كيف ندير معركة الحجاب؟

إنَّ مِن أهمِّ الوسائل التي يَتبعها مثيرو الفتنة، وأعداءُ الدعوة خلالَ حرب الحجاب: اللَّعبَ بالمصطلحات، واستغلال الخِلافاتِ والتَّناقضات بين بعض العلماء، فتارةً ترى صُحفًا ومَجلاَّت علمانية إلحاديَّة، معروفة بعدائها الشَّديد للدِّين والمتدَينين، تراها تفتح صَفحاتِها لبعض المنتسبين للعلم؛ للهجوم بأَقذع الألفاظ على النِّقاب بوصفِه عادةً جاهليَّةً بدويَّةً مستوردةً من الخارج، وأنَّ المجتمع المصريَّ محافظٌ بطبيعته على الحجاب (غطاء الرأس)، وأنَّ (غطاء الرأس) هو ما يدعو الإسلام إليه، وليس النِّقاب، وفي الأعداد التَّالية تَشُنُّ نفسُ الصُّحفِ هجومًا واسعًا ضدَّ الحجاب (غطاء الرأس) بوصفِه لباسًا طائفيًّا، يدعو إلى التَّفرقة بينَ أبناء الوطن، وأنَّه ليس من الدِّين في شيءٍ!

وفي إطار مواجهة هذه الحملات، يؤكِّد الشيخ "جمال عبدالهادي" أنَّ إدارة المعركة هي مِن مسؤولية الأئمَّة والعُلماء والدُّعاة، والمُدرِّسين في المدارس والجامعات، مشيرًا إلى أنَّ أُولَى الخُطوات هي بيانُ الحُكم الشرعيِّ بأنَّ الحجاب فريضةٌ شرعيَّةٌ، وضرورة حياتيَّة، وفطرةٌ ربَّانيَّة، ويخاطب الشيخ جمال العلماء بقوله: "يا عُلمَاءَ الأُمَّةِ يَا مِلْحَ البَلَدْ، مَن للأمة إِذَا المِلْحُ فَسَدْ".

إلى جانب دَور العلماء والدُّعاة، يؤكِّد الشيخ "أسامة سليمان" على الدَّور المهمِّ لوسائل الإعلام في هذه المعركة، داعيًا إلى أفضلِ استثمار لهذه الوسائل؛ لمواجهةِ الحملة على الحجاب، وزيادة الوعي لَدَى جماهير المسلمين.

تأكيدًا على دَور العلماء، يقول الشيخ "جمال المراكبي: " إنَّ الله - عزَّ وجلَّ - يَنصُر دِينَه بمثل هذا التَّدافُع؛ {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40]، فيجب أنْ يَستثمرَ العلماءُ الدُّعاة هذه الإثارةَ استثمارًا جيِّدًا في تبصير النَّاس ودعوتهم للحقِّ؛ لأنَّ الحديث والتَّذكير بعد إثارة إعلاميَّةٍ يمكن أن يكون أكثرَ تأثيرًا، وأكثرَ بلاغًا.

وعلى المستوى الخارجي، يرى الشيخ "عبدالحي الفرماوي": أنَّه يُمكن مواجهة الحملة بالحوار، ونشرِ القضية، والدِّفاع عن الحجاب باعتبارِه حُرِّيَّةً شخصيَّة، فيمكن استثمارُ المناخ الغربي الذي يسمح بالحوار والنقاش، ويُتيح قدرًا مِن الحرِّيَّة، ولو حاورناهم - كعلماءَ وحملةِ رسالة - يُمكن أن تَتغيَّرَ مواقفُهم بشكلٍ نسبيٍّ، وذلك على العكس من العلمانيين والمتغرِّبين في بلادنا الذين يَرفُضون الحوار، ويَمتلكون الإعلامَ الذي هو السِّلاح الأوَّل في هذه المعركة.

لذلك يرى الشيخ الفرماوي: أنَّ هناك مسؤوليةً كبيرةً تقع على عاتق أثرياءِ المسلمين لإنشاء قنواتٍ إعلاميَّةٍ مرئيَّةٍ، أو مسموعة، أو مقروءة، فهي معركةٌ إعلاميَّة بالدَّرجة الأُولى.

من جهته، يؤكِّد الشيخ "محمد البري" على ضرورة التَّمسُّك والالتزام بالثَّوابت الإسلاميَّة، بالإضافة إلى استخراج الحِكمة والفُروق بين المجتمع العاري والمجتمع المُهذَّب، المحافظ على الفضيلةِ والعفاف، والشَّرف والدِّين، وغرْس ذلك في الطُّفولة المؤمنة.

ولذلك يرى الشيخ البري أنَّ للأُمِّ - بصفة خاصة - والأسرةِ - بشكلٍ عامٍّ - دورًا مُهمًّا جدًّا في هذه المواجهة، فـ:
 

فمِن خلال ذلك يخرج النَّبت المسلمُ الشَّريف الطَّاهر، ولا شكَّ أنَّ دور العلماء والدُّعاة مُهمٌّ في هذه القضية، فهُمْ مَن يوقظ الأُمَّهاتِ والآباءَ، الذين يقومون بالدَّور العمليِّ في بناء البيت المؤمنِ والجيل المسلم، والعلماء أيضًا هُمْ مَن يَتصدَّون للتَّغريبيِّين والعلمانيين بالحُجَّة والبرهان السَّاطع والإفحام، وبذلك يَنهزم وَيندحر شياطين الإنس والجِن.

وبينما يتفق الأستاذ "جمال سلطان" مع أهمِّيَّة دَورِ العلماء ووسائلِ الإعلام، إلاَّ أنَّه يرى أنَّ المواجهة على المستوى الفقهيِّ والشَّرعيِّ لا تَصلح وحدَها؛ ولكنَّها تحتاج إلى مواجهةٍ على المستوى السِّياسيِّ والفِكريِّ والثَّقافيِّ، ولا بدَّ أن تكونَ الخُطوة الأُولى والمِحوريَّة في هذه المواجهة هي كشفَ خلفيات هذه الحَملات الخبيثةِ، ومَن يُحرِّكُها في الخفاء.

في سياق آخر، يقول الدكتور "محمد مورو": "إنَّه خلالَ المواجهة لا بدَّ من التَّفرقة بين العلماء، وبين أقزام الصَّحافة، وعدم وضْعِ كلِّ البَيض في سَلَّة واحدة، فلا بدَّ من تفكيك الجبهة المقابلة، كما يَرى أنَّه يُمكن جذبُ قُوى سِياسيَّةٍ واجتماعيَّة مِن خارج التيار الإسلامي للدِّفاع عن قضية الحجاب، وذلك مِن خلال المطالبة بمبدأ الحريَّة الشخصيَّة، وأيضًا بالإشارة إلى أنَّ الملتزمة بالنِّقاب تُمثِّل مقاومةً للمشروع الأمريكي الصِّهْيَوْني، حيثُ يُعتبر التَّحرُّرُ النَّفسيُّ والسُّلوكيُّ في المَلْبس والمَأْكل والعادات والتقاليد مِن أهمِّ مظاهر المقاومة، وهذا أمرٌ معروف لَدَى كلِّ حركات التَّحرُّر في العالَم، فهي ترفض زِيَّ الخصم، وسلوكَه، وقِيَمَه.

حرب الحجاب.. والقابضات على الجمر

"القابضُ على دِينه كالقابض على الجَمر"، هذه الجملة التي لها شواهدُ من أحاديثَ نبويَّةٍ كثيرة، أصبحت شِعارًا لأهل الإيمان منذُ انطلاق الصَّحوة المباركة، ويَستشعر ذلكَ كلُّ مَن سلك طريقَ الحقَّ وَسْطَ ظلماتِ الباطل.

وعلى سطح الأمور، يبدو أنَّ الرِّجال هُمُ الأكثرُ قبضًا على الجمر في العصر الحديث، ففي الدُّول التي لا تلتزم بشرع الله - تعالى - تمتلئ السُّجون والمُعتقلات برِجالات الإسلام مِن مُختلف الأعمار، بينما تُضيَّقُ سُبُلُ الرِّزق أمامَ أصحاب السَّمت الظاهر، إلى غير ذلك مِن وسائلِ التَّضييق على أهل الدِّين.

وهذا صحيح بنسبةٍ كبيرة، لكنِّ النِّساء - في حقيقة الأمر - يُشاركنَ الرِّجال في القبض على الجَمر، فالزَّوجات والأُمَّهات والأخوات يُعانين مِنَ الصِّعاب ما يَعجز القلمُ عن وصفه، ولكنَّهنَّ كثيرًا ما يَصبِرْنَ، ويَقبضْنَ على الجمر.

ومؤخَّرًا إثرَ فتنة الهجوم على الحجاب حيثُ تركَّزت حرب الإسلام باتجاه المرأة - ظنًّا منهم أنَّها الحلقةُ الأضعف، والثَّغرُ الأقرب في المواجهة مع الإسلام - أصبحتِ المرأةُ في مواجهةٍ مباشرةٍ مع أعداء الإسلام بشكلٍ أكثرَ وضوحًا، وأصبحتِ المرأةُ المسلمةُ هي الأكثرَ معاناةً وقبضًا على الجمر.

 لذلك كان لزامًا على الدُّعاة والمُربِّين عدمُ الغرق في المواجهة الفِكريَّة الإعلاميَّة مع مثيري الفتنة، وعدم الانشغال بذلك كُليًّا عنِ التَّوجُّه إلى النِّساء اللاتي يتعرضنَ للحرب بشكلٍ سافرٍ، يصل إلى حدِّ انتزاع الحجاب بالقوَّة والتَّحرُّش، والتَّضييق والتَّهكُّم والسُّخرية، فالنِّساء يَخُضنَ المعركة بشِقَّيها؛ الماديِّ والنَّفْسيِّ، وليس مجرد معاركَ فكريَّةٍ في وسائل الإعلام.

وحولَ الخِطاب الواجبِ توجيهُه إلى النِّساء في هذه المرحلة، يقول الشيخ "جمال عبدالهادي": "يجب أن نَحثُّهنَّ على الصَّبر والتَّمسُّك بما هنَّ عليه من فضيلةٍ وطهارة، ونُذكِّرُهنَّ دائمًا بقوله - تعالى -: {اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا} ، وقوله - تعالى -: {عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ} وقوله - تعالى -: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الزخرف: 43].

ويؤكِّد الشيخ "جمال المراكبي" أنَّ الضَّرر النَّفْسيَّ الذي تتعرض له المُحجَّبات جَرَّاءَ هذه الحملات، إنَّما هو نوعٌ من التَّمحيص الذي يقع على المُلتزم بسببِ التزامه، فهذه هي ضَريبةُ الالتزام؛ {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [الأنفال: 37]، ويطالب الأخواتِ بالتَّأثير، والدَّعوة بالخُلق أكثرَ من التَّأثيرِ بالهيئة أو الزِّي، فالأختُ لا بدَّ أن تكون داعيةً بِزِيِّها وسلوكِها.

ويقول الشيخ "محمد البري": أوصي بناتي جميعًا اللائي رَفع الله شأنَهنَّ في كتابه، وعلى لِسان نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - بأنَّ عليهنَّ دَينًا كبيرًا تُجاهَ هذه الرِّسالة، التي شمخت بمكانتهنَّ إلى فوق السَّحاب، فعليهنَّ أنْ يُؤدينَ الأمانةَ، وأن يحفظنَ الحُصون الإيمانيَّة.

ويتَّفِق العلماءُ والدُّعاة على ضرورةِ تأكيد خطاب الصَّبر المُوجَّه للنِّساء؛ بل يؤكِّد بعضُهم أنَّ بعض النِّساء - حاليًّا - أفضلُ من الرِّجال، وأنَّ مواقفهنَّ الصلْبة المُتمسِّكة بالشَّرع هي أكبرُ دافعٍ للرِّجال على الصَّبر، والقبض على الجمر، ويُطالب العُلماءُ الرَّجالَ بالصَّبر مثل القابضات على الجَمر.


المصدر: شبكة الالوكه تلاجتمتعيه
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 265 مشاهدة
نشرت فى 26 يناير 2013 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

944,428

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.