مصر.. مهد الفتنة واستمرار الحملة
وتُعتبر مِصرُ النُّموذجَ الأوضحَ في حرب الحجاب بوصفه جزءًا من الحرب الشَّاملة على الإسلام، حيثُ ظهرتْ بذور الفتنة منذ أواخر القرن التَّاسعَ عشرَ الميلادي، ومنذ ذلك الحين والمعركة تَشْهد شَدًّا وجذبًا بين طرفي الصِّراع، حيث شهدت في البداية انحسارًا للتَّيَّار التَّغريبي أمامَ هجمات القوى المحافظة في المجتمع، ثم شهدت انتصارًا ملحوظًا لدُعاة التَّبرُّج والسُّفور، وذلك بعدَما سيطرتْ قُوَى اليسار والعلمانية على مقاليدِ الأمور في مِصرَ، ثم عادتِ الأمور لنصابها إثرَ انطلاق الصَّحوة الإسلاميَّة المباركة، والتي كان من ثمارِها بدايةٌ لعودة المجتمع المصريِّ إلى فطرته وأصله من جديدٍ، وأوضح الأمثلة على ذلك هو انتشارُ الحجاب.
عندما بدأتْ طلائع الصَّحوة الإسلاميَّة في مصرَ ركَّزت بشدة على عدَّة قضايا، رأتْ أنَّها من علامات التَّمايُز والإظهارِ للبعث الإسلاميِّ، فضلاً عن كونها مِن متطلبات الالتزام بالشَّرع الحنيف، وكان مِن أهمِّ هذه القضايا: الحجاب واللِّحية.
وقد فَطِن أعداء الدَّعوة الإسلاميَّة لهذا المغْزَى جيِّدًا؛ فشنُّوا حربَهم الشَّعواء على هاتين الشَّعيرتين بزعمِ أنَّهما من قشور الدِّين، والتَّمسُّك بهما والحرب عليهما يدلُّ على السَّطحيَّة، مستغلِّين في ذلك بعضَ العلماء الرَّسميِّين من الباحثين عنِ الشُّهرة، أو مِن الحاقدين على دُعاة الصَّحوة الذين سَحبوا البِساط من تحتهم.
وعلى صعيدٍ متصلٍّ، شنَّتِ الأقلام الصحفيَّة الخبيثةُ الحملةَ على الحجاب واللِّحية، بوصفهما مِن العادات الجاهليَّة، وأنَّهما ليسا من الإسلام في شيءٍ، وأنَّهما دليلٌ على التَّطرُّف، وأنَّهما مجرَّد عادةً بدويَّة، مستوردة مِن دُول الخليج.
إلا أنَّ الله غالبٌ على أمره؛ فقد آتتْ جهودُ دعاة الصَّحوة ثِمارَها، وبدأ الالتزام بالشَّرع ينتشر في جميع طبقات المجتمع المِصريِّ، وتبع ذلك انتشارٌ للحجاب، حتَّى وصل الأمر إلى قِمَّة هرم التَّبرُّج متمثلاً في توبةِ المُمثِّلات، وانتشار الحجاب بينهنَّ.
وصاحَب ذلك انحسارٌ لدُعاة الفِتنة، فلم يَعُدْ لهم تواجدٌ إلاَّ على صفحات بعض الجرائد والمَجلاَّت المشبوهة، والتي تُعاود الهجمةَ على الحجاب بينَ الحين والآخَرِ، تارةً بهدف الإثارةِ الصحفيَّة وزيادة التوزيع، وتارةً لمجرد إثباتِ الوجود، ومرَّاتٍ كثيرةً تكون تلك الأقلامُ مستأجرةً لحساب فئاتٍ أخرى، تهدُف إلى تحقيق مكاسبَ سياسيَّةٍ.