منهج النبي في تربية جيل النصر (2-2)










أنهم ما داموا على الحق فيجب أن يعتزوا به ويستمسكوا به ، كما فعل أبو بكر رضي الله عنه فيما سبق ذكره.

فلابد أن تفخر بأنك على الحق، ولا تتوارى؛ لأنك تحمل أسمى رسالة وأعظم دعوة، وهي دعوة جميع الأنبياء، التي فيها صلاح البشرية وخلاصها من الشرور والمظالم المتراكمة ، وإخراجها من الظلمات إلى النور .

فعندما تكون في طريق سار فيه إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم صلوات الله وسلامه، أليس هذا هو الفخر؟!!

عندما يكون أسلافُك في الطريق الذي تسير عليه هم أعظم الخلق.. هم خير خلق الله؛ فلابد أن تعتز بالإسلام.. هذا ما ألقاه النبي صلي الله عليه وسلم في قلوب أصحابه؛ فكانوا أعزة بهذا الدين ومعتزين به..

عن طارق بن شهاب ، قال : خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الشام ومعنا أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه فأتوا على مخاضة (يعني بِرْكة ممتلئة بالمياه) وعمر على ناقة له فنزل عنها وخلع خفيه فوضعهما على عاتقه، وأخذ بزمام ناقته فخاض بها المخاضة ، فقال أبو عبيدة : يا أمير المؤمنين أنت تفعل هذا ، تخلع خفيك وتضعهما على عاتقك ، وتأخذ بزمام ناقتك ، وتخوض بها المخاضة ؟ ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك ، فقال عمر : «أَوّه! لو يقل ذا غيرُك أبا عبيدة جعلتُه نَكالاً لأمة محمد صلي الله عليه وسلم ! إنا كنا أذلَّ قوم فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلبْ العزةَ بغير ما أعزَّنا الله به أذلَّنا الله ».

وفي رواية : لما قدم عمرُ الشامَ لقيه الجنودُ وعليه إزارٌ وخُفَّان وعمامة، وهو آخذٌ برأس بعيره يخوض الماء ، فقال له -يعني قائل- : يا أميرَ المؤمنين تلقاك الجنودُ وبطارقةُ الشام وأنت على حالك هذا ؟! فقال عمر : « إِنا قومٌ أعزَّنا الله بالإسلام ، فلن نبتغيَ العزَّةَ بغيره ») 

فهذا سيدنا عمررضي الله عنه الذي فتح الله في عهده بيت المقدس للمسلمين، يخاطب أبا عبيدة بن الجراحرضي الله عنه -قائد الجيش الذي فتحها وأرسل إلى عمر ليتسلم مفاتيحها، ويتمنى لو أن أهل البلد رأوا أمير المؤمنين في صورة أفضل- فيقول له هذه المقالة التي تستحق أن تُسَطَّر بماء الذهب، والتي تعبر عن مدى اعتزازه بالإسلام، حقيقةً ومضموناً لا شكلاً ومظهراً .

فلا بُدَّ أن تعتزَّ بإسلامك، وترفع رأسك بأنك تحمل دعوةَ الإسلام؛ لأنك تحمل مشعلَ الهداية..

فحين تحمل رسالة الحق فأنت الطبيبُ الذي يداوي الناس.. وأنت النورُ الذي يهدي الحيران؛ ولذلك لا بد أن تعتز وترفع رأسك.. هكذا فهم المسلمون الأوائل الذين تربوا في مدرسة النبوة الكريمة..

ولذلك كان الصحابي من هؤلاء يدخل على ملوك الدنيا معتزاً بدينه وبالحق الذي يحمله، لا يرى نفسه دونهم ولا يجد في قلبه خشية من مواجهتهم بهذا الحق.

وهاك مثالا من حياة الصحابي الجليل المغيرة بن شعبة الثقفي رضي الله عنه حين دخل على قادة الفرس في معركة القادسية :

عَنْ أَبِي وَائِلٍ شقيق بن سلمة، قَالَ: شَهِدْتُ الْقَادِسِيَّةَ، فَانْطَلَقَ الْمُغِيرَةُ بن شُعْبَةَرضي الله عنه ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ سَرِيرِ رُسْتُمَ (قائد الفرس) وَثَبَ، فَجَلَسَ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ، فَنَخَرُوا، فَقَالَ لَهُمُ الْمُغِيرَةُ بن شُعْبَةَ: مَا الَّذِي تَفْزَعُونَ مِنْ هَذَا؟ أَنَا الآنَ أَقُومُ فَأَرْجِعُ إِلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ، وَيَرْجِعُ صَاحِبُكُمْ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ(في رواية قال : مَا زَادَنِي فِي مِجْلِسِي هَذَا وَلَا نَقَصَ صَاحِبَكُمْ).

قَالُوا: أَخْبِرْنَا مَا جَاءَ بِكُمْ؟ قَالَ الْمُغِيرَةُ: كُنَّا ضُلالًا فَبَعَثَ الله فِينَا نَبِيًّا وَهَدَانَا إِلَى دِينِهِ، وَرَزَقَنَا فِيمَا رَزَقَنَا حَبَّةً تَكُونُ فِي بِلادِكُمْ هَذِا، فَلَمَّا أَكَلْنَا مِنْهَا وَأَطْعَمْنَا أَهْلَنَا، قَالُوا: لا صَبَرَ لَنَا حَتَّى تُنْزِلُونَا هَذِهِ الْبِلادَ، قَالُوا: إِذًا نَقْتُلَكُمْ، قَالَ: إِنْ قَتَلْتُمُونَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ، وَإِنْ قَتَلْنَاكُمْ دَخَلْتُمُ النَّارَ([2]).

وقال قُرَّةُ بنُ إِيِاسٍ المُزَنِي رضي الله عنه : لَمَّا كَانَ أَيَّامُ الْقَادِسِيَّةِ بَعَثَ الْمُغِيرَةُ بن شُعْبَةَرضي الله عنه إِلَى صَاحِبِ فَارِسٍ، فَقَالَ: ابْعَثُوا مَعِي عَشَرَةً، قَالَ: فَشَدَّ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ وَأَخَذَ مَعَهُ جَحْفَةً، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى أَتَوْهُ، فَقَالَ لِلْقَوْمِ: أَلْقُوا إِلَيَّ بُرْنُسًا. فَجَلَسَ عَلَيْهِ.

فَقَالَ الْعِلْجُ: إِنَّكُمْ مَعَاشِرَ الْعَرَبِ قَدْ عَرَفْتُ الَّذِي حَمَلَكُمْ عَلَى الْجِيئَةِ إِلَيْنَا، أَنْتُمْ قَوْمٌ لا تَجِدُونَ فِي بِلادِكُمْ مِنَ الطَّعَامِ مَا تَشْبَعُونَ مِنْهُ، فَخُذُوا نُعْطِكُمْ مِنَ الطَّعَامِ حَاجَتَكُمْ، فَإِنَّا قَوْمٌ مَجُوسٌ وَإِنَّا نَكْرَهُ قَتْلَكُمْ، إِنَّكُمْ تُنَجِّسُّونَ عَلَيْنَا أَرْضَنَا. فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: وَاللَّهِ مَا ذَاكَ جَاءَ بنا، وَلَكِنَّا كُنَّا قَوْمًا نَعْبُدُ الْحِجَارَةَ وَالأَوْثَانَ، فَإِذَا رَأَيْنَا حَجَرًا أَحْسَنَ مِنْ حَجَرٍ أَلْقَيْنَاهُ وَأَخَذْنَا غَيْرَهُ، وَلا نَعْرِفُ رَبًّا حَتَّى بَعَثَ الله إِلَيْنَا رَسُولا مِنْ أَنْفُسِنَا فَدَعَانَا إِلَى الإِسْلامِ فَاتَّبَعْنَاهُ، وَأَمَرَنَا بِقِتَالِ عَدُوِّنَا مِمَّنْ تَرَكَ الإِسْلامَ، وَلَمْ نَجِئْ لِلطَّعَامِ، وَلَكِنْ جِئْنَا نَقْتُلُ مُقَاتِلَتَكُمْ وَنَسْبِي ذَرَارِيَّكُمْ.

فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ الطَّعَامِ، فَإِنَّا كُنَّا لَعَمْرِي لا نَجْدُ مِنَ الطَّعَامِ مَا نَشْبَعُ بِهِ، وَرُبَّمَا لَمْ نَجِدْ رِيًّا مِنَ الْمَاءِ أَحْيَانًا، فَجِئْنَا إِلَى أَرْضِكُمْ هَذِهِ فَوَجَدْنَا فِيهَا طَعَامًا كَثِيرًا، فَلا وَاللَّهِ لا نَبْرَحُهَا حَتَّى تَكُونَ لَنَا أَوْ لَكُمْ.

قَالَ الْعِلْجُ بِالْفَارِسِيَّةِ: صَدَقَ، وَأَنْتَ تُفْقَأُ عَيْنُكَ غَدًا بِالْقَادِسِيَّةِ. فَفُقِئَتْ عَيْنُهُ مِنَ الْغَدِ، أَصَابَتْهُ نُشَّابَةٌ([3]).

فأنت ترى كيف أن سيدنا المغيرة بن شعبة رضي الله عنه لما دخل على رستم قائد الفرس ليتفاوض معه، كلّم رستم بغاية القوة ، وقرر مراده وحقيقة ما خرج المسلمون لأجله بغاية الوضوح ، وبلغ من عزته أن رد على استهانة رستم وتهديده بما يليق بذلك من الشدة الدالة على عزة المسلم وعزة الإسلام ، وترتب على ذلك أن ألقى الله في قلب رستم الرعب.. ونصر الله عز وجل المسلمين..

فلا بد من الاعتزاز بدين الله ويقول كل منا بفخر واعتزاز: أنا مسلم أومن بالله، وفي يدي لواء الهداية، والنور الذي يهدي..

قارورةُ الدواء التي يحتاجها العالم عند المسلمين، لو أحسنوا تعريف الناس بالإسلام.. ولو أن الدول الإسلامية قدّمت الإسلام كما ينبغي للبشرية؛ لدان الناس جميعا لهذا الدين..

<!--

<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin;} </style> <![endif]-->

الا ساس الثالث : الثقة بنصر الله لهذا الحق

أنهم إذْ علموا أنهم على الحق واعتزوا به، يجب أن يثقوا بأن هذا الحق هو المنتصر بإذن الله رب العالمين {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَاوَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} (غافر: 51)، {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ} (الروم: 47)، {كَتَبَ الله لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ الله قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (المجادلة: 21)، {وَلَيَنصُرَنَّ الله مَن يَنصُرُهُ إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ* الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنكَرِ وَلله عَاقِبَةُ الأُمُورِ} (الحج: 40-41)

الله تبارك وتعالى جعل النصر لهذا الحق {إِنَّ الأَرْضَ لله يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (الأعراف: 128)، {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}«قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهَا فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَالله لَيَتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرُ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا الله وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ».(الأنبياء: 105) هذا وعد من الله، والنبي صلي الله عليه وسلم كان على يقين تام أنه منتصر؛ ولذلك ملأ قلوب أصحابه يقينا، ففي أثناء إيذاء قريش للمسلمين جاء إليه سيدنا خباب بن الأرت، وقد اشتد العذاب والإيذاء بأصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم والنبي صلي الله عليه وسلم عند الكعبة، فقال خباب: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ الله صلي الله عليه وسلم وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ فَقُلْنَا: أَلَا تَسْتَنْصِرْ لَنَا؟!، أَلَا تَدْعُو لَنَا؟!، فَقَالَ:

ويقول صلي الله عليه وسلم: «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلاَ يَتْرُكُ الله بَيْتَ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ -أي لا يترك بيتًا من الطين ولا بيتًا من الشعر إلا دخله الإسلام- إِلاَّ أَدْخَلَهُ الله هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ الله بِهِ الإِسْلاَمَ، وَذُلاًّ يُذِلُّ الله بِهِ الْكُفْرَ».

كان رسول الله صلي الله عليه وسلم على يقين من نصر الله حتى في أحلك المواقف، وملأ قلوب أصحابه يقينابهذا..

لما اجتمع الأحزاب على رسول الله صلي الله عليه وسلم، جمعت قريش واليهود قبائل العرب وجاءوا إلى المدينة ووقفوا حولها، وصار هناك جيش من المشركين على أبواب المدينة، واليهود الذين في المدينة نقضوا عهدهم مع رسول الله صلي الله عليه وسلم، فأصبح هناك جيش آخر من وراء المسلمين، وأصبح المسلمون بين فكي كماشة!! حتى إن الله تعالى يصف حال المسلمين فيقول: }إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا* هُنَالِكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً} (الأحزاب: 10-11) .

في أثناء هذه الأزمة؛ يعلن النبي صلي الله عليه وسلم للجميع أن الله سيمكن لهذا الدين وينصر هذا الحق ، حتى يبسط رداءه على العالمين .

فعَنْ رَجُلٍ مَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلمقَالَ : لَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ عَرَضَتْ لَهُمْ صَخْرَةٌ حَالَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْحَفْرِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم وَأَخَذَ الْمِعْوَلَ وَوَضَعَ رِدَاءَهُ نَاحِيَةَ الْخَنْدَقِ وَقَالَ : «تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» فَنَدَرَ ثُلُثُ الْحَجَرِ، وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ قَائِمٌ يَنْظُرُ، فَبَرَقَ مَعَ ضَرْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم بَرْقَةٌ، ثُمَّ ضَرَبَ الثَّانِيَةَ وَقَالَ: «تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» فَنَدَرَ الثُّلُثُ الْآخَرُ، فَبَرَقَتْ بَرْقَةٌ فَرَآهَا سَلْمَانُ، ثُمَّ ضَرَبَ الثَّالِثَةَ وَقَالَ: «تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» فَنَدَرَ الثُّلُثُ الْبَاقِي.

وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم فَأَخَذَ رِدَاءَهُ وَجَلَسَ، قَالَ سَلْمَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُكَ حِينَ ضَرَبْتَ مَا تَضْرِبُ ضَرْبَةً إِلَّا كَانَتْ مَعَهَا بَرْقَةٌ؟ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم : «يَا سَلْمَانُ رَأَيْتَ ذَلِكَ؟» فَقَالَ: إِي وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «فَإِنِّي حِينَ ضَرَبْتُ الضَّرْبَةَ الْأُولَى رُفِعَتْ لِي مَدَائِنُ كِسْرَى وَمَا حَوْلَهَا وَمَدَائِنُ كَثِيرَةٌ حَتَّى رَأَيْتُهَا بِعَيْنَيَّ» . قَالَ لَهُ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ الله أَنْ يَفْتَحَهَا عَلَيْنَا وَيُغَنِّمَنَا دِيَارَهُمْ وَيُخَرِّبَ بِأَيْدِينَا بِلَادَهُمْ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم بِذَلِكَ «ثُمَّ ضَرَبْتُ الضَّرْبَةَ الثَّانِيَةَ فَرُفِعَتْ لِي مَدَائِنُ قَيْصَرَ وَمَا حَوْلَهَا حَتَّى رَأَيْتُهَا بِعَيْنَيَّ» . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ الله أَنْ يَفْتَحَهَا عَلَيْنَا وَيُغَنِّمَنَا دِيَارَهُمْ وَيُخَرِّبَ بِأَيْدِينَا بِلَادَهُمْ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم بِذَلِكَ «ثُمَّ ضَرَبْتُ الثَّالِثَةَ فَرُفِعَتْ لِي مَدَائِنُ الْحَبَشَةِ وَمَا حَوْلَهَا مِنْ الْقُرَى حَتَّى رَأَيْتُهَا بِعَيْنَيَّ». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ: «دَعُوا الْحَبَشَةَ مَا وَدَعُوكُمْ، وَاتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ»([6]).

وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍy قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ، قَالَ: وَعَرَضَ لَنَا صَخْرَةٌ فِي مَكَانٍ مِنْ الخَنْدَقِ لَا تَأْخُذُ فِيهَا الْمَعَاوِلُ، قَالَ: فَشَكَوْهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم ووَضَعَ ثَوْبَهُ، ثُمَّ هَبَطَ إِلَى الصَّخْرَةِ فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ فَقَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ» فَضَرَبَ ضَرْبَةً فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ وَقَالَ: «الله أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ مِنْ مَكَانِي هَذَا» ثُمَّ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ» وَضَرَبَ أُخْرَى فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ فَقَالَ: «الله أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ الْمَدَائِنَ وَأُبْصِرُ قَصْرَهَا الْأَبْيَضَ مِنْ مَكَانِي هَذَا» ثُمَّ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ» وَضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ فَقَالَ: «الله أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي هَذَا»([7]).

 وهذا أمر في منتهى العجب؛ أن يبشر النبي صلي الله عليه وسلم بكل هذا الفتح للدين والنصر للحق في هذه الظروف الشديدة ؛لأن الله تعالى يصور الموقف ويخبرنا أن القلوب قد بلغت الحناجر لدرجة الظن بالله عز وجل، ولدرجة أن الواحد من الصحابة كان يخاف أن يخرج ليقضي حاجته.. فيقول المنافقون: أَيَعِدُنا محمدٌ كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا لا يستطيع أن يقضي حاجته؟!!، وقالوا: ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا، واعتذروا لرسول الله صلي الله عليه وسلم وقالوا: يا محمد، إن بيوتنا عورة، وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا.. وقد فضحهم الله عز وجل في كتابه فقال عنهم: { وَإِذْ يَقُولُ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّاوَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً* وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لاَ مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً} (الأحزاب: 12-13).

أما المؤمنون الذين رباهم رسول الله صلي الله عليه وسلم فكانوا واثقين من نصر الله تعالى، ولذلك قال الله عز وجل فيهم: }وَلَمَّا رَأَى المُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ الله وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً}  (الأحزاب: 22)، فكانوا على يقين من نصر الله عز وجل؛ ولهذا كشف الله غمتهم وفرج كربتهم ونصرهم على الأحزاب..

ومن هنا لا بد أن تعلم أن النصر في النهاية للإسلام..

الاساس الرابع والاخير : العمل لعذا الدين الحق الغالب

ما دمنا على الحق، وما دمنا معتزين به، وما دمنا واثقين أن الله سينصر هذا الدين؛ فيبقى أمر في غاية الأهمية وهو أن نعمل لهذا الدين؛ لأن النصر لن ينزل من السماء دون عمل المؤمنين وجهادهم لبلوغ هذا النصر.. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا الله يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (محمد: 7)، {وَلَيَنصُرَنَّ الله مَن يَنصُرُهُ إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ* الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَوَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنكَرِ وَلله عَاقِبَةُ الأُمُورِ} (الحج:40-41)، {وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ} (النور:55).

أي: لا بد من العمل لكي يأتي النصر للإسلام، ولا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام }قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} (المائدة 24)

ففي حديث غزوة بدر، عندما أفلتت عير قريش ، وأصر أبو جهل على خوض المعركة ضد المسلمين استشار رسول الله صلي الله عليه وسلم فتكلم أبو بكر وعمر y وأحسنا، ثُمّ قَامَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍورضي الله عنه فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ امْضِ لِمَا أَرَاك اللّهُ فَنَحْنُ مَعَك ، وَاَللّهِ لَا نَقُولُ لَك كَمَا قَالَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ لِمُوسَى : {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}  وَلَكِنْ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبّك فَقَاتِلَا إنّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ، فَوَاَلّذِي بَعَثَك بِالْحَقّ لَوْ سِرْت بِنَا إلَى بِرْكِ الْغِمَادِ لَجَالَدْنَا مَعَك مِنْ دُونِهِ حَتّى تَبْلُغَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صلي الله عليه وسلم خَيْرًا ، وَدَعَا لَهُ بِهِ .

ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلي الله عليه وسلم:«أَشِيرُوا عَلَيّ أَيّهَا النّاس» وَإِنّمَا يُرِيدُ الْأَنْصَارَ ، وَذَلِكَ أَنّهُمْ عَدَدُ النّاسِ وَأَنّهُمْ حِينَ بَايَعُوهُ بِالْعَقَبَةِ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ إنّا بُرَاءٌ مِنْ ذِمَامِك حَتّى تَصِلَ إلَى دِيَارِنَا ، فَإِذَا وَصَلْتَ إلَيْنَا ، فَأَنْتَ فِي ذِمّتِنَا نَمْنَعُك مِمّا نَمْنَعُ مِنْهُ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا. فَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صلي الله عليه وسلم يَتَخَوّفُ أَلّا تَكُونَ الْأَنْصَارُ تَرَى عَلَيْهَا نَصْرَهُ إلّا مِمّنْ دَهَمَهُ بِالْمَدِينَةِ مِنْ عَدُوّهِ، وَأَنْ لَيْسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسِيرَ بِهِمْ إلَى عَدُوّ مِنْ بِلَادِهِمْ . فَلَمّا قَالَ ذَلِكَ رَسُولُ اللّهِ صلي الله عليه وسلم قَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: وَاَللّهِ لَكَأَنّك تُرِيدُنَا يَا رَسُولَ اللّهِ ؟ قَالَ: «أَجَلْ» قَالَ: فَقَدْ آمَنّا بِك وَصَدّقْنَاك ، وَشَهِدْنَا أَنّ مَا جِئْتَ بِهِ هُوَ الْحَقّ ، وَأَعْطَيْنَاك عَلَى ذَلِكَ عُهُودَنَا وَمَوَاثِيقَنَا عَلَى السّمْعِ وَالطّاعَةِ، فَامْضِ يَا رَسُولَ اللّهِ لِمَا أَرَدْتَ فَنَحْنُ مَعَك، فَوَاَلّذِي بَعَثَك بِالْحَقّ لَوْ اسْتَعْرَضْتَ بِنَا هَذَا الْبَحْرَ فَخُضْتَهُ لَخُضْنَاهُ مَعَك ، مَا تَخَلّفَ مِنّا رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَمَا نَكْرَهُ أَنْ تَلْقَى بِنَا عَدُوّنَا غَدًا ، إنّا لَصُبُرٌ فِي الْحَرْبِ صُدُقٌ فِي اللّقَاءِ، لَعَلّ اللّهَ يُرِيك مِنّا مَا تَقَرّ بِهِ عَيْنُك ، فَسِرْ بِنَا عَلَى بَرَكَةِ اللّهِ . فَسُرّ رَسُولُ اللّهِ صلي الله عليه وسلم بِقَوْلِ سَعْدٍ وَنَشّطَهُ ذَلِكَ . ثُمّ قَالَ: «سِيرُوا وَأَبْشِرُوا، فَإِنّ اللّهَ تَعَالَى قَدْ وَعَدَنِي إحْدَى الطّائِفَتَيْنِ، وَاَللّهِ لَكَأَنّي الْآنَ أَنْظُرُ إلَى مَصَارِعِ الْقَوْمِ»

إذن.. لو أردنا أن يعجل الله لنا بالنصر، فلابد أن نعمل ونتحرك.. نقيم الصلاة، ونؤتي الزكاة، ونأمر بالمعروف، ونجاهد في سبيل الله، ونصلح.. فيأتي الله عز وجل بالنصر؛ لأن هذا هو السبيل..

ولذلك حين سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم من سعد بن معاذ هذه المقالة قال: «سِيرُوا وَأَبْشِرُوا...»

وهكذا كان المسلمون في عمل دائم، فلا سبيل إلى النصر إلا بالعمل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا الله يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}، فلا بد أن ننصر الله عز وجل، وذلك بطاعته وترك معاصيه.. فنحرص على طاعة الله، ونترك أكل الربا والرشاوى، وأكل الحرام، ونطبق هذا الدين العظيم في بيوتنا وأهلنا ومع أرحامنا وجيراننا وإخواننا، ولا نظلم ولا نُفسد، ونُري الله من أنفسنا خيرا؛ لكي ينزل نصر الله علينا.

أختم بقول الله رب العالمين: {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} (محمد: 38)

فهيا بنا نعاهد الله سبحانه وتعالى على أن نتوب إليه، وأن نعود إليه، فنرد المظالم ولا نأكل الحرام، ولا نقصر في أداء فرائض الله تعالى..

ومن فضل الله علينا، أنه يمحو الذنوب بمجرد التوبة النصوح والعودة الصادقة إليه جل وعلا..

نسأل الله العظيم أن يجعلنا أهلا لنصره.. اللهم آمين

المصدر: موقع المولد النبوي ـأ.د. عبد الرحمن البر
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 180 مشاهدة
نشرت فى 25 يناير 2013 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

938,402

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.