محاضرة : اكتشفت أن ولدي مدمن !!!


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله كاشف الغم .. وفارج الهم .. مجيبِ دعوة المضطرين .. وجابرِ كسر المنكسرين .. يضل من يشاء بحكمته .. ويهدي من يشاء برحمته ، وهو العزيز الرحيم .
والصلاة والسلام على معلم البشرية ، وهادي الإنسانية .. نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .. أما بعد .
وتبقى قضية الإدمان شبحاً يؤرق الآباء والأمهات .. و الأسر والمجتمعات .
فهذا أحد الآباء يقول :
ابني طالب في الثانوي لاحظت عليه في الفترة الأخيرة عدمَ القدرة على التركيز والاستيعاب ، يخرج من المنزل باستمرار ، ويعود في ساعات متأخرة من الليل ، لسانه ثقيل ، عيناه محمرتان ، وإذا سُئل ادعى السهر مع أصدقائه للمذاكرة ، وعندما نحاول منعه من الخروج يكون في حالة من النرفزة والعصبية ويشتكي من الآلام في جسمه ، وفي الفترة الأخيرة ازدادت مصاريفه ، مع إهمـال في مظهره العام ، فهل ابني مدمن أم لا ؟
ومثل هذا السؤال أسئلة كثيرة تلقيتها خلال عدة سنوات ، من بعض الآباء والأمهات ، يذكرون فيها تغيراً في سلوك أبنائهم ، أو يصفون شيئاً عثروا عليه في ملابسهم ، أو يحضرون لي شيئاً وجودوه في غرفهم ، إلى غير ذلك من المظاهر .
وهذه الأسئلة تقودنا إلى سؤال هام وهو : كيف نكتشف المدمن ؟ .
أيها الإخوة :
إن عدم إلمامنا بأعراض الإدمان وعلاماته يجعلنا نتوهم في تفسير التغيرات التي تحدث في سلوك المدمن ، وبالتالي نتخبط في علاجه .
فهذا أحد المدمنين التائبين التقيت به قبل عدة سنوات يقول : بعد وقوعي في تعاطي المخدرات لاحظ أهلي تغيراً في سلوكي ، مما حدا بالوالد والوالدة أن يذهبا بي إلى أحد القراء ليقرأ علي ظناً منهم أني ممسوس أو مسحور أو مصابٌ بالعين .. ذهبنا إلى القاريء وبدأ يقرأ علي وينفث .. ويقرأ وينفث ، وأنا أقول في نفسي : يا ناس ، أنا في وادي وأنتم في وادٍ آخر .. وبعد جهد جهيد جف ريق القاريء وهو ينفث ولم نصل إلى نتيجة .
ويحدثني أحد الفضلاء أنه سافر مع أحد المكفوفين إلى إحدى البلاد العربية .
وفي أحد الأيام جلس هذان الرجلان (الكفيف وصاحبه) في أحد الأماكن ، وكان بجوارهما رجل آخر .
وبعد لحظات .. سقط الرجل على الأرض ، وبدأ يجول بنفسه ، ويحدث حركات غريبة .
نظر إليه صاحبنا ، هل هو مريض أم ممسوس أم ماذا ؟
ثم أحسّ الآخر الكفيف بأن شيئاً غريباً يحدث ، فسأل صاحبه : ما الخبر ؟
قال : الرجل الذي كان بجوارنا سقط على الأرض .
قال الكفيف (وقد أخذته الرحمة) : هيا ، خذ بيدي لنقرأ على هذا المسكين .
توجه الرجلان إلى ذلك الرجل وهو على الأرض ، وبدءا يقرآن عليه الرقية الشرعية ، هذا ينفث من جهة ، والآخر من الجهة الأخرى .
وفي هذه الأثناء تجمع الناس ليروا المشهد المضحك .. أتدرون لماذا مضحك ؟
الرجل لم يكن ممسوساً ، ولا مسحوراً ، بل هو سكران .. شرب الخمر حتى قال للعنز يا خالة (كما يقولون) ، وهذان الرجلان يقرآن عليه القرآن ، وشر البلية ما يضحك .
وأعرف اثنين من الشباب الصالحين شاهدا رجلاً سقط على الأرض ، فظنا أن هذا الرجل مريض أو مغمى عليه ، فحملاه وانطلقا به إلى الإسعاف ، وفي الإسعاف اتضح أن هذا الرجل سكران ، فوقع هذان الشابان في إشكال مع المسؤولين في المستشفى للتحقق من الموضوع ، من هو هذا السكران ؟ ما علاقتكما به ؟
وبعد قليل ، أفاق السكران قليلاً ، ورفع رأسه ، ففرح الشابان ، لعل الموضوع ينتهي ، لكنه ما إن رفع رأسه حتى وضعه مرة أخرى ، وكل واحد من الشابين يقف على أعصابه ، ثم أفاق الشاب من جديد وانتهى الموضوع ، وعاد هذان الشابان من المستشفى يضحك كل منهما من الآخر .
أيها الإخوة :
من أسوأ ما في بعض الأمراض (كالسرطان مثلاً ) عدم اكتشافه في باديء الأمر ، فيسري المرض في الجسم كالسم ، حتى إذا قويت جذوره كان من الصعب علاجه ، وهكذا الإدمان .
من الحقائق المهمة المتعلقة بالإدمان أن المدمن يشتد تعلقه بالمادة مع تكرار التعاطي ، فمع مرور الأيام يزداد معدل التعاطي اليومي أو الأسبوعي ، كما يزداد مقدار الجرعة الواحدة من المادة المخدرة .
فمثلاً يبدأ متعاطي الحبوب بنصف حبة أو حبة ثم لا يزال هذا العدد يتزايد .. حبتين .. ثلاث .. أربع .. عشر حبات يومياً وهكذا .
ومتعاطي الهيروين يبدأ في العادة بجرعة قدرها جزء من الجرام ، وتزداد هذه الجرعة إلى أن تصل إلى الجرام الكامل أو أكثر . لماذا ؟
السبب في هذا هو أن الجسم مع تكرار التعاطي يتكيف مع الجرعة ، فيحتاج المدمن إلى زيادة الجرعة أو تعاطي مادة أخرى مع هذه المادة حتى يصل إلى الشعور الزائف .
ولهذا تحدث الكثير من الأزمات وحالات الوفاة بسبب قيام المدمن بزيادة الجرعة .
إذن .. الاكتشاف المبكر لهذا المرض ضروري جداً لإنقاذ المدمن ، قبل أن يغرق في بحر الإدمان ، وتبدأَ الأسرة رحلة العذاب مع هذا المدمن .
ونعود فنقول : كيف نكتشف المدمن ؟
من الناحية القانونية يعتبر التحليل الطبي هو الفيصل في اكتشافِ المدمن وتوجيهِ التهمة إليه بتعاطي المخدرات .
فعن طريق البول أكرمكم الله يمكن اكتشاف المواد المخدرة التي سبق أن تعاطاها المدمن ، وعن طريق الدم يمكن اكتشاف المواد المسكرة الكحولية .
وهناك طرق أخرى لاكتشاف الكحول بالنفخ في جهاز صغير يحدد نسبة الكحول في الجسم عن طريق هواء الزفير .
وقبل سنوات نشرت الصحف فتحاً جديداً في هذا المجال ، وهذا الأمر يتمثل في اكتشاف تعاطي المخدرات عن طريق الشعر .
فإذا شك الأب أو الأم في سلوك الولد فما عليهما إلا أن يأخذا شعرة واحدة من شعرات الولد .. وبتحليل هذه الشعرة يمكن التأكد من تعاطي الولد للمخدرات .
وقد تطورت هذه الطريقة سريعاً حتى ذكر المختصون أنها أصبحت الآن أكثرَ الطرق دقة في كشف المدمن .
قبل فترة .. اطلعت على لقاء مع أحد الخبراء بمركز لعلاج الإدمان في مصر ، وذكر هذا الخبير وغيره من الخبراء أن هذه الطريقة أثبتت نجاحها ، فالشعر ينمو بمعدل سنتيمتر واحد في الشهر تقريباً ، وكل سنتيمتر يحتفظ بالمواد التي تم استخدامها خلال هذا الشهر فإذا أخذنا شعرة طولها خمسة سنتيمترات فقط فإنها تعطينا تقريراً عن الخمسة أشهر الماضية ، فالسنتيمتر الأخير من جهة الجلد يمثل آخر ثلاثين يوم مضت ، والسنتيمتر الذي بعده يمثل الشهر الذي قبله ، وهكذا .
ولو علم بعض الشباب بهذا الاكتشاف ، لحلقوا شعورهم كلها خوفاً من الفضيحة .
فانظروا (سبحان الله) كيف يكون جسم الإنسان وشعره شاهداً على إجرامه وعصيانه .. وهذا يذكرنا بالموقف العظيم يوم القيامة .. يوم أن تشهد الجوارح على العصاة والمجرمين ، قال تعالى ( حتى إذا ما جاؤها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعلمون )
هذا أيها الإخوة ما يتعلق بالتحاليل الطبية ، لكن هذه التحاليل قد لا تكون متيسرة في جميع الأحوال .
ثم إن التحليل متى يكون ؟
نعم ، يكون بعد الشك في سلوك الشخص وتعاطيه المخدرات ، وهنا تكمن المشكلة ، وهي غفلة كثير من الآباء والأمهات ، فلا يمكن أن يخطر ببال أحدهم أن ولده يتعاطى المخدرات ، ولا سيما أن المدمن المبتديء يحاول جاهداً إخفاءَ الآثار التي تثير الشكوك حوله ، فيكون الآباء والأمهات آخرَ من يعلم بإدمان ولدهم .
ولهذا نضع هذا اليوم بين يدي الآباء والأمهات ، والإخوان والأخوات ، وكل من يتعامل مع المدمن بعضَ الصفات والأعراض التي يسببها الإدمان ، لتكون مؤشـراً أولياً للتثبـت من أمـر هذا الشخص ، والتحقق من حاله .
وحتى نكون واقعيين نقول : هذه المؤشرات والعلامات ليست في الواقع أدلةً قطعية ، بل هي بمثابة أعراضٍ محتمِلةٍ لمرض الإدمان .
ونقول (محتمِلة) لأن هذه العلامات قد تظهر على بعض الأسوياء لأسباب مرضية أو ظروف أخرى .
لكن ، إذا اجتمع أكثر هذه العلامـات فإنه من المرجح أن يكون الشخص مدمناً للمخدرات .
إذن ، هذه الأعراض وإن كانت في دائرة الاحتمال ، لكنها تعطينا إشارة لدارسةِ حالة المدمن والتحققِ من سلوكه .
وقد اجتهدت في تقصي وجمع مجموعةٍ من الأعراض والعلامات التي نكتشف من خلالها المدمن ، وبعد استقراء هذه العلامات وتصنيفها قرنتها بمواقفَ وأحداثٍ واقعية من خلال تعاملي مع المدمنين ، والتقائي بهم خلال عدة سنوات .
فأقول مستعيناً بالله تعالى : هذه العلامات تنقسم إلى قسمين :-
1- علامات سلوكية ( أي يمكن ملاحظتها على سلوك المدمن وتصرفاته) .
2- وعلامات مظهرية ( أي يمكن ملاحظتها على مظهر المدمن كالجسم والوجه والمتعلَقات الشخصية كالملابس والسيارة وغيرها) .

أولاً ) علامات سلوكية :
1) العزلة والانطواء على النفس :
يميل المتعاطي إلى العزلة والوِحدة في البيت ، ويحرص على الجلوس في غرفته والابتعاد عن الجو العائلي ، وغالباً ما يغلق عليه غرفتَه ساعاتٍ طويلة .
لـمـاذا ؟
يفسر هذا السلوك بعدة أسباب :
منها : خوف المدمن من انكشاف أمره .
ومنها : رغبته في الاستغراق في النشوة الزائفة الناتجة عن تعاطي المخدر .
ومنها : أن تكون لديه الحرية في تكرار الجرعة عندما يريدها .
وبعض الآباء أو الأمهات يغترون بهذا الأمر . فتسمع الأم مثلاً تقول : ((ولدي أكثرُ وقتِه يقضيه في غرفته ، ولا يخرج منها إلا أحياناً)) وما علمت المسكينة أن وراء الباب ما وراءه .
يحدثني شاب عمره سبعة عشر عاماً موقوف في دار الملاحظة ، يقول : كنت أشرب الخمر يومياً في غرفتي ، قلت له : أنت تسكن لوحدك ؟ قال : لا ، لكني لي غرفة خاصة في السطح ، ونحن في بيتنا كل واحد حر في غرفته ، إذا أقفل الباب لا يجرؤ أحدٌ أن يدخل عليه .
يقول : كنت إذا نام أهلي آخر الليل ، أقفل الغرفة وأشرب الخمر حتى أصبح ، ثم أنام .
هذا مع كل أسف حال بعض بيوت المسلمين ، حريةٌ عمياء ، بلا ضوابط ، ولا رقابة ، ولا متابعة .
ويلاحظ أيضاً على بعض المدمنين الإكثارُ من دخول الحمام (أكرمكم الله) ، وقد يمكث المدمن فيه ساعات ، وهذا الأمر يرجع إلى اختلال وعيه ، واضطراب إحساسه وتقديره للزمن .
2) عدم الانتظام المدرسي أو الوظيفي :
فالطالب مثلاً يلاحظ عليه التأخر الكثير عن الحضور للمدرسة ، وأحياناً الغياب المستمر ، والموظف يلاحظ عليه كثرةُ التأخرِ عن الدوام ، والغياب ، وكثرةُ الاستئذان من العمل بحججٍ واهية و اختلاقٍ للأعذار .
3) انحدار المستوى المدرسي أو الأداء الوظيفي :
فالطالب يلاحظ عليه التخلفُ في تحصيله العلمي ، والإهمالُ الواضحُ في متابعة دروسه ، وكثرةُ مشاكله مع زملائه ومدرسيه ، و الموظف يلاحظ عليه الإهمالُ في أدائه الوظيفي ، والتقاعسُ عن الأعمال التي كان يقوم بها من قبل ، وكثرةُ مشاكله مع زملائه .
4) تلقي المدمن مكالماتٍ هاتفيةٍ مشبوهة ، واستخدامُه بعضَ الرموز والكلمات الغامضة أثناء المكالمة .
فتسمعه مثلاً يقول : الأغراض .. الرجال .. حق راسي .. وغيرها .
5) إهمال الفروض والواجبات الدينية :
المدمن ضعيف الصلة بربه ، قليل الاهتمام بالعبادة والذكر ، كما قال تعالى  إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة و البغضاء في الخمر والميسر و يصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون 
وخلال عملي السابق في مكافحة المخدرات وقفت على أحوال العشرات من الشباب ، سواءً المقبوضُ عليهم أو الذين هم تحت المراقبة ، وكان أكثرهم لا يحافظ على الصلاة .
أثناء مراقبتنا بعضَ البيوت المشبوهة أو تجمعاتِ الشباب ، يؤذَّن للصلاة ، ثم تقام الصلاة ، ويصلي الناس ، ووالله ما يخرج شاب واحد من جَلسة المخدرات ليصلي مع المسلمين .
وفي بحث ميداني أجريناه على ثلاثِمائة مدمن في السجن ومستشفى الأمل بالرياض تبين أن نسبة المحافظين على الصلاة بلغت ثمانية عشر بالمائة فقط . أما الكثرة الكاثرة والتي بلغت اثنين وثمانين بالمائة من المدمنين فهي مـا بين تارك للصلاة وبين من لا يصلي إلا أحياناً .
6) فقد الشهية :
يفقد معظم المدمنين الرغبة في تناول الطعام والشراب ، ولا يرغب في تناول الطعام مع الأسرة أو الاجتماع معها على المائدة , وكثيراً ما يتعلل بأنه تناول طعامه في الخارج مع الأصدقاء .
وهذه العلامة تظهر بوضوح على متعاطي المنبهات .
والقاعدة : أن كل منبه يضعف الشهية ، ولهذا يظن بعض الناس أن القات علاج لمرض السكر ، وهذا الأمر أثبتت البحوث الطبية أنه غير صحيح ، وإنما يفسر هذا الأمر بفقدان الشهية لدى متعاطي القات ، فتكون نسبة السكر قليلة بسبب قلة التغذية .
هذا بالنسبة لأكثر أنواع المخدرات .. ولكن في بعض المواد قد يكون العكس ، فمتعاطي الحشيش مثلاً تزداد شهيته للطعام وبخاصة الحلويات .
7) كثرة النوم :
يلاحظ على المدمن أنه ينام ساعات طويلة ومتواصلة , ويصعب استيقاظه أو إيقاظه , كما أن نومه غير منتظم , بسبب كثرة السهر , والإرهاق الجسدي الذي يصيبه من أثر التعاطي .
يحدثنا أحد الشباب الصغار الموقوفين في دار الملاحظة في الرياض يقول : كنت أواصل أسبوعاً كاملاً بسبب تعاطي الحبوب المنشطة ، وبعد هذه المدة ينهار جسم هذا المدمن فينام نوماً طويلاً .
8) العصبية وسرعة الانفعال :
فالمدمن سريع الانفعال والغضب بدون مبرر ، ولأتفه الأمور ، وذلك يرجع إلى تأثير المخدر في اختلال تصوره ، وعدم اتزان انفعالاته . ولهذا يحدث الكثير من الجرائم بسبب الإدمان .
9) تقلب المزاج :
فتارة يكون في حالة من السعادة مصحوبة بنوبات من الضحك ، وميل للسخرية و الاستهزاء ، وتارة أخرى يكون متوتراً قلقاً ، تبدو عليه الكآبة .
التقيت بشاب قبل سنوات ، ولاحظت عليه بعض الاضطراب في تصرفاته .. أحياناً يكون متوتراً ، وأحياناً تشعر أن فيه نشاطاً زائداً عن العادة . ثم قابلت رئيسه في العمل (وكان أحد الأصدقاء) ، وقلت له : انتبه لفلان لأني بصراحة أشك أنه يتعاطى الحبوب ، فرد علي بكل برود وقال : هل رأيته بعينك ؟ لماذا لا تقبض عليه متلبساً إذا استطعت ؟ . قلت : هذه نصيحة ، وأما القبض فله كلام آخر .
مضت الأيام .. وبعد أشهر ، قبض على هذا الشاب ، وبحوزته كمية من الحبوب المنبهة . وبعد أن وقفت على القضية قدر الله أن ألتقي برئيسه ، وقلت له : ألم أقل لك كذا وكذا ، فتأثر كثيراً بسبب هذا الموقف .
10) التأخر في العودة إلى المنزل :
من سمات المدمنين ، ولاسيما المراهقون التأخر في العودة إلى المنزل . لماذا ؟
السبب في هذا أن المدمن – ولاسيما المبتدئ - غالباً ما يتعاطى المخدرات مع رفقة السوء ، حيث يجتمع معهم خارج المنزل ليأخذ جرعته بعيداً عن أعين الأهل ، وهذا ما يجعله يتأخر كثيراً خارج المنزل ، كما أن بعض المدمنين يضطر إلى التأخر حتى تزول آثار المادة المخدرة ، لئلا يكتشف أمره .
11) الإلحاح في طلب المزيد من المال :
يلاحظ على المدمن كثرة طلبه لمبالغ كبيرة في أوقات متقاربة ، وقد يضطر بسبب حاجته إلى المال لكثرة الاستدانة ، ومنهم من يرهنُ بيته أو بعض ممتلكاته مقابل المبلغ الذي يستدينه ، ومنهم من يكتب على نفسه الشيكاتِ المؤجلة لتاجر المخدرات أو لمن يستدين منه .
وقد تشتد حاجة المدمن للمال فيلجأ إلى القوة ، وابتزازِ من حوله ، وإن كانوا أقرب الناس إليه .
يحدثني أحد مدمني الهيروين ، يقول : كنت إذا اشتدت الأزمة أرفع السكين..
عــلى مــن ؟ .. يقول : على والدي .
إما أن تعطيني ، وإلا .. فيضطر المسكين إلى إعطائي ما أريد .
وهذا الأمر ليس غريباً ، فشدة اشتياقِ المدمن للمادة تنسيه نفسه ، وأهله ، وكل معاني العطف والرحمة .
ووقفت على قصة مؤلمة لأحد المدمنين على لسان زوجته ، تقول الزوجة إن زوجها استولى على مهر ابنتها البالغ خمسين ألف ريال .
12) اختلاق الحيل والأكاذيب للحصول على المال :
وهذه صفة بارزة في المدمنين ، فالمخدرات تقتل الحياء في نفس المدمن ، فلا يتورع عن مخادعة الناس ، والاحتيال عليهم ، بالكلام المنمق ، والكذب الملفق .
وإليكم هذه الحادثة العجيبة .
قبل سنوات .. عندما كنت أعمل في جهاز مكافحة المخدرات بالمنطقة الشرقية ؛ تلقيت عدة بلاغات عن أحد مدمني الهروين .
تم إجراء البحث والتحري عن هذا المدمن ، وكنا نعد العدة للقبض عليه .
وبعد أيام .. عدت من العمل إلى منزلي .. وتناولت الغداء ثم صليت العصر .. وبعد الصلاة جلست مع أولادي ، وإذا بجرس الباب يقرع .. أقوم من المجلس .. وأفتح الباب .. ويا للعجب ‍‍!!
أتدرون من الذي على الباب ؟
نعم .. إنه ذلك المدمن الذي نقوم بمراقبته .. سلّم علي .
ـ السلام عليكم .
ـ وعليكم السلام .
ـ لو سمحت كان لي قريب في هذا الشارع اسمه فلان فهل تعرف بيته ؟
قلت له : يا أخي ليس في هذا الحي أحد بهذا الاسم .
ثم تراجع وقال : آسف لإزعاجك ، لكني واقع في مشكلة .. وأنا والله مستحيي منك .. سيارتي تعطلت على الطريق السريع ، واستأجرت (سطحة) لنقلها إلى المدينة .. لكن صاحب السطحة رفض إنزال السيارة إلا بعد دفع الأجـرة .. فهل يمكن أن تسلفني ثلاثمائة ريال ، وأردها لك ؟
طبعاً اكتشفت اللغز ، واعتذرت منه .
وبعد انصرافه اتصلت فوراً على فرقة البحث والتحري .. وبعد المتابعة الدقيقة اتضح أن هذا المدمن تجول في الحي ، ثم اتجه إلى منزله بعد أن يأس من الحصول على المال .
وبعد أيام وضعنا كميناً للقبض على هذا الرجل .. وبتوفيق الله تعالى تم القبض عليه متلبساً بجرمه .
هذا نموذج من أحوال المدمنين كذب واحتيال .. وفساد وانحلال .
13) السرقة :
إذا أغلقت في وجه المدمن السبل المشروعة للحصول على المال ؛ فإنه غالباً ما يلجأ إلى سرقة ما وقعت عليه يده ، وقد يحتال على الناس بالحيل والألاعيب لابتزاز أموالهم .
وقد ثبت في كثير من القضايا أن الإدمان كان وراء كثير من قضايا السرقة .
ومن ذلك ما حدثني به أحد المدمنين ، يقول : كنت إذا نام الجيران في آخر الليل ، أتسلل إلى بيوتهم ، وأقوم بسرقة اسطوانات الغاز ، حتى أحصل على الجرعة .
وآخر يقول لي : كنت أسرق بعض مجوهرات أمي لأشتري الجرعة .
وآخر يسرق مهر أخته لينفقه على سمومه .

ثانياً ) علامات مظهرية :
1) شحوب الوجه (أي تغير الوجه واصفراره كما يحدث عند المرض ، أو شدة الجوع)
2) ظهور الحكة غير الطبيعية في الجسم ، وخاصة منطقة الأنف بالنسبة لمتعاطي المساحيق المخدرة كالهيروين والكوكايين .
3) رعشة في الأطراف .
4) انخفاض سريع في الوزن .
5) ثقل اللسان أو عدم التركيز في الكلام .
6) كثرة التعرق ، ولاسيما مع عدم وجود سبب للعرق ، فتراه يتعرق مثلاً في الجو البارد .
7) احمرار العين و احتقانها بشكل دائم .
8) عدم القدرة على التركيز ، وترتيب الأفكار ، فيتحدث في موضوع ثم يقفز إلى آخر وهكذا ، وحتى الإنصات تلاحظ أنه لا يستطيع التركيز في الإنصات لكلامك .
9) عدم الاتزان في المشي .
10) عدم الاهتمام بملابسه وهندامه ونظافته .
قد تشاهد رجلاً قد أعفى شعره كله ، رأسَه ، ولحيتَه ، وشاربَه ، حتى إنك تظن أنه إنما أعفى هذه اللحية لاستقامته ، ولكن ، سرعان ما تكتشف أن الرجل من مدمني الهيروين أو غيره من المخدرات .
ومدمنو الهيروين بالذات من أشد الناس إهمالاً لمظهرهم ونظافتهم الشخصية .
11) تكرار اصطدامه بسيارته ، أو احتكاكها السطحي بالسيارات الأخرى من الجوانب ، نظراً لقلة التركيز ، واختـلال تقدير الزمن و المسافات بسـبب الهلوسة ، فبعض المواد المخدرة تجعل البعيد قريباً ، أوالقريب بعيداً ، وهذا من أسباب وقوع الحوادث .
12) اختفاء بعض النقود أو الأشياء القيمة من المنزل ، مع عدم وجود آثار عنف أو تعدي .
وهذا الأمر يشير إلى أن السرقة داخلية ، فيمكن أن تكون من قبل أحد المدمنين أو بعض الخدم أو غيرهم ممن يسكن في المنزل .
13) العثور بحوزة المدمن أو في سيارته على المادة المخدرة ، أو بقايا تعاطي المادة .
وهذه العلامة من أقوى العلامات ، ولهذا لا بد أن يكون لدى الأب أوالام أوالمربي معرفةٌ بصفات المواد المخدرة ، أو على الأقل الموادِ الموجودةِ في البلاد .
والحقيقة المرة ، أنه من خلال عدة محاضرات ولقاءات مع الإخوة المربين في المدارس ، لاحظت أن كثيراً من المدرسين ومدراءِ المدارس يجهلون صفات المواد المخدرة المتداولة بين الشباب .
التقيت مرة بأحد مدراء المدارس ، وقال لي : أريد منك أن تأتيني لأن عندي في الدرج أشياء وجدتها مع بعض الطلاب .
ومرة اتصلت علي إحدى الأمهات وأخبرتني أنها وجدت شيئاً في حقيبة ولدها ، توجهت إلى تلك المرأة ، فإذا بالذي في حقيبة ولدها قطعٌ من الحشيش المخدر .
وحتى تتم الفائدة ، لعلي أذكر نبذة سريعة عن أوصاف أهم المواد المخدرة التي دخلت هذه البلاد ، وهي الحشيش ، والهيروين ، وحبوب الكبتاجون .
أما الحشيش فهو عبارة عن مادة صلبة لينة كهيئة الصلصال ، (هذا في الغالب وقد تكون أحياناً جافة) ، ويغطى الحشيش بالقماش الأبيض ، أو يقطع إلى قطعٍ صغيرة تغطى بورق السيلوفان أو البلاستيك الشفاف الأحمر .
والحشيش له رائحة قوية ومميزة ، ويتراوح لونه ما بين البني الفاتح إلى الأسود ، وأكثر الكميات المضبوطة لونها بني غامق .
وأما الهيروين فهو عبارة عن مسحوق ناعم يشبه الطحين ، وله عدة ألوان . منها : الأبيض ، والأبيض المصفر ، والبني الفاتح أوالغامق ، وأحياناً الرمادي .
ويتداول الهيروين بين المتعاطين في أكياس بلاستيكية صغيرة ، أما إذا كان كمية قليلة فإن المدمن يقوم بوضعها في ورقة مثنية من عدة جوانب ( حتى لا يسقط المسحوق من الورقة) ، ويسميها المدمنون (طقة) .
وأما حبوب الكبتاجون المنبهة فهي عبارة عن قرص محفور على أحد وجهيه قوسان متقابلان ( ولهذا يسميه الشباب أبو ملف ، ملف شقرا ، أبو داب ، أبو قوسين) ، أما الوجه الآخر من القرص فمحفور عليه خط واحد مستقيم ، ويتفاوت لون القرص ما بين الأبيض أو الأبيض المصفر أو المائل للبني .
ولا يلزم وجود علامة القوسين في جميع الأحوال ، فقد وجد مؤخراً كمياتٌ لا تحمل هذه العلامة .
14) العثور بحوزته أو في سيارته على أدوات غريبة ، مثل : ورق لف سجائر ، ملعقة محروقة ، إبرة ، مطاط ضاغط ، قصديرة ، وغير ذلك .
15) وجود آثار حروق على جسمه و ملابسه .
فعدم اتزان المدمن ، وضعف تحكمه بحركاته ، قد يتسبب في إصابته بالحروق المختلفة ، بل إنه قد لا يشعر أصلاً بالحريق بسبب فقدان الشعور ، فتقع الكارثة ، ويحرق المدمن نفسه وهو لا يشعر .
16) انبعاث رائحة المسكر أو المخدر من فم المدمن أو جسمه أو غرفته أو متعلقاته الشخصية .
وهذه العلامة من العلامات الشرعية لثبوت حد المسكر عند بعض الفقهاء كالإمام مالك وهي رواية عن أحمد اختارها ابن تيمية ، وذلك بأن تشم من فمه رائحة الخمر، أو يتقيؤها من جوفه .
وقد نص الفقهاء على أن الحاكم إذا رأى من إنسان تخليطاً في قول أو مشي أمر باستنكاهه (أي التحقق من رائحة فمه) .
وجلد عمر الفاروق رجلاً (كما في الموطأ) لما وجد منه ريح الشراب .
وجاء عن عبد الله بن مسعود أنه قرأ سورة يوسف بحمص , فقال رجل : ما هكذا أنزلت , فدنا منه عبد الله فوجد منه ريح الخمر ، فقال له : تكذب بالحق وتشرب الرجس ، لا أدعك حتى أَحُدَّك , والله لهو كما أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم جلده الحد . رواه ابن أبي شيبة 6/532
يحدثني أحد الإخوة من ضباط الشرطة ، يقول : في إحدى القضايا استدعيت أحد الأشخاص إلى المخفر ، ولما حضر الشخص كان يتذمر ويتسخط ، ويرفع صوته على أفراد المخفر ، لماذا كل هذا ؟ .
يقول : اقتربت من الرجل وإذا برائحة المسكر تفوح من فمه ، فقلت للأفراد : اقبضوا عليه ، ثم قلت له : تشرب المسكر ثم تأتي ترفع صوتك على الشرطة ؟!! ، قال : هاه ، ثم بدأ يتوسل : أرجوكم ، هذه آخر مرة .
سبحان الله .. أين ذلك اللسان الذي يسب ويشتم .
هذا الرجل نسي أن رائـحة المسكر لا تزال في فمه ، مما أدى إلى انكشاف أمره .
17) انتشار مواضع الحقن في جسمه ، أو وجود آثار الحـقن أو بقع الدم على ملابسه .
وغالباً ما تكون مواضع الحقن سوداء أو متقيحة نتيجة لطريقة الحقن غير الصحية ، ولهذا تنتشر الأمراض الفتاكة كالإيدز وغيره بين مدمني المخدرات .
ونتيجة لهذه العلامة ، يحرص المدمن على عدم الظهور أمام الناس عاري الذراعين أو الجسد لإخفاء هذه الآثار .
هذه أيها الإخوة بعض العلامات والأعراض التي يمكن من خلالها أن نكتشف المدمن ، وهي مهمة جداً لكل من يتعامل مع المدمن .
فإذا كنتِ أماً ، أو كنتَ أباً أو أخاً فباستطاعتك أن تلاحظَ ما يظهر على الشخص من هذه الأعراض ، وتدركَ الخطر قبل أن يستفحل .
وإذا كنت مدرساً أو مرشداً اجتماعياً فهذه العلامات تعطيك مؤشراً على أن الطالب الذي تحت رعايتك في خطر .
وإذا كنت مسئولاً في إدارتك أو مؤسستك فإن هذا الأمر يعطيك دلالة على أن هذا الموظف قد يكون مدمناً على تعاطي المخدرات .
بعد هذا العرض ، ونحن في آخر المحاضرة ، نطرح هذا السؤال .
يقول السائل : بعد ظهور علامات المدمنين على أخي الكبير أخذت أراقبه ، فوجدت عنده بعض القطع ، واكتشفت أنه مدمن على المخدرات . نصحته ، هددته فلم ينته ، وقال إنه لا يستطع تركها وأصبح حالنا يرثى لها في البيت فما الخطوات التي أتخذها معه؟.
هذا سؤال هام جداً يكثر طرحه : إذا تم اكتشاف المدمن فما هو الواجب علينا تجاه هذا الإنسان ؟
الإدمان ظاهرة مرضية عارضة خاضعة للعلاج ، وعلى هذا يجب أن نتذكر دائماً أن مدمن المخدرات مريض ، وهو في حاجة إلى الرعاية والاهتمام حتى يستجيب للعلاج .

وهذه بعض الإرشادات الموجزة ، أوجهها إلى كل من يريد إصلاح المدمن :
1) يجب أن نتعامل مع المدمن بحكمة وهدوء ، بعيداً عن العنف أو القسوة أو الانفعالات ، والتهديد .
2) التعامل مع المدمن بسرية تامة .
3) تحبب إلى المدمن ، وأحسن إليه ، حتى يرتاح لك ، ويثق بك .
4) اختر أفضل الأوقات لمواجهة المدمن ، ثم استغل هذه المواقف والأوقات لحواره والنقاش معه فيما وقع فيه ، اترك للمدمن الفرصة للتعبير عن نفسه ، ثم ابدأ بنصحه وترغيبه وترهيبه ، ثم حاول إقناعه بالإقلاع والعلاج .
5) تذكر أن كثيراً من المدمنين يصابون باليأس ، واستحالة الإقلاع ، فابعث في قلب المدمن الأمل في العلاج ، ومهد له طريق التوبة من الإدمان .
6) ابحث عن الأسباب التي قادت المدمن إلى تعاطي المخدر ، وحاول علاجها ، سواء كانت اجتماعية ونفسية ، فإن كان ذلك بسبب المنزل ومشاكله فحاول إصلاحها ، وإن كان من الرفقة فحاول أن تبعده عنهم .
7) لا ترضخ للمدمن بتزويده بأية مبالغ مالية لشراء المخدرات .
8) يجب على أفراد الأسرة أن يتفهموا طبيعة مرض الإدمان ، وكيفية التعامل مع المدمن ، بحيث يؤدي كل واحد منهم دوره الإصلاحي المناسب ، في عمل منظم ، وتخطيط محكم .
9) استفد من بعض المتعافين من المخدرات في علاج المدمن .
10) كافيء المريض وشجعه عند تحقيقه أي تقدم إيجابي في طريق التعافي .
11) بعد العلاج ، على أفراد الأسرة إظهار تعاطفهم مع المدمن ، وأن يرحبوا به بينهم مرة أخرى ، وأن يتيحوا له الفرصة للتوافق الأسري والاجتماعي .
12) عند العجز عن إصلاح المدمن ، يتوجب عليك الاتصال بالمختصين ، أو الجهات المختصة بمستشفى الأمل أو مكافحة المخدرات وطلب المساعدة في علاجه .
13) من الأمور الهامة جداً ؛ المتابعة ومراقبة ظهور أي علامات أو مؤشرات سلبية تدل على انتكاس المريض .
وإلى هنا نصل وإياكم إلى نهاية هذه المحاضرة ، نلقاكم بإذن الله على خير ، في لقاء آخر من لقاءات الخير ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

المصدر: صيد الفوائد _ سامي بن خالد الحمود
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 136 مشاهدة
نشرت فى 5 فبراير 2013 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

938,400

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.