بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

authentication required

بسم الله الرحمن الرحيم

هــــــــؤلاء اليتامـــــــى !!

الناس لا تجتهد في شأن اليتامى .. والنظرات عادةً هامشية لا تعني الجدية .. وأكثر العيون في غفلة لا تكترث .. وهو اليتيم الذي يمثل ذلك الرقم الباهت في المعادلة .. يصحو كالآخرين عند الصباح .. وينام كالآخرين عند المساء .. ولكنه لا يحظى كما يحظى الآخرون .. لا يأكل كما يأكل الآخرون .. ولا يلبس كما يلبس الآخرون .. لقمة قد تسد الرمق .. وجلباب قد يرافق العمر .. ليس في عرفه مساحات الخيار والاختيار .. ولا تجوز في مناسكه ألوان التمنع والدلال .. يرضى بالمقسوم مهما كان العطاء .. يفتقد مشاعر المحبة ذلك الإرث الوفير لدى الآخرين .. وهي تلك الشحيحة لدى اليتامى .. وقد تكون مبذولة من الآخرين مجاملةً وتكليفاً .. مقرونة بالأسى والحسرة .. واليتيم بالفطرة يكتسب الكثير والكثير من صفات الأنفة والكبرياء .. ورغم الصغر في العمر فهو يحس أنه ثقل على أكتاف مجبر قد يكون .. ولذلك نجده عادةً يكتفي بالقليل المتاح .. والمعضلة أن أكثر الناس في غفلة إزاء اليتامى .. وإذا تعمق دارس في أحوال اليتامى ينفطر قلبه كآبة وحسرة .. وتمتلئ عيونه دموعاً .. وأكثر المشاهد وجعاً وألما دمعة طفلة يتيمة في جوف ليل مظلم .. لحظة فيها تناجي الطفلة أو الطفل الآباء المفقودين .. ثم يوجدونهم في الخيال أحياءً .. يمسكون أناملهم ويتجولون معهم في الأسواق .. يشترون ما يشتهون .. ويرفضون ما لا يريدون .. فتلك سانحة قد لا تكون في عوالم الحقيقة .. والسعادة لدى الأطفال لا تكمن في إيجاد المفقود فقط بل تكمن في مناكفة الآباء بنوع من الدلال .. وتلك مناكفة قد لا تتوفر لدى اليتامى . قال دارس لأحوال اليتامى أن الكثيرين من هؤلاء الأطفال يتواجدون مع أقرانهم في صفوف الدراسة .. يتحاورون كما يتحاور الآخرون .. ويناقشون الأساتذة كما يناقش الآخرون .. يسألون ويستفسرون عن مجاهل العلوم .. وقد يتفوقون عن الآخرين في المنافسات .. ولكنهم في الغالب الأعم يفتقدون كمال المظهر في الأزياء .. فتلك الثياب الرثة التي توحي بمرارة الأحوال .. وتلك النعال التي توحي ببؤس المآل .. مظاهر تؤكد أن أحوال الصغير غير على ما يرام .. والأشد مرارة وقسوة تلك اللحظات التي تقرع فيها الأجراس من أجل الإفطار .. عندها يسرع التلاميذ لخارج الفصول راقصين فرحين لشراء الإفطار .. ويجلس اليتامى صامتين في مقاعد الدراسة .. وهم كالآخرين يلتون جوعاً .. ولكنهم في الغالب لا يملكون قيمة الإفطار .. وقد يتكفل البعض من الزملاء في إطعامهم في بعض الأحيان .. ولكن ذلك اليتيم قد يرفض ويتعفف ولا يقبل المكرمة والعطف لأكثر من مرةً أو مرتين .. والكثيرون من المحسنين المقتدرين في المجتمعات يبذلون الإحسان في غير المواضع الملحة .. والأجدى بهؤلاء المحسنين أن يتفقدوا أحوال اليتامى في مدارس الأولاد والبنات .. ثم يجتهدوا في تخصيص وجبات إفطار مجانية لهؤلاء الصغار اليتامى .. وكذلك يجتهدون في توفير الأزياء اللازمة لهم في بدايات كل سنة دراسية .. ولو علموا فإن ذلك هو الفوز الكبير في ميادين الإحسان .

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 196 مشاهدة
نشرت فى 31 ديسمبر 2017 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

801,214