع الانساني في مجالات الدواء والأجهزة الطبية والمعدات الصناعية وتطوير وسائل النقل المختلفة ونظم الاتصال وغيرها تناقش في حتي اليوم  كيفية دعم البحث العلمي ومضاعفة عدد العلماء للتوصل الي مزيد من المخرجات البحثية تتفوق بها علي مثيلتها من الدول المتقدمة‏.‏ ويجدر الاشارة هنا إلي أنه من الأفـكار المطـروحة تحـويل بعـض الجـامعات الي جـامعات النـخبة ‏Elite University‏  تكون قادرة علي توفير جميع الامكانات ومختبرات البحث المتقدمة وتتخصص في‏ اعداد المفكرين والمبتكرين من الشباب,‏
أيضا أهتمت ألمانيا بالعمل علي زيادة اعداد المدارس والمراكز التي تعمل علي إعداد الأطفال والتلاميذ التي تظهر عليهم علامات النبوغ لإعدادهم وتأهيلهم ليكونوا علماء المستقبل‏,‏ بالاضافة الي المدارس الثانوية التي تضيف البرامج الدراسية المتعمقة للطلاب ذوي المواهب العلمية مثل الرياضيات والكيمياء والفيزياء‏.‏
ولا ننكر  ان مصر تدرك تماما أهمية البحث العلمي للتقدم والتنمية منذ زمن بعيد وعملت علي مر الأيام علي إنشاء عدد من المراكز البحثية بلغت اليوم‏82‏ مركزا للبحث العلمي والتكنولوجيا علاوة علي الأنشطة البحثية في الجامعات والمعاهد‏ إلا انها تعاني من عدد من نقاط الضعف منها:
-        محدودية الموارد المالية المخصصة للبحث العلمي ومن ثم تواجه صعوبة في بناء بنية معلوماتية حديثة‏,‏ ودعم المكتبات العلمية‏,‏ وتحسين المختبرات وتوفير الامكانيات الضرورية‏.‏
-       محدودية رعاية الباحثين والعلماء وتنمية قدراتهم علاوة علي انشغالهم باستكمال احتياجاتهم المعيشية وعدم تفرغهم للبحث العلمي بالقدر الكافي‏.
-       ضعف الصلة بين القطاع الخاص والبحث العلمي مما ترتب عليه ضعف مساهمته في دعم البحوث العلمية التي تسعي لحل مشكلات العمل والانتاج وتطوير المنتج‏.‏
- ‏ وأخيرا ضعف دور التعليم في مراحله المختلفة في تبني وتأهيل النابغين وذوي المواهب وبناء العقول القادرة علي الابداع والابتكار‏.‏
ونأمل أن تولي الدولة‏ الاهتمام بالباحثين والعلماء وتحسين احوالهم وتنمية قدراتهم وزيادة البعثات العلمية
ويجب التأكيد هنا أن البحث العلمي يسعي إلي اكتساب المعرفة التي تمكننا من تنمية قدراتنا الزراعية والصناعية وفي اكتشاف الأمراض ووسائل علاجها ويصبح لدينا مانحتاجه من غذاء وملبس ووسائل المعيشة المتعددة‏,‏ وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام مامن مسلم يغرش غرسا أو يزرع زرعا فتأكل منه طير أو انسان او بهيمة إلا كان له به صدقة‏.‏ وهكذا يعد دعم أفراد المجتمع ومؤسسات المجتمع المدني للبحث العلمي صدقة جارية تعود علي المجتمع بالخير والرفاه‏.‏
ونختم حديثنا بالقول أنه ليس بالضرورة أن يحقق تدبير الموارد تقدما في البحث العلمي‏,‏ وإنما الأهم هو الإدارة الجيدة للموارد المتاحة وحسن استخدامها‏,‏ والافصاح والشفافية عن سبل الانفاق‏.

 

المصدر: أ.د. محمد ماهر الصواف، http://kenanaonline.com/drelsawaf
PLAdminist

موقع الإدارة العامة والمحلية- علم الإدارة العامة بوابة للتنمية والتقدم - يجب الإشارة إلى الموقع والكاتب عند الاقتباس

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 369 مشاهدة
نشرت فى 6 مارس 2016 بواسطة PLAdminist

عدد زيارات الموقع

809,615

ابحث