جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
بسم الله الرحمن الرحيم
مـا تمنيت يوماَ أن أكون ذلك الإنسان !.!!!
نزعة الضمير متوفرة لدى أغلب الناس .. تجادل وتساجل الطباع من حين لآخر .. لا تخلو منها حتى نفوس أعتى المجرمين .. وتلك النزعة تتواجد في الإنسانية ومتقوقعة في الوجدان .. وحيث تتواجد بالكيفية التي جرت بين الأخوين قابيل وهابيل .. نبرة بعد عداء وخصام تطل فجأة لتحمل مبادرة شعور كامنة في النفس .. فالكلمات أعقبت تلك الفعلة النكراء بإقرار من النفس في لحظة براءة بالقول ( أواري سوءة أخي ) .. ولم يقل سوءة عدوي .. فتلك لمحة كالبرق تظهرها النفس من كنف الفطرة دون أن تتعمد .. وجوانب المحاسن في الأخلاق هي مكنونة في كل ذات بالقدر الوفير أو بالقدر اليسير .. غير أن الإنسان هو ذلك الجدل الذي يفاضل ليختار مساراَِ في الصفات .. وهو في ذلك الاختيار قد يقع في سوء التقدير والحسابات .. فيكتسب صفات ممجوجة ومرفوضة من الآخرين .. لتكون الصفة علامة منكرة منفرة تلاحق صاحبها .. وتكون إشارة ذم تمثل له العنوان .. فهناك من يجتهد ليكيل محاسن الصفات بأكبر المكيال .. وهناك من يتجرد ويتعمد أن يظهر الذات فظاَ غليظ القلب .. مقدار من المساحة يمثل المعيار في الحكم على الصفات .. ثلة من صفات حسنة مع قليل من صفات منكرة .. أو ثلة من صفات منكرة مع قليل من صفات حسنة .. وفي النهاية المحـك والعبرة في نشاط الغربال حيث المفقود وحيث المتبقي .. ولا يخلو الغربال من بواقي التصفيات .. إنما يفقد الكثير ليبقى القليل .. والمعضلة بعد ذلك في نوعية الكم المتوفر من المحاسن والكم المفقود .. ليكون عنواناَ لذلك الإنسان .. كثرة محاسن مع قله عيوب .. أو كثرة عيوب مع قلة محاسن .. ولا يتجرد الإنسان كلياَ من علامات الضمير مهما كان في ذلك الدرك من الإجرام .. إلا أن هناك فئـة من الناس هي تلك التي تعدم الضمير كلياَ في كل الأحوال .. فئة ممقوتة ومكروهة من الناس بالفطـرة .. وهم جلادو المحابس والمعتقلات والسجون .. فهؤلاء سدنة تتلذذ بتعذيب خلق الله .. خطواتهم في البداية تلبية لواجب الوظيفة كما يرونها .. ثم مع مرور الأيام يصيبهم داء السطوة والهيمنة والتعالي .. رجال في ذاتهم على ضعف وجبن في كل المقامات .. غير أنهم يستظلون بظلال السند الرسمي .. وكذلك يستظلون بستار الخفاء الذي يبعد الأعين الخارجية .. يظهرون في تلك الظروف الظلامية وكأنهم أسود الغاب .. ولكنهم في معدلات أخلاقيات البشر من أحط الفئات التي عرفتها البشرية .. يتفاخرون بالتعذيب والتنكيل بخلق الله .. ومرحلة بعد مرحلة يدمنون التعذيب ويجدون الحلاوة في تلك المهنة المهينة للإنسان والإنسانية .. ثم ينحطون دركاَ تلو درك حتى تتشبع نفوسهم بنوع من الحقد الدفين الغريب العجيب على كل من يتواجد تحت سقفهم .. وهم أكثر الفئات التي تداول مهنة خالية من تأنيب الضمير وكذلك من المساءلة الخارجية إلا ما نـدر .. ومع ذلك فهؤلاء لا يجدون الراحة النفسية بمعنى السعادة البريئة .. والمرد في ذلك علمهم بأنهم يظلمون خلق الله كثيراَ .. وعلمهم بأن حسابهم يوم القيامة عسير غير يسير .. ويدركون أن المقدرة في إيذاء العاجز الأسير هي قمة الظلم في تاريخ الإنسانية والبشرية .. وصورتهم في أذهان الناس هي تلك الكالحة القاتمة المظلمة .. ورب معتقل أسير يعذب هو في المقام والعلم والفكر الظفر المسقوط منه يعادل جيشاَ كاملاَ من هؤلاء الحثالة من سدنة التعذيب .. فهم مجرد أداة كريهة للبطش والتنكيل .. والذي يعيش دائماَ في دائرة إيذاء وظلم الناس يكسب المقت واللعنة حتى يكون مساره سوء الخاتمة والعياذ بالله .. وكم في المحابس والمعتقلات والسجون من الأسرى الأبرياء .. يلاقون التعذيب بأيد سدنة بمسمى البشر ولكنهم ليسوا ببشر .. بل فئة من كواسر الوحوش الفاقدة للضمير والإنسانية .. تتلذذ بإهانة خلق الله وتعذيبهم والدوس على كرامات المقامات .. تلك المقامات التي لن يبلغها أفراد السدنة في يوم من الأيام .. يقضون جل حياتهم في ظل اللعنة .. تلك اللعنة التي أخرجت إبليس من رحمة الله لتكبره وتجبره .. ولا يختار تلك الصفة وذلك الانفلات في المهنة إلا من هو في ذاته تربى تحت ظروف المهانة ولم يرضع من أثداء الكرامة .
ـــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .
ساحة النقاش