بسم الله الرحمن الرحيم
من هـم الأصدقاء ومـن هـم الأعداء ؟؟
نبطن في الأعماق غير الذي نبديه في الظاهر .. وندعي الأخوة والصداقة ونحن في الأعماق أشد الناس عداوةَ .. ومهما كانت الاجتهادات في إخفاء تلك الحقائق إلا أنها تظل حقائق .. والأمور بإرهاصاتها .. والدلائل بعلاماتها .. فالثقة البينية تظل المحك الأول والأخير في تعاملاتنا مع البعض .. فنحن في حقيقتنا بمسميات وأحلاف واتجاهات ونوايا لا تلتقي أبداَ في جوهرها .. بل هي تعادي بعضها البعض .. ومع ذلك نفقد الشجاعة في قول النوايا علناَ .. ثم نصر ونجادل وندعي بأننا في نفس الخندق .. وبأننا أبناء العقيدة الواحدة وأبناء المصير الواحد .. وتلك مجرد شعارات مرفوعة تمثل نوعاَ من شعب النفاق .. وأعداء الأمة العربية والإسلامية هم على خط الصراحة والوضوح أكثر نزاهة .. بينما نحن نوالي وندعي فكرة الإخاء في الظاهر ثم نجتهد بكل ما نملك لنوجد فواصل الانفطار والانشقاق .. وحتى لو تلاقت الأيدي في الظاهر بالود والترحاب إلا أنها عند المحك تمنع التلاقي والعناق .. وذلك المواطن الفرد العادي في أي أرض من أراضي الأمة العربية والإسلامية هو الجدل الذي يمثل البعبع والخوف .. فهو غير مرحب به في ساحة الآخرين كما تنادي به الألسن في الظاهر .. كما أنه يمثل ذلك الإنسان الذي يدور حوله الشكوك والخوف والريب إذا ما تجرأ وأراد الدخول في بلاد الآخرين من أبناء العقيدة والقومية والمصير .. هذا بجانب الاستصغار وقلة القيمة والمعيار الذي يعامل به .. فهو غير مرغوب فيه في كل الأحوال .. والفرد من بلاد الأعداء الصرحاء يجد الترحاب والتقدير والمقام متى ما تنازل وأراد الدخول في أي أرض من أراضي العروبة والإسلام .. وقد ترحب بلاد الأعداء بالفرد القادم من بلاد العروبة والإسلام بترحاب وبمعاملة أحسن ألف مرة من معاملة الذين يدعون الأخوة في العقيدة والقومية .. وهناك الدول الأوروبية التي تفقد الفواصل الحدودية بالمعنى الذي يشابه الصورة في بلادنا .. فهي ترسم خطوط وهمية على الأرض لتكون علامات بين دولة وأخرى دون أن تكون هناك الويلات لمن يريد العبور من دولة لأخرى !! .. والشخص العادي مهما كان من بلد أو جنس يسافر من دولة لأخرى بمنتهى التقدير والاحترام ولا يحس بأن هناك من يلاحقه بالقهر أو المنع أو الاحتقار .. فهو ذلك الإنسان المعتبر الذي يستحق الاعتبار والاحترام .. أما نحن في بلادنا فالذين يقدمون علينا من بلاد الأعداء والخصوم الألداء نرحب بهم بكل ما نملك من حفاوة وتقدير واحترام .. وقد يستدعي الحال القيام لهم عند الاستقبال تكريماَ وحفاوةَ .. وهو ذلك الأجنبي القادم الذي لا يدعي الصداقة والذي لا يشترك في مصير العقيدة والإخاء .. ولكن متى ما تجرأ أحد منا السفر إلى بلاد البعض تلك البلاد التي تمثل مواطن الأصدقاء ومواطن العقيدة والمصير الواحد ( كما نزعم وندعي في الظاهر ) فهو ذلك المرفوض جملة وتفصيلاَ .. وإذا ما تحايل ووجد فرصة الزيارة أو العمل أو الإقامة فإنه يلاقي الويلات والويلات عند المنافذ وعند المرور .. وقد يكون الترحاب بفتور شديد دون ترحاب ببسمة تليق بالإخوة في العقيدة .. إن لم يكن الاستقبال مقروناً بعلامات التأفف والازدراء وقلة المعيار .. وإن لم يكن بحال من التعالي والتكبر والتجبر .. فهو يفتقد بوادر الترحاب التي تليق بإخوة العقيدة .. وقد يهان جهاراً وبياناَ أمام العالمين .. كما أنه يعامل بصفة ضيف غير مرغوب بذاك القدر .. وأن الظروف هي التي تفرض تواجده رغم عدم الاستحباب .. لأنه أساساَ من أبناء العقيدة الواحدة .. ويدخل ضمن زمرة الإخوة الأعداء المحسوبين في أغوار الضمير .. وهو مفقود عنه الثقة في الأول والأخير .. ويظل كذلك متى ما تواجد في سرب غير سربه في بلاد الأصدقاء الأعداء .
ـــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش